«الأمعاء الالتهابي»... وسائل التكيّف معه

نمط الحياة غير الصحي والعامل الوراثي قد يتفاعلان لتحفيزه

«الأمعاء الالتهابي»... وسائل التكيّف معه
TT

«الأمعاء الالتهابي»... وسائل التكيّف معه

«الأمعاء الالتهابي»... وسائل التكيّف معه


مثلما الحال في أي منطقة في الجسم، يمكن أن يعاني الجهاز الهضمي من آثار الالتهاب المزمن. إذ يحتمل أن يحدث نفس التنشيط المستمر لجهاز المناعة الذي يمكن أن يظهر في المفاصل (ما يسبب التهاب المفاصل الالتهابي) أو الشرايين (ما يؤدي إلى تراكم اللويحات)، في داخل الجهاز الهضمي أيضاً؛ الأمر الذي يسفر عن التهاب بطانة الأمعاء وأجزاء أخرى من الجهاز الهضمي أو إتلافها.

- التهاب الأمعاء
وقد يحدث التهاب الأمعاء هذا بسبب مجموعة متنوعة من الأمراض (مثل مرض الاضطرابات الهضمية celiac disease)، أو قد يكون بسبب داء الأمعاء الالتهابي inflammatory bowel disease (IBD).
يظهر داء الأمعاء الالتهابي عادة في سن المراهقة أو في العشرينات من العمر، لكن هذا لا يمنع إمكانية حدوثه أيضاً في سن أكبر. في هذا الصدد، أوضح اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي الدكتور لورانس إس فريدمان، أستاذ الطب في كلية الطب بجامعة هارفارد، ورئيس قسم الطب في مستشفى نيوتن ويليسلي، «يشكل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً نحو 15 في المائة من الحالات الجديدة لمرض الأمعاء الالتهابي. إنها ذروة ثانية في الإصابات لم نستوعب أسبابها بعد».

- أنواع وأعراض
هناك نوعان رئيسيان من داء الأمعاء الالتهابي:
• «داء كرون» Crohn›s disease: يتسم بظهور التهابات في أي مكان على طول القناة الهضمية بأكملها، من الفم إلى فتحة الشرج (ولكن غالباً في نهاية الأمعاء الدقيقة وبداية الأمعاء الغليظة أو القولون). وعن هذا، شرح الدكتور فريدمان، أنه «قد تكون إصابة الأمعاء متقطعة، مع تأثر بعض الأجزاء وبقاء البعض الآخر طبيعياً. ويشمل الالتهاب عادة السمك الكامل لجدار الأمعاء، من البطانة في الداخل، مرورا بطبقة العضلات، وصولا إلى الأنسجة المحيطة».
• التهاب القولون التقرحي Ulcerative colitis: يحدث هذا المرض في المستقيم وغالباً ما يمتد إلى القولون، وأحياناً يشمل طول القولون بأكمله. وعلى عكس «داء كرون»، يقتصر التهاب القولون التقرحي على بطانة المستقيم والقولون، ولا يغزو الأنسجة العميقة.

- الأسباب
من غير الواضح السبب وراء حدوث داء الأمعاء الالتهابي. ويشتبه الأطباء في أنه مزيج مما يلي:
• عوامل تتعلق بنمط الحياة: تزداد مخاطر داء الأمعاء الالتهابي عند اتباع نظام غذائي غني بالدهون المشبعة أو اللحوم الحمراء أو الأطعمة المصنعة. كما يزيد التدخين من خطر الإصابة بـ«داء كرون» على وجه التحديد.
• الأدوية: تعد العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات والمضادات الحيوية وحبوب منع الحمل من بين الأدوية التي قد تزيد من خطر الإصابة بمرض الأمعاء الالتهابي.
• بكتيريا الأمعاء المتغيرة (أي التي خضعت للتغيير) Altered gut bacteria: تعتبر الأمعاء موطناً لـ100 تريليون ميكروب، معظمها «جيد» يساعدنا على هضم الطعام ومحاربة البكتيريا الضارة. في هذا الصدد، استطرد الدكتور فريدمان موضحاً «لكن إذا تغيرت تركيبة بكتيريا الأمعاء، فقد تؤدي بعض البكتيريا إلى حدوث استجابة (رد فعل) التهابية».
• الأمعاء الراشحة: البطانة الداخلية للأمعاء عبارة عن حاجز محكم يتكون من ملايين الخلايا. وحال حدوث تسريب بهذا الحاجز، فقد تدخل بكتيريا الأمعاء أو سمومها إلى جدار الأمعاء أو مجرى الدم أو العقد اللمفاوية؛ الأمر الذي يستثير استجابة مناعية ويؤدي لحدوث التهاب.
• العوامل الوراثية: في هذا الصدد، أوضح الدكتور رامنيك. زافييه، مدير مركز دراسة أمراض الأمعاء الالتهابية في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد وأستاذ الطب بكلية الطب بجامعة هارفارد «لقد حددنا العديد من المتغيرات الجينية (الطفرات) التي قد تهيئ للإصابة بداء الأمعاء الالتهابي. وقد تؤدي بعض الطفرات الجينية إلى تغيير وظيفة المناعة. على سبيل المثال، يبدو أن أحد المتغيرات الجينية يضعف حاجز الأمعاء».

- التعامل مع المرض
الهدف من علاج داء الأمعاء الالتهابي هو التخفيف وتهدئة الالتهاب أي الوصول إلى حالة من الأعراض المكبوتة، وانخفاض مستويات علامات الالتهاب في الدم، والعودة إلى خزعات أقرب إلى الطبيعية من الأمعاء وأنسجتها. ويمكن أن تساعدك السبل التالية على تحقيق التهدئة ومنع حدوث النوبات الالتهابية.
• الأدوية: غالباً ما يجري علاج التهاب القولون التقرحي و«داء كرون» بأنواع الأدوية نفسها، بما في ذلك الأدوية المضادة للالتهابات (مثل الكورتيكوستيرويدات corticosteroids)، أو مثبطات الجهاز المناعي، أو الأدوية البيولوجية (التي تستهدف البروتينات المتورطة في الالتهاب). من جهته، ينصح الدكتور فريدمان بضرورة، «أن يجري علاجك من قبل شخص يعرف مجموعة الخيارات العلاجية وكيفية إدارة آثارها الجانبية».
• الجراحة: إذا لم تنجح الأدوية، فقد تحتاج إلى إزالة الجزء المصاب من الأمعاء.
• نمط حياة صحي: إن اتباع نظام غذائي صحي، وتجنب الأطعمة المصنعة (التي تحتوي على مواد مضافة، قد يرتبط بعضها بنوبات التهاب الأمعاء)، وممارسة الرياضة، والحفاظ على وزن صحي، والامتناع عن التدخين والحصول على قسط كافٍ من النوم كلها عوامل أساسية للبقاء بصحة جيدة مع مرض الأمعاء التهابي.
والآن: هل من الممكن العيش بشكل جيد مع داء الأمعاء الالتهابي؟ أجاب الدكتور فريدمان «نعم، إنه ليس المرض المنهك الذي كان عليه من قبل. لدينا اليوم أدوية وجراحة جيدة جداً كإجراء احتياطي، التي يستجيب لها كبار السن وكذلك الشباب. ويمكننا الحفاظ على شعور معظم الناس بصحة جيدة ونشطة ومعاونتهم على الاستمتاع بحياة طبيعية».
- رسالة هارفارد الصحية
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)
تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)
TT

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)
تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

أكد طبيب أميركي أن النظام الغذائي السيئ هو المحرك الرئيسي لـ«مرض الكبد الدهني»، وأن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة ورقائق البطاطس والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في تفاقم المشكلة خلال السنوات الأخيرة.

ويعد مرض الكبد الدهني أكثر أمراض الكبد شيوعاً على مستوى العالم. وقديما كان يفترض الكثير من العلماء أنه يرجع في الأساس إلى استهلاك الكحول.

إلا أن الدكتور بين غالاردت، المتخصص في الطب الوظيفي في مدينة فورت كولينز بولاية كولورادو، أكد لموقع «نيوزويك» أن العديد من مرضاه المصابين بمرض الكبد الدهني هم من القصر الذين لا يشربون الكحول على الإطلاق، الأمر الذي دفعه للبحث في النظام الغذائي والصحي لأولئك المرضى جنبا إلى جنب مع النظر في نتاج الدراسات السابقة لمعرفة السبب الرئيسي وراء هذا المرض.

وقامت إحدى هذه الدراسات بتحليل بيانات من أكثر من 4600 مراهق وشاب بالغ تتراوح أعمارهم بين 12 و29 عاماً، تم جمعها بين عامي 2007 و2016. وكشفت نتائجها أن حوالي 18.5 في المائة من هذه المجموعة مصابون بمرض الكبد الدهني وأن العامل المشترك بينهم هو وجود خلل بالتمثيل الغذائي لديهم نتيجة اتباع نظام غذائي غير صحي وارتفاع نسبة السكر في دمائهم.

وقال الدكتور غالاردت: «مرض الكبد الدهني هو مرض مرتبط بخلل في التمثيل الغذائي. وهذا يؤكد على فكرة أنه مرض قائم على سكر الدم».

ولفت إلى أن الأمر الذي زاد من انتشار هذا المرض في السنوات الأخيرة هو سهولة الوصول إلى الأطعمة غير الصحية عالية الدهون والسكر، وخاصة في المناطق ذات الدخل المنخفض.

وأوضح غالاردت، الذي يمارس الطب الوظيفي منذ 25 عاماً: «أصبح الأطفال وصغار السن يصابون بمرض الكبد الدهني بمعدل متزايد بسبب الخيارات الغذائية السيئة. وتؤدي المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة ورقائق البطاطس والأطعمة شديدة المعالجة إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم ثم انخفاضها لاحقاً. وهذا يدفع الجسم إلى تخزين الغلوكوز في الكبد وإطلاقه لاحقاً حسب الحاجة».

ويُعرف مرض الكبد الدهني بأنه مرض صامت مع أعراض قليلة أو معدومة، وقد يكون من الصعب اكتشافه.

وقال غالاردت: «الطريقة الصحيحة الوحيدة لتشخيص الإصابة بمرض الكبد الدهني هي الموجات فوق الصوتية».

وتقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية، بدءا من إزالة السموم من المواد الضارة واستقلاب العناصر الغذائية إلى إنتاج الصفراء للهضم.

وقد يؤدي مرض الكبد الدهني إلى خلل في هذه الوظائف وضعف إزالة السموم، الأمر الذي قد يتسبب بمشاكل صحية خطيرة وقد يهدد الحياة.

وأشار غالاردت إلى أن أول شيء يمكن للناس القيام به من أجل منع مرض الكبد الدهني هو الحفاظ على استقرار نسبة السكر في الدم قدر الإمكان.

وأكد إمكانية تحقيق ذلك من خلال الحفاظ على نظام غذائي صحي، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والبقاء رطباً عن طريق شرب الكثير من الماء، وتقليل المشروبات السكرية والتأكد من الحصول على قسط كافٍ من النوم.