مريض السكري وتناول الفواكه الحلوة

اختيارات متوازنة لتحقيق الاستفادة من عناصرها المغذية

مريض السكري وتناول الفواكه الحلوة
TT

مريض السكري وتناول الفواكه الحلوة

مريض السكري وتناول الفواكه الحلوة

عندما يتعلق الأمر بتناول الفواكه، هناك الكثير من الالتباس لدى مرضى السكري. والفواكه من أفضل المصادر الغذائية للحصول على مضادات الأكسدة، والمعادن والفيتامينات والألياف، ولكن الأنواع الناضجة واللذيذة منها بالذات، تحتوي على سكريات الكربوهيدرات. ومريض السكري، الذي يجب عليه الحرص في ضبط تناول السكريات، يحتار في انتقاء أنواع الفواكه التي يمكنه تناولها دون التسبب في اضطرابات في ضبط نسبة سكر الغلوكوز في الدم. كما يحتار في الكمية ووقت تناولها بالنسبة لوجبات الطعام الرئيسية خلال اليوم.
تناول الفواكه
وبداية، فإن تناول الفواكه من أفضل السلوكيات الصحية في شأن التغذية، للأصحاء ولمرضى السكري على السواء. وثمة عدة دراسات طبية تشير في نتائجها إلى أن الحرص على تناول الفاكهة بشكل يومي، يرتبط بشكل كبير بانخفاض خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري، وله فوائد متعددة لمرضى السكري.
وإضافة إلى تزويد الفواكه الجسم بالمعادن والفيتامينات والمواد المضادة للأكسدة، فإن الألياف (المتوفرة في قشر ولب الفواكه) تلعب دوراً مهماً في معالجة مرض السكري. وذلك عبر تسريع شعور مرضى السكري بالشبع، وإبطاء امتصاص الأمعاء للسكر وللكولسترول، وبالتالي ضبط مستوياتهما في الدم. وأيضاً تسهم الألياف في تقلل خطر الإصابة بالسمنة والنوبات القلبية والسكتة الدماغية.
وبالمقابل، فإن الفاكهة التي تمت معالجتها لإزالة الألياف منها، مثل عصير التفاح وعصائر الفاكهة، تكون محدودة الفائدة الصحية لمرضى السكري. ولذا فإن تناول القطع الكاملة من الفواكه الطازجة أو المجمدة أفضل من الفواكه المعلبة أو عصير الفواكه المعلب (التي تمت إضافة السكر إليها وتم نزع الألياف منها). ولذا يوصي المعهد الوطني الأميركي لمرض السكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى NIDDK الأشخاص المصابين بداء السكري، تجنب عصائر الفاكهة أو الفواكه المعلبة المضاف إليها السكر.
وعلى سؤال: سمعت أنه لا ينبغي لمريض السكري أكل الفواكه الحلوة مثل الفراولة والتوت، فهل هذا حقيقي؟ أجابت الدكتورة إم ريجينا كاسترو، استشارية مرض السكري والغدد الصماء في مايوكلينك بمينيسوتا، قائلة: «هناك خرافة شائعة تقول إنه إذا كنت مصاباً بداء السكري، فلا ينبغي لك تناول أطعمة معينة لأنها «حلوة جداً». وهناك بعض الفواكه التي تحتوي على سكر أكثر من غيرها، لكن هذا لا يعني أنه لا يجب عليك تناولها إذا كنت مصاباً بداء السكري».
وتفيد الجمعية الأميركية للسكري American Diabetes Association ما ملخصه أن: «تناول قطعة من الفاكهة الطازجة أو سلطة فواكه للتحلية، يعد طريقة رائعة لتذوق الطعم الحلو وللحصول على التغذية الإضافية التي يبحث عنها مريض السكري. ولأن الفواكه تحتوي على سكريات الكربوهيدرات، عليك أن تحسبها كجزء من خطة وجباتك الغذائية. وأن أفضل خيارات الفاكهة هي أي فاكهة، سواء الطازجة أو المجمدة أو المعلبة، والمهم أن تكون بدون سكريات مضافة». وتضيف: «كن حذراً مع أحجام حصصك الغذائية من الفواكه. ويمكنك تناول الفاكهة مقابل إلغاء تناول مصادر أخرى للكربوهيدرات في وجباتك الغذائية، مثل النشويات أو الحبوب أو منتجات الألبان».
وأوضحت الدكتورة إم ريجينا كاسترو، أن «الكمية الإجمالية» للكربوهيدرات في الطعام هي التي تؤثر على مستويات السكر في الدم، بغض النظر عن مصدر الكربوهيدرات، سواء كان المصدر هو النشا أو السكر أو الفواكه أو العسل أو الأرز أو القمح.

قلة الكربوهيدرات
وتعريف «حجم الحصة الغذائية» الواحدة Serving Size لأي نوع من الفواكه، هو: كمية الفاكهة التي تحتوي على 15غراماً من الكربوهيدرات. أي أن حجم الحصة الغذائية في أي نوع من الفاكهة يعتمد على مقدار محتوى الكربوهيدرات فيها.
وأضافت قائلة: «تتمثل ميزة تناول الفاكهة منخفضة المحتوى بالكربوهيدراتLow - Carbohydrate Fruit، في أنه يمكنك تناول كميات أكبر منها. لكن سواء أكنت تأكل فاكهة منخفضة الكربوهيدرات أو عالية الكربوهيدرات High - Carb Fruit، فإنه طالما أن حجم الحصة يحتوي على 15 غراماً من الكربوهيدرات، فإن التأثير على نسبة السكر في الدم هو نفسه». وأعطت أمثلة لمقدار الحصة الغذائية الواحدة من أنواع مختلفة من الفاكهة، أي الكمية منها التي تحتوي 15 غراماً فقط من الكربوهيدرات، بما يلي:
- نصف ثمرة من التفاح المتوسط الحجم،
- نصف ثمرة واحدة من الموز،
- كوب واحد من التوت الأسود،
- ثلاثة أرباع كوب من التوت الأزرق،
- كوب من التوت البري،
- كوب وربع من الفراولة الكاملة (ثماني ثمرات متوسطة الحجم)،
- كوب من الشمام المقطع إلى مكعبات،
- ثمن كوب من الزبيب المجفف.
- ثمرتان من البرقوق،
- أربع ثمرات من المشمش،
- 17 ثمرة متوسطة الحجم من العنب،
- ثمرة دراق واحدة كبيرة الحجم،
- ثمرتان من التين الطازج، وثمرة واحدة من الكيوي،
- نصف ثمرة من المانجو،
- نصف ثمرة من الإجاص الكبير الحجم،
- ثمرتان صغيرتان الحجم من اليوسفي،
- ثمرة واحدة من البرتقال، و2 - 3 ثمرات من التمر المتوسط الحجم،
- نصف ثمرة من الرمان.
وتوصي معظم إرشادات التغذية الصحية بأن يتناول البالغون والأطفال 2 - 3 حصص من الفاكهة كل يوم. وهذا لا يتغير بالنسبة لمرضى السكري.

مؤشر السكر
وبالمراجعة لمصادر التغذية الإكلينيكية، فإن الفواكه المنخفضة في المؤشر الغلايسيمي (أقل من 55) والمنخفضة في الحمل الغلايسيمي (أقل من 10) تشمل: التفاح، والتوت، والكرز، والجريب فروت، والعنب، والكيوي، والإجاص، والبرقوق، والخوخ (دراق). وبالنسبة للموز، والبرتقال، والفراولة، فإنها من الفواكه المنخفضة في المؤشر الغلايسيمي، ولكن مع زيادة النضج وفي أنواع سكرية منها، قد يكون المؤشر الغلايسيمي متوسطا.
وتشمل الفواكه المتوسطة في مقدار المؤشر الغلايسيمي (بين 56 و69) والمنخفضة في الحمل الغلايسيمي (أقل من 10) كل من: الشمام، والتين الطازج، والبابايا، والأناناس، والمانجو، والمشمش.
والبطيخ هو من أمثلة الفواكه ذات المؤشر الغلايسيمي المرتفع والحمل الغلايسيمي المنخفض، وكذلك أنواع من المانجو والأناناس السكريين. والتمر هو من أمثلة الفواكه ذات المؤشر الغلايسيمي المرتفع والحمل الغلايسيمي المرتفع في نفس الوقت. وفي حين أنهما (البطيخ والتمر) طعامان آمنان لمرضى السكري، ويمكن من آن لآخر تناول كميات محددة منهما وفق حساب كمية السكريات المتناولة خلال اليوم الواحد، إلا أن من الأفضل تناول أنواع أخرى من الفاكهة التي تحتوي على نسبة منخفضة من المؤشر الغلايسيمي بدلاً منهما.
كما تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن خفض المؤشر الغلايسيمي لأي نوع من الفاكهة من تلقاء نفسه، ولكن إذا تناولتها مع طعام آخر يحتوي على بروتين أو دهون، يمكنك إبطاء سرعة دخول الكربوهيدرات إلى مجرى الدم. مثل تناول البطيخ مع الجبن، أو التمر مع اللبن، أو الأناناس مع الحليب (بيناكولادا)، أو التفاح مع زبدة الفول السوداني.

نصائح للاستمتاع بالفواكه للمصابين بالسكري

- تناول دائماً الفواكه الطازجة والمحلية والموسمية.
- تناول الفواكه ذات المؤشر الغلايسيمي المنخفض.
- لا ينبغي تناول الفاكهة مع وجباتك الرئيسية، فمن الأفضل تناول الفواكه بينها، كوجبة خفيفة.
- الفواكه ذات المؤشر الغلايسيمي المرتفع يجب تناولها باعتدال، ومن آن لآخر.
- تناول الفاكهة مع بعض المكسرات أو الجبن أو الزيتون لموازنة الحمل الغلايسيمي.
- رش الفواكه بالقرفة، فإنها تساعد جداً في موازنة مستويات السكر في الدم.
- اطحن بذور الكتان الكاملة (غنية بالألياف) في مطحنة القهوة، ورشها على الفاكهة الطازجة لموازنة مستويات السكر.
- لا تتناول عصير الفاكهة الخالي من الألياف (الطازج أو المعلب) لأنه قد يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم.
- يحتوي الرمان على أغنى تركيبات مضادات الأكسدة من بين جميع الفواكه، ويمكن أن تحميك من الجذور الحرة والأمراض المزمنة. لذلك لا تتردد في الاستمتاع بهذه اللآلئ الحمراء الغنية بمثل هذه المركبات الكيميائية النباتية القوية.
- يحتوي العنب على مركبات الريسفيراترول. وهي مادة كيميائية نباتية تعدل استجابة غلوكوز الدم من خلال التأثير على كيفية إفراز الجسم للأنسولين واستخدامه. ومن ثم، يعتبر العنب خياراً جيداً مع مراعاة خصائصه الغذائية.
- لمرضى السكري الشعور بالحرية في أكل التفاح. وفي الواقع، يعتبر التفاح مفيدا بشكل خاص لتقليل خطر الإصابة بمرض السكري وفقاً للمجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية.
- التوت والكرز غنيان بمركبات الأنثوسيانين، وهي نوع من الفلافونويد (مضادات الأكسدة)، والمعروف بشكل خاص أنه يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري. ويمكنه أيضاً تحسين المناعة، ولديه القدرة على مكافحة السرطان وزيادة التمثيل الغذائي، والذي بدوره يساعدك على إنقاص الوزن.
- الجوافة وجبة خفيفة رائعة لمرضى السكري مع انخفاض مؤشرها الغلايسيمي. كما أن الجوافة غنية جداً بالألياف الغذائية التي تساعد في تخفيف الإمساك (شكوى شائعة لمرض السكري)، ويمكن أن تقلل من فرصة الإصابة بمرض السكري.
- البابايا غنية بمضادات
الأكسدة الطبيعية، ما
يجعلها خياراً رائعاً لمرضى السكري.

تصنيف الأطعمة وفق المؤشر الغلايسيمي والحمل الغلايسيمي

عند تصنيف أنواع الأطعمة وفق تأثيرها على نسبة السكر في الدم، ثمة مؤشران مهمان، وهما «المؤشر الغلايسيمي» Glycimic Index و«الحمل الغلايسيمي» Glycemic Load. و«غلاي سيما» هي نسبة السكر في الدم.
> المؤشر الغلايسيمي يعتمد على «سرعة» تسبب تناول طعام ما، برفع نسبة سكر الدم. والأطعمة التي تحتوي على كربوهيدرات سكرية سريعة الهضم والتحلل وتمتصها الأمعاء بسرعة، ترفع نسبة غلوكوز الدم سريعاً، ولذا مؤشرها الغلايسيمي يكون مرتفعاً. والأطعمة البطيء هضمها وتحللها وتمتصها الأمعاء ببطء، يكون مؤشرها الغلايسيمي منخفضاً. وعادة يتم تقييم ذلك التأثير على رفع نسبة سكر الدم بعد ساعتين من التناول.
وإذا كان المؤشر الغلايسيمي أقل من 55 فهو منخفض، وبين 56 و69 فهو متوسط، و70 وما فوق فهو مرتفع.
وهناك أطعمة منخفضة المؤشر الغلايسيمي (مثل الحمص والفاصوليا والشوفان)، ولكنها قد تتسبب في ارتفاع نسبة سكر الدم لاحقاً، وزيادة الوزن في نهاية الأمر، لأنها تحتوي على كمية كبيرة من الكربوهيدرات (على هيئة نشويات وليس سكريات حلوة الطعم).
ومن أجل هذا تم استحداث مؤشر آخر هو «الحمل الغلايسيمي» لتوضيح هذا الجانب.
> «الحمل الغلايسيمي» لحصة غذائية واحدة من نوع ما من الطعام، يبين مقدار قوة ما سيتسبب فيه تناول تلك الكمية من ذلك الطعام على رفع مستوى سكر الدم «في نهاية الأمر». ويكون الحمل الغلايسيمي (لحصة غذائية واحدة من نوع ما من الطعام) مرتفعاً إذا كان أعلى من 20، وما بين 10 إلى 20 متوسطا، ومنخفضاً عندما يكون أقل من 10.
والمطلوب هو الحصول على المعلومتين (المؤشر الغلايسيمي والحمل الغلايسيمي) لاستيعاب تأثير طعام ما على معدل السكر في الدم.
وكمثال، فإن البطيخ عالي المؤشر الغلايسيمي ومنخفض الحمل الغلايسيمي، لأن غالبية الكربوهيدرات فيه هي سكريات سريعة الهضم.
وتذكر الدكتورة إم ريجينا كاسترو قائلة: «قد يكون للمؤشر الغلايسيمي بعض الفوائد، ولكن قد يسبب في عض المشكلات أيضاً». وتوضح ذلك بأن المؤشر الغلايسيمي يدل على تأثير أنواع مختلفة من الأطعمة بعد ما يتم تناولها منفردة، على نسبة سكر الغلوكوز في الدم. ولكنه لا يدل على تأثير «خلط» تلك الأطعمة مع غيرها في وجبات الطعام أو كيفية تحضير الطعام بالطهو، في ناتج امتصاص الأمعاء للكربوهيدرات منها. ولذا هناك فرق في التأثير على «ارتفاع» نسبة سكر الدم عند تناول البطيخ أو التمر على «معدة خالية» وبين تناول أي منهما بعد وجبة الطعام أو مع اللبن الزبادي أو الجبن.
كما أن المؤشر الغلايسيمي لا يصنف الأطعمة بناءً على العناصر الغذائية الأخرى، وقد تكون الأطعمة ذات القيمة المنخفضة للمؤشر الغلايسيمي غنية بالسعرات الحرارية من البروتينات أو الدهون المشبعة وغير المشبعة. ولذا تقول الدكتورة إم ريجينا كاسترو: «إذا كنت مهتماً بمعرفة المزيد، فتحدث إلى اختصاصي التغذية، فهو يستطيع مساعدتك في إجراء تغييرات صحية على عاداتك الغذائية لتحسين التحكم في مستوى السكر في الدم».


مقالات ذات صلة

هل يساعد «شات جي بي تي» الأطباء حقاً في تشخيص الأمراض؟ الإجابة مفاجئة

صحتك شعار «شات جي بي تي» يظهر أمام شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

هل يساعد «شات جي بي تي» الأطباء حقاً في تشخيص الأمراض؟ الإجابة مفاجئة

يتساءل الكثير من الأشخاص حول ما إذا كان برنامج الدردشة الآلي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي قادراً على مساعدة الأطباء في تشخيص مرضاهم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تدخل المغذيات الهوائية إلى أجسامنا عن طريق امتصاصها من خلال شبكات من الأوعية الدموية الدقيقة (أرشيفية - أ.ف.ب)

أجسامنا تمتص الفيتامينات من الهواء... ماذا نعرف عن «المغذيات الجوية»؟

يستنشق الإنسان نحو 9 آلاف لتر من الهواء يومياً و438 مليون لتر في العمر، ومن بينها مغذيات جوية. فماذا نعرف عنها؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك «نوفمبر»... شهر التوعية بسرطان الفم

«نوفمبر»... شهر التوعية بسرطان الفم

الذكاء الاصطناعي لرصد سرطانات الشفاه واللسان والخد.

د. عميد خالد عبد الحميد (الرياض)
صحتك توجد السالمونيلا في أمعاء كثير من الحيوانات بما في ذلك الدجاج (أرشيفية- رويترز)

دراسة: السالمونيلا «المسببة للأمراض» قد تساعد في مكافحة سرطان الأمعاء

أفاد بحث حديث بأنه يمكن «هندسة» السالمونيلا للمساعدة في مكافحة سرطان الأمعاء، بعد أن وجدت الأبحاث أن البكتيريا تمنع خلايا المناعة في الجسم من مهاجمة المرض.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«نوفمبر»... شهر التوعية بسرطان الفم

«نوفمبر»... شهر التوعية بسرطان الفم
TT

«نوفمبر»... شهر التوعية بسرطان الفم

«نوفمبر»... شهر التوعية بسرطان الفم

شهر نوفمبر (تشرين الثاني) هو شهر التوعية بسرطان الفم، وفرصة لرفع مستوى الوعي حول هذا المرض الخطير الذي يمكن أن يؤثر بشكل كبير على حياة الأفراد.

مضغ القات أحد عوامل الإصابة بسرطان الفم

سرطانات الشفاه واللسان والخد

سرطان الفم يمكن أن يصيب الشفاه، واللسان، والخدين، وأرضية الفم، واللثة، وسقف الفم. وفيما يلي تفاصيل حول مضار سرطان الفم، ومعدلات الإصابة والوفيات، وأسبابه، ودور الذكاء الاصطناعي في التشخيص المبكر، وطرق العلاج المتاحة.

مضار سرطان الفم

سرطان الفم هو ثاني أخطر سرطان مميت بعد سرطان الثدي. ويمكن أن تكون له تأثيرات كبيرة على الصحة العامة وجودة الحياة، مثل:

- ألم مزمن: يمكن أن يسبب سرطان الفم ألماً مزمناً في المناطق المصابة.

- صعوبة في الأكل والشرب: يمكن أن يجعل تناول الطعام والشراب أمراً صعباً ومؤلماً.

- تغيرات في الكلام: يمكن أن يؤثر على القدرة على التحدث بوضوح.

- تأثيرات نفسية: يمكن أن يؤدي إلى شعور بالاكتئاب والقلق.

معدلات الإصابة والوفيات

تشير الإحصائيات إلى أن سرطان الفم يشكل تهديداً صحياً كبيراً.

- حالات جديدة: وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، هناك نحو 300 ألف حالة جديدة من سرطان الفم يتم تشخيصها سنوياً على مستوى العالم.

- إصابات عربية: وحسب آخر الدراسات من الجامعات العربية، فإن كل عام يصاب أكثر من 70 ألف عربي بسرطان الفم سنوياً. ويلاقي حتفه من هذا السرطان الخبيث أكثر من 30 ألف عربي في الخمس سنوات الأولى من الإصابة بهذا المرض.

- في العالم: تتجاوز معدلات الوفيات المرتبطة بسرطان الفم 145 ألف حالة سنوياً.

كما أن الاكتشاف المبكر يمكن أن يزيد من فرص النجاة، بنسبة تصل إلى 80 في المائة.

أسباب سرطان الفم

هناك كثير من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان الفم، ومنها:

- التدخين: التدخين بكل أنواعه (سواء السجائر العادية أو الإلكترونية أو الشيشة، أو مضع التبغ والتنباك، أو الشمة) يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بسرطان الفم.

- تعاطي الكحول: الاستهلاك المفرط للكحول يعد عاملاً مهماً في تطور سرطان الفم. وهنا لا بد من التأكيد على قيام وزارة الصحة البريطانية بتغيير النصيحة التي كانت مقدَّمة للأطباء في نصح مرضاهم بعدد الوحدات من الكحول التي يتمكن المرء من تناولها أسبوعياً بأمان، لتتغير في السنوات الثلاث الأخيرة إلى ما يلي: «لا يوجد حد آمن للكحول، فهو مضر بأي كمية كانت».

- العوامل البيئية: التعرض للمواد الكيميائية الضارة مثل الأسبستوس يمكن أن يزيد من المخاطر، وكذلك بعض أبخرة المواد الكيميائية لمن يعمل في بعض المصانع.

- العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي للمرض يمكن أن يزيد من خطر الإصابة، وهذا ما يستدعي الابتعاد عن كل مسببات هذا المرض.

- العدوى بفيروس الورم الحليمي البشري (HPV): إذ يمكن لبعض أنواع الفيروس أن تسبب سرطانات الفم؛ خصوصاً عند انتقاله عبر الجنس الفموي؛ حيث يتكاثر هذا الفيروس في الجهاز الأنثوي الجنسي، بسبب العلاقات المحرَّمة جنسياً.

- مضغ القات: في اليمن وجنوب الخليج العربي، يلعب مضغ القات دوراً مهماً في أن تكون معدلات الإصابة بسرطان الفم في هذه المناطق عشرة أضعاف ما هي عليه في بقية مناطق الخليج؛ حسب وزارات الصحة فيها.

الذكاء الاصطناعي للتشخيص المبكر

يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في تحسين التشخيص المبكر لسرطان الفم.

- تحليل الصور الطبية: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل الصور الطبية للكشف عن التغيرات الطفيفة التي قد تشير إلى وجود سرطان الفم، في كل من التقرحات والتورمات والبقع البيضاء أو الحمراء التي تصيب الفم.

- التنبؤ بالمخاطر: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الصحية للتنبؤ بالمخاطر الفردية، وتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، وتحذيرهم لتجنب بعض المسببات.

- تحليل البيانات الكبيرة: من خلال تحليل كميات كبيرة من البيانات، يمكن للذكاء الاصطناعي توفير رؤى جديدة تساعد في فهم أفضل لسرطان الفم، وكيفية علاجه بفعالية.

طرق العلاج

تتضمن طرق علاج سرطان الفم كثيراً من الخيارات، بناءً على مرحلة المرض وصحة المريض:

- الجراحة: إزالة الورم جراحياً هي الخيار الأول في كثير من الحالات.

- العلاج الإشعاعي: يستخدم لتدمير الخلايا السرطانية المتبقية بعد الجراحة، أو كعلاج مستقل.

- العلاج الكيميائي: تُستخدَم الأدوية لتدمير الخلايا السرطانية، وقد تُستخدَم بجانب العلاج الإشعاعي.

- العلاج بالليزر مع التوجيه الضوئي: وهي طريقة فعالة في علاج سرطان اللسان؛ حيث يتم حقن المريض بمواد تشع فوتونات عند التصاقها بالخلايا السرطانية، ما يوجه إشعاع الليزر لتدمير الخلايا السرطانية فقط، دون الضرر بالخلايا السليمة «Photodynamic Therapy».

- العلاجات المستهدفة: تُصمَّم لاستهداف بروتينات معينة في الخلايا السرطانية، ما يساعد في تقليل الأعراض الجانبية وزيادة فعالية العلاج.

- الروبوت الجراحي: وفي السنوات الأخيرة تم استعماله في إزالة الورم السرطاني بدقة متناهية، ومع أقل نزيف ممكن.

مراجعة الطبيب والفحص الذاتي

من الضروري مراجعة الطبيب في حال اكتشاف ورم في الفم لا يزول بعد أكثر من أسبوعين، أو في حال ظهور تقرح أو آفة أو بقع بيضاء أو حمراء لا تزول بعد أسبوعين من بدايتها. وتلعب الزيارات الدورية لطبيب الأسنان دوراً مهماً في الكشف المبكر عن سرطان الفم، مما يساعد في التشخيص المبكر وزيادة فرص العلاج الناجح.

كما أن الأطباء ينصحون بأن يقوم الشخص بالفحص الذاتي للفم والوجه والرقبة، بحثاً عن أي ورم أو تقرحات أو بقع بيضاء أو حمراء تستمر أكثر من أسبوعين، لتستدعي الزيارة الفورية للطبيب

إن التوعية بسرطان الفم خطوة حاسمة في مكافحة هذا المرض الخطير. ومن خلال الفهم الأفضل لعوامل الخطر، وأهمية التشخيص المبكر، ودور التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، يمكننا تحسين نتائج العلاج وزيادة فرص النجاة.