النظام السوري يرى في التحويلات من الخارج «طوق نجاة»

تقديرات بارتفاع قيمتها إلى 10 ملايين دولار خلال شهر رمضان

TT

النظام السوري يرى في التحويلات من الخارج «طوق نجاة»

كشفت مصادر اقتصادية في دمشق عن أن معدل حوالات الأفراد السوريين في الخارج إلى الداخل السوري بالقطع الأجنبي يقدر بين 3 و4 ملايين دولار يومياً، ويرتفع خلال شهر رمضان ليتجاوز 10 ملايين دولار يومياً.
من جهتها، أفادت الباحثة الاقتصادية رشا سيروب، بأن الحوالات الخارجية الواردة بالقطع الأجنبي تمثل «طوق النجاة» لتعزيز القطع الأجنبي محلياً، وتمكين الحكومة من اتخاذ قرارات تدعم النشاط الاقتصادي، وخاصة لجهة تمويل المستوردات.
وتضع دمشق عينها على الحوالات والتبرعات الخارجية التي يرسلها السوريون الأفراد إلى ذويهم في الداخل، والتي يعتمد عليها غالبية السوريين الذين باتوا تحت خط الفقر. وفي اجتماع عقدته أسماء زوجة الرئيس بشار الأسد قبل أيام من حلول شهر رمضان مع مسؤولي الجمعيات الخيرية في سوريا، أعلنت عن مشروع إطلاق منصة إلكترونية واحدة تصب فيها تبرعات السوريين في الداخل والخارج، وبخاصة في شهر رمضان بزعم التمكن من إيصال المساعدات لمستحقيها وبشفافية وعدالة، على حد تعبيرها.
وأعقب ذلك الاجتماع قرار حكومي برفع سعر الصرف الرسمي للحوالات الخارجية (الدولار الأميركي) من 1250 ليرة للدولار الواحد، وهو سعر الصرف الرسمي الثابت ليصل إلى 3175 ليرة قريباً من سعر السوق الموازية، إضافة إلى إجراء تمويل مستوردات الصناعيين والتجار عبر بعض شركات الصرافة بدولار بسعر 3375 ليرة.
وشهد سعر الصرف خلال الأسبوع الماضي هبوطاً وصل يوم أمس (الأربعاء) إلى 3097 ليرة مقابل الدولار الواحد مع توقعات بمواصلة الهبوط إلى ما دون 3000 ليرة، وذلك بعد أن وصل إلى مستويات غير مسبوقة في مارس (آذار) الماضي تجاوز فيها الـ4700 ليرة.
ترافق تحسن قيمة الليرة مع صدور مرسوم رئاسي أول من أمس (الثلاثاء) بإنهاء مهمة حازم قرفول كحاكم لمصرف سوريا المركزي دون تعيين خلف له؛ ذلك بعد تزايد الانتقادات لسياسة المصرف المركزي، الذي أعلن عام 2019 وقف تدخله في السوق، وتخصيص موارد «المركزي» لتمويل الدولة والسلع الأساسية، مع تركيز إجراءات ضبط سعر الصرف على الجانب الأمني وملاحقة شركات الصرافة والجهات والأفراد الذين يتعاملون بغير الليرة ومصادرة كميات كبيرة من الأموال بالليرات السورية والدولار الأميركي، والحد من حركة الأموال داخل البلاد بحيث لا يسمح بتحويل مبالغ تتجاوز المليون ليرة ولا نقل كاش أكثر من خمسة ملايين؛ ما أدى إلى خنق السوق وتسارع في هبوط الليرة الذي ارتبط باسم قرفول الذي ترافق مع تسلمه منصب حاكم المصرف في سبتمبر (أيلول) 2018 وكان سعر صرف الدولار من 460 ليرة.
ودعت سيروب الحكومة في تصريحات نشرتها صحيفة «الوطن» المحلية إلى الاهتمام أكثر بالحوالات الخارجية؛ لأنها تسهم في تحسين دخول الكثير من العائلات السورية وترفع معدلات الاستهلاك والطلب على السلع والمواد في السوق وبالتالي «يعزز من حركة النشاط الاقتصادي والمبيعات»، متوقعة أن يسهم قرار تسليم الحوالات بسعر 3175 ليرة «في زيادة معدل الحوالات الواردة للبلد بالقطع الأجنبي». وطالبت بتسهيل حركة دخول الحوالات الخارجية وتبسيطها وتأطيرها وفق القنوات المصرفية وبطرق شرعية؛ لأن «معظم الحوالات الخارجية كانت تصل خلال الفترة الماضية عبر طرق غير شرعية وتتم عمليات تسليمها في الظل وكل ذلك يترافق بعمولات يتقاضاها الوسطاء والشقيعة وأجور النقل وغيرها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».