«أسرار صحية» في شهر الصوم المبارك

دليل إرشادي «محدَّث» للعناية بمرضى السكري... ولقاح «كورونا» لا يُفطر

«أسرار صحية» في شهر الصوم المبارك
TT

«أسرار صحية» في شهر الصوم المبارك

«أسرار صحية» في شهر الصوم المبارك

الصوم مدرسة، فيها من الفوائد التربوية والصحية كثير مما يحتاجه الإنسان لإعادة ترتيب أمور حياته الدنيوية والأخروية مرة في السنة على الأقل. وشهر رمضان هو شهر التغيير من السيئ للأحسن، ومن الضار للصحي، ومن تناول أصناف الطعام غير الصحي والتلبك المعوي إلى وجبات صحية منظمة وصحة جسدية ونفسية وروحانية عالية في الشهر الفضيل. ويكفينا إمكانية التخلص من السموم الزائدة بأجسامنا؛ وتكسير الدهون المخزونة؛ وفقدان عدد من الكيلوغرامات الزائدة من أوزاننا عند التزامنا بالسلوكيات الغذائية الصحية.
وبفضل الصوم، يستعيد الجهاز الهضمي نشاطه وقوته ويتحسّن أداؤه الوظيفي الهضمي والامتصاصي للمواد الغذائية. ويعد الصوم علاجاً شافياً - بإذن الله - لكثير من أمراض العصر، فهو يُخفف العبء عن جهاز القلب والدورة الدموية ويقي من ارتفاع ضغط الدم والإصابة بكثير من أمراض الشرايين.
الصوم يساعد في تنظيم سكر الدم عند المصابين بداء السكري من النوع الثاني الذي ترتفع نسبة الإصابة به سنة بعد سنة. وفي هذا المقال سوف نركز حديثنا على الدليل الإرشادي لعام 2021 للعناية بمرضى السكري في رمضان.

- تحديث دليل السكري
تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة كريمة بنت محمد قوتة استشارية طب الأسرة بجامعة الملك عبدالعزيز، التي أوضحت أنه تم أخيراً تحديث الدليل الإرشادي للعناية الطبية لمرضى السكري لعام 2021 أثناء صيام شهر رمضان بالتعاون بين مجموعة من الأطباء والطاقم الصحي بالأدلة المبنية على البراهين الطبية ورجال الدين للتحقق من الأحكام الشرعية. وفي هذا المقال سوف تستعرض الدكتور كريمة أهم البنود التي جاءت في هذا الدليل.
> يهتم الأطباء بمرضى السكري ومرضى الأمراض المزمنة بسبب تغير روتين الأكل والنوم والحياة عند المرضى، ما يؤدي إلى تغير في طريقة أخذ هؤلاء المرضى لعلاجهم وروتينهم اليومي والصحي الذي اعتادوا عليه طيلة العام، ما قد يربك بعض المرضى خصوصاً من حصلت لهم مضاعفات حديثة.
> أوضحت الدراسات أن المرضى الذين زاروا طبيبهم المعالج قبل رمضان وحصلوا على التقييم المناسب قد انخفضت لديهم معدلات الإصابة بانخفاض السكري في الدم بدرجة ملحوظة، كما تم التحكم بنسبة السكر التراكمي لديهم لمدة سنة بعد رمضان، كما تحسنت لديهم مستويات الدهون والكوليسترول في الدم، وكانوا أكثر تحكماً في أوزانهم.
> وعليه، فمن المستحسن، في البداية، أن يزور مريض السكري الطبيب المعالج سواء كان طبيب أسرة أو طبيب الغدد الصماء والسكري أو طبيب الباطنية قبل رمضان بستة أسابيع أو شهر، حتى يتمكن الطبيب من تقييم الحالة وعمل التحاليل والفحوصات اللازمة، وكذلك حتى يتأقلم المريض على العلاج الجديد في حالة إن رأى الطبيب المعالج ضرورة تغيير العلاجات أو بعضها.
> سيقوم الطبيب بأخذ التاريخ المرضي للمريض خصوصاً مدى تحكم المريض بالسكري، والمضاعفات التي حصلت للمريض بسبب السكري، ونوع العلاج المستخدم حالياً، ومدى تكرار نوبات هبوط السكر في الدم وارتفاعه، وحياة المريض الاجتماعية عموماً، وتجارب المريض السابقة في الصيام.
> وبناء على المعطيات من تاريخ مرضي وفحوصات، يقسم الدليل الإرشادي المرضى في رمضان إلى ثلاثة أقسام: مرضى قليلي الخطورة، ومرضى متوسطي الخطورة، ومرضى مرتفعي الخطورة.
> بالنسبة للمرضى قليلي الخطورة، فهم المرضى الذين يستطيعون الصيام بأمان.
> المرضى متوسطو الخطورة. هؤلاء المرضى يمكنهم الصيام مع أخذ نصائح الطبيب بعين الاعتبار بخصوص متى يجب الإفطار ومتى يجب طلب المساعدة الطبية وكيف يتصرفون في الحالات المختلفة من ارتفاع أو انخفاص السكري.
> المرضى مرتفعو الخطورة، هؤلاء هم المرضى الذين أباح لهم الإسلام الأخذ بـ«رخصة الإفطار» وعليهم الإطعام عن كل يوم.
> الجدير بالذكر أن الدراسات أوضحت أنه على الرغم من تحذير الأطباء للمرضى مرتفعي الخطورة من مضاعفات الصيام على صحتهم وحياتهم، فإنه وُجد في نتائج الدراسة أن أكثر من 50 في المائة منهم يصومون، والكثيرون يتعرضون فيما بعد للمضاعفات، فلا يستطيع مرضى النوع الثاني من السكري إكمال صيام أكثر من نصف الشهر، ونحو ثلث الشهر لمرضى النوع الأول من السكري.
> لذلك يجب على كل المرضى تقييم وضعهم الصحي لمعرفة إمكانية الصيام، وما الوقت المناسب للإفطار في رمضان حتى لا يتعرضوا إلى مضاعفات.

- الإفطار الفوري
> بالنسبة لقياس السكر، إذا كان أقل من 70 ملغم/ديسل أو أكثر من 300 ملغم/ديسل في أي وقت أثناء الصيام، وجب على المريض الإفطار فوراً ومراجعة الطبيب لمعرفة إمكانية إكمال صيام باقي أيام الشهر أم لا.
> أما إذا كان قياس السكري ما بين 70 و90 ملغم/ديسل، فهنا يبدأ المريض يلاحظ أعراض هبوط السكري وعليه أن يعيد القياس بعد ساعة، ليرى هل مستوى السكر ثابت أم في طريق الهبوط، وإذا كان في طريق الهبوط فيجب عليه الإفطار فوراً.
> وفي حالة كان المريض لا يملك جهاز قياس أو تعذر عليه قياس السكر، فيجب عليه الإفطار عند الإحساس بأعراض ارتفاع السكر: كالعطش الشديد والجوع الشديد وكثرة التبول والإحساس بالتعب الشديد والدوار وتشوش الرؤية.
> كذلك على المريض الإفطار عند الإحساس بأعراض انخفاض السكر: كالشعور بالرجفة والجوع الشديد وزيادة التعرق والدوار وتسارع نبضات القلب وعدم التركيز، وفي الحالات الشديدة يحدث تذبذب في الوعي.
> كذلك يجب على المرضى معرفة الوقت المثالي لقياس سكر الدم في أثناء شهر رمضان، وهو ما يسمى «السبع نقاط»! مع العلم أن قياس السكري أثناء الصيام لا يفطر.
ما «السبع نقاط»؟ تقول الدكتورة كريمة قوتة إن السبع نقاط تعني قياس السكري سبع مرات يومياً، وهي كطبيبة وجميع الأطباء يدركون أن عمل ذلك صعب للغاية على معظم المرضى، وإن كان هو المثالي، لذلك يُفضل على الأقل القياس قبل الإفطار، وقبل السحور، وفي منتصف اليوم، وعند الإحساس بأي أعراض ارتفاع، أو هبوط في السكر وتسجيلها وعرضها على الطبيب سواء في حالة الطوارئ أو في المراجعة الاعتيادية.

- غذاء مرضى السكري
> السعرات الحرارية. وبالنسبة للنصائح الغذائية في رمضان، تضيف الدكتورة قوتة أنه يُستحسن أن يتناول المريض في وجبة الإفطار الفواكه والخضار وألا تتجاوز السعرات الحرارية 1500 سعرة حرارية، كما يفضل أن يبتعد عن الأطعمة والمشروبات المحلاة بالسكر وكذلك المقليات، حيث إنها ترفع السكر فجأة بعد ساعات الصيام، ما يؤدي إلى عدم انتظام مستويات السكر في الدم. كما أن تناول السكريات والمحليات الصناعية وقت السحور يؤدي عادة إلى ارتفاع نسبة السكر وقت الصيام.
> إنقاص الوزن. هنا ننوه لذوي الأوزان الزائدة الذين يودون إنقاص أوزانهم في رمضان من الرجال بأن عليهم استهلاك 1800 سعرة حرارية فقط يومياً، أما من يريد المحافظة على وزنه الحالي فيمكنه استهلاك من 1800 سعرة حرارية إلى 2200 سعرة حرارية يومياً. أما بالنسبة للنساء الأطول من 150 سم فإن استهلاك 1500 سعرة حرارية فقط يساعدهن في إنقاص الوزن، واستهلاك من 1500 إلى 2000 سعرة حرارية يومياً يحافظ على ثبات وزنهن. أما بالنسبة للنساء الأقل طولاً من 150 سم، فإن استهلاك 1200 سعرة حرارية يومياً يؤدي إلى نقصان الوزن بينما استهلاك 1500 سعرة حرارية يومياً يحافظ على ثبات أوزانهن.
وينصح أخصائيو التغذية أن تُستهلك نصف السعرات الحرارية المطلوبة لليوم في وجبة الإفطار، وثلثها في وجبة السحور، والجزء المتبقي في وجبة خفيفة بين الإفطار والسحور.
وتحتل الكربوهيدرات النصيب الأكبر من الغذاء في رمضان بمعدل 130 غراماً في اليوم، بشرط أن تكون من الأغذية قليلة المؤشر الغلايسيمي مثل الحبوب الكاملة والخضروات الخضراء وجزء كبير من الفواكه والمواد المحتوية على ألياف بما يعادل 35 غراماً لليوم الواحد والموجودة بكثرة في السلطات والبقوليات واللوبيا والحمص والعدس وحبوب الإفطار من النخالة.
تليها البروتينات بما يعادل 1.2 غرام في اليوم مثل الأسماك واللحوم والبقوليات مع مراعاة طهيها بالطرق الصحية.
وأخيراً الدهون، التي يوصى باستهلاكها بكميات بسيطة مثل زيت الزيتون وزيت الأفوكادو والزيوت النباتية والزيوت الموجودة في الأسماك مثل السلمون والتونة كمصدر لزيوت الأوميغا 3. كما تطرق الدليل الإرشادي المحدث لهذا العام إلى النوم وأهميته للمرضى، حيث وجدت الدراسات صلة وثيقة بين النوم الجيد والتحكم الجيد بمستويات السكر.
كما يجب مضغ الطعام جيداً وببطء حتى يصل إحساس الشبع إلى المخ في وقته المناسب، وليس بعد أن يصاب بالتخمة.
> الرياضة في رمضان. أوضحت الدكتورة كريمة قوتة مدى أهمية ممارسة الرياضة في رمضان، فهي تعطي الجسم اللياقة والصحة. وينصح بممارسة الرياضة في وقت الإفطار وليس في وقت الصيام، خصوصاً للرياضات الشديدة التي تحتاج لمجهود بدني كبير. كما لا ينصح بممارسة الرياضة فجأة في وقت الصيام لمن لم يواظب على ممارسة الرياضة قبل رمضان.

- لقاح {كورونا} بموعده ولو في رمضان
تؤكد الدكتورة كريمة قوتة ضرورة أخذ لقاح كورونا في موعده خلال شهر رمضان لمن تقرر لهم موعد التطعيم في هذا الشهر، سواء كانت الجرعة الأولى أو الثانية لحماية أنفسهم من العدوى مع الأخذ بعين الاعتبار أن اللقاح لا يُفطر.
ولمن يرغب، يمكن طلب تحديد موعد أخذ اللقاح في الفترة المسائية بعد الإفطار فذلك متاح في جميع مراكز إعطاء لقاح كورونا. أما عن الآثار الجانبية للقاح كورونا فهي لا تتعدى تلك التي قد تحدث عند أخذ أي لقاح آخر كالشعور بالألم في مكان اللقاح، وارتفاع الحرارة بشكل طفيف، والشعور بالتوعك والتعب والصداع، مع العلم أن هذه الأعراض لا تحدث لجميع الأشخاص المطعمين، وأنها يمكن التغلب عليها بأخذ خافض الحرارة والمسكن المناسب، حسب وصف الطبيب.
كما ننوه بضرورة إبلاغ وزارة الصحة بأي أعراض جانبية أخرى حتى يتم التعامل معها مبكراً ورصد أي أعراض جانبية قد لا تكون ذكرت سابقاً. وأخذ اللقاح لا يمنع من تناول الطعام والشراب، بل إن مراكز التطعيم تقدم الماء والشراب الصحي بعد التطعيم.
ويمكن للمحصنين الاجتماع بعوائلهم داخل المنازل بشرط أن يكونوا محصنين أيضاً دون لبس الكمامات، وكذلك السفر الداخلي والخارجي دون الحاجة لعزل أنفسهم لمدة 14 يوماً من تاريخ الوصول، بينما لا يمكنهم زيارة الأشخاص ذوي الخطورة العالية وغير المحصنين دون لبس الكمامات والالتزام بالتباعد المسافي الاجتماعي. كما أن اللقاح إلى الآن لم يمنع التجمعات الكبيرة.

- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)
امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)
TT

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)
امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن أسلوب تناول الطعام الطازج المدعم بزيت الزيتون يمكن أن يعزز صحة الدماغ من خلال تعزيز بكتيريا أمعاء معينة، وفقاً لصحيفة «نيويورك بوست».

وجد الباحثون في كلية الطب بجامعة تولين الأميركية أن الفئران المعملية التي اتبعت النظام الغذائي المتوسطي طوّرت أنماطاً مختلفة من بكتيريا الأمعاء عن تلك التي التزمت بالنظام الغذائي الغربي.

وجدت الدراسة، التي نُشرت في Gut Microbes Reports، أن التغييرات البكتيرية المرتبطة بالنظام الغذائي المتوسطي أدت إلى تحسن الأداء الإدراكي.

قالت الدكتورة ريبيكا سولش أوتايانو، المؤلفة الرئيسية للدراسة من مركز أبحاث الأعصاب السريرية بجامعة تولين: «لقد علمنا أن ما نأكله يؤثر على وظائف المخ، لكن هذه الدراسة تستكشف كيف يمكن أن يحدث ذلك».

وتابعت: «تشير نتائجنا إلى أن الاختيارات الغذائية يمكن أن تؤثر على الأداء الإدراكي من خلال إعادة تشكيل ميكروبيوم الأمعاء».

النظام الغذائي المتوسطي، الذي تُوج أفضل نظام غذائي على الإطلاق لمدة 8 سنوات متتالية من قبل US News & World Report، قائم على النباتات ويعطي الأولوية للخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والدهون الصحية والمكسرات والبذور مع الحد من اللحوم الحمراء والسكر.

وثبت أن النظام الغذائي المتوسطي يساعد في إنقاص الوزن وتحسين نسبة السكر في الدم وخفض ضغط الدم والكوليسترول. كما ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والخرف وأنواع معينة من السرطان.

هذه الدراسة الأخيرة في جامعة تولين هي الأولى التي تبحث في العلاقة بين النظام الغذائي المتوسطي والغربي، والميكروبات والوظيفة الإدراكية.

لنمذجة تأثيرات النظام الغذائي خلال فترة حرجة من التطور، استعان الباحثون بفئران. ووجدوا أن الفئران التي تغذت على نظام غذائي متوسطي، مع تناول كميات كبيرة من زيت الزيتون والأسماك والألياف، أظهرت زيادة ملحوظة في البكتيريا المعوية المفيدة مقارنة بتلك التي تناولت نظاماً غذائياً غربياً عالي الدهون ومنخفض الخضار وغني جداً باللحوم.

وقد ارتبطت التحولات البكتيرية في الفئران المتوسطية، التي تضمنت مستويات أعلى من البكتيريا مثل Candidatus Saccharimonas، بتحسن الأداء الإدراكي والذاكرة. وعلى النقيض من ذلك، ارتبطت المستويات المتزايدة من بعض البكتيريا، مثل Bifidobacterium، في الفئران التي اتبعت نظاماً غربياً بضعف وظيفة الذاكرة.

وقد أثبتت دراسات سابقة وجود صلة بين النظام الغذائي الغربي والتدهور المعرفي، فضلاً عن السمنة والقضايا العاطفية والسلوكية.

ولاحظ الباحثون أن مجموعة النظام الغذائي المتوسطي أظهرت أيضاً مستويات أعلى من المرونة المعرفية، أي القدرة على التكيف واستيعاب المعلومات الجديدة، مقارنة بمجموعة النظام الغذائي الغربي.

وتشير الفوائد الواضحة للالتزام بالنظام الغذائي المتوسطي إلى أن التأثيرات المماثلة قد تنعكس على الشباب الذين لا تزال أدمغتهم وأجسامهم في طور النمو.

وقال المؤلف المشارك الدكتور ديميتريوس م. ماراجانوري: «تشير نتائجنا إلى أن النظام الغذائي المتوسطي أو تأثيراته البيولوجية يمكن تسخيرها لتحسين الأداء الدراسي لدى المراهقين أو أداء العمل لدى الشباب».

وتابع: «في حين أن هذه النتائج تستند إلى نماذج حيوانية، إلا أنها تعكس الدراسات البشرية التي تربط النظام الغذائي المتوسطي بتحسين الذاكرة وتقليل خطر الإصابة بالخرف».

واستناداً إلى هذه النتائج، يدعو الباحثون إلى إجراء دراسات بشرية واسعة النطاق للتحقيق في العلاقة بين الوظيفة الإدراكية والنظام الغذائي وبكتيريا الأمعاء.