أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمس الأحد تعديلاً طفيفاً على حكومته، تم بموجبه إنهاء مهام اربعة وزراء.
وتم عزل وزير الصناعة فرحات آيت علي، وعين مكانه محمد باشا وهو أحد كوادر القطاع. وأنهيت مهام وزير الطاقة عبد المجيد عطار، وتم دمج الطاقة والمناجم في وزارة واحدة يتولاها وزير المناجم الحالي محمد عرقاب. وجرى تنحية وزيرة البيئة نصيرة حراث، واستخلافها بدليلة بوجمعة التي سيرت نفس الوزارة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وتم عزل وزير السياحة محمد حميدو، واستخلافه بوزير سابق هو محمد علي بوغازي، الذي كان ايضاً مستشاراً لبوتفليقة.
وجاء التعديل في وقت قال مراقبون في الجزائر إن الرئيس تبون يراهن، من خلال سلسلة القرارات التي اتخذها بعد عودته من رحلة العلاج الثانية إلى ألمانيا يوم 12 فبراير (شباط) (الجاري)، بما في ذلك حل البرلمان وإطلاق عشرات المعتقلين، على تفادي «موجة ثانية» من الحراك الشعبي الذي عادت بوادره في ظل مطالبات بـ«تغيير جذري» في البلاد.
بات واضحا أن تبّون اقتنع بأنه لا مناص من اتخاذ إجراءات تهدئة لامتصاص غضب الحراك، على أن تكون مرفقة بإطلاق حوار مع أحزاب سياسية تملك مصداقية، في نظره، قياساً إلى الأحزاب التي كانت موالية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والتي طالب الحراك الشعبي بحلّها عندما انفجر الشارع في 22 فبراير 2019.
واختار تبون التوقيت المناسب للإعلان عن التدابير التي ترضي الحراك، ويتمثل في الذكرى الثانية للاحتفال بـ«ثورة الابتسامة». فبعد 48 ساعة من عودته من ألمانيا، حيث أجريت على قدمه عملية جراحية من تبعات الإصابة بـ«كورونا»، استقبل قادة 4 أحزاب أحدها يقوده أبرز المعارضين للرئيس السابق، واثنان يقودهما منافسان لتبّون في الانتخابات الرئاسية السابقة، في حين يرأس الرابع أقدم حزب معارض ويحظى بالاحترام حتى داخل النظام، هو «جبهة القوى الاشتراكية».
ويقول قادة هذا الحزب، إنهم يفتخرون بكونهم أقنعوا الرئيس بالإفراج عن حوالي نصف عدد معتقلي الحراك، في مقدمهم الصحافي مراقب «مراسلون بلا حدود» خالد درارني، والناشط المثير للجدل رشيد نكاز، الذي سبق أن ترشح لانتخابات الرئاسة في الجزائر وفي فرنسا.وتأكد للرئيس تبون أن مسألة «تفكيك قنبلة الحراك» قبل انفجارها في ذكراه الثانية، أمر مستعجل للغاية. ويكون ذلك بمغازلته عن طريق إطلاق سراح بعض رموزه. لكن هذه الخطوة لم تقنع الكثيرين وسط المتظاهرين، ممن رأوا في ذلك «مناورة» الهدف منها ربح الوقت، ليتسنى للرئيس الانتقال إلى تجسيد أحد أهم أهدافه، وهو تشكيل «أغلبية رئاسية» تنبثق من انتخابات برلمانية مبكّرة. وعلى هذا الأساس أعلن، ضمن حزمة القرارات، حل «المجلس الشعبي الوطني» الذي شابه التزوير وشراء مقاعده بـ«المال القذر» على حد تعبير الرئيس نفسه، في الخطاب الذي ألقاه الخميس الماضي.
وبدت هذه الخطوة غير مقنعة بالنسبة لكثير من «الحراكيين». فكيف أصبح البرلمان عديم المصداقية الآن، بينما قبل ثلاثة أشهر فقط طلب الرئيس منه أن يزكي أهم مشروعاته السياسية: الدستور الجديد الذي كانت نتيجة الاستفتاء عليه (37 في المائة) الأضعف في كل الاستحقاقات التي نظمت بالبلاد منذ الاستقلال؟
وكتب أستاذ العلوم السياسية محمد هناد، عن قرارات الرئيس الأخيرة، فقال: «علينا أن نعي أن أنظمة الحكم المفلسة، تتعامل دائماً مع معارضيها المطالبين بالحرية بمنعهم من هذه الحرية، من أجل المساومة بها معهم ومع المعارضة بصورة عامة لكسب ثقة المواطنين، وللدلالة أيضاً على قوتها من باب العفو عند المقدرة!».
وقد أدرك تبون أن غيابه الطويل، الذي دام ثلاثة أشهر في فترتي العلاج المتقطعتين، تسبب في جمود العمل الحكومي، وأن أفضل أسلوب لكسب رضا الأحزاب والحراك معاً، هو أن يظهر امتعاضه من فشل حكومته، وأن يحرص على إقناع الجزائريين بأن توجيهاته لطاقم رئيس الوزراء عبد العزيز جراد، كانت صائبة لكن القصور يكمن في وزراء «عديمي الكفاءة». ومنه جاء التصريح «القاتل» الذي أطلقه في 10 من الشهر الماضي، لما كان بصدد السفر للعلاج، في حضرة كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. فقد قال لجراد «الحكومة فيها وعليها». وفهم جراد والمتتبعون عموماً أن تعديلاً سيطال الحكومة بعد عودة تبون، وهو ما أعلنه فعلاً أمس.
وإن تمكّن تبون، نسبياً، من إقناع قطاع من الأحزاب خاصة التي استشارها حول قراراته، بجدوى التعديل الحكومي و«أثره الإيجابي» على الحياة العامة، خاصة الشأن الاقتصادي المتردي، فقد استقبله نشطاء الحراك بنوع من الريبة. فإبعاد وزراء محل سخط شعبي، وإن كان أمراً مطلوباً في نظرهم، فذلك لا يحقق أهم ما قام من أجله الحراك: رحيل كل وجوه النظام الذين تسببوا في الفساد، وإطلاق فترة انتقالية يتم فيها الترتيب لانتخابات رئاسية حرّة ونزيهة.
على صعيد آخر، نفت وزارة الدفاع الجزائرية أمس مضمون منشورات بشبكة التواصل الاجتماعي، مفادها أن بعض قوات من الجيش الجزائري «تعتزم المشاركة في حرب ضد الإرهاب تحت إشراف القوات الفرنسية». وقالت وزارة الدفاع، في بيان شديد اللهجة، إن «بعض الأطراف وأبواق الفتنة، تداولت عبر صفحاتها الإلكترونية التحريضية، أخباراً عارية من الصحة مفادها أن المؤسسة العسكرية تستند في نشاطاتها وعملياتها الداخلية والخارجية، إلى أجندات وأوامر تصدر عن جهات أجنبية».
وكذّب البيان أن يكون جيش البلاد «بصدد إرسال قوات للمشاركة في عمليات عسكرية خارج الحدود الوطنية، تحت مظلة قوات أجنبية في إطار مجموعة دول الساحل الخمس»، وهي الجزائر وموريتانيا ومالي وتشاد وبوركينا فاسو.
تعديل حكومي في الجزائر يُنهي مهام 4 وزراء
تبّون يحاول تفادي «موجة ثانية» من الحراك الشعبي
تعديل حكومي في الجزائر يُنهي مهام 4 وزراء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة