تونس... نائب رئيس «النهضة» يجدد التمسك ببراءته

أكد أن التهم «سياسية وخالية من أي إدانة فعلية»

منذر الونيسي نائب رئيس حركة «النهضة» (الشرق الأوسط)
منذر الونيسي نائب رئيس حركة «النهضة» (الشرق الأوسط)
TT

تونس... نائب رئيس «النهضة» يجدد التمسك ببراءته

منذر الونيسي نائب رئيس حركة «النهضة» (الشرق الأوسط)
منذر الونيسي نائب رئيس حركة «النهضة» (الشرق الأوسط)

جدد منذر الونيسي، نائب رئيس حركة «النهضة» التونسية، خلال جلسة قضائية عقدت، الخميس، بمحكمة الاستئناف بتونس العاصمة، براءته من التهم المنسوبة إليه، فيما أكدت هيئة الدفاع عنه أنه قرر الطعن في قرار إنهاء البحث وتأكيد مجموع التهم الموجهة إليه، مبرزاً أن التهم «سياسية»، وأن الملف القضائي برمته «خال من أي إدانة فعلية»، وفق فريق الدفاع، الذي تولى استئناف القرار لدى دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب.

ولم تحسم المحكمة النظر في قضية الونيسي، في ما يعرف بـ«التسريبات الصوتية»، وقررت إرجاء القضية إلى الـ15 من مايو (أيار) المقبل.

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (إ.ب.أ)

ويواجه الونيسي، الذي كان يطمح لتولي رئاسة الحركة بعد سجن رئيسها راشد الغنوشي، تهمتين خطيرتين قد ترتقيان إلى مرتبة «الخيانة العظمى»، وهما «عدم الإبلاغ عن ارتكاب جرائم إرهابية في تونس»، و«ربط الصلة مع جهات أجنبية من أجل السيطرة على السلطة، وبهدف الإضرار بمصالح تونس». وقد صدر بحقه منذ 20 من سبتمبر (أيلول) الماضي حكم بالسجن.

وكانت قيادات حركة «النهضة» قد اتفقت في شهر أبريل (نيسان) 2023 على تعيين الونيسي نائباً للغنوشي رئيس الحركة، وذلك بعد صدور حكم بالسجن ضد الغنوشي في17 من أبريل الماضي، أي قبل نحو سنة، غير أن الونيسي كان طموحاً بشكل أكبر، فقرر تنظيم مؤتمر انتخابي بعد إعلان شغور منصب رئيس الحركة بعد مرور ستة أشهر على سجنه، لكن قيادات «النهضة» هاجمت الونيسي، واتهمته باستغلال وجود الغنوشي وعلي العريض في السجن للهيمنة على القرار داخل حركة «النهضة»، وأبطلت المؤتمر الذي كان مقرراً في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ويعود ملف التسريبات الصوتية التي بنيت عليها قضية نائب رئيس حركة «النهضة» إلى الرابع من سبتمبر (أيلول) الماضي، حينما نشرت الصحافية التونسية شهرزاد عكاشة تسجيلاً لجزء من محادثة هاتفية جمعتها بالونيسي، تناولت الصراعات داخل حركة «النهضة»، لكن الونيسي نفى كل ما تضمنته تلك التسجيلات التي يبدو، وفق عدد من المراقبين، أنه لم يكن ينتظر نشرها، وأنه تم جرّه للحديث، والإيقاع به لتناول ملفات سياسية بعينها، مؤكداً أن التسجيل «مفبرك ومحض افتراء، ومحاولة يائسة للإساءة لحركة (النهضة)»، كما نفى حصول أي اجتماع مع رجلي الأعمال الوارد ذكرهما في التسجيل، واللذين ينتميان لمنطقة الساحل التونسي، الذي يسيطر على المشهد السياسي.

وكشف الونيسي عن تحالفات تعقدها «النهضة» مع رجال أعمال نافذين من الساحل التونسي، من أجل التموقع مجدداً في الخريطة السياسية، والعودة للسلطة في الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية السنة الحالية.

علي العريض نائب الغنوشي (إ.ب.أ)

وبعد انتشار التسريب الصوتي أنكرت عدة شخصيات ما جاء في تلك التسجيلات الصوتية المثيرة للجدل، وتم اعتقال الونيسي، الذي قضى أكثر من سبعة أشهر في السجن، دون حسم نهائي في ملفه القضائي.

يذكر أن أهم قيادات حركة «النهضة» يقبعون في السجن، بعد إقرار الرئيس قيس سعيد التدابير الاستثنائية منذ يوم 25 يوليو (تموز) 2021، وفي مقدمتهم راشد الغنوشي، ونائباه علي العريض ونور الدين البحيري، بعد أن وجهت لهم عدة تهم خطيرة، من بينها التآمر على أمن الدولة التونسية، وتسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر خارج تونس.



مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.