اليمنيون يحجمون عن إلحاق أبنائهم بمخيمات الحوثيين الصيفية

6 آلاف مدرسة تحوّلت إلى معسكرات للاستقطاب والتجنيد

أطفال يحملون الأسلحة في تجمع للحوثيين (أ.ف.ب)
أطفال يحملون الأسلحة في تجمع للحوثيين (أ.ف.ب)
TT

اليمنيون يحجمون عن إلحاق أبنائهم بمخيمات الحوثيين الصيفية

أطفال يحملون الأسلحة في تجمع للحوثيين (أ.ف.ب)
أطفال يحملون الأسلحة في تجمع للحوثيين (أ.ف.ب)

لم يعد باستطاعة «أم محمد» تحمل فقدان ابنها الأخير، بعد سقوط شقيقيه قتيلين بسبب استقطاب الجماعة الحوثية لهما، وإخضاعهما إلى جانب آخرين على نحو مكثف للتعبئة الفكرية في المعسكرات الصيفية المغلقة التي تنفق الجماعة مبالغ ضخمة من أجل إقامتها في كل عام.

وتفيد «أم محمد» التي تقطن حي السنينة في صنعاء، «الشرق الأوسط»، باستدراج أحد مشرفي الجماعة الحوثية ابنها عمار (14 عاماً) وهو المتبقي لها، إلى مدرسة حكومية تقام فيها ما يُسمى بالدورات الصيفية بالحي ذاته، بغرض إخضاعه لتلقي دروس ذات منحى طائفي، كما فعلت الجماعة سابقاً مع ولديها السابقين علاء وسامح.

طفل يمني يحمل سلاحاً خلال تجمع حوثي في صنعاء (غيتي)

وتشير إلى أن ابنها علاء قُتل قبل سنوات قليلة في جبهة الساحل الغربي، بينما لقي شقيقه سامح مصرعه في جبهات مأرب، وذلك بعد تلقيهما دروساً تحرض على القتل والطائفية في مخيمات صيفية.

ودشنت الجماعة الانقلابية قبل أيام حملة تجنيد واسعة تحت مسمى «المخيمات الصيفية»، وحوّلت نحو 6 آلاف مدرسة حكومة وأهلية إلى معسكرات توقعت الجماعة أن تستقطب إليها عشرات الآلاف من طلبة المدارس لغسل عقولهم بالأفكار المتطرفة.

عزوف مجتمعي

فور تلقي «أم محمد» نبأ استقطاب ولدها وإلحاقه بمخيم صيفي، سارعت على الفور لزيارة المدرسة، وطلبت تسلم ابنها، ثم عادت به للمنزل، دون أن يُحرك أتباع الجماعة أي ساكن، وفق قولها.

وأكدت «أم محمد» التي فقدت مُعيلها قبل سنوات قليلة جراء حادث أليم، أنها غير مستعدة لتقديم ولدها كبش فداء للجماعة وزعيمها، معبرة عن طموحها بأن يكمل ولدها تعليمه، كما يستمر في عمله المعهود في الإجازة الصيفية بمسح السيارات بأحد شوارع صنعاء لمساعدتها في تأمين لقمة العيش.

وفي هذا السياق أفادت مصادر محلية في صنعاء، «الشرق الأوسط»، بعزوف مجتمعي واسع منذ بدء التدشين وحتى اللحظة للمشاركة في معسكرات الجماعة الصيفية، نظراً لمعرفة الأهالي الجيدة والمسبقة بخطورتها على أبنائهم.

ويأتي الاستهداف الحوثي للأطفال والنشء بالتوازي مع تحذير ناشطين وتربويين من خطورة هذه المراكز التي تقيمها الجماعة، ودعوتهم أولياء الأمور إلى الحفاظ على أبنائهم، وعدم إلحاقهم بتلك المعسكرات.

أطفال يخضعون للتطييف في المراكز الصيفية الحوثية (إعلام محلي)

وسبق أن وثقت تقارير صادرة عن منظمات دولية وأخرى محلية في العام الماضي وقوع عمليات تجنيد حوثي لآلاف الأطفال والشبان عبر المراكز الصيفية، بالإضافة إلى رصد تعرض عدد آخر منهم للاعتداء، لا سيما في المعسكرات المغلقة.

ورغم التحضير الحوثي المبكر والمكثف لإطلاق المعسكرات الصيفية لهذا العام لاستقطاب الأطفال والشبان وتجنيدهم، فإن مصادر تربوية في صنعاء، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، عن خيبة أمل كبيرة مُنيت به الجماعة نتيجة تراجع أعداد الطلبة المشاركين في تلك المخيمات على مستوى صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة.

وذكرت المصادر التربوية أن غالبية الأسر وأولياء الأمور في صنعاء وريفها ومحافظات أخرى امتنعوا هذه العام ومنذ أول يوم من انطلاق تلك المعسكرات الصيفية عن إرسال أبنائهم إليها، في رسالة رفض مجتمعي واضحة لمعسكرات التعبئة والتجنيد.

وكانت الحكومة اليمنية جددت على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني التحذير من مخاطر المراكز الصيفية التي تستغلها الجماعة لنشر أفكارها، وغسل عقول الأطفال بشعاراتها الطائفية، وتحويلهم إلى أدوات للقتل والتدمير، ووقود لمعاركها التي لا تنتهي، وقنابل موقوتة تمثل خطراً على النسيج الاجتماعي اليمني، والأمن والسلم الإقليميَّين والدوليَّين.

عناصر حوثيون في صنعاء يشرفون على تجنيد الأطفال (إعلام محلي)

ووصف الإرياني، في تصريحات رسمية، هذه المراكز، بـ«المعسكرات» التي تأتي بعد حملات الحشد والتعبئة التي تنفذها الجماعة الحوثية منذ شهور «مستغلةً مسرحياتها في البحر الأحمر ومزاعم نصرة غزة»، بينما تقتل اليمنيين وتدمر بلادهم وتتحرك بصفتها أداةً إيرانيةً لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد المصالح الدولية، وفق تعبيره.

واتهم الإرياني، الجماعة، بتجنيد غالبية مقاتليها من الأطفال من هذه المراكز التي تسببت بأغلب جرائم «قتل الأقارب» التي انتشرت في السنوات الماضية في مناطق سيطرة الجماعة، متمنياً من عائلات الطلبة الحفاظ عليهم، وعدم تقديمهم قرابين لزعيم الجماعة، «وأسياده في طهران»، مناشداً المنظمات المعنية والمثقفين والإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان التوعية بمخاطر ذلك.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يتجاهلون تهديدات نتنياهو ويواصلون هجماتهم تجاه إسرائيل

العالم العربي صورة وزعها الحوثيون لصاروخ هاجموا به إسرائيل يسمونه «فلسطين 2» (إعلام حوثي) play-circle 03:14

الحوثيون يتجاهلون تهديدات نتنياهو ويواصلون هجماتهم تجاه إسرائيل

تجاهل الحوثيون المدعومون من إيران تهديدات بنيامين نتنياهو بضربهم وتدمير البنية التحتية وواصلوا هجماتهم باتجاه إسرائيل بالتوازي مع التصعيد ضد الجيش اليمني في تعز

علي ربيع (عدن)
العالم العربي فوضى أمنية وممارسات عنصرية تؤرق اليمنيين في إب (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن يعززون بعناصر أمن صوب 3 محافظات

دفع الحوثيون بالمئات من عناصرهم الأمنيين من مناطق متفرقة في محافظة إب، صوب محافظات تعز والحديدة والضالع بعد أن فشلوا في حشد مزيد من المجندين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النساء يمثلن نحو 19% من المهاجرين الواصلين الشهر الماضي إلى اليمن (الأمم المتحدة)

رقم قياسي لعدد المهاجرين الأفارقة الواصلين إلى اليمن خلال شهر

وصل 18 ألف مهاجر أفريقي إلى اليمن الشهر الماضي في رقم قياسي منذ عام ونصف، في حين عاد طوعياً 1500 مهاجر إثيوبي في رحلات بحرية خطرة.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يتفقدون موقع سقوط صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعترض مسيّرة انطلقت من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، اعتراض سلاح الجو الإسرائيلي لطائرة مسيرة، أُطلقت من اليمن صوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي دخان يتصاعد من محطة كهرباء في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات إسرائيلية (رويترز)

إيران تشدّ أزر الحوثيين عقب الضربات الإسرائيلية والأميركية

سارعت إيران إلى الاطمئنان على الحوثيين وشَدّ أزرهم إثر الضربات الإسرائيلية والأميركية الأخيرة، فيما أكدت الجماعة مضيها في التصعيد، وعدم تأثر قدرتها العسكرية.

علي ربيع (عدن)

النهب يشل إمدادات الغذاء في غزة رغم تعهد إسرائيل بصد العصابات

يجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في غزة (أ.ب)
يجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في غزة (أ.ب)
TT

النهب يشل إمدادات الغذاء في غزة رغم تعهد إسرائيل بصد العصابات

يجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في غزة (أ.ب)
يجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في غزة (أ.ب)

قال ثلاثة مسؤولين مطلعين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة إن إسرائيل تقاعست عن اتخاذ إجراءات صارمة ضد العصابات المسلحة التي تهاجم قوافل المواد الغذائية في قطاع غزة، على الرغم من تعهدها بفعل بذلك في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) للمساعدة في درء المجاعة عن القطاع الفلسطيني.

وأضاف المسؤولون الثلاثة الكبار أن ذلك التعهد، الذي تم التوصل إليه خلف الأبواب المغلقة، بدا وكأنه انفراجة لأنه منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023 وجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في القطاع الذي عصفت به الحرب.

لكن القوات الإسرائيلية ظلت تركز على حربها ضد حركة «حماس» ولم تتخذ إجراءات تذكر ضد العصابات القليلة التي تنشط في أجزاء من غزة تحت السيطرة الإسرائيلية، وذلك وفقا للمسؤولين الثلاثة الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية المعلومات.

وأحال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسئلة المتعلقة بالتعهد وبعمليات الإغاثة في غزة إلى الجيش. وأحجم متحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق على ما تم الاتفاق عليه في أكتوبر وما تم تنفيذه للحد من عمليات النهب.

وقال المتحدث: «إسرائيل اتخذت خطوات كبيرة للسماح بدخول أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى غزة».

العنف خرج عن السيطرة

والآن يقول مسؤولون من الأمم المتحدة والولايات المتحدة إن عنف العصابات خرج عن السيطرة، ما أدى إلى شلل خطوط الإمداد التي يعتمد عليها معظم المدنيين في غزة، البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، للبقاء على قيد الحياة.

وأظهر إحصاء عن الوقائع كان غير معلن في السابق وجمعته وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة بالتعاون مع منظمات خيرية أنه في أكتوبر فُقد ما قيمته 9.5 مليون دولار من الأغذية والسلع الأخرى، أي ما يقرب من ربع إجمالي المساعدات الإنسانية التي أُرسلت إلى غزة في ذلك الشهر، بسبب الهجمات والنهب.

وقال شخصان مطلعان على الأمر إن تقييم أعمال النهب في نوفمبر (تشرين الثاني) لا يزال جارياً، لكن البيانات الأولية تظهر أنها كانت أسوأ بكثير.

وفي منتصف نوفمبر تعرضت قافلة مكونة من 109 شاحنات مستأجرة من جانب وكالات الأمم المتحدة للهجوم بعد دقائق من إصدار الجيش الإسرائيلي أمرا لها بمغادرة معبر حدودي في جنوب غزة خلال الليل، قبل عدة ساعات من الموعد المتفق عليه، وذلك وفقا لخمسة أشخاص مطلعين على الواقعة، بينهم اثنان كانا حاضرين.

وأضاف الخمسة أن قوات الجيش الإسرائيلي المتمركزة في مكان قريب لم تتدخل. وامتنع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق على الواقعة.

انعدام القانون

وقال جورجيوس بتروبولوس رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة إن وكالات الإغاثة غير قادرة على حل مشكلة انعدام القانون هناك بمفردها.

وذكر في تصريحات للصحافيين لدى عودته من غزة يوم الخميس: «أصبحت المشكلة أكبر من أن تتمكن المنظمات الإنسانية من حلها».

وأحجمت وزارة الخارجية الأميركية عن التعليق على التعهد الذي قطعته إسرائيل على نفسها في أكتوبر، لكنها قالت إن عمليات النهب تظل العقبة الرئيسية أمام إيصال المساعدات.

وقال متحدث: «نواصل الضغط على إسرائيل بشأن ضرورة تعزيز الأمن لضمان وصول القوافل التي تحمل المساعدات الإنسانية الضرورية إلى المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء غزة».

وذكر مسؤول أمني إسرائيلي طلب عدم نشر اسمه أن عمليات النهب تراجعت في الأسابيع القليلة الماضية لكنها لا تزال تشكل تحديا.

وقال للصحافيين اليوم الثلاثاء: «تعلمنا الكثير بالتعاون مع المنظمات الدولية. من الصعب للغاية أن نصل إلى مرحلة من دون عمليات نهب على الإطلاق».

وضع إنساني سيئ للغاية

أصبحت آلة الإغاثة الدولية في حالة فوضى بعد 14 شهرا من الحرب التي تشنها إسرائيل على «حماس»، إذ تقول منظمات الأمم المتحدة والجمعيات الخيرية إن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وصلت إلى واحد من أسوأ مستوياتها لأنها غير قادرة على توصيل ما يكفي من الغذاء والإمدادات الطبية وتوزيعها على سكان غزة.

وأحيت جولة جديدة من محادثات وقف إطلاق النار هذا الشهر الأمل في إفراج «حماس» عن الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم منذ هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 وكذلك في إيجاد حلول لتعزيز المساعدات الإنسانية.

لكن عمليات الإغاثة متعثرة في الوقت الراهن بسبب الخلاف بين إسرائيل ومعظم المجتمع الدولي حول من يتحمل المسؤولية عن إطعام المدنيين في غزة والحفاظ على النظام في القطاع الفلسطيني.

ودأبت الأمم المتحدة والولايات المتحدة على دعوة إسرائيل إلى الالتزام بالقوانين الإنسانية الدولية وتوفير الأمن والمساعدة للمدنيين في غزة، لكن السلطات الإسرائيلية تقول إن واجبها الوحيد هو تسهيل نقل المواد الغذائية والإمدادات الطبية وإنها تفعل الكثير بشكل منتظم.

وقال جيمي مكجولدريك الذي شغل منصب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من ديسمبر (كانون الأول) إلى أبريل (نيسان) إن حالة الجمود جعلت تنظيم عمليات الإغاثة وتنسيقها أمرا بالغ الصعوبة.

وقال مسؤولون أميركيون إنهم يراقبون نسبة سكان غزة الذين تستطيع منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة تقديم المساعدات الغذائية لهم شهريا، وذلك لقياس مدى تفاقم أزمة الجوع.

وأظهرت بيانات الأمم المتحدة أن النسبة بلغت في نوفمبر 29 في المائة ارتفاعا من 24 في المائة في أكتوبر، لكنها تمثل انخفاضا حادا عن الذروة المسجلة وقت الحرب وتجاوزت 70 في المائة في أبريل.

مخابز تخرج من الخدمة

وقال محمد عبد الدايم مالك مخبز «زادنا 2» وسط قطاع غزة إنه و60 من عماله توقفوا عن العمل منذ شهر ولم يتمكنوا من توفير الخبز لنحو 50 ألف شخص يخدمونهم في الظروف العادية.

وأضاف لـ«رويترز» عبر الهاتف الأسبوع الماضي: «إحنا ما بيصلنا طحين بسبب السرقات».

ونفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ما قيل عن عدم حصول بعض المخابز على الدقيق.

لكن تقارير مراجعة يومية لعمليات المخابز يعدها برنامج الأغذية العالمي واطلعت عليها «رويترز» أظهرت أن 15 من 19 مخبزا تدعمها الوكالة التابعة للأمم المتحدة في غزة خرجت من الخدمة حتى 21 ديسمبر، وأن «زادنا 2» مغلق منذ 23 نوفمبر بسبب نقص الطحين.

وقال عبد الدايم إن بعض المواد الغذائية المسروقة تجد طريقها إلى السوق، ولكن بأسعار باهظة لا يستطيع سوى عدد قليل جدا من السكان تحملها.

وأوضح العاملون بالإغاثة أيضا أنهم يواجهون صعوبات في الوصول إلى شمال غزة، حيث استأنف الجيش الإسرائيلي العمليات العسكرية ضد «حماس» في أكتوبر. ويقدر أن ما بين 30 إلى 50 ألف مدني ما زالوا عالقين هناك، مع القليل من الغذاء والمساعدة الطبية.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه تم التجهيز لعمليات إغاثة إنسانية مخصصة للمنطقة.

وبخلاف العمليات العسكرية، أرجع أكثر من عشرة مسؤولين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة تدهور الأوضاع الإنسانية داخل غزة في الأشهر الثلاثة الماضية إلى قرار اتخذته السلطات الإسرائيلية في أوائل أكتوبر بحظر شحنات الأغذية التجارية التي تُدخلها الشركات.

ووفقا لبيانات الجيش الإسرائيلي، تشكل تلك الشحنات جميع الأغذية الطازجة تقريبا وأكثر من نصف السلع التي دخلت غزة بين مايو (أيار) وسبتمبر (أيلول).

وقال مسؤولون من الأمم المتحدة والولايات المتحدة إن حظرها المفاجئ تسبب في نقص حاد في الإمدادات وجعل مهاجمة شاحنات المساعدات أمرا مربحا.

وفي أكتوبر، نُهب 40 في المائة من المساعدات التي دخلت من معبر كرم أبو سالم في جنوب غزة، وفقا لإحصاء الحوادث الذي اطلعت عليه «رويترز».

وقالت الأمم المتحدة إن السلطات الإسرائيلية قامت بتشغيل معبر كيسوفيم إلى جانب المعابر الأخرى، لكن العصابات هاجمت أيضا قوافل على ذلك الطريق.

وقال عاملون بالإغاثة وقطاع النقل في غزة إن العصابات تتشكل على أسس عشائرية، وتشمل بعض العناصر الإجرامية التي تم إطلاق سراحها من السجون في غزة في أثناء الهجوم الإسرائيلي.

وتضغط الأمم المتحدة والولايات المتحدة على إسرائيل لاستئناف الشحنات التجارية، وقالتا إن زيادة المعروض من الغذاء في غزة بشكل كبير من شأنها أن تؤدي إلى خفض الأسعار وتثني العصابات على النهب، لكن السلطات الإسرائيلية لم توافق.

شاحنات مفرغة

سعت الأمم المتحدة في وقت مبكر من الحرب إلى الاعتماد على شرطة غزة غير المسلحة لتأمين القوافل، لكن إسرائيل كانت تفتح عليها النار وتقول إنها لا يمكن أن تتسامح مع أي قوة مرتبطة بـ«حماس».

وذكر ضابط إسرائيلي خلال زيارة لمعبر كرم أبو سالم في أواخر نوفمبر أن مسؤولية توزيع المساعدات على سكان غزة تقع على عاتق الأمم المتحدة بمجرد أن تسمح إسرائيل بدخول المواد الغذائية عبر الحدود.

وقال العقيد عبد الله حلبي، الذي كان يرتدي سترة وخوذة واقيتين من الرصاص، للصحافيين وهو يشير إلى أكوام من المواد الغذائية إن المساعدات بانتظار قدوم المنظمات الدولية لتوزيعها.

لكن جورجيوس بتروبولوس رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة قال إن هجمات العصابات تجعل ذلك شبه مستحيل.

وذكر بتروبولوس وعاملون آخرون في الإغاثة أنهم أصيبوا بصدمة من الهجوم على قافلة من 109 شاحنات في 16 نوفمبر على بعد أربعة أميال من المعبر.

وأضافت المصادر الخمسة المطلعة أن مسلحين من عدة عصابات حاصروا القافلة وأجبروا السائقين على اتباعهم إلى تجمعات سكنية قريبة حيث سرقوا دقيقا ومستلزمات طعام من 98 شاحنة.

وذكرت المصادر أن المسلحين أطلقوا في الصباح سراح السائقين والشاحنات بعد إفراغ محتوياتها.