الفلسطينيون يخشون تصعيد الاستيطان خلال معركة الانتخابات الإسرائيلية

TT

الفلسطينيون يخشون تصعيد الاستيطان خلال معركة الانتخابات الإسرائيلية

في الوقت الذي يتركز فيه الصراع الانتخابي في إسرائيل على قادة معسكر اليمين، الذين يتنافسون على من يكون منهم متطرفاً أكثر من الآخر، يخشى الفلسطينيون من تصعيد مشاريع التهويد والاستيطان في القدس والضفة الغربية. ويقولون إن وتيرة الاستيطان تضاعفت في السنوات الأربع الماضية وبشكل خاص في 2020. ولكن تراجع قوة أحزاب الوسط واليسار في إسرائيل وسيطرة اليمين على الموقف، يهدد بزيادة هذه المشاريع أكثر حتى خلال المعركة الانتخابية.
وجاء في تقرير للمكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان في رام الله، أمس السبت، أن عام 2020 كان الأصعب على الفلسطينيين من ناحية تصاعد النشاط الاستيطاني وانفلات المستوطنين وممارساتهم الإرهابية.
وربط التقرير بين نشاط حكومة بنيامين نتنياهو الاستيطاني وبين هوية الرئيس الأميركي، مؤكداً أن نشاطاتها الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية تضاعفت تقريباً في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب المنتهية ولايته، بالمقارنة مع إدارة الرئيس باراك أوباما. ففي السنوات الثلاث الأولى من فترة ترمب صادقت حكومة نتنياهو على بناء ما معدله سبعة آلاف وحدة سكنية سنوياً، في حين صادقت في السنوات الثلاث التي سبقتها على 3600 وحدة سكنية. وأكد التقرير أن هذا الاستيطان، وفضلاً عن دوافعه الاستعمارية في نهب الأرض وتضييق الخناق على الفلسطينيين، يهدف إلى تقويض إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي مع الفلسطينيين مبني على حل الدولتين. واليوم لم يعد سراً أن قادة اليمين الحاكم في إسرائيل ومنافسيهم في صفوف اليمين المتطرف، يتحدثون وبشكل علني عن خطط لمضاعفة عدد المستوطنين في الضفة الغربية من نصف مليون إلى مليون مستوطن.
وحذر التقرير من القانون الذي تم سنه بالقراءة التمهيدية في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ويقضي بإضفاء الشرعية على عشرات البؤر الاستيطانية العشوائية وتثبيت وجودها وتوسيعها. وقال إن مجلس التخطيط والبناء في الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي صادق على بناء نحو 6500 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، وبلدية الاحتلال في القدس وضعت مخططاً أمام لجنة التنظيم والبناء المحلية يقضي ببناء 8600 وحدة سكنية جديدة معظمها في القدس الشرقية المحتلة ولتحديث المنطقة الصناعية «تلبيوت» وبناء مجموعة من الأبراج متعددة الاستعمالات بارتفاع 30 طابقاً.
وأشار التقرير إلى أن هذه المشاريع تترافق في الشهور الأخيرة مع فلتان المستوطنين على مفارق الطرق واعتداءاتهم على المواطنين ومركباتهم ومحاولة إقامة العديد من البؤر الاستيطانية، التي تم إحباطها، وتترافق أيضاً مع عمليات هدم للبيوت الفلسطينية ينفذها الجيش الإسرائيلي شملت أكثر من 1700 بيت ومنشأة فلسطينية.
ولفت التقرير إلى أنه رغم الأزمة السياسية التي تعصف بإسرائيل والمتمثلة بحل الكنيست والتوجه إلى انتخابات رابعة خلال أقل من سنتين، فإن مشاريع التهويد والتوسع الاستيطاني لا تتوقف. ونتنياهو ومنافسوه من قادة معسكر اليمين يتسابقون على تصعيدها، خصوصاً في الأيام الأخيرة من حكم ترمب. وقد أعلنوا تأييدهم لخطة المجلس الأعلى للتخطيط والبناء المقرر أن يجتمع خلال الأسبوعين المقبلين، للمصادقة على التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وذلك لاستباق دخول جو بايدن، الرئيس الأميركي المنتخب، البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي.
يذكر أن وزير الاستيطان الإسرائيلي، تساحي هنغبي، كان قد أعلن عن تشكيل طاقم مختص لمراقبة ومتابعة عمليات البناء الفلسطيني في المناطق المصنفة «ج»، والتي تبلغ مساحتها 60 في المائة من الضفة الغربية، وكلها محتلة. وقال إن وزارته تعتزم إنشاء أقسام للتفتيش على البناء الفلسطيني في مناطق «ج» في الضفّة الغربيّة تشمل منح المستوطنات ميزانيات سخية تتيح لها تشغيل مفتشين ودفع رواتب وأجور للجولات التفتيشيّة الميدانيّة وشراء سيارات وطائرات مسيّرة ووسائل حراسة إلكترونيّة وتصوير جوي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.