واشنطن ترفع القيود عن تعاملات الأميركيين المالية مع الخرطوم

وزارة الخزانة الأميركية
وزارة الخزانة الأميركية
TT

واشنطن ترفع القيود عن تعاملات الأميركيين المالية مع الخرطوم

وزارة الخزانة الأميركية
وزارة الخزانة الأميركية

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان ظهر أمس (الثلاثاء) رفع القيود عن تعاملات الأميركيين المالية مع السودان. لكن البيان أبقى على دولة السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، مع استمرار القيود على التصدير وإعادة التصدير، واستمرار العقوبات على المسؤولين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان خلال نزاع دارفور.
وقال البيان، إنه اعتباراً من اليوم (أمس الثلاثاء) «لم يعد محظوراً على الأميركيين الدخول في معاملات مالية مع حكومة السودان»، وهو الإجراء الذي كان محظوراً في السابق بموجب لوائح العقوبات السودانية. أما في بعض حالات التصدير، وإعادة تصدير بعض السلع وبرامج التكنولوجيا، فإن ذلك يتطلب بعض التراخيص من مكتب مكافحة الإرهاب الخاص بالسودان، وقد يتطلب أيضاً تراخيص من بنك التسويات الدولية فيما يتعلق ببعض الصادرات، التي يعاد تصديرها إلى حكومة السودان، أو إلى أي كيان آخر في السودان، ويشمل ذلك الأدوية والسلع الزراعية والأجهزة الطبية.
وأوضحت وزارة الخزانة، أنه يمكن للأميركيين الدخول في معاملات، تشمل الرواتب والمنح الدراسية، وما يتصل بها من نفقات التعليم والسفر والمعيشة المقدمة من حكومة السودان إلى السودانيين المسجلين طلاباً في مؤسسات تعليمية أميركية.
في هذا السياق، أوضح عدد من المحللين، أن هذه الخطوة ستساعد الخرطوم بشكل كبير على تخطي الصعوبات الاقتصادية والمالية، التي تواجهها بسبب القيود الأميركية المفروضة على المعاملات، وستمهد لما تطمح السودان إلى تحقيقه بقوة، أي رفع اسم البلد من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وكان وزير الخارجية الأميركية قد لمح في تصريحات للصحافيين الشهر الماضي إلى أن واشنطن تأمل في إزالة التصنيف الذي يعيق تدفق الاستثمارات إلى السودان، مشيداً بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، باعتبار أنها تقوم بخطوات إصلاح سياسية واقتصادية مهمة لإرساء قواعد الديمقراطية.
وفي منتصف مايو (أيار) الماضي، خلت القائمة التي أصدرتها الخارجية الأميركية، بخصوص الدول غير المتعاونة مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، من اسم السودان، وذلك في تطور لافت اعتبره المحللون خطوة مهمة في طريق تحسين العلاقات بين البلدين، وإمكانية عودة السودان مرة أخرى إلى الأسرة الدولية؛ مما سيكون له أثر بالغ في تحسين الاقتصاد، ونهوض البلاد من كبوتها السياسية والاقتصادية الطويلة.
وكانت السودان قد تضرر كثيراً بعد إدراجه على هذا القائمة، واعتباره واحداً من الدول الراعية للإرهاب، إلا أن العلاقات بين الجانبين تحسنت بعد المحادثات التي أجراها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك مع المسؤولين الأميركيين خلال العام الماضي، حيث حصل حمدوك على وعود من مسؤولي الخارجية والخزانة والدفاع وقيادات الكونغرس الأميركي برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأوضح متخصصون في الشأن السوداني، أن هناك الكثير من الخطوات المنهجية المتعددة، التي يجب القيام بها من طرف السودان والولايات المتحدة لرفع السودان من القائمة، ومنها ضرورة تسوية تفاوضية مع أسر ضحايا الهجمات الإرهابية. وقد سبق أن أوضح عبد الله حمدوك في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بأن حكومته تقبل المسؤولية عن تصرفات الحكومة السابقة، وتعمل على إبرام اتفاقيات مع أسر القتلى في تفجيرات السفارة الأميركية في كينيا وتنزانيا عام 1998، وكذلك تفجير المدمرة «يو إس إس كول» عام 2000، ومن هنا يمكن أن تبدأ عملية رفع اسم السودان.
أما من جانب حكومة الولايات المتحدة، فإن الأمر يتطلب إجراء تقييم معمق حول ما إذا السودان أنهى بالفعل كل علاقاته بدعم الإرهاب، وتقديم هذا التقييم إلى الكونغرس، مع توصية برفع اسم السودان من القائمة، ويبقي أمام الكونغرس وقتها 45 يوماً لإقرار ذلك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».