بكين تدعم الشركات المحلية وتغازل الأجنبية بـ«خدمات أفضل»

مئات المؤسسات تطلب قروضاً بمليارات الدولارات

صيدلية تبيع أقنعة في مدينة هانغتشو بمقاطعة تشجيانغ في شرق الصين (أ.ف.ب)
صيدلية تبيع أقنعة في مدينة هانغتشو بمقاطعة تشجيانغ في شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تدعم الشركات المحلية وتغازل الأجنبية بـ«خدمات أفضل»

صيدلية تبيع أقنعة في مدينة هانغتشو بمقاطعة تشجيانغ في شرق الصين (أ.ف.ب)
صيدلية تبيع أقنعة في مدينة هانغتشو بمقاطعة تشجيانغ في شرق الصين (أ.ف.ب)

بدأ العمال يتقاطرون على المكاتب والمصانع في شتى أنحاء الصين، أمس (الاثنين)، بعد أن خففت الحكومة بعض القيود المفروضة على العمل والتنقل في أعقاب تفشي وباء «كورونا» الذي أودى حتى الآن بحياة أكثر من 900 شخص معظمهم في بر الصين الرئيسي.
ومع عودة الحياة إلى سوق العمل، قالت وزارة المالية الصينية، أمس (الاثنين)، إنها تراقب عن كثب تأثير تفشي فيروس «كورونا» المتحور الجديد على التجارة الخارجية، وتعمل على مساعدة الشركات التجارية الأجنبية لاستئناف إنتاجها في بكين. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» عن المتحدث باسم الوزارة غاو فينغ، القول في مؤتمر صحافي، إنه لا يوجد سبب لاتخاذ إجراءات بشأن التجارة الخارجية بعد، مؤكداً أن الصين على ثقة بأنها قادرة على الفوز في المعركة ضد الفيروس.
وأعرب غاو عن أمله أن تنضم دول أخرى إلى جهود تسهيل التجارة الدولية وهزيمة الفيروس. وقال إن المميزات التنافسية التي تجعل الصين دولة جاذبة للاستثمار الأجنبي لم تتغير. وأشار إلى أن الوزارة سوف تستمر في تقديم الدعم للشركات الأجنبية لكي تتعامل مع تأثيرات الفيروس، والمساعدة لتتغلب على مشكلاتها المتعلقة بالاستثمار والإنتاج في الخطوة المقبلة.
كما أصدرت وزارة التجارة الصينية، أمس، نشرة تحث السلطات المحلية على تقديم خدمات أفضل للشركات ذات التمويل الأجنبي وسط تفشي فيروس «كورونا» الجديد. وذكرت النشرة أنه يتعين بذل الجهود لمساعدة الشركات ذات التمويل الأجنبي على استئناف الإنتاج والتشغيل بطريقة منظمة.
وطلبت الوزارة من الحكومات المحلية اتخاذ تدابير قوية لتلبية طلب الشركات ذات التمويل الأجنبي التي تنتج بدْلات وقائية طبية وأقنعة ونظارات واقية ومواد الوقاية الأخرى. كما أكدت الوزارة دعمها لمشاريع الاستثمار الأجنبي الكبيرة، داعية إلى بذل جهود منسقة لحل صعوباتها وتقليل آثار الوباء، حسب وكالة «شينخوا» الصينية.
وقالت النشرة إنه يتعين على السلطات المحلية تحسين الخدمات الإدارية عبر الإنترنت بشكل أكبر وتسهيل العمل بنشاط لإدخال الاستثمار الأجنبي ورأس المال من خلال الاستشارات عبر الإنترنت والمؤتمرات الهاتفية. وأكدت بكين أنها ستواصل تقديم معاملة متساوية لكل من الشركات المحلية والأجنبية والسعي لبناء بيئة استثمارية عادلة وشفافة ويمكن التنبؤ بها، وفقاً للنشرة.
وسبّب الوباء تعطيلاً كبيراً للحياة في الصين، حيث تحولت المدن الصينية التي تعجّ عادةً بالحركة إلى مدن أشباح خلال الأسبوعين الماضيين بعد أن أمر زعماء الحزب الشيوعي الحاكم بإغلاق فعلي للمدن وإلغاء الرحلات الجوية وإغلاق المصانع والمدارس.
كانت السلطات قد طلبت من الشركات تمديد عطلات السنة القمرية الجديدة عشرة أيام بعد أن كان من المقرر أن تنتهي مع نهاية يناير (كانون الثاني).
من جهة أخرى، قال مصدران مصرفيان إن أكثر من 300 شركة صينية، بينها ميتوان ديانبينغ، أكبر شركة لتوصيل الطعام في البلاد، وشركة «شاومي» لصناعة الهواتف الذكية تسعى إلى قروض مصرفية بقيمة إجمالية 57.4 مليار يوان (8.2 مليار دولار) على الأقل لتخفيف حدة تأثير تفشي الفيروس التاجي. وقال المصدران لـ«رويترز»، أمس، إن الشركات، التي من بينها «ديدي تشوشينغ تكنولوجي» التي تهيمن على خدمات طلب سيارات الأجرة، و«مغفي تكنولوجي» و«تشيهو 360 تكنولوجي»، إما مشاركة في جهود احتواء الوباء وإما من الأكثر تضرراً.
وتكافح الصين لاحتواء الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 900 شخص، الأغلبية العظمى منهم في البر الرئيسي، وأصاب أكثر من 40 ألفاً. وعزلت السلطات مدناً وأوقفت روابط نقل وأغلقت منشآت تشهد تجمعات كبيرة، مما ألحق ضرراً كبيراً بالنمو الاقتصادي الذي قال اقتصادي كبير إنه قد يتباطأ إلى 5% أو أقل في الربع الأول. وسيؤدي تمديد إغلاق المصانع إلى تباطؤ التصنيع وسيؤثر على سلاسل الإمداد العالمية.
وقال المصدران اللذان تلقيا نسختين من قائمتين بأسماء الشركات أرسلهما مكتب الخدمات المالية التابع للحكومة في بكين إلى بنوك في العاصمة، إن الشركات التي تسعى للحصول على قروض في المدينة ستنال على الأرجح موافقات سريعة وأسعار فائدة تفضيلية.
ولم تصدر بيانات رسمية إلى الآن تبيّن إجمالي القروض التي تسعى الشركات الصينية في أنحاء البلاد للحصول عليها للتعامل مع التفشي. وتشمل القائمتان أيضاً حجم القروض التي تسعى إليها الشركات التي تشمل شركات أدوية ومطاعم. وسبق أن قال المكتب إن الشركات التي تريد دعماً مالياً بإمكانها طلبه.
وقال أحد المصدرين: «القول الفصل في قرارات الإقراض يعود للبنوك... أسعار الفائدة ستعادل على الأرجح تلك التي تقدَّم لكبار عملاء البنوك».
وحسب القائمتين، تسعى «شاومي»، رابع أكبر مصنّع للهواتف الذكية في العالم، إلى قروض بقيمة خمسة مليارات يوان (716.24 مليون دولار) لإنتاج وبيع معدات طبية تشمل أقنعة وأجهزة قياس حرارة الجسم. أما «ميتوان ديانبينغ» فتسعى للحصول على أربعة مليارات يوان (572.99 مليون دولار) فيما يعود إلى أسباب منها المساعدة في تمويل توفير طعام بالمجان وتوصيله للأطقم الطبية في مدينة ووهان، وهي مركز تفشي الفيروس وتقع في إقليم هوبي بوسط البلاد. وتريد «ديدي تشوشينغ» المملوكة ملكية خاصة و«المتضررة بشدة من تفشي الفيروس» 50 مليون يوان (7.16 مليون دولار).
وفي سياق ذي صلة، صرحت سلطات صينية يوم الأحد، بأن الصين ستكثف الدعم المالي للشركات الصغيرة والمتوسطة في البلاد في الوقت الذي تستأنف فيه الإنتاج بعد عطلة عيد الربيع في ضوء تفشي فيروس «كورونا» الجديد. وقالت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات في بيان إن الحكومات المحلية سيتم تشجيعها على تخفيض أو إلغاء الضرائب والرسوم الإدارية على بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة وزيادة الدعم لبرامج تدريب الشركات.
وقال البيان إنه سيتم تحفيز المؤسسات المالية لخفض سعر الفائدة على القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة الواعدة التي تضررت بشدة من جراء تفشي الفيروس، في حين يجب تخفيض رسوم الضمانات المالية. وقالت الوزارة إن البلاد ستساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة في توفير المواد الخام ومعدات مكافحة الفيروس، وتمديد الموعد النهائي لدفع فواتير الكهرباء والغاز.
وقال البيان إنه سيتم تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة على تطوير منتجات وتقنيات تسهم في مكافحة الأوبئة، بينما سيتم تعزيز حجم العمل عبر الإنترنت لمساعدة الشركات على التحول إلى التكنولوجيا الرقمية. وقالت الوزارة إنه من المتوقع أن تتمتع الشركات الصغيرة والمتوسطة بخدمات عامة أفضل، بما في ذلك التدريب عبر الإنترنت والمساعدة القانونية.


مقالات ذات صلة

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

الاقتصاد نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن إطار «رؤية 2030»، تتجه الأنظار نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«المركزي الباكستاني» يخفض الفائدة إلى 13 % للمرة الخامسة

شعار البنك المركزي الباكستاني على مكتب الاستقبال بالمقر الرئيس في كراتشي (رويترز)
شعار البنك المركزي الباكستاني على مكتب الاستقبال بالمقر الرئيس في كراتشي (رويترز)
TT

«المركزي الباكستاني» يخفض الفائدة إلى 13 % للمرة الخامسة

شعار البنك المركزي الباكستاني على مكتب الاستقبال بالمقر الرئيس في كراتشي (رويترز)
شعار البنك المركزي الباكستاني على مكتب الاستقبال بالمقر الرئيس في كراتشي (رويترز)

خفض البنك المركزي الباكستاني، الاثنين، سعر الفائدة الرئيس بمقدار 200 نقطة أساس ليصل إلى 13 في المائة، في خامس خفض متتال منذ يونيو (حزيران)، في إطار جهود البلاد المستمرة لإنعاش اقتصادها المتعثر من خلال تخفيف التضخم.

وتجعل هذه الخطوة باكستان واحدة من أكثر الأسواق الناشئة عدوانية في خفض أسعار الفائدة هذا العام، مع استثناءات مثل الأرجنتين، وفق «رويترز».

وقالت لجنة السياسة النقدية في البنك في بيانها: «بشكل عام، تعد اللجنة أن النهج المتمثل في خفض أسعار الفائدة بشكل مدروس يساعد في الحفاظ على ضغوط التضخم والضغوط على الحساب الخارجي تحت السيطرة، بينما يدعم النمو الاقتصادي بشكل مستدام».

وأضاف البنك أنه يتوقع أن يكون متوسط التضخم «أقل بكثير» من نطاق توقعاته السابقة، الذي يتراوح بين 11.5 في المائة و13.5 في المائة في عام 2025، كما أشار إلى أن توقعات التضخم لا تزال عُرضة لعدة مخاطر، بما في ذلك الإجراءات اللازمة لمعالجة العجز في الإيرادات الحكومية، بالإضافة إلى التضخم الغذائي، وارتفاع أسعار السلع العالمية. وأوضح البنك قائلاً: «قد يظل التضخم متقلباً على المدى القريب قبل أن يستقر ضمن النطاق المستهدف».

وخلال مكالمة مع المحللين، أشار رئيس البنك المركزي الباكستاني، جميل أحمد، إلى أن المركزي لم يحدد مستوى معيناً لسعر الفائدة الحقيقي عند اتخاذ قرار خفض سعر الفائدة يوم الاثنين. ومع ذلك، أوضح أن البنك المركزي كان قد استهدف في الماضي معدل تضخم يتراوح بين 5 و7 في المائة على المدى المتوسط، وأن هذا الهدف بات في متناول اليد خلال الاثني عشر شهراً المقبلة.

وتسير باكستان، الواقعة في جنوب آسيا، على مسار تعافٍ اقتصادي صعب، وقد تلقت دعماً من تسهيل بقيمة 7 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي في سبتمبر (أيلول). وأشار البنك إلى أن «جهوداً كبيرة وتدابير إضافية» ستكون ضرورية لتمكين باكستان من تحقيق هدف الإيرادات السنوية، وهو عنصر أساسي في اتفاقها مع صندوق النقد الدولي.

وكان جميع المحللين الـ12 الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقعون خفضاً بمقدار 200 نقطة أساس، بعد أن شهد التضخم انخفاضاً حاداً إلى 4.9 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو ما جاء أقل من توقعات الحكومة، وأقل بكثير من ذروة التضخم التي بلغت نحو 40 في المائة في مايو (أيار) من العام الماضي. وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من التخفيضات المتتالية، بما في ذلك خفض بمقدار 150 نقطة أساس في يونيو، و100 نقطة في يوليو (تموز)، و200 نقطة في سبتمبر، و250 نقطة في نوفمبر، مما أدى إلى انخفاض سعر الفائدة من أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 22 في المائة في يونيو 2023، الذي ظل ثابتاً لمدة عام. وبذلك يبلغ إجمالي التخفيضات منذ يونيو 900 نقطة أساس.