شهدت الأوساط الرياضية الإيرانية مؤخراً العديد من حالات الرفض من قبل رياضيين لتمثيل بلادهم في البطولات الدولية احتجاجاً على النظام الحاكم وتدخلاته في الرياضة لتحقيق أهداف سياسية.
أغلب الحالات خشي اللاعبون من تعرضهم للسجن بدعوى «مخالفة القانون» إذا واجهوا منافسين إسرائيليين أو لمجرد رفضهم أن يكونوا أداة بيد النظام.
فقد أعلنت لاعبة التايكوندو الإيرانية الوحيدة التي حصلت على ميدالية أولمبية، كيميا علي زاده، مؤخراً، أنها تسعى للعب باسم ألمانيا. وكانت كيميا زاده تركت إيران، الأسبوع الماضي، متوجهة إلى هولندا، وقالت عبر تطبيق «إنستغرام» إنها كانت من بين «ملايين النساء المضطهدات في إيران وإن الرياضيين هناك مجرد أدوات دعائية للنظام الحاكم».
وأوضحت كيميا علي زاده في تصريحات لصحيفة «بيلد آم زونتاغ»: «سأكون سعيدة للعب باسم ألمانيا هناك، أتمنى حياة هادئة من دون أي مشكلات هنا».
وفازت كيميا علي زاده بالميدالية البرونزية في «أولمبياد ريو 2016» في رياضة التايكوندو، لتصبح أول سيدة من إيران تفوز بميدالية في الأولمبياد.
وذكرت الصحيفة أن كيميا علي زاده موجودة حالياً في مدينة هامبورغ، وأنها في محادثات مع المسؤولين الألمان، وأن لديها عروضاً أخرى من كندا وبلجيكا وبلغاريا وهولندا.
ولم يتضح بعد ما إذا كان بإمكان كيميا علي زاده أن تشارك في أولمبياد طوكيو مع بلد جديد نظراً للقواعد الصارمة للأهلية الأولمبية.
وتعد لاعبة التايكوندو أحدث المعارضين الرياضيين لسياسات طهران فقد سبقها بطل الجودو الإيراني، سعيد مولاي، الذي أعرب في سبتمبر (أيلول) الماضي عن خشيته من العودة إلى وطنه، بعد عدم امتثاله لأوامر الحكومة، التي طالبته بالانسحاب من بطولة العالم في طوكيو حتى يتجنب مواجهة منافس إسرائيلي.
وهذه ليست المرة الأولى التي ينسحب فيها رياضي إيراني أو يرفض اللعب مع رياضي إسرائيلي في الأولمبياد أو المسابقات الدولية الأخرى. ففي أولمبياد أثينا 2004. رفض بطل العالم الإيراني وقتها آراش ميرسماعيلي مواجهة مصارع الجودو الإسرائيلي إيهود فاكس.
وقال مولاي، في بيان للاتحاد الدولي للجودو: «أنا مصارع وأرغب في المنافسة، أعيش في بلد لا تسمح قوانينه لي بذلك، لا يوجد أي خيار أمامي، يتعين على كل الرياضيين الالتزام بهذا الأمر، لقد فعلت ما فعلته من أجل مسيرتي والبحث عن حياة جديدة».
وأشار مولاي إلى أنه لا يعتزم العودة إلى إيران حالياً خوفاً على حياته، وطلب من ماريوس فايزر، رئيس الاتحاد الدولي للجودو، مساعدته للوصول إلى حل.
وكتب فايزر على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «أولاً سنعمل على حل مسألة مولاي وبعدها سنبحث قضايا المصارعين الآخرين من إيران»، وتابع: «هدفنا الرئيسي هو حماية مصارعينا».
وقال الاتحاد الدولي للجودو إن نائب وزير الرياضة الإيراني دافار زاني طلب من مولاي الانسحاب من مواجهة في الدور قبل النهائي لبطولة العالم في طوكيو، لتجنب مواجهة الإسرائيلي.
وذكر الاتحاد للصحافيين أن رئيس اللجنة الأولمبية الإيرانية، رضا صالحي أميري، اتصل بمولاي، وأخبره أن أجهزة الأمن موجودة في منزل والديه.
ورغم كل ذلك، لم يمتثل مولاي لأوامر السلطات الإيرانية، وقرر استكمال المنافسة، لكنه خسر في النهاية في الدور قبل النهائي ولم يضطر إلى مواجهة موكي، الذي فاز بالبطولة.
وإضافة إلى أبطال الرياضات القتالية فقد امتدت حركة المعارضة إلى لعبة الشطرنج، فقد أعلن رئيس الاتحاد الإيراني للعبة الشطرنج، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن اللاعب علي رضا فيروزجا قرر عدم تمثيل بلاده مرة أخرى بسبب الحظر الذي تفرضه طهران على رياضيها من التنافس ضد لاعبين إسرائيليين.
وفيروزجا، (16 عاماً)، المصنف الثاني بين اللاعبين الشباب على مستوى العالم، أراد خوض منافسات بطولة العالم في روسيا وهي البطولة التي قررت إيران الانسحاب منها.
وقال رئيس الاتحاد، في تصريح لوكالة «تسنيم» الإيرانية: «فيروزجا اتخذ قراره وأبلغنا أنه يريد تغيير جنسيته»، وأضاف: «فيروزجا يعيش حالياً في فرنسا وربما يريد تمثيل العلم الفرنسي أو الأميركي».
واستبعد الاتحاد الدولي للجودو إيران كافة منافساته، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب حظر إيران اللعب ضد الرياضيين الإسرائيليين.
وإضافة لأزمة اللعب ضد الإسرائيليين، تعرضت الإيرانية شهرة بيات، التي اختيرت لأول مرة كحكم رئيسي في المنافسات الدولية من العودة إلى إيران، لتهديدات بإلقاء القبض عليها بتهمة «انتهاك قواعد الزي الإسلامي الصارمة» إثر التقاط صورة لها خلال مباراة شطرنج في شنغهاي بالصين، دون حجاب، وهو ما يعتبر مخالفة بحسب القانون الإيراني.
وقالت شهرة بيات، في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، الأسبوع الماضي: «عندما فتحت هاتفي رأيت صورتي قد انتشرت عبر الإنترنت على جميع وسائل الإعلام الإيرانية التي قالت إنني لا أرتدي الحجاب وإنني أريد أن أحتج ضد الحجاب».
وأضافت أنها كانت تغطي رأسها كما كانت تفعل دائماً في البطولات الدولية، رغم عدم موافقتها على القانون الذي يفرض الحجاب على النساء في إيران.
وأوضحت: «هذا مخالف لمعتقداتي، يجب أن يكون للناس الحق في اختيار ما يلبسونه والطريقة التي يرتدون بها ملابسهم، ولا يجب إجبارهم على لبس شيء معين»، وأضافت: «كنت أتسامح مع ذلك لأني أعيش في إيران، لم يكن لدي خيار آخر».
وقالت بيات إن اتحاد الشطرنج الإيراني أمرها بأن «تكتب تعليقاً»، رداً على هذه الضجة، وهو الأمر الذي فهمته هي بأنه يعني الاعتذار والدفاع عن نظام اللباس الإيراني، لكنها رفضت أن ترد أو تعلق أو تدلي بأي تصريح، وأضافت أن عودتها الآن إلى عائلتها يعتبر «مخاطرة كبيرة».
وأكدت: «هناك الكثير من السيدات يقبعن في السجون الإيرانية بسبب الحجاب، إنها قضية خطيرة للغاية، ربما يريدون أن يجعلوني عبرة للآخرين»، مضيفة أنها «أصيبت بالذعر تماماً عندما رأت ردود الفعل عبر الإنترنت، وأنها قررت خلع حجابها تماماً».
وقالت شهرة بيات إنها طلبت من الاتحاد الإيراني للشطرنج كتابة خطاب يضمن سلامتها عند عودتها، لكن الاتحاد رفض، وتعتقد شهرة أنهم تعرضوا لضغوط من السلطات في إيران.
وألقت الأوضاع السياسية الساخنة التي تعيشها إيران حالياً على خلفية الاحتجاجات ضد إسقاط «الحرس الثوري» لطائرة مدنية أوكرانية بظلالها على الرياضة في إيران، فقد أعلن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، يوم السبت الماضي، أنه سيبحث التوصيات التي رفعتها لجنة المسابقات بشأن عدم إقامة أي مباريات للأندية في إيران بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة فيها.
وقالت مصادر مطلعة بالاتحاد الآسيوي إن شركات طيران متعددة تتجه بشكل جدي إلى عدم السفر إلى إيران، وهو ما يعني صعوبة سفر الأندية الآسيوية إلى المدن الإيرانية لخوض أي مباريات رسمية دولية فيها.
من جهتها، أعلنت الأندية الإيرانية الأربعة المتأهلة لدوري أبطال آسيا الانسحاب من البطولة بعد قرار اتحاد الكرة الآسيوي بنقل مباريات الأندية الإيرانية إلى ملاعب محايدة.
وذكرت وكالة «مهر» الحكومية أن الأندية الأربعة بعد اجتماعات واتصالات قررت الانسحاب من دوري أبطال آسيا.
وذكرت الوكالة أن الانسحاب يأتي «في سياق حفظ كرامة ومصالح البلد»، ودفاعاً عن «وجود الأمن في إيران» و«منع تدخل السياسة في قرارات كرة القدم».
أبطال إيرانيون يتخلون عن تمثيل بلادهم رفضاً لـ«تسييس» الرياضة
أبطال إيرانيون يتخلون عن تمثيل بلادهم رفضاً لـ«تسييس» الرياضة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة