الأمم المتحدة تطالب بخفض استهلاك اللحوم للحد من الاحتباس الحراري

في أشمل تقرير من نوعه... التغير المناخي سيفاقم مخاطر الأمن الغذائي

كتلة ثلجية تسقط من جبل بريتو مورنو الجليدي في اقيم سانتا كروز في الارجنتين نتيجة لإرتفاع معدلات الحرارة (ا ف ب)
كتلة ثلجية تسقط من جبل بريتو مورنو الجليدي في اقيم سانتا كروز في الارجنتين نتيجة لإرتفاع معدلات الحرارة (ا ف ب)
TT

الأمم المتحدة تطالب بخفض استهلاك اللحوم للحد من الاحتباس الحراري

كتلة ثلجية تسقط من جبل بريتو مورنو الجليدي في اقيم سانتا كروز في الارجنتين نتيجة لإرتفاع معدلات الحرارة (ا ف ب)
كتلة ثلجية تسقط من جبل بريتو مورنو الجليدي في اقيم سانتا كروز في الارجنتين نتيجة لإرتفاع معدلات الحرارة (ا ف ب)

قال تقرير أعدته هيئة تابعة للأمم المتحدة عن آثار التغير المناخي إن من الضروري خفض استهلاك العالم من اللحوم للحدّ من الاحتباس الحراري، وتقليل الضغوط المتنامية على الأراضي وعلى المياه وتحسين الأمن الغذائي والصحة والتنوع الحيوي.
ورغم أن التقرير لم يصل إلى حد المطالبة الصريحة بالاستغناء نهائياً عن اللحوم، فقد دعا إلى تغييرات كبرى في عادات الزراعة والأكل للحد من آثار النمو السكاني وتغير الأنماط الاستهلاكية على الموارد المجهدة من الأراضي والمياه.
وقالت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في التقرير إن الاعتماد على الأغذية النباتية والأغذية الحيوانية من مصادر مستدامة يمكن أن يتيح مساحة تصل إلى عدة ملايين من الكيلومترات المربعة من الأراضي للاستخدام بحلول 2050، وربما يمنع انبعاثات تتراوح بين 0.7 و8.0 غيغاطن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
وقال جيم سكيا الأستاذ في إمبيريال كوليدج في لندن، أمس (الخميس): «توجد أنواع معينة من النظم الغذائية لها بصمة كربونية أقل وتجهد الأرض بقدر أقل».
وأوضحت وكالة «رويترز» أن الهيئة الحكومية الدولية اجتمعت هذا الأسبوع في جنيف بسويسرا لوضع اللمسات الأخيرة على التقرير الذي يُنتظر أن يكون دليلاً للحكومات التي ستجتمع في تشيلي هذا العام، لبحث سبل تنفيذ اتفاقية باريس لعام 2015.
وقال سكيا، أحد أعضاء هيئة التحرير التي وضعت التقرير، للصحافيين في جنيف: «الهيئة الحكومية الدولية لا توصي بالنظم الغذائية للناس... فالاختيارات الغذائية تتشكل أو تتأثر في كثير من الأحيان بممارسات الإنتاج المحلية والعادات الثقافية».
وقالت الهيئة إنه من الممكن أن تكون الأرض مصدراً لغاز ثاني أكسيد الكربون، المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري، أو مصرفاً للتخلص منه، وإن تحسين إدارة الأراضي يمكن أن يسهم في معالجة التغير المناخي.
لكن هذا ليس الحل الوحيد، كما أن خفض الانبعاثات من جميع القطاعات ضروري لسرعة الحد من الاحتباس الحراري.
وقال التقرير إن «فرصة إجراء هذه التغييرات تتبدد بسرعة. وإذا ما كان هناك أي تأخير آخر في خفض الانبعاثات فستفوتنا فرصة الإدارة الناجحة للتحول المناخي في قطاع الأراضي».
ومنذ عصر ما قبل الثورة الاجتماعية ارتفعت حرارة الهواء على سطح الأرض بمقدار 1.53 درجة مئوية، أي بمثلي الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية البالغ 0.87 درجة، الأمر الذي تسبب في مزيد من موجات الحر والجفاف والأمطار الغزيرة، وكذلك تدهور حالة التربة والتصحر.
وقال التقرير إن الاستخدام البشري يؤثر تأثيراً مباشراً في أكثر من 70 في المائة من سطح الأرض في المناطق الخالية من الثلوج، وإن الزراعة تستهلك 70 في المائة من استخدامات المياه العذبة.
وكانت الزراعة واستغلال الغابات وغيرهما من أنشطة استخدام الأراضي مصدر 23 في المائة من صافي الانبعاثات الإجمالية من غازات الصوبة الزجاجية الناتجة عن نشاط بشري خلال الفترة من 2007 إلى 2016.
وترتفع هذه النسبة لما يصل إلى 37 في المائة عند إضافة أنشطة ما قبل الإنتاج وما بعده في النظام الغذائي. وفي العام الماضي، حذر أول تقرير خاص للهيئة الحكومية الدولية من أن قصر ارتفاع درجة حرارة الأرض على 1.5 درجة مئوية بدلاً من هدف درجتين مئويتين الوارد في اتفاقية باريس يستلزم تغييراً سريعاً في مختلف قطاعات المجتمع.
- الأمن الغذائي
حذرت الهيئة من حدوث المزيد من الاضطراب في السلاسل الغذائية العالمية في وقت تزداد فيه وتيرة الأحوال الجوية المتطرفة بسبب التغير المناخي، وقالت إنه يجب أخذ الثمن البيئي في الاعتبار فيما يتعلق بالغذاء.
ويتوقع التقرير زيادة متوسطة تبلغ 7.6 في المائة في أسعار الحبوب بحلول 2050، وهو ما يعني ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتزايد خطر الجوع.
وفي حين أن عدداً يقدراً بنحو 821 مليون إنسان يعانون من سوء التغذية، فإن العادات الاستهلاكية المتغيرة أسهمت بالفعل في وجود نحو ملياري شخص من البالغين يعانون إما من زيادة الوزن أو من السمنة. وقد زاد نصيب الفرد من إمدادات الزيوت النباتية واللحوم أكثر من مثليه بناء على البيانات المتاحة منذ 1961، لكن لا يزال الضياع أو الإهدار مصير نسبة تتراوح بين 25 و30 في المائة من الإنتاج الغذائي. وقد انخفضت غلّة محاصيل مثل الذرة والقمح في بعض المناطق، بينما ارتفعت غلة الذرة والقمح وبنجر (شوندر) السكر في مناطق أخرى في العقود الأخيرة.
- عامل الغابات
في حين أن بإمكان الغابات امتصاص غازات الاحتباس الحراري من الجو، فإن التصحُّر وتقلص مساحة الغابات بسبب النشاط البشري يمكن أن يزيدا من ارتفاع درجة الحرارة بسبب فقدان الغطاء النباتي وتآكل التربة.
كذلك فإن إجراءات لخفض الانبعاثات مثل إنتاج الوقود الحيوي والفحم الحيوي المصنوع من المخلفات الحيوية وكذلك زراعة الأشجار ستزيد الطلب على تحويل استخدامات الأرض.
وقال التقرير إن تقليل نشاط قطع أشجار الغابات وتدهور الغابات قد يؤدي إلى انخفاض في الانبعاثات بما يتراوح بين 0.4 و5.8 غيغاطن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
وفي بعض الأحيان يُطلق على غابات الأمازون التي تقع نحو 60 في المائة من مساحتها في البرازيل «رئتي العالم» بسبب الكمية التي يمكنها امتصاصها من ثاني أكسيد الكربون لكنها لم تُذكر مباشرة في الملخص الذي أعدته الهيئة الحكومية الدولية للمسؤولين صُنّاع السياسات.
وشارك في إعداد التقرير أكثر من 100 عالم لكن يتعين أن تعتمده الحكومات.


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.