روفس الصقر... وحماية سماء ويمبلدون من الحمائم

إيموجين ديفيس ابنة مدرب الصقور المسئول عن روفس الصقر (نيويورك تايمز)
إيموجين ديفيس ابنة مدرب الصقور المسئول عن روفس الصقر (نيويورك تايمز)
TT

روفس الصقر... وحماية سماء ويمبلدون من الحمائم

إيموجين ديفيس ابنة مدرب الصقور المسئول عن روفس الصقر (نيويورك تايمز)
إيموجين ديفيس ابنة مدرب الصقور المسئول عن روفس الصقر (نيويورك تايمز)

يخوض اللاعب روجر فيدرر بطولة ويمبلدون للتنس للمنافسة على لقب البطولة. إنه يرمي بالكرة، ويرفع عنقه ليتابعها، وفجأة تسقط على جبهته قطرة «ما» من إحدى الحمائم الطائرات في سماء الملاعب.
ومن حسن الحظ أن شيئاً كهذا لم يحدث من قبل، حتى الآن على الأقل، في أثناء إحدى المباريات المهمة، كما تسعفنا الذاكرة.
ولأجل ذلك، يمكن لمنطقة ويمبلدون، جنوب غربي لندن، أن تتوجه بالشكر إلى ذلك الطائر كستنائي اللون صاحب العيون الثاقبة، والجناحين بطول 4 أقدام، والمخالب الساحقة، وهو يُدعى «روفس» الصقر، ذلك الذي يلعب دوراً حيوياً ومهماً للغاية في أقدم بطولات رياضة التنس العالمية.
في كل يوم، في الصباح الباكر، وقبل مواعيد بدء المباريات، يحلق روفس الصقر في سماء نادي «أول إنغلاند»، بحثاً عن الحمائم.
ومن دون روفس الصقر، قد تدخل سماء ويمبلدون في حالة من الفوضى العارمة. فسوف ينتشر وجود الحمائم، ليس فقط في السماء، وإنما على العوارض الخشبية، وعلى أسطح المنازل، وعبر الملاعب العشبية الخضراء.
ويعتبر المكان هناك مثالياً بالنسبة للحمائم، كما يقول واين ديفيس، أحد مدربي روفس الصقر: «كل بذور الحشائش، والزوايا والأركان والشقوق كافة، ومخلفات الأطعمة التي يتركها المشجعون». ومن دون روفس، كما تابع ديفيس كلامه، سوف يتزايد أعداد الحمائم في السماء بالمئات.
واستطرد ديفيس يقول: «يتكاثر الحمام البري على مدار العام. وإن كان لديك زوج واحد يتكاثر على العوارض الخشبية في الملعب المركزي بالمدينة، فسوف ينتهي بك الأمر في نهاية العام بتوالد 40 فرداً من الحمائم. سوف تشاهد روجر فيدرر يواصل اللعب على الأرض مع الحمائم التي تسد عين الشمس في أفق السماء».
وتحولت أسراب الحمام إلى مشكلة متنامية في أواخر تسعينات القرن الماضي، وهي تعتبر تهديداً مباشراً للإتقان البارع الذي تنظم به مسابقات ويمبلدون قبل كل شيء. وكان ذلك عندما تواصل نادي «أول إنغلاند» مع واين ديفيس، وشركته المسماة «أفيان للاستشارات البيئية».
وأطلقت الشركة اثنين من الطيور للقيام بدوريات طيران في سماء ويمبلدون، ثم تولى روفس الصقر المهمة من بعدهما، حتى صار كمثل الأيقونة الإنجليزية المعروفة للجميع.
ومنذ الفجر حتى مغيب الشمس، يحلق الصقر الماهر ويرتفع كي ينقض مجدداً على فرائسه من الحمام، وهو لا يتعمد قتلهم، بل إنه يلاعبهم فقط، ينطلق من أعلى، ويلف دورته في السماء، وينقلب منقضاً، ضارباً على أجنحتهم، معلناً للجميع أن سماء ويمبلدون تحت حمايته!
يقول واين ديفيس: «علمت الحمائم أنه يسيطر على الأجواء. وباستثناء بعض الحمائم العنيدة، توقف ظهور كثير منهم، كما كانوا يفعلون من قبل؛ إنه يخيفهم فلا يقتربون من الأجواء فحسب».
كان من شأن روفس أن يكون طائراً مفترساً مخيفاً في الغابات والبرية. ورغم أنه لا يزيد وزنه على رطل واحد و6 أوقيات، فإنه يظهر في هيئة كبيرة للغاية، مع فعاليته الأكيدة عبر خفقان أجنحته العريضة.
ويمكن لروفس الصقر أن يمد مخالبه بطول أصابع أيدي الإنسان، وهو يملك مقدرة على الرؤية والإبصار تفوق بعشر أضعاف مقدرة البشر، ويمكنه التركيز على حمامة تطير على بعد ميل كامل.
ويطعمه ديفيس وابنته (إيموجين) بأيديهم لأنه من المهم الحفاظ على وزنه، فهو يزن أقل من رطل ونصف الرطل، وربما يشعر بالجوع في أثناء الطيران، فيتجه لالتهام إحدى الحمائم لغدائه، ويكون ذلك أمام المقصورة الملكية في المباريات!
ولقد دربوه على المجيء فور الاستماع للصفير، وهو ينفذ ذلك في أغلب الأحيان. وفي إحدى المناسبات، قبل 3 سنوات، اضطرت إيموجين ديفيس لملاحقة الصقر روفس في ملعب غولف قريب. ولقد انطلق مرة أخرى، ثم عبر الطريق، واختفى عن الأنظار، وما كان منها إلا أن تابعت صوت الجرس البرونزي الصغير المعلق بأحد مخالبه، ثم عثرت عليه أخيراً في وسط بركة مائية، واقفاً على حزمة من الأعشاب، حائماً فوق بطة قد فارقت الحياة لتوها. ولم تكن إيموجين لتسمح له بتناولها، فإن امتلاء بطنه على آخرها يعني عدم عودته إلى المنزل حتى يشعر بالجوع مرة أخرى.
فما كان منها إلا أن خاضت بقدميها في وحل البركة حتى غطت المياه وسطها. وعندما عادت إلى ويمبلدون، مرت بحشود المشجعين الذين جاءوا لمتابعة مباريات التنس النهائية وهي تمسك بالصقر روفس بكلتا يديها.
وذات مرة، اختفى روفس تماماً بين عشية وضحاها.
كان ديفيس قد تركه في سيارة العائلة المتوقفة خارج الشقة التي يستأجرونها في أثناء البطولات. ووضعه ديفيس في القفص الأسود الذي يعتبر غرفة نومه، ثم فتح نافذة السيارة ليسمح له بالتنفس. وفي الصباح، اكتشف اختفاء روفس وقفصه.
شخص ما قد اقتحم السيارة وسرقه.
تقول إيموجين ديفيس: «كاد قلبي أن يتوقف»، كانت العائلة قد ابتاعت روفس من أحد مربي الصقور عندما كان يبلغ من العمر 16 أسبوعاً، وصار من وقتها فرداً من أفراد الأسرة. وأضافت إيموجين تقول: «لقد كانت حادثة مفجعة، وبكيت لأجل فقدانه كثيراً».
وبحلول ذلك الوقت، كان روفس يحظى بمكانة مرموقة، لدرجة وجود حساب على «تويتر» باسمه. ومن ثم، كانت سرقة روفس الصقر تتصدر عناوين الأخبار. وقالت الشرطة إنها تتوقع اتصال شخص ما مطالباً بفدية لاسترجاع الصقر.
وبعد مرور 3 أيام، اتصل شخص من كشك هاتفي في الشارع بالجمعية الملكية لمكافحة القسوة ضد الحيوانات، ولا يعلم أحد ما الذي حدث على وجه التحديد، ربما حاول روفس الفرار من أحد صيادي الطيور، أو ربما قرروا التخلي عنه بعد اصطياده؛ خلاصة الأمر أنه شوهد في إحدى الحدائق.
وتمكنت الجمعية الملكية الخيرية من التقاطه، ثم عاد روفس إلى العمل مجدداً، ولم يفوت يوماً من العمل منذ عودته.
قالت إيموجين ديفيس إنها تعلمت دروساً مهمة من روفس الصقر. مثالاً: ذات يوم، قرر الطيران إلى العوارض الخشبية في الملعب المركزي بالمدينة، واستقر هناك. وبعد مرور ساعتين، ثم 5 ساعات، ثم 10 ساعات، كان لا يزال في مكانه لا يتحرك. تقول إيموجين: «من حسن الحظ أن ذلك لم يحدث خلال البطولة الفعلية»، في إشارة إلى أن روفس يحلق في سماء ويمبلدون على مدار العام. فما كان من إيموجين ووالدتها إلا أن قضيا الليلة الباردة قبالة الملعب المركزي لمراقبة الصقر.
وقالت إيموجين: «لم نتمكن من النوم في المقصورة الملكية. لم نتمكن من النوم ليلتها أبداً».
وفي اليوم التالي، هبط روفس الصقر. وكان الدرس الذي تعلمته إيموجين أن الصقر لا يثير حفيظته شيء على الإطلاق، فهو يفعل الشيء المناسب في الوقت المناسب، وفق تقديره الذاتي.
وقالت إيموجين ديفيس رداً على سؤال: هل سبق للصقر أن طار واستقر على العوارض الخشبية للملعب المركزي في أثناء المباريات؟ «أبدا. ولكن إن فعل ذلك، فسوف يظل واقفاً عليها غير عابئ بأحد على الإطلاق، ولسان حاله يقول: أنا روفس الصقر، ولا أعرف من هو روجر فيدرر هذا الذي تتحدثون عنه!».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«القدية ماسترز» موطن جديد لبطولات التنس من فئة «ألف نقطة» عام 2027

رياضة سعودية مشروع القدية سيحتضن منافسات الماسترز الألف نقطة لأولى مرة في تاريخ المنطقة (مشروع القدية)

«القدية ماسترز» موطن جديد لبطولات التنس من فئة «ألف نقطة» عام 2027

أبلغت مصادر مطلعة «الشرق الأوسط» أن الاتفاق مع اتحاد «إيه تي بي» لمحترفي التنس تم على إقامة بطولة «القدية ماسترز»، بدءاً من شهر فبراير (شباط) عام 2027.

عبد العزيز الغيامة (الرياض )
رياضة عالمية نادال (أ.ب)

نادال قد يغيب عن مباريات الفردي في ظهوره الأخير بكأس ديفيز

قال رافاييل نادال إنه قد يغيب عن مباريات الفردي في نهائيات كأس ديفيز للتنس المقررة في ملقة هذا الأسبوع ويكتفي بمنافسات الزوجي.

«الشرق الأوسط» (ملقة)
رياضة عالمية لحظة تتويج كوكو غوف بكأس الجولة الختامية في السعودية لـ«رابطة محترفات التنس»... (رويترز)

«نهائيات الرياض»... إحدى أنجح بطولات «لاعبات التنس المحترفات» منذ سنوات

بعد مباراة مثيرة، فازت الأميركية كوكو غوف على نظيرتها الصينية تشينغ كينوين بالشوط الفاصل أمام جمهور حماسي في العاصمة الرياض، السبت، ضمن منافسات الجولة الختامية.

The Athletic (الرياض)
رياضة عالمية غوف خلال تتويجها أمس (أ.ب)

غوف تكسب التحدي بتجاوز الصعاب في البطولة الختامية للتنس

مرت الأميركية كوكو غوف بصيف مخيب للآمال لكنها تمكنت السبت من الاحتفال بأول لقب لها في البطولة الختامية لموسم تنس السيدات بالرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عالمية كينوين لاقت تشجيعاً كبيراً في المباراة (رويترز)

نهائيات الرياض: كينوين تلحق بسابالينكا وغوف إلى نصف النهائي

لحقت الصينية تشينغ كينوين، المصنفة سابعة عالمياً، بالبيلاروسية أرينا سابالينكا والأميركية كوكو غوف إلى نصف نهائي دورة «دبليو تي إيه» الختامية في كرة المضرب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.