الكافيين وتأثيراته الصحية... جدل علمي متواصل

تساؤلات حول علاقته بالقلب والحياة الجنسية والتمارين الرياضية

الكافيين وتأثيراته الصحية... جدل علمي متواصل
TT

الكافيين وتأثيراته الصحية... جدل علمي متواصل

الكافيين وتأثيراته الصحية... جدل علمي متواصل

ما هو آخر ما أشار به العلم حول علاقة الكافيين بالقلب، والذاكرة، والحياة الجنسية، وأداء التمارين الرياضية؟
يحب الأميركيون الكافيين حبا جما، وفي المتوسط هناك 80 في المائة من البالغين في الولايات المتحدة يتناولون شكلا من أشكال الكافيين بصورة أو بأخرى وبصفة يومية، وذلك وفقا لبيانات إدارة الغذاء والدواء الأميركية، ويكون مصدر ذلك في المعتاد مشروبات القهوة، والشاي، والمياه الغازية، أو مشروبات الطاقة.

تأثير محفّز
ولكن هل لكل ذلك المحتوى من الكافيين من تأثير على الصحة - سواء كان بالسلب أو بالإيجاب؟ يقول الدكتور ستيفن جوراشيك، اختصاصي الأمراض الباطنية لدى مركز بيت إسرائيل الطبي الملحق بجامعة هارفارد: «بينما يمكن للكافيين أن يمنحك دفعة عقلية وبدنية مؤقتة، إلا أن تأثيره الحقيقي يعتمد على المقدار الذي تتناوله منه، ومصدره، في المقام الأول».
ويعتبر الكافيين من المحفزات الطبيعية. ويمتد تأثيره الرئيسي على الجهاز العصبي المركزي، حيث يمكنه زيادة مستويات اليقظة وتوفير الدعم المطلوب في حالات الإنهاك. ويضيف الدكتور جوراشيك قائلا: «هذا هو السبب في زيادة النشاط لدى بعض الناس بعد تناول كوب من القهوة، في حين أن البعض الآخر يتناولون عدة أكواب ولا يشعرون بتغيير يذكر. ومن الممكن أيضا أن يتكيف الجسم مع كيفية تفاعله مع الكافيين مع زيادة المحتوى المستهلك منه». وهذا التباين هو الذي يجعل من تحديد التأثير الحقيقي للكافيين على الصحة من المعضلات العلمية.

نتائج علمية
ومع ذلك، خلص العلم إلى بعض النتائج المثيرة للاهتمام، وعلى سبيل المثال:
> القلب. من شأن الجرعات المرتفعة من الكافيين أن تزيد من معدل ضربات القلب وضغط الدم، الأمر الذي يشكل خطرا على بعض الناس المصابين بأمراض القلب. ومع ذلك، فإن الاستهلاك المنتظم للكافيين لا يسبب خللا في إيقاع عمل القلب بدرجة كافية تسفر عن خطورة حقيقية من عدم انتظام ضربات القلب المعروف علميا باسم «الرجفان الأذيني» atrial fibrillation، وفقا لدراسة أجريت في يناير (كانون الثاني) عام 2016 ونشرتها دورية جمعية القلب الأميركية.
> الذاكرة. تشير بعض الأبحاث إلى مقدرة الكافيين على الحماية من أمراض الخرف، بما في ذلك الزهايمر. وفي دراسة رصدية أجريت في 14 ديسمبر (كانون الأول) عام 2016 ونشرت في دورية أمراض الشيخوخة: خلص الباحثون إلى أن البالغين من سن 65 عاما وأكبر من الذين يتناولون متوسط 261 مليغراما من الكافيين يوميا (وهو مقدار 2 إلى 3 أكواب من القهوة، كل كوب منها بسعة 8 أونصات (الأونصة تساوي 29 مليلترا تقريبا، وسعة كوب من 8 أونصات، تبلغ نحو 230 مليلترا) ولمدة 10 سنوات كاملة، أفادوا بالإصابة بأعراض طفيفة من الخرف مقارنة بأولئك الذين استهلكوا متوسط 64 مليغراما من الكافيين فقط يوميا لنفس المدة (وهو مقدار أكثر بقليل من نصف كوب من القهوة).
ومع ذلك، فمن غير المفهوم ما إذا كان الكافيين نفسه، أو غيره من العناصر الغذائية الأخرى في القهوة مثل مضادات الأكسدة أو بعض المركبات، هي المسؤولة عن تلك النتيجة.

القهوة والجنس
> وظيفة الانتصاب. التناول المنتظم للكافيين قد يحسن من ضعف الانتصاب لدى الرجال، كما تشير إحدى الدراسات المنشورة في عام 2015 في دورية «بلوس وان». وقارن الباحثون الجرعة اليومية للكافيين مع معدلات الانتصاب لدى الرجال الذين شاركوا في الدراسة الوطنية الاستقصائية لفحوصات الصحة والتغذية National Health and Nutrition Examination Survey. وخلص الباحثون إلى أن أولئك الذين تناولوا الكافيين بمعدل 2 إلى 3 أكواب من القهوة يوميا كانوا أقل عرضة بنسبة 42 في المائة للإبلاغ عن ضعف الانتصاب مقارنة بآخرين ممن تناولوا كميات أقل من الكافيين، وأن التأثير يظهر كذلك حتى على الرجال الذين كانوا يعانون من زيادة الوزن أو ارتفاع ضغط الدم.
وقد تكون الصلة المذكورة مرتبطة بمقدرة الكافيين على زيادة تدفق الدم إلى الأطراف، غير أن إثبات هذه النتيجة يحتاج إلى إجراء المزيد من البحوث والدراسات.
> التمارين الرياضية. خلص الكثير من الدراسات إلى أن دفقة الكافيين في الجسم قد تحسن من قوة التحمل الرياضية وتقلل من الإجهاد.
وتتراوح كميات الكافيين التي خضعت للدراسة في أغلب الأحيان بين 225 إلى 660 مليغراما، والتي يتم تناولها قبل ساعة من بدء التمارين.
ومع ذلك، فإن الكثير من الأبحاث التي شملت الرياضيين رفيعي المستوى، ونوع التمارين الممارسة تميل إلى الاختلاف كما يقول الدكتور جوارشيك، ومن غير الواضح تماما كيف يساعد الكافيين الشخص العادي الذي يمارس التمارين الرياضية. ويقول الدكتور جوارشيك: «استهلاك بعض الكافيين قبل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية قد يفيد البعض وليس الجميع.
ولن تضر المحاولة في شيء، ولكن تحريا للواقعية ربما لن يسفر الأمر عن تأثير كبير على النتائج الخاصة بك».

مراقبة الجرعة اليومية
بوجه عام، وبالنسبة إلى أغلب الناس، لا يشكل استهلاك الكافيين خطرا صحيا كبيرا إذا كانت الكميات المتناولة آمنة، كما يقول الدكتور جوراشيك.
> جرعة الكافيين. الأشخاص الذين لم يُصابوا من قبل بالنوبات القلبية أو الذين يحافظون على معدل ضغط الدم بشكل جيد لا ينبغي عليهم استهلاك أكثر من 400 مليغرام من الكافيين يوميا، وهي الكمية الموجودة في 4 أكواب من القهوة أو نحو 10 أكواب من الشاي الداكن.
ويقول الدكتور جوراشيك: «تعتبر هذه الكمية آمنة ولا ترتبط بأي تأثيرات طويلة الأمد على ضغط الدم أو النوبات القلبية أو السكتات الدماغية». ومع ذلك، إن تعرض الشخص لنوبة قلبية أو تم تشخيص حالته بأحد أمراض القلب، ينبغي تخفيض جرعة الكافيين إلى النصف يوميا كما يقول الدكتور جوراشيك.
> مصدر الكافيين. كما أن مصدر الحصول على الكافيين مهم كذلك. والقهوة والشاي من المصادر الممتازة نظرا لأنهما يحتويان أيضا على مضادات الأكسدة المقاومة للأمراض، ولكن ينبغي تجنب إضافة الكثير من الكريمة والسكر إلى القهوة أو الشاي اللذين يزيدان من معدل السعرات الحرارية والدهون.
كما يُنصح بتجنب تناول المشروبات الغازية، أو على الأقل تخفيض المحتوى المستهلك منها، لأنها تحتوي غالبا على مستويات مرتفعة من الكافيين في الجرعة الواحدة، كما يكثر مقدار السكر الموجود فيها، فضلا عن الإضافات غير الصحية الأخرى.

تجنّب مشروبات الطاقة
> أظهرت بعض الأبحاث أن مشروبات الطاقة الشهيرة قد تسبب صدمة خطيرة للجهاز القلبي الوعائي في الجسم.
وأشارت دراسة صغيرة أجريت بتاريخ 26 أبريل (نيسان) عام 2017 إلى أن الأشخاص الأصحاء الذين تناولوا 32 أونصة من مشروبات الطاقة التي تحتوي على 320 مليغراما من الكافيين و108 مليغرامات من السكر كانوا أكثر عرضة لظهور تخطيط كهربائي غير اعتيادي للقلب بعد مرور ساعتين، وارتفع لديهم ضغط الدم بعد مرور ست ساعات كاملة.

- رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا».



3.4 مليون مريض سنوياً بسبب المشروبات السكرية

المشروبات المحلاة بالسكر تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم (جامعة تافتس)
المشروبات المحلاة بالسكر تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم (جامعة تافتس)
TT

3.4 مليون مريض سنوياً بسبب المشروبات السكرية

المشروبات المحلاة بالسكر تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم (جامعة تافتس)
المشروبات المحلاة بالسكر تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم (جامعة تافتس)

كشفت دراسة أميركية حديثة عن أن استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر يتسبب في 3.4 مليون حالة جديدة سنوياً من مرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب على مستوى العالم.

وأوضح الباحثون من جامعة تافتس أن الدول النامية، مثل منطقة أفريقيا جنوب الصحراء والمكسيك وكولومبيا، تتحمل العبء الأكبر من هذا التأثير، ونشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Nature Medicine).

تُعرف المشروبات المحلاة بالسكر بأنها تلك التي تحتوي على سكريات مضافة تُستخدم لتحسين الطعم، مثل الصودا، والعصائر المصنعة، ومشروبات الطاقة، وبعض المشروبات الرياضية.

واعتمدت الدراسة على تحليل شامل لبيانات عالمية حول استهلاك هذه المشروبات وتأثيرها على الصحة العامة، باستخدام نماذج إحصائية متقدمة لتقدير نسبة حالات السكري وأمراض القلب المرتبطة بها.

وأظهرت النتائج أن استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر يؤدي إلى 2.2 مليون حالة جديدة من السكري من النوع الثاني و1.2 مليون حالة جديدة من أمراض القلب سنوياً على مستوى العالم.

وتُعد الدول النامية الأكثر تأثراً؛ حيث تسبب استهلاك المشروبات السكرية في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء في أكثر من 21 في المائة من جميع حالات السكري الجديدة. وفي أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، أسهمت هذه المشروبات فيما يقرب من 24 في المائة من حالات السكري الجديدة و11 في المائة من حالات أمراض القلب.

وكشفت الدراسة أيضاً عن أمثلة بارزة لتأثير هذه المشروبات، مثل كولومبيا؛ حيث يعود أكثر من 48 في المائة من حالات السكري الجديدة إلى استهلاك المشروبات السكرية. وفي المكسيك، يُعزى ثلث حالات السكري الجديدة إلى هذه المشروبات، بينما في جنوب أفريقيا تُسهم بنسبة 27.6 في المائة من حالات السكري و14.6 في المائة من حالات أمراض القلب الجديدة.

وأوضح الباحثون أن المشروبات المحلاة بالسكر تُهضم بسرعة في الجسم، مما يؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في مستويات السكر في الدم دون تقديم أي قيمة غذائية تُذكر.

وأشاروا إلى أن الاستهلاك المستمر لهذه المشروبات يؤدي إلى زيادة الوزن، ومقاومة الإنسولين، ومشكلات أيضية تزيد من خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب، وهما من الأسباب الرئيسية للوفيات عالمياً.

وأوصى الباحثون بضرورة تطبيق سياسات شاملة للحد من استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر، تشمل حملات التوعية الصحية، وتنظيم الإعلانات، وفرض ضرائب على هذه المشروبات.

وقال الدكتور داريوش مزافاريان، الباحث الرئيسي للدراسة من جامعة تافتس: «تُسوّق المشروبات المحلاة بالسكر بشكل مكثف في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، مما يؤدي لتفاقم معاناة هذه المجتمعات التي غالباً ما تفتقر إلى الموارد اللازمة لمواجهة العواقب الصحية طويلة الأجل».

وأضاف، عبر موقع الجامعة، أن «هناك حاجة مُلحة لمواجهة هذه الظاهرة بشكل جاد، لا سيما في مناطق مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا؛ حيث يظل الاستهلاك مرتفعاً وتكون العواقب الصحية وخيمة».