لم يعد غريباً على القارئ الكريم إدراكه التام سعي النظام الإيراني الحثيث للنيل من المملكة العربية السعودية بكل الأدوات والوسائل، رغبة في تحقيق وهْم ريادة العالم الإسلامي وفق منظور «نظرية أم القرى» وانبراء إيران كأنها القادرة على قيادة العالم الإسلامي. إنه لحق مشروع أن يكون للدول الإسلامية، لا سيما الإقليمية منها، دور تضطلع به للمساهمة في تدعيم العالم الإسلامي بما يحقق التنمية والازدهار للشعوب الإسلامية، ولكن كيف لنا أن نرى ذلك الدور القادم من إيران في ظل سياسة النظام الإيراني الحالي، والذي أضاف مجدداً أدلة على البُعد الحقيقي لتوجهات النظام الإيراني ومنظوره تجاه المملكة العربية السعودية، فجاء المنظور الجديد للمرشد الإيراني علي خامنئي لمن وصفهم بـ«مجاهدي الإسلام» ودورهم القريب جداً، كما يقول، في السعودية؟
يتساءل القارئ عن فحوى «مجاهدي الإسلام» وفق التفصيلة الخامنئية، وتأتي الإجابة في السطور التالية:
مع بداية السنة الإيرانية التي تصادف 21 مارس (آذار) من كل عام، يطلّ المرشد الإيراني علي خامنئي للحديث عن قضايا عدة، ودفعته الظروف الراهنة التي يمر بها الشعب الإيراني بعد إعادة فرض العقوبات وتراجع صادرات النفط الإيرانية إلى النصف، للاعتراف بالأضرار التي خلفتها تلك العقوبات رغم حالة الإنكار التي تشرّبها جسد النظام الإيراني، وكذلك العودة من جديد إلى رفع شعار لهذا العام كباقي السنوات الثلاث الماضية، واضعاً نصب عينيه الاقتصاد وتنمية الاقتصاد المحلي... شعارات لم تستطع أن تلاقي خطوات ملموسة تساهم في رفع معاناة الشعب الإيراني.
وماذا بعد أيها المرشد؟ هل من خطوات حقيقية ليستطيع الشعب الإيراني أن يعيش حياة كريمة؟ يبدو أن المرشد على وشك أن يتخذ خطوات لتعود إيران «دولة طبيعية» بدلاً من «ثورة»! ها هو المرشد على وشك أن يصرح؛ لنستمع... المرشد الإيراني: لا يوجد أسوأ من النظام السعودي في المنطقة، ولا حتى في العالم.
خامنئي، ومن جديد، يصبّ جام غضبه على المملكة العربية السعودية بدلاً من الالتفات لمطالب الشعب الإيراني. واستمع جيداً يا من يهمك أمن وطنك وعمقه الخليجي والعربي، يقول خامنئي: الدول الأوروبية توفر الإمكانات النووية وتبني مفاعلاً نووياً للسعودية ومراكز لإنتاج الصواريخ، ولكن لا مشكلة في ذلك، لأنني أعلم أن السعودية ستقع في أيدي «مجاهدي الإسلام» قريباً.
ومن هم «مجاهدو الإسلام» الذين يشير إليهم خامنئي؟ يتساءل أحد القراء. هم أولئك الذين قال عنهم المرشد الإيراني بعد توقيع الاتفاق النووي: «إننا لن نتخلى عن حلفائنا وأصدقائنا في المنطقة». «مجاهدو الإسلام» من منظور المرشد الإيراني هم من يأتون على شاكلة «حزب الله» والحوثيين، الذين، وفق وصف خامنئي، لا ينتج منهم سوى شروخ في مجتمعاتهم، وينتقلون من الهُوية الوطنية إلى الهُوية العابرة للحدود، لتتحقق باستغلالهم وتوظيفهم الريادة الإسلامية المنشودة للنظام الإيراني للعالم الإسلامي والوصول إلى «نظرية أم القرى».
وإلى من يهمه أمن وطنه وعمقه الاستراتيجي الخليجي والعربي، هل تتوقع أن الإضرار بالسعودية مطلب يُنهي تطلعات النظام الإيراني إلى النفوذ في المنطقة، أم إنه نقطة الانطلاقة الرئيسية والعقدة التي يريد هذا النظام التخلص منها للتمدد لاحقاً إلى البقية؟
هل من متعظ؟
TT
«مجاهدو الإسلام» وفق القراءة الخامنئية
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة