عطر واحد لا يكفي لاختزال تاريخ «سالفاتوري فيراغامو» وإرثه

فنجان قهوة مع لوتشيانو بيرتيليني الرئيس التنفيذي للدار

منطقة توسكاني كانت النقطة التي انطلق منها العطارون السبعة  -  لوتشيانو بيرتيليني
منطقة توسكاني كانت النقطة التي انطلق منها العطارون السبعة - لوتشيانو بيرتيليني
TT

عطر واحد لا يكفي لاختزال تاريخ «سالفاتوري فيراغامو» وإرثه

منطقة توسكاني كانت النقطة التي انطلق منها العطارون السبعة  -  لوتشيانو بيرتيليني
منطقة توسكاني كانت النقطة التي انطلق منها العطارون السبعة - لوتشيانو بيرتيليني

جرت العادة أن تطرح شركات العطور، وبيوت الأزياء، عطرا واحدا في كل موسم، بل منها ما يتعمد عدم تقديم أي جديد إلا بعد سنوات للإبقاء على العطر السابق أطول فترة ممكنة. دار «سالفاتوري فيراغامو» في المقابل كسرت هذه القاعدة وقدمت في فلورنسا مجموعة مكونة من 11 عطرا. السبب برأي رئيسها التنفيذي، لوتشيانو بيرتيليني «أننا أردنا أن يحكي كل عطر قصة بلون مختلف». باللون كان يقصد تاريخ الدار مع الأحذية التي كان المؤسس أول من أدخل عليها خامات غريبة وألوانا متنوعة حتى قبل أن تروج هذه الموجة في السنوات الأخيرة بين مصممين شباب. لكنه لم يُخف أيضا أهمية العطور لأي بيت أزياء من الناحية التجارية، الأمر الذي يجعلها مجالا لا يمكن تجاهله «فأي علامة لها قصة أو إرث، تريد أن تسلط الضوء عليهما، وبحكم تاريخنا الطويل، فإننا لا نفتقد إلى قصص رائعة توارثناها عبر الأجيال وتُخول لنا أن ننسج مزيدا منها. من هذا المنظور كان دخولنا صناعة العطور بقوة خطوة طبيعية».
لا يختلف اثنان على أن صناعة العطور أصبحت ميدانا واسعا ومهما، من شأنه أن يدر على بيوت الأزياء المصنعة لها أرباحا لا يستهان بها، فضلا عن وضع اسمها في الواجهة. فمن لا يستطيع شراء قطعة إكسسوارات أو أزياء بآلاف الجنيهات، فبمقدوره شراء قنينة عطر تمنحه السعادة وشعورا بالانتماء إلى نادي النخبة. المشكلة التي تعاني منها صناعة العطور في السنوات الأخيرة أن عملية إنتاجها أصبحت تحكمها توجهات الموضة الموسمية؛ الأمر الذي يستدعي السرعة وأحيانا التكرار. وهذا ما يريد لوتشيانو تجنبه، مؤكدا أن استراتيجية الدار «أن نبقى أوفياء للتقاليد والأصل، وأن نركز على مفهوم (صنع في إيطاليا) حتى نحافظ على الاستمرارية وعلى جودة الخلاصات والتفاصيل الدقيقة».
رغم العدد؛ 11 عطرا، فإن ما يشفع للمجموعة أن ارتكازها على توسكاني ربط بينها. ويشرح لوتشيانو أنها بوصفها منطقة، تعد رمزا من الرموز الإيطالية في العالم أجمع، إضافة إلى أنها كانت ولا تزال مصدر إلهام لدار «سالفاتوري فيراغامو» بحكم أن فلورنسا هي المدينة التي اختارها السيد فيراغامو عندما أسس شركته في بداية القرن الماضي. لم يكن دافعه أنها تتوفر على حرفيين مهرة في هذا المجال فحسب؛ بل لشعوره حينها أن بيئتها التي تعبق بالجمال والفن والتاريخ، يمكن أن تكون مصدر إلهام له، تمنح ابتكاراته مزيدا من الحيوية والديناميكية. كان قراره صائبا، لأن تأثيرها الفني كان واضحا على أعماله؛ فأغلب الأحذية التي ابتكرها، إن لم نقل كلها، كانت مطبوعة بالفنية والعملية، كما يؤكد متحف الدار الواقع في فلورنسا. وكان من الطبيعي أن يلفت حينذاك اهتمام نجمات ونجوم هوليوود. كان قادرا على تشريح القدم من جهة؛ وعلى ابتكار تصاميم أنيقة، وأحيانا ثورية بخاماتها وأشكالها، من جهة ثانية.
مع الوقت، أصبحت توسكاني تُمثل بالنسبة لدار فيراغامو ما تُمثله مدينة غراس الفرنسية لدار «شانيل». فهي مضمارها الذي تجول وتصول فيه بثقة.
وهذا ما أكده لوتشيانو بقوله إن توجيهات الدار للعطارين السبعة كانت واضحة؛ تتلخص في أن يضعوا توسكاني نصب أعينهم وهم يختارون المكونات ويمزجونها بعضها ببعض.
لم يكن العدد، أو الكم، الهدف؛ بقدر ما كان تلميع صورة الدار وتسليط الضوء عليها «ووضعها في مكانها الصحيح بالنظر إلى إرثها العريق وتاريخها الطويل في صناعة الترف». باستثناء عطر «ريناشيمانتو»، لم يكن باقي العطور الستة جديداً. فبعد أن طُرحت في السابق على أنها ماء عطور خفيفة، أعيد ابتكارها وصياغتها هذه المرة بإدخال مكونات جديدة أضفت عليها جرعة قوية من الفخامة. طبعا ساعد على هذا أن كل العطارين يتمتعون بخبرة ورغبة في التميز.
ويلفت كل واحد منهم، عند الحديث معهم، إلى أن عطورهم ليست عن الرائحة أو الخلاصات فحسب؛ بل أيضا عن أسمائها وألوانها. فبما أن الهدف كان ربطها بالدار أولا والمنطقة ثانيا، فقد عدّوا أن الألوان والمكونات المحلية لا تنفصل عن هذه المنظومة. من هذا المنظور، كان من البديهي أن يتميز كل واحد منها بلون خاص، يتباين بين الوردي والأخضر والبرتقالي والبنفسجي... وغيرها من الألوان التي لا يضاهيها تنوعاً سوى أسمائها ذات الدلالات الإيطالية القوية، من «فانديميا» أي الحصاد، و«كونفيفيو» أي الوليمة، و«لاكورتي» المحكمة، إلى «كاليمالا»، و«تيستا دي مورو» أي البني الداكن، وباقي الأسماء التي ترتبط بشكل أو بآخر بالثقافة الإيطالية عموما والتوسكانية خصوصا، مثل «بونتا ألا»، و«فيولا إيسانزيالي»، و«لاكوميديا»، و«بيانكو دي كارارا»، و«تيرا روسا»، وأخيرا وليس آخرا «ريناشيمانتو» أي النهضة.
ويعد هذا الأخير العطر الوحيد الجديد في المجموعة؛ أبدعه العطار الأميركي الشاب أليكس لي، الذي صرح بأن أول ما قفز إلى ذهنه عندما استمتع إلى اقتراحات وتوجيهات الدار؛ اللون الأخضر. لم تفارقه صورته، فكلما أغمض عينيه للتفكير، ألح عليه أكثر، وهو ما تجلى في العطر والقارورة بعد عدة أشهر. وأشار العطار الشاب إلى أن طريقته في ابتكار أي عطر تبدأ دائما برسم صورته في خياله؛ قبل أن يبدأ في ترجمته على أرض الواقع بالبحث ثم مزج المكونات. ويتابع: «من الأشياء التي تعلمتها خلال دراستي، أنه من الضروري أن يتضمن أي عطر عنصرين مهمين؛ الأول: أن يكون فريدا من نوعه، بحيث يمكن التعرف عليه من النظرة الأولى، والثاني أن يُخلف أثرا لا يُنسى. لهذا كان هدفي أن أضمن توفر هذين العنصرين في عطر يفرض نفسه على الذوق العالمي بقوته وشكله وأيضا بتفرده». الأدوات التي اعتمد عليها للوصول إلى هدفه كانت باقة من المكونات الفلورنسية مثل زهرة مسك الروم والقزحية والزنبق، إلى جانب المندرين الإيطالي والفلفل الأخضر والريحان مع رشة خفيفة من خشب الصندل والفيتفير. يعترف بأن البداية كانت سهلة لأنه شعر بأن الجمع بين زهرة مسك الروم والقزحية أساسي لمنح العطر شخصيته. المشكلة كانت في بقية المكونات. فكيف له أن يمزج الأخشاب بالورود ويُزاوج بينها بتناغم؟ لم يكن الأمر سهلا واستغرق منه عدة أشهر قبل أن يتوصل إلى الوصفة الأخيرة التي جعلته يرضى عنها. مثل باقي العطارين المشاركين في هذا المشروع، أنيطت بأليكس لي مهمة ابتكار عطر واحد، صب فيه كل ما يتمتع به من خيال وقدرات كيميائية. باقي العطارين استلهموا إما من تراب توسكاني، أو رائحة الرخام والمرمر؛ بل وحتى من رائحة المسارح الكبيرة التي تحتضن حفلات الأوبرا والكوميديا. لم يكن الأمر سهلا؛ لكنه كان «تحديا لذيذا» بحسب اعترافهم.
في المقابل، كان العطار فابريس بيليغرين، من شركة «فيرمنيش» الفرنسية الوحيد الذي أنيطت به مسؤولية ابتكار 5 عطور مرة واحدة. كان فخورا ومعتدا بنفسه وهو يشرح الخطوات التي اتبعها في جعل كل واحد يختلف عن الثاني. يقول إنه استلهم اثنان منها، «فانديميا» و«كونفيفيو»، من موسم حصاد العنب في توسكاني، بينما اعتمد في عطر «لاكورتي» على نوعين من الياسمين وحليب اللوز والفانيلا، بينما جعل عطر «كاليمالا» غنيا بالأخشاب الثمينة، و«تيستا دي مورو» بخلاصات البخور والزعفران والباتشولي وخشب الصندل. كلها عناصر من شأنها أن تدغدغ الحواس وتجذب زبائن من كل أنحاء العالم، وإن كانت الدار تُعول على أسواق الشرق الأوسط والصين والولايات المتحدة، بالنظر إلى عشقها للعطور.
وما يُحسب للمجموعة أنها، رغم العدد وباعتراف الدار بأنها تريد من ورائها تلميع صورتها وضمان البقاء في الصدارة، تتبع تقليدا جديدا بات مرادفا لصناعة العطور المتخصصة، يتلخص في احترام التقاليد والاعتماد على إرث قديم مقارنة بشركات عالمية تعتمد على الحملات الترويجية الضخمة. ما توصلت إليه الدار أنها عندما تنسج قصة متكاملة؛ شكلا ومضمونا، فإنها تنجح في إثارة الانتباه ولا تحتاج إلى مؤثرات أو وجوه شهيرة لتسويقها.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.