يطالعنا علماء الآثار يومياً بنظريات واكتشافات جديدة حول أسرار بناء أهرامات الجيزة في مصر، وعلى الرغم من مرور سنوات من البحث والتنقيب والنظريات التي ذهب بعضها بعيدا إلى حد الادعاء بأن سكان الفضاء هم من بنوا الأهرامات، فإنه حتى الآن لم يُكشف غموض هندسة بنائها، خصوصا الهرم الأكبر «خوفو» الذي لم تكشف كل أسراره حتى الآن.
الدكتور محمد عبد المقصود، رئيس قطاع الآثار المصرية السابق في وزارة الآثار، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الأهرامات ما زالت تحوي كثيرا من الأسرار التي لم تُكتشف بعد»، مشيرا إلى أن «هذه الأسرار تتعلق بهندسة بنائه، ولذلك فإن الكلمة هنا لعلماء الهندسة وليس الآثار».
وقبل نحو عامين بدأ فريق من علماء الهندسة من مصر واليابان وفرنسا أبحاثا لكشف أسرار بناء الأهرامات باستخدام تكنولوجيا جزيئات «الميون»، التي استطاعوا من خلالها اكتشاف وجود فراغ كبير داخل الهرم الأكبر «خوفو»، وأُعلن عن هذا الاكتشاف منذ عام، لكن الأبحاث لا تزال مستمرة لمعرفة سبب وجود هذا الفراغ.
من جانبه، قال الدكتور هاني هلال، وزير التعليم العالي الأسبق، والمنسق العام لمشروع استكشاف الأهرامات، إن «الفريق العلمي لا يزال مستمرا في العمل باستخدام تكنولوجيا (الميون) والأشعة تحت الحمراء في مسح الهرم الأكبر»، مشيراً إلى أنه «حتى الآن لم يُكشف عن كيفية بناء الأهرامات خاصة هرم خوفو».
وأضاف هلال، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفريق تمكن من إيجاد فراغ داخل الهرم، ويعمل حاليا على تأكيد هذه النتائج ومعرفة حجم الفراغ وأسباب وجوده»، مشيرا إلى أن «الهرم الأكبر يحوي كثيرا من الأسرار الهندسية، فمثلا لا يعرف أحد سبب وجود (الغراند غاليري) داخله، وهو عبارة عن ممر واسع داخل الهرم يأتي بعد الممر الضيق الموجود عند مدخله». وأوضح أن «هناك اجتهادات ونظريات حول أسباب بناء الهرم، لكنها غير مؤكدة علميا، مثل القول بأن هدف (الغراند غاليري) هو إدخال جثة الفرعون، لكن الجثة تمر عبر ممر ضيق في البداية، فما الحاجة لتوسيعه. وكذلك التفسيرات التي تقول، إن سبب وجود 5 حجرات فارغة فوق الحجرة الرئيسة التي عُثر بها على تابوت (خوفو) الفارغ، هو تخفيف الأحمال، وهذا غير صحيح هندسياً، وقد يكون كذلك في الغرفة الخامسة، أما في باقي الحجرات فلا نعرف سبب وجودها».
ونشرت مجلة Nature العلمية اكتشافات الفريق في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، وقالت إن «الفريق البحثي اكتشف فراغا داخل الهرم الأكبر يصل حجمه إلى 30 متراً، وإن هذا الاكتشاف ربما يؤدي إلى كشف غموض هرم خوفو الذي يبلغ عمره 4500 سنة».
ويعمل علماء الآثار منذ سنوات على كشف غموض هرم خوفو والبحث عن حجرة دفن سرية للملك خوفو الذي لم يُعثر على المومياء الخاصة به، لكن الأبحاث لم تصل إلى نتيجة حتى الآن، وقبل عدة سنوات روج البعض إلى احتمالية مشاركة سكان من الفضاء في بناء الأهرامات، بسبب صعوبة نقل أحجارها الكبيرة من المحاجر إلى مكان بنائها، لكن الاكتشافات الأخيرة دحضت هذه النظريات.
من جانبه، قال الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»: إن «هذه الادعاءات والنظريات تم إثبات عدم صحتها عند اكتشاف بردية وادي الجرف التي أوضحت كيف نُقلت الأحجار لبناء الأهرامات، وهناك كثير من الاكتشافات التي أكدت مصرية الأهرامات ومصرية من قاموا بإنشائها».
وأضاف حواس أن «هذا الكشف هو أهم اكتشافات القرن الحالي، حيث تتحدث بردية وادي الجرف عن شخص يدعى ميرر كان رئيسا للعمال الذين كانوا يقطعون الحجارة لبناء الأهرامات وينقلونها عبر النيل في مراكب»، مؤكدا أن «بردية وادي الجرف دحضت كل النظريات التي كانت تشكك في بناء المصريين للأهرامات».
وعمل حواس فترة طويلة في منطقة الأهرامات واستطاع الكشف عن مقابر العمال بناة الأهرامات في التسعينات من القرن الماضي، التي دحضت نظرية بناء الأهرامات بالسخرة، وكانت هناك محاولة عام 2010 لاكتشاف ما الذي يوجد خلف حجرة الدفن الرئيسة، وقد أُدخل روبوت لاكتشاف غموض الأبواب السرية داخل هرم خوفو، لكن المحاولة لم تسفر سوى عن باب.
أسرار هندسة بناء الأهرامات لا تزال غامضة
خبراء مصريون وأجانب يعملون على فك اللغز عبر تقنيات حديثة
أسرار هندسة بناء الأهرامات لا تزال غامضة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة