أثارت عمليات تطوير تمثال الخديو إسماعيل، الحاكم الخامس لمصر الحديثة من أسرة الوالي محمد علي باشا، الموجود في حي أول محافظة الإسماعيلية (شرق القاهرة)، غضب كثيرين واستياءهم، خاصة بعد تغيير ملامح التمثال، ودهنه باللون الأسود الدّاكن، ليتغيّر شكله تماماً عن الشّكل الأصلي. كما رأى البعض أنّ ما حدث، ما هو إلا تشويه واضح للتمثال الذي يعبر عن أصل المدينة وتاريخها العظيم.
وقرّرت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية، تشكيل لجنة مكونة من خبراء الفنون التشكيلية والجهاز القومي للتنسيق الحضاري في وزارة الثّقافة، لمعاينة تمثال الخديو إسماعيل لبحث أسباب تشوهه، وناشدت جميع الجهات بالالتزام بقرار رئيس مجلس الوزراء الذي يخصّ وزارة الثّقافة بأعمال ترميم وتجميل الميادين. وقالت عبد الدايم: إنّ «الوزارة تقف بالمرصاد لكل محاولات تشويه الذوق العام، وستعمل على بحث آليات عودة التمثال إلى أصله، بالتعاون بين قطاعي الفنون التشكيلية والجهاز القومي للتنسيق الحضاري، المعنيين بتطوير الحدائق والميادين من الناحية الجمالية والحضارية، بالتعاون مع المحافظات».
وتشهد مصر منذ بداية عام 2016 عمليات تطوير للميادين والشّوارع الرئيسية في القاهرة الكبرى والمحافظات، بهدف إعادة إحياء الميادين الرئيسية وتجميل الشّوارع الرئيسية، ويُشرف على المشروع متخصّصون في قطاعات وزارات التنمية المحلية والآثار والثّقافة.
يشار إلى أنّ الخديو إسماعيل هو خامس حكام مصر من الأسرة العلوية، الذي خلعه عن العرش السّلطان العثماني تحت ضغط إنجلترا وفرنسا في 26 يونيو (حزيران) 1879. وفي فترة حكمه عمل على تطوير الملامح العمرانية والاقتصادية والإدارية في مصر بشكل كبير، ليستحق لقب المؤسس الثاني لمصر الحديثة، بعد إنجازات جده محمد علي باشا الكبير.
في السياق نفسه، لم يكن تشويه تمثال الخديو إسماعيل، الأول من نوعه في مصر، فقد سبقته تماثيل أخرى لشخصيات مهمة في تاريخ مصر، ولاقت أيضاً غضب كثيرين واستياءهم، فقد سبقه تمثال الملكة نفرتيتي الواقع في مدينة المنيا، الذي تختلف ملامحه تماماً عن الأصل، وأثار سخرية كثيرين، ولقبه البعض بـ«عفريتة نفرتيتي» الأمر الذي دعا المحافظة إلى سرعة إزالته. كذلك لاقى تمثال كوكب الشرق السيدة أم كلثوم الواقع في حي الزمالك (غرب القاهرة)، استياء كثيرين، خاصة بعد أن تحوّل من تحفة فنية إلى تمثال مشوه، حسب وصف مهتمين بالتراث المصري.
ولم يسلم أيضاً تمثال موسيقار الأجيال المطرب محمد عبد الوهاب من عمليات التشويه، حيث فوجئ المارة في ميدان باب الشعرية (وسط القاهرة)، بطلاء التمثال ليتحول إلى شيء آخر مغاير لشكل التمثال المعروف، بعدما طُلي الرأس باللون الذهبي.
من جانبه، قال الروائي فتحي إمبابي، أحد المهتمين بالتراث والتاريخ، لـ«الشرق الأوسط»، إنّ ما حدث لتمثال الخديو إسماعيل، «يمثّل مشكلة عامة لدى النُّخبة المسؤولة في الدولة والمهتمة بتطوير الميادين والشّوارع الرئيسية، حيث إن أغلبية المسؤولين عن تلك العمليات يجهلون تاريخ تلك التماثيل، وبالتالي يجري التعامل معها بعشوائية وإهمال كبيرين».
وأضاف إمبابي: «الإهمال في عمليات التطوير تكرّر كثيراً، ليس في الرموز فقط؛ بل طال أماكن أخرى، مثل قبة مسجد الحسين، وهرم سقارة». مشيراً إلى أنّ «ما يحدث ما هو إلا مرض ينتشر ويهدّد تاريخ مصر، مرجعاً السبب في ذلك إلى قلة الكفاءة من جانب المسؤولين عن عمليات التطوير».
يشار إلى أنّ تمثال الخديو إسماعيل مصنوع من الغرانيت المطلي بالألوان، ومقام على ارتفاع 7 أمتار في الواجهة السياحية القريبة من الشواطئ الملاحية، وعدد من المقرات التنفيذية والأمنية. ويُعد التمثال تخليداً لاسم الخديو إسماعيل المؤسس الأصلي للإسماعيلية، وقد سُمّيت المحافظة باسمه، ويأتي إعادة ترميم التمثال تزامناً مع الذكرى الثالثة لافتتاح قناة السويس الجديدة، وقد افتُتحت رسمياً أمام حركة التجارة العالمية في 6 أغسطس (آب) من عام 2015.
تشويه تمثال الخديو إسماعيل يثير انتقادات في مصر
تشويه تمثال الخديو إسماعيل يثير انتقادات في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة