تتنوع أساليب تأقلم الإنسان مع الظروف الطبيعية المحيطة به مهما كانت قاسية. ولدى الروس «لكل الأحوال الجوية» مقولة شعبية شهيرة «لا يوجد طقس سيئ في الطبيعة».
وتندرج عندهم هذه المقولة حتى على الظروف المناخية القريبة من ظروف القطب الشمالي في بدايات الصيف أو نهاية الربيع، أي حين تتراوح درجات الحرارة ما بين 10 و15 تحت الصفر. ومعروف أن أعدادا كبيرة من المواطنين الروس يتعمدون النزول في فصل الشتاء إلى مياه الأنهر والبحيرات، بعد أن يفتحوا ثغرة في طبقات الجليد السميكة التي تغطيها. وتقول دراسات علمية إن هذا النوع من النشاط أو الهواية أو الممارسات الشتوية، وتعريض الجسم للماء في جو بارد، له فوائد كثيرة، إذ تمنح الجسد النشاط والحيوية وتنشط عمل الجهاز العصبي والدورة الدموية، وتقوي مناعة الجسد في مواجهة أمراض الشتاء. وخلال السنوات الأخيرة لم يعد الأمر يقتصر على نزول سريع في الماء وسط الجليد، والخروج بسرعة إلى الدفء، إذ درجت عادة جديدة، حيث يمارس كثيرون في المدن الروسية، لا سيما الشمالية الباردة، رياضة كرة الماء، لكن في مسبح يشقونه وسط الجليد. يقول فاسيلي، وهو شاب من عشاق كرة الماء في بحيرات الجليد، إن «كرة الماء الشتائية تتميز عن كرة الماء العادية في المسابح الدافئة بأمر واحد أساسي، وهو الفترة الزمنية التي يوجد خلالها اللاعب في الماء».
ويوضح أن «هذه الفترة لا يجوز أن تكون أكثر من 5 دقائق، لأن البقاء في الماء أكثر من ذلك يصبح أمرا محفوفا بالمخاطر». ويعيش فاسيلي في مدينة يكاتيرنبورغ شمال روسيا، ورصدت وكالة «تاس» مشاركته في كرة القدم، في يوم كانت درجة حرارة الجو فيه 10 درجات تحت الصفر. ويشرح فاسيلي أن الجسد في اللحظات الأولى عندما يلامس الماء يشعر بالدفء مقارنة مع درجة الحرارة الخارجية، ذلك أن درجة حرارة الماء في وقت كهذا تكون نحو درجتين فوق الصفر. لكنه يحذر من البقاء طويلا ويعيد إلى الأذهان أن الجسد يتوقف عن العمل كليا إن بقي في الماء البارد.
والتقت «الشرق الأوسط» أليكسي، وهو شاب يمارس السباحة في بحيرة في ريف موسكو خلال فصل الشتاء، ويرغب في تشكيل فريق لممارسة كرة الماء شتاءً في البحيرة. وفي حديثه عن أحاسيسه وهو يسبح بينما يتساقط الثلج وتكون درجات حرارة الجو نحو 5 تحت الصفر، يقول إن «العامل النفسي رئيسي هنا، لا سيما في اللحظات الأولى وأنت تهم لتنزل الماء»، وينصح «النزول بسرعة وغطس الجسد كله داخل الماء ويستحسن أن يبقى الرأس جافاً»، من وجهة نظره، ويؤكد قاعدة أساسية لا بد من مراعاتها حرصا على السلامة، ويقول: «مهما كانت قدرتك على التحمل في الماء البارد، لا تنخدع، لأن البرد يتغلغل في الجسد خلسة وقد تفقد القدرة على الحركة إن أطلت البقاء في الماء، لذلك عليك بالحركة دائماً، وأن تخرج بعد 3 إلى 5 دقائق»، وفور الخروج من الماء يُنصح تغطية ولف الجسد على الفور بغطاء دافئ.
وحسب أليكسي فإن النزول شتاء إلى البحيرات المتجمدة والتعرض للماء البارد يقوي مناعة الجسد، ويشد العضلات، ويساعد على حرق سريع لكل الطاقة الزائدة عن الجسم. لكنه ينصح من لم يخض تجربة مثل هذه، ألا يقوم بها وحده وأن يكون برفقة أصدقاء، يستحسن وجود طبيب بينهم، «لأن العضلات قد تتجاوب بشكل سلبي أول مرة وقد تحدث تشنجات، إن لم يكن الشخص قد قام مسبقا بالتمارين الضرورية لتنشيط العضلات وتحفيزها».
والمثير للضحك في رواية أليكسي من ريف موسكو، كما في رواية فاسيلي من يكاتيرينبورغ، أن السمك يصبح عند العوم في البحيرات شتاء بمتناول اليد، ذلك لأن الفتحة في الجليد تجعل الماء غنيا بالأكسجين، ويتجه السمك إليها ليتنفس ويعوض نقص الأكسجين في الماء تحت الغطاء الجليدي.
شبان روس يلعبون كرة الماء في بحيرات الجليد
https://aawsat.com/home/article/1149761/%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D9%86-%D8%B1%D9%88%D8%B3-%D9%8A%D9%84%D8%B9%D8%A8%D9%88%D9%86-%D9%83%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%AD%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%84%D9%8A%D8%AF
شبان روس يلعبون كرة الماء في بحيرات الجليد
تقوي مناعة الجسد في مواجهة أمراض الشتاء
- موسكو: طه عبد الواحد
- موسكو: طه عبد الواحد
شبان روس يلعبون كرة الماء في بحيرات الجليد
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة