بعد إعصار مدمر... بورتوريكو تواجه فيضانات «كارثية»

أوقع 22 قتيلاً في الكاريبي

بورتوريكو تواجه فيضانات كارثية (أ.ف.ب)
بورتوريكو تواجه فيضانات كارثية (أ.ف.ب)
TT

بعد إعصار مدمر... بورتوريكو تواجه فيضانات «كارثية»

بورتوريكو تواجه فيضانات كارثية (أ.ف.ب)
بورتوريكو تواجه فيضانات كارثية (أ.ف.ب)

خلف الإعصار ماريا إثر مروره في بورتوريكو دمارا هائلا يوم أمس (الخميس) وترك الجزيرة محرومة من الكهرباء بالكامل وفي مواجهة خطر فيضانات قد تكون «كارثية» بعدما أوقع 21 قتيلا على الأقل في الكاريبي.
وإلى الجنوب، بدأت جزيرة دومينيكا التي ضربها الإعصار الثلاثاء وتكبدت أعلى خسائر بشرية مع سقوط 15 قتيلا، الخروج من عزلتها مع وصول أول سفينة مساعدات فرنسية.
والإعصار الذي أصبح تصنيفه حاليا في الفئة الثالثة (على مقياس من خمس درجات) أصبح مساء الخميس على بعد نحو 130 كلم شمال جمهورية الدومينيكان متجها نحو الجزر البريطانية توركس وكايكوس وأوقع ثلاثة قتلى على الأقل في هايتي.
لكن في بورتوريكو قد يكون الوضع الأسوأ. وفيما أعلن عن أمطار غزيرة يتوقع أن تزيد من الفيضانات، فإن هذه الأرض الأميركية التي تعد 3,4 مليون نسمة قد تبقى من دون كهرباء على مدى عدة أشهر بحسب المسؤولين ومع شبكة اتصالات مدمرة بالكامل.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخميس إن الإعصار ماريا «دمر» بورتوريكو وحرمها من الكهرباء، بعد أن أعلنها منطقة منكوبة مهددة بفيضانات «كارثية».
وكان أعلن سابقا حالة الكوارث الطبيعية فيها ما يؤدي إلى الإفراج عن أموال فيدرالية لتقديم مساعدة طارئة وإعادة إعمار بورتوريكو.
وبحسب المركز الوطني للأعاصير فإن منسوب الأمطار يمكن أن يبلغ ما بين 50 و75 سم بحلول السبت أو حتى 90 في بعض المناطق. ودعت السلطات اعتبارا من صباح الخميس السكان إلى الصعود إلى أعلى المباني تخوفا من فيضانات «كارثية».
وفي محيط سان خوان، اضطرت عشرات العائلات للفرار خلال الليل بسبب ارتفاع منسوب المياه.
وأظهر شريط فيديو بثته على شبكات التواصل الاجتماعي إحدى سكان حي توا باجا، المياه تصل إلى الطابق الثاني من منزلها. وقالت هذه المرأة «نحن عالقون، لا يمكننا القيام بشيء» مضيفة «لا يمكننا الصعود إلى السطح بسبب الرياح، وانظروا مد المياه».
وفي حي أوشن بارك السياحي في سان خوان، تروي ايريس ريفييرا (53 عاما) كيف أمضت «أسوأ ليلة في حياتها» حين ضرب الإعصار الجزيرة الأربعاء وكانت قوته تتراوح بين أربع وخمس درجات وهي الأعلى. وقالت: «كل الناس يساهمون في أعمال التنظيف أو مساعدة الجيران».
وغمرت المياه هذه المنطقة بالكامل، ويتنقل السكان في الشوارع على متن مراكب صغيرة للاطمئنان على جيرانهم أو أقربائهم.
وفيما تتركز أعمال الإغاثة في المناطق الأكثر تضررا من الإعصار، أمضت خواني مارتينيز الليل في تنظيف الشارع الذي تقيم فيه بعدما انحسرت المياه. وقالت: «أردت المساعدة، لأنه كان هناك الكثير من الزجاجات المكسرة، وهذا أمر خطر».
وطلب ريكاردو روسيلو حاكم هذه الأرض الأميركية الصغيرة المعروفة بشواطئها الخلابة، من السكان البقاء في منازلهم وإفساح المجال أمام فرق الإنقاذ للقيام بعملها.
وقال: «حاليا لا يمكن للناس أن يقوموا بشيء خارج منازلهم أو الملاجئ. كل الطرقات مقطوعة تقريبا» محذرا السكان من الأمطار الغزيرة المرتقبة. وأضاف محذرا «الأسوأ لا يزال أمامنا».
وكانت سلطات الجزيرة حذرت من أن ماريا «هي العاصفة الأكثر تدميرا» منذ قرن. وكان إعصار ضرب الجزيرة في 1928 أوقع 300 قتيل.
وقالت رئيسة بلدية العاصمة كارمن يولين كروز «إن سان خوان التي كنا نعرفها بالأمس اختفت» محذرة من أن انقطاع الكهرباء في الجزيرة قد يستمر لفترة ما بين أربعة وستة أشهر.
وقدرت الأضرار في جزيرة دومينيكا في الكاريبي التي ضربها الإعصار الثلاثاء فيما كان لا يزال في الفئة الخامسة، بنسبة «70 - 80 في المائة من المباني» وقد وصلتها أولى المساعدات الخميس.
وأظهرت الصور الملتقطة من الجو حجم الدمار حيث اقتلعت أسطح معدنية. وفي الشوارع كانت السيارات مكدسة فوق بعضها البعض والركام والأنقاض منتشرة.


مقالات ذات صلة

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال جولته في الأمازون (أ.ف.ب)

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

يزور جو بايدن الأمازون ليكون أول رئيس أميركي في منصبه يتوجه إلى هذه المنطقة، في وقت تلوح فيه مخاوف بشأن سياسة الولايات المتحدة البيئية مع عودة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (أمازوناس)
أميركا اللاتينية أطفال يمشون على شريط رملي في طريقهم إلى المدرسة في مجتمع سانتو أنطونيو في نوفو أيراو، ولاية أمازوناس، شمال البرازيل، 1 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

الجفاف في منطقة الأمازون يعرّض نحو نصف مليون طفل للخطر

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يوم الخميس، إن ندرة المياه والجفاف يؤثران على أكثر من 420 ألف طفل في 3 دول بمنطقة الأمازون.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الولايات المتحدة​ جيف بيزوس مؤسس شركة «أمازون» (رويترز)

جيف بيزوس يهنئ ترمب على «العودة غير العادية... والنصر الحاسم»

هنأ جيف بيزوس، مؤسس شركة «أمازون»، دونالد ترمب على «العودة السياسية غير العادية والنصر الحاسم» بعد فوز المرشح الجمهوري بالإنتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص خلال مشاركة «أمازون» في مؤتمر «ليب 24» وإعلانها عن استثمارات ضخمة في السعودية (الشرق الأوسط)

خاص «أمازون»: السعودية والإمارات الأسرع نمواً في التجارة الإلكترونية

كشف مسؤول في شركة «أمازون» أن المنطقة تشهد تطورات مهمة فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية، مؤكداً أن السعودية والإمارات هما أسرع الأسواق نمواً.

عبير حمدي (الرياض)
خاص كاميرا «بان تيلت» أول كاميرا داخلية من «أمازون» تدور بزاوية 360 درجة وتميل بزاوية 169 درجة (أمازون)

خاص الكاميرات الذكية أمْ «سي سي تي في»... كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي معايير الأمان المنزلي؟

لا تُعد الكاميرات الذكية مجرد موضة عابرة، بل ضرورة في المنازل الحديثة.

نسيم رمضان (دبي)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.