خريطة طريق نحو «مستقبل بلا سُلّ»

رؤية جديدة تطلقها الصحة العالمية في ندوة أغسطس 2025

خريطة طريق نحو «مستقبل بلا سُلّ»
TT

خريطة طريق نحو «مستقبل بلا سُلّ»

خريطة طريق نحو «مستقبل بلا سُلّ»

يعد مرض السل (Tuberculosis) أحد أقدم الأمراض المعدية في تاريخ البشرية، إذ يعود ظهوره إلى آلاف السنين. وتسبب المرض البكتيريا المتفطرة السُلية (Mycobacterium tuberculosis)، وغالباً ما تصيب الرئتين، لكن السل قد ينتشر إلى أعضاء أخرى مثل الكلى والعظام. ورغم توافر علاج فعّال منذ منتصف القرن العشرين، فإن السل لا يزال السبب الرئيس للوفاة من بين الأمراض المعدية في العالم.

ووفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2024، فقد أصيب بالسل ما يقدّر بـ10.8 مليون شخص في عام 2023، بمتوسط إصابة يعادل 134 حالة لكل 100000 نسمة، وتوفي ما يقارب 1.25 مليون شخص بسبب هذا المرض، بينهم نحو 161000 شخص كانوا مصابين أيضاً بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV).

ومع ذلك، ما زالت هناك حالة من «الصمت التشخيصي»، إذ يقدّر أن نحو 2.7 مليون شخص من المصابين لم يتم تشخيصهم أو تسجيلهم ضمن الأنظمة الصحية الرسمية.

علاوة على ذلك، يبقى معدل الانخفاض في حالات السل في العالم بين عامي 2015 و2023 متواضعاً للغاية، فمعدل التراجع السنوي عالمياً لا يتعدى 2-3 في المائة فقط، ما يقلّص فرص تحقيق أهداف استراتيجية «إنهاء السل» التي تسعى إلى تقليص حالات الإصابة بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2025. ناهيك عن انتشار السل المقاوم للأدوية (MDR TB)، حيث يُقدّر أن نحو 400000 حالة من السل المقاوم بالأدوية لم تحصل على العلاج الملائم، ما يشكل تحدياً كبيراً لاستراتيجيات القضاء على المرض.

السل... تهديد عالمي مستمر

تكمن خطورة المرض في كونه معدياً، وينتقل عبر الرذاذ التنفسي، إضافة إلى أنه قد يظل كامناً في الجسم لسنوات قبل أن ينشط. ورغم أن المضادات الحيوية التقليدية أحدثت نقلة نوعية في علاجه، فإن التحديات الحديثة -مثل المقاومة الدوائية، ونقص الالتزام العلاجي- تُهدد بعرقلة مسيرة القضاء عليه.

من هنا جاء اهتمام منظمة الصحة العالمية بعقد ندوة يوم 18 أغسطس (آب) 2025 لإطلاق موجز سياسي جديد يدعو إلى دمج مكافحة السل ضمن أنظمة الرعاية الأولية، لتكون خطوة محورية تحقق أهداف التغطية الصحية الشاملة، وتخفض الوفيات.

• اهتمام متجدد. لماذا أعارت منظمة الصحة العالمية اهتماماً متجدداً بالسل؟ رغم التراجع النسبي في معدلات الإصابة في بعض الدول، فإن السل لا يزال يضرب بقوة في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث تضعف أنظمة الرعاية الصحية، وتزداد معدلات الفقر، وسوء التغذية. وقد رأت المنظمة أن الاستمرار بالنهج التقليدي لم يعد كافياً، خاصة في ظل:

-تصاعد معدلات السل المقاوم للأدوية (MDR-TB)، و (XDR-TB).

-نقص التمويل المخصص للأبحاث واللقاحات.

-فجوات كبيرة في أنظمة التشخيص والمتابعة، خصوصاً في المناطق الريفية.

-الحاجة إلى دمج الخدمات بدلاً من عزل مكافحة السل في برامج مستقلة.

• ندوة منظمة الصحة العالمية. في ضوء التحديات القائمة لمرض السل، عقدت منظمة الصحة العالمية ندوة افتراضية في يوم الاثنين الماضي بتاريخ 18 أغسطس 2025 أعلنت فيها موجزها السياسي الجديد، وسُمّيت بـ«ندوة إطلاق الموجز حول السل والرعاية الصحية الأولية نحو التغطية الصحية الشاملة»، شارك فيها خبراء من المنظمة، وصناع قرار عالميون، حيث تم بحث طرق دمج مكافحة السل ضمن خدمات الرعاية الصحية الأولية، وكان التركيز على تحقيق الاستدامة، وتحسين الوصول، والتكامل مع باقي أنظمة الصحة لتحقيق التغطية الصحية الشاملة (apnews. com). وقد أكدت الندوة على:

-تحقيق الاستعداد التشغيلي الكامل في المراكز الصحية المحلية.

-تمكين المجتمعات المحلية للمشاركة في كشف المرض، وعلاج المرضى.

-توحيد الجهود المالية والإدارية بين البرامج الصحية المختلفة ضمن الدولة الواحدة.

التطورات العلاجية والتشخيصية الحديثة

• العلاج المختصر للسل المقاوم للأدوية. السل المقاوم للأدوية (Drug-Resistant Tuberculosis، DR-TB) يُعدّ واحداً من أخطر التحديات التي تواجه الصحة العامة عالمياً. ويُقصد به الحالات التي لا تستجيب لاثنين على الأقل من الأدوية الأساسية المستخدمة في علاج السل التقليدي، مثل الإيزونيازيد والريفامبيسين. وفي حال استمرار الطفرات الجينية للبكتيريا، وتراكم المقاومة، فإن الأمر قد يصل إلى ما يُعرف بالسل شديد المقاومة للأدوية (XDR-TB)، وهو أصعب في التشخيص، والعلاج، ويُهدد جهود القضاء على المرض.

حتى وقت قريب، كان علاج هذه الحالات يتطلب بروتوكولات طويلة المدى تتراوح من 18 إلى 24 شهراً، باستخدام أدوية متعددة، وبآثار جانبية شديدة، مثل فقدان السمع، ومشكلات الكبد، واضطرابات الجهاز العصبي. وأدى هذا التعقيد إلى انخفاض التزام المرضى بالعلاج، وصعوبة السيطرة على انتشار العدوى.

لكن التطورات الأخيرة قلبت المعادلة، وجلبت الأمل. فقد أطلقت منظمة الصحة العالمية بروتوكولات علاجية مختصرة، وحديثة، أبرزها النظام المعروف باسم BPaLM، والذي يتكون من:

-بريتومانيد (Pretomanid): مضاد بكتيري جديد يستهدف آليات حيوية في المتفطرة السُّلية.

-لينزوليد (Linezolid): مضاد حيوي قوي يثبط تكوين البروتينات البكتيرية.

-موكسيفلوكساسين (Moxifloxacin): من مجموعة الفلوروكينولونات الفعّالة ضد السل المقاوم.

-بيداكوينيل (Bedaquiline): دواء ثوري يعطل إنتاج الطاقة في البكتيريا.

هذا المزيج أثبت نجاحاً كبيراً، حيث أظهرت الدراسات السريرية أن فعاليته تصل إلى نحو 90 في المائة في علاج حالات السل المقاوم، مع تقليص مدة العلاج إلى 6 أشهر فقط بدلاً من عامين. إضافةً إلى ذلك، فإن هذا النظام قلل بشكل ملحوظ من حدة الآثار الجانبية مقارنة بالبروتوكولات السابقة، مما رفع من نسب التزام المرضى، وأملهم في الشفاء.

ويُنظر إلى هذا التقدم باعتباره طفرة علاجية، ليس فقط في إنقاذ حياة المرضى المصابين بالسل المقاوم، بل أيضاً في الحد من انتشار العدوى، ومنع تكوّن سلالات أشد مقاومة. وهو ما يتماشى مع رؤية منظمة الصحة العالمية الطموحة نحو القضاء على السل بحلول عام 2030 ضمن أهداف التنمية المستدامة.

• العلاج المختصر لبعض حالات السل الحساس للأدوية. السل الحساس للأدوية (Drug-Sensitive Tuberculosis، DS-TB) هو الشكل الأكثر شيوعاً من المرض، حيث تستجيب البكتيريا بشكل فعّال للأدوية الأساسية المعروفة مثل الإيزونيازيد والريفامبيسين والإيثامبوتول والبيرازيناميد. ولعقود طويلة، كان العلاج القياسي المعتمد يتطلب ستة أشهر كاملة من المتابعة الدقيقة، وتناول الأدوية بانتظام، وهو ما شكّل تحدياً كبيراً أمام الالتزام، خصوصاً في البيئات محدودة الموارد، أو لدى المرضى الذين يواجهون صعوبات اجتماعية، واقتصادية.

ولم تكن الإشكالية الكبرى في ضعف فعالية البروتوكول العلاجي التقليدي، بل في طول مدته، إذ إن نسبة غير قليلة من المرضى تنقطع عن العلاج بعد الأشهر الأولى بمجرد تحسّن الأعراض، مما يؤدي إلى خطر عودة المرض، أو تطوره إلى سل مقاوم للأدوية.

استجابةً لهذه التحديات، أوصت منظمة الصحة العالمية باعتماد أنظمة علاج أقصر لبعض حالات السل الحساس للأدوية. ففي حالات مختارة بعناية، يمكن أن تقل مدة العلاج إلى أربعة أشهر فقط بدلاً من ستة، شرط استيفاء معايير سريرية معينة، وضمان المتابعة.

وقد جاءت هذه التوصيات بعد دراسات سريرية متعددة، أظهرت أن الأنظمة الأقصر تحقق معدلات شفاء مماثلة تقريباً للبروتوكول التقليدي، مع انخفاض ملحوظ في نسب الانقطاع عن العلاج، وزيادة التزام المرضى. وتكتسب هذه الاستراتيجية أهمية خاصة في المجتمعات ذات العبء العالي من المرض، حيث يقلل اختصار فترة العلاج من الضغط على الأنظمة الصحية، ويُحسّن جودة حياة المرضى، ويمنع الانتكاسات.

ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها نقلة نوعية في استراتيجيات مكافحة السل، إذ إنها تجمع بين الكفاءة العلاجية من جهة، وتخفيف الأعباء النفسية والاجتماعية والاقتصادية عن المرضى من جهة أخرى، بما يتماشى مع توجهات الصحة العالمية نحو تسهيل الرعاية، وجعلها أكثر إنصافاً وفاعلية.

• ثورة التشخيص: الذكاء الاصطناعي. يُعتبر التشخيص المبكر حجر الأساس في مكافحة السل. غير أن أدوات التشخيص التقليدية -مثل اختبار اللطاخة (Microscopy)، أو الزرع الجرثومي- قد تكون بطيئة، أو محدودة الدقة في بعض البيئات. وهنا دخلت تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث جرى تطوير أنظمة تعتمد على خوارزميات قراءة صور الأشعة السينية للصدر القادرة على رصد مؤشرات السل بدقة تقارب خبراء الأشعة، بل وأحياناً تتفوق عليهم.

كما أتاحت التطبيقات المحمولة والبرمجيات الذكية إمكانية الوصول للتشخيص في المناطق النائية، مما قلّص فجوة عدم المساواة في خدمات الرعاية. وتُعَد هذه الثورة الرقمية عنصراً محورياً لتحقيق أهداف التغطية الصحية الشاملة.

السل المقاوم للأدوية يُعدّ واحداً من أخطر التحديات التي تواجه الصحة العامة

اللقاحات الجديدة وتحديات المستقبل

• لقاحات جديدة. رغم وجود لقاح الـCG منذ قرن تقريباً، فإن فعاليته محدودة، خصوصاً ضد السل الرئوي لدى البالغين. لهذا السبب تكثفت الجهود البحثية في السنوات الأخيرة لتطوير لقاحات أكثر فعالية.

وتشير النتائج المبكرة إلى نجاح بعض اللقاحات المرشحة –مثل M72/AS01E– في تقليل خطر الإصابة بالسل الكامن بنسبة تصل إلى 50 في المائة. والآمال معلقة على أن توفر هذه اللقاحات حماية وقائية أفضل، مما سيُسرّع الوصول إلى هدف منظمة الصحة العالمية في خفض الإصابات بنسبة 80 في المائة، والوفيات بنسبة 90 في المائة بحلول عام 2030.

• دمج مكافحة السل مع نظم الرعاية الأولية. أحد أهم محاور ندوة أغسطس 2025 كان الدعوة إلى دمج برامج مكافحة السل داخل نظم الرعاية الأولية.

وتقوم المبادئ هنا على أن المريض لا ينبغي أن يُعامل على أنه حالة منفصلة ضمن برنامج عمودي خاص، بل يتلقى الرعاية ضمن المنظومة الشاملة للصحة العامة.

هذا النهج يضمن:

-سهولة الوصول للعلاج عبر المراكز الصحية القريبة.

-تقليل الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالمرض.

-تحسين فرص متابعة المرضى، ومنع الانقطاع العلاجي.

• تحديات القضاء على السل. رغم هذه التطورات، لا يزال الطريق طويلاً. فالإحصاءات الحديثة تُظهر أن السل ما زال أحد أكثر عشرة أسباب للوفاة عالمياً، وتبرز تحديات أخرى مثل:

-نقص التمويل المخصص للبحث والتطوير.

-صعوبة إيصال العلاجات واللقاحات للمجتمعات الأكثر عرضة للمرض.

-استمرار تسجيل ملايين الإصابات سنوياً رغم التقدم الطبي، وظهور سلالات جديدة مقاومة للأدوية.

لذلك تشدد منظمة الصحة العالمية على أن القضاء على السل يتطلب تعاوناً عالمياً، وتمويلاً كافياً، واعتماد الابتكارات الجديدة بشكل عاجل وواسع.

إن الموجز السياسي الجديد الصادر عن منظمة الصحة العالمية ليس مجرد وثيقة؛ بل هو خريطة طريق نحو دمج عادل ومستدام لمكافحة السل ضمن خدمات الرعاية الأساسية. إن ظهور علاجات فعالة أقل تكلفة، إلى جانب قدرة الذكاء الاصطناعي على دعم الالتزام والعلاج، يشيران بوضوح إلى قرب تحقيق الهدف النهائي «عالم خالٍ من السل بحلول منتصف القرن».

*استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

يوميات الشرق الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يعدّ الشاي بأنواعه المختلفة من أكثر الخيارات شيوعاً لخسارة الوزن (بيكسلز)

من الأسود إلى الأبيض... 8 أنواع شاي تساعد على خسارة الوزن وحرق الدهون

يبحث كثيرون عن طرق طبيعية وآمنة لدعم خسارة الوزن وتحسين عملية الأيض، ويعدّ الشاي بأنواعه المختلفة من أكثر الخيارات شيوعاً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك زيت الخروع يُستخدم مليّناً وفي منتجات العناية بالبشرة والشعر (بكسلز)

استخدمته كليوباترا لتفتيح بياض عينيها... ما الفوائد الصحية لزيت الخروع؟

زيت الخروع عبارة عن زيت كثيف عديم الرائحة، يُستخرج من بذور نبات الخروع. يعود استخدامه إلى مصر القديمة، حيث يُرجح أنه استُخدم وقوداً للمصابيح.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك توت البلسان يحتوي على كمية جيدة من فيتامين «سي» (بيكسلز)

نوع من التوت يساعد في التقليل من نزلات البرد الشتوية

استخدم السكان الأصليون في أميركا ثمار البلسان في الطب التقليدي لآلاف السنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك سكري الحمل يمكن أن يؤدي إلى نمو مفرط للطفل... لذا أهمية المتابعة المستمرة له لوقاية الأطفال من تداعيات مستقبلية (بيكسباي)

دراسة: المتابعة المستمرة لسكري الحمل يمكنها وقاية الأطفال من تداعيات مستقبلية

أظهرت بيانات من تجربة جديدة أنه يمكن للنساء اللاتي يصبن بالسكري المرتبط بالحمل أن يقللن من احتمالات إنجاب مولود جديد بوزن أعلى من المتوسط عند الولادة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لقاح الهربس النطاقي يخفض خطر الوفاة نتيجة الخرف

تلقي لقاح «زوستافاكس» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 % تقريباً (رويترز)
تلقي لقاح «زوستافاكس» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 % تقريباً (رويترز)
TT

لقاح الهربس النطاقي يخفض خطر الوفاة نتيجة الخرف

تلقي لقاح «زوستافاكس» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 % تقريباً (رويترز)
تلقي لقاح «زوستافاكس» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 % تقريباً (رويترز)

أظهرت نتائج دراسة كبيرة أن المصابين بالخرف الذين تلقوا لقاح الهربس النطاقي كانوا أقل عرضة للوفاة جراء ذلك المرض ممن لم يحصلوا عليه، ما يشير إلى أن اللقاح يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ تطور المرض المرتبط بالتقدم في السن.

وبشكل عام، توفي ما يقرب من نصف الـ14 ألفاً من كبار السن في ويلز الذين أصيبوا بالخرف في بداية برنامج التطعيم خلال متابعة استمرت 9 سنوات.

لكن الباحثين قالوا في دورية «سيل» العلمية إن تلقي لقاح «زوستافاكس» الذي تنتجه شركة «ميرك» قلّل خطر الوفاة بسبب الخرف 30 في المائة تقريباً.

ووجد الباحثون في ويلز، في وقت سابق من العام أن كبار السن الذين تلقوا لقاح «زوستافاكس» كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف 20 في المائة عن نظرائهم الذين لم يتلقوا اللقاح.

وقال معدّ الدراسة الدكتور باسكال غيلدسيتزر من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، في بيان، إن «الجزء الأكثر إثارة (من أحدث النتائج) هو أن هذا يشير حقّاً إلى أن لقاح الهربس النطاقي ليست له فوائد وقائية فقط في تأخير الخرف، بل له أيضاً إمكانات علاجية لمن يعانون بالفعل من ذلك المرض».

وذكر الباحثون أنه لا يزال من غير المعروف ما إذا كان اللقاح يحمي من الخرف عن طريق تنشيط الجهاز المناعي بشكل عام، أو عن طريق الحدّ من إعادة تنشيط الفيروس المسبب للهربس النطاقي على وجه التحديد، أو عن طريق آلية أخرى لا تزال غير معروفة.

ومن غير المعروف أيضاً ما إذا كان أحدث لقاحات الهربس النطاقي، وهو «شينغريكس» من إنتاج «غلاكسو سميث كلاين»، قد يكون فعالاً بالمثل أو أكثر فاعلية في الحدّ من آثار الخرف من اللقاح الأقدم الذي تلقاه المشاركون في دراسات ويلز.

وتبين أن الحماية من الهربس النطاقي بلقاح ميرك تتضاءل بمرور الوقت، ولم يعد معظم الدول يستخدم اللقاح بعدما ثبت أن لقاح «شينغريكس» أفضل.

ويقول الباحثون إنهم وجدوا في العامين الماضيين نتائج مشابهة لنتائج ويلز في السجلات الصحية من دول أخرى، من بينها إنجلترا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا.

وأضاف غيلدسيتزر: «لا نزال نرى هذه الإشارة الوقائية القوية من الخرف في مجموعة بيانات تلو الأخرى».


فحص جديد يكشف سرطان المثانة بدقة عالية

الفحص الجديد يعتمد على عينة بول لتشخيص سرطان المثانة بدقة (مركز موفيت للسرطان في أميركا)
الفحص الجديد يعتمد على عينة بول لتشخيص سرطان المثانة بدقة (مركز موفيت للسرطان في أميركا)
TT

فحص جديد يكشف سرطان المثانة بدقة عالية

الفحص الجديد يعتمد على عينة بول لتشخيص سرطان المثانة بدقة (مركز موفيت للسرطان في أميركا)
الفحص الجديد يعتمد على عينة بول لتشخيص سرطان المثانة بدقة (مركز موفيت للسرطان في أميركا)

كشفت دراسة إسبانية عن فحص بسيط لعينة بول يمكن أن يشخِّص ويحدد مرحلة سرطان المثانة بشكل فعال وبدقة عالية.

وأوضح الباحثون في مؤسسة أبحاث الصحة بمستشفى «لا في» في فالنسيا، أن هذا الفحص يوفر بديلاً غير جراحي للإجراءات التقليدية مثل تنظير المثانة، ويخفِّض التكاليف الصحية، ويُعزِّز راحة المرضى، ويحسِّن نتائج العلاج. ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Journal of Molecular Diagnostics».

يُعدّ سرطان المثانة أحد أكثر السرطانات شيوعاً وخطورة في الجهاز البولي، ويتميَّز بمعدل انتكاس مرتفع بعد العلاج. وينشأ عادة في بطانة المثانة، ويظهر بأعراض مثل دم في البول، والحاجة المتكررة للتبول، أو ألم عند التبول.

ويعتمد تشخيصه حالياً على فحوص غازية مثل تنظير المثانة أو فحوص الخلايا البولية، لكنها محدودة الحساسية وقد تكون مؤلمة أحياناً.

وتشير أحدث الأبحاث إلى أن تحليل الحمض النووي الحر في البول (cfDNA) قد يقدِّم بديلاً غير جراحي لتشخيص المرض وتحديد مرحلته، مما يُحسِّن راحة المرضى ويقلل الحاجة إلى الإجراءات الغازية المكلِّفة.

ويعتمد الفحص الجديد على تحليل الحمض النووي الحرّ في عيّنة البول، وهو أسلوب غير جراحي يمكنه تشخيص سرطان المثانة ومتابعة تقدمه. ويرِّكز الفحص على قياس شظايا الحمض النووي الصغيرة والمتوسطة من 5 جينات محددة مرتبطة بسرطان المثانة، منها (MYC وACTB و AR).

وفي الدراسة، حلَّل الباحثون عينات بول من 156 مريضاً بسرطان المثانة، و79 فرداً سليماً من المجموعة الضابطة، باستخدام تقنية «تفاعل البوليميراز المتسلسل في الوقت الحقيقي (Real-Time PCR)» لقياس تركيز وتكامل شظايا الحمض النووي الحر في البول.

وأظهرت النتائج أن الفحص الجديد يُحقق دقة تصل إلى 97 في المائة وقيمة تنبؤية تصل إلى 88 في المائة لتحديد سرطان المثانة.

كما وجد الباحثون أن نسبة الشظايا الكبيرة إلى الصغيرة من الجين (ACTB) والشظية الصغيرة من الجين (AR) زادت مع شدة المرض، مما يشير إلى أنها مؤشرات موثوقة لتحديد مرحلة المرض، وقد يساعد تكامل هذه الجينات في اكتشاف عودة سرطان المثانة بعد العلاج.

وأشار الفريق إلى أن الفحص الجديد قادر على متابعة تطوُّر المرض واكتشاف الانتكاس، مما يتيح تدخلاً مبكراً وعلاجاً أكثر فعالية، مع تقليل التكاليف وتحسين تجربة المرضى بشكل كبير.

ونوّه الباحثون بأن هذه الدراسة تُعَدّ من أوائل الدراسات التي تقيِّم بشكل شامل تفتُّت الحمض النووي الحر في البول عبر مختلف مراحل سرطان المثانة، مما يقرِّب العلماء من مستقبل يمكن فيه تشخيص المرض ومراقبته بصورة أسهل وأقل إيلاماً.


من الأسود إلى الأبيض... 8 أنواع شاي تساعد على خسارة الوزن وحرق الدهون

يعدّ الشاي بأنواعه المختلفة من أكثر الخيارات شيوعاً لخسارة الوزن (بيكسلز)
يعدّ الشاي بأنواعه المختلفة من أكثر الخيارات شيوعاً لخسارة الوزن (بيكسلز)
TT

من الأسود إلى الأبيض... 8 أنواع شاي تساعد على خسارة الوزن وحرق الدهون

يعدّ الشاي بأنواعه المختلفة من أكثر الخيارات شيوعاً لخسارة الوزن (بيكسلز)
يعدّ الشاي بأنواعه المختلفة من أكثر الخيارات شيوعاً لخسارة الوزن (بيكسلز)

يبحث كثيرون عن طرق طبيعية وآمنة لدعم خسارة الوزن وتحسين عملية الأيض، ويعدّ الشاي بأنواعه المختلفة من أكثر الخيارات شيوعاً بفضل ما يحتويه من مضادات أكسدة تساعد في حرق الدهون وتعزيز الهضم.

وتشير دراسات حديثة إلى أن الشاي الأخضر والأسود والنعناع والأولونغ وغيرها قد تساهم في تقليل دهون البطن ودعم إدارة الوزن عند استهلاكها بانتظام، إلى جانب اتباع نظام غذائي متوازن ونمط حياة صحي.

ويستعرض تقرير نشره موقع «فيريويل هيلث» أبرز أنواع الشاي المرتبطة بفقدان الوزن وآلية تأثير كل منها وفق ما توضحه الأبحاث العلمية:

1. الشاي الأخضر

يُعدّ الشاي الأخضر مصدراً غنياً بالكاتيكينات، وهي مضادات أكسدة تساعد في تفكيك الدهون داخل الجسم. وتشير الدراسات إلى أن استهلاك مستخلص الشاي الأخضر يمكن أن يعزّز معدل الأيض وعمليات حرق الدهون، خصوصاً دهون البطن. ويحتوي الشاي الأخضر طبيعياً على الكافيين، الذي يعزّز الأيض واستخدام الجسم للدهون مصدراً للطاقة.

2. الشاي الأسود

يحتوي الشاي الأسود على البوليفينولات، وهي مركّبات نباتية قد تكون أكثر فاعلية في الوقاية من السمنة مقارنة بتلك الموجودة في الشاي الأخضر. ويمرّ الشاي الأسود بعملية تخمير تزيد من مستويات الفلافونويدات (نوع آخر من مضادات الأكسدة) التي قد تساهم في فقدان الوزن وحرق الدهون عبر رفع معدل الأيض.

كما يحتوي الشاي الأسود عادةً على كمية أكبر من الكافيين مقارنة بالأنواع الأخرى، ما قد يساهم في فقدان الوزن عبر زيادة استهلاك الطاقة.

3. شاي الزنجبيل

يساهم احتساء شاي الزنجبيل في إنقاص الوزن من خلال تعزيز معدل الأيض وزيادة عدد السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم. كما أن الاستهلاك المنتظم لمكمّلات الزنجبيل قد يساعد على خفض الوزن الكلي للجسم.

ويساعد الزنجبيل أيضاً في دعم عملية الهضم عبر تعزيز حركة الجهاز الهضمي، أي سرعة مرور الطعام عبر القناة الهضمية. وقد يساعد شرب شاي الزنجبيل قبل الوجبات أو أثنائها في الوقاية من مشكلات هضمية مثل الحموضة وعسر الهضم. وتُظهر مكمّلات الزنجبيل قدرة على تقليل أعراض عسر الهضم، مثل:

التجشؤ

الانتفاخ

الغثيان

آلام المعدة

يساهم احتساء شاي الزنجبيل في إنقاص الوزن من خلال تعزيز معدل الأيض (بيكسلز)

4. شاي الكركديه

قد تُقلّل المركبات النباتية (الأنثوسيانينات) الموجودة في الكركديه من كمية الكربوهيدرات التي يمتصها الجسم، وهو ما قد يحدّ من السعرات الحرارية الواردة من الأطعمة السكرية أو الغنية بالنشويات.

وقد أظهر البحث العلمي أنّ تناول مستخلص الكركديه ساعد في خفض تراكم الدهون داخل الجسم. إلا أن الخبراء يشيرون إلى ضرورة تناول جرعات عالية من الكركديه للحصول على نتائج كبيرة في فقدان الوزن.

5. شاي النعناع

تدعم مضادات الأكسدة و«المنتول» الموجودة في شاي النعناع صحة الهضم عبر تخفيف التشنجات العضلية في الجهاز الهضمي، وتخفيف آلام المعدة، وتحسين عملية الهضم.

وبما أنّ النعناع يساعد كذلك على تقليل الانتفاخ، فقد يلاحظ البعض بطناً أكثر تسطّحاً مؤقتاً بعد احتسائه، الأمر الذي قد يشكّل حافزاً لاعتماد عادات أخرى لإدارة الوزن.

6. شاي الأولونغ

تشير بعض الأبحاث إلى أنّ شرب شاي الأولونغ لمدة أسبوعين ساهم في تسريع أكسدة الدهون، وهي العملية التي يكسّر فيها الجسم الأحماض الدهنية لإنتاج الطاقة.

كما وجدت دراسة أخرى أنّ استهلاك شاي الأولونغ قد يدعم فقدان الوزن من خلال خفض مستويات السكر والإنسولين في الدم.

7. الشاي الأبيض

يحتوي الشاي الأبيض على نسبة مرتفعة من مضادات الأكسدة، ما قد يساعد في دعم إدارة الوزن. وتشير الدراسات الأولية إلى أن شرب الشاي الأبيض بانتظام يمكن أن يساعد في الوقاية من السمنة ودعم جهود فقدان الوزن.

ورغم الحاجة إلى مزيد من الأدلة، تُظهر الأبحاث الأولية أنّ الشاي الأبيض قد يساهم في فقدان الوزن لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة عبر التأثير إيجاباً على مستويات الكوليسترول في الدم، والالتهابات، والاختلالات الهرمونية.

8. شاي الرويبوس

لا يزال الباحثون في المراحل الأولى من دراسة فوائد شاي الرويبوس، الذي يُعدّ خياراً خالياً من الكافيين. وقد تساعد البوليفينولات والفلافونويدات، مثل مركّب «أسبالاتين»، في تنظيم مستويات السكر في الدم وتقليل الدهون في الجسم.

وإضافة إلى ذلك، يتميز هذا الشاي العشبي بنكهة حلوة طبيعية، ما يجعله بديلاً جيداً للمشروبات المحلّاة التي يمكن أن تسهم في زيادة الوزن.

ما كمية الشاي المناسبة لخسارة الوزن؟

لا توجد إرشادات واضحة من الخبراء حول الكمية المثلى من الشاي لتحقيق فقدان الوزن، إلا أنّ الأبحاث استخدمت الكميات التالية:

وفي مراجعة بحثية، ساهم استهلاك ثلاثة إلى أربعة أكواب من الشاي الأخضر يومياً في تقليل الوزن.

ووجدت دراسة أخرى أن شرب أربعة أكواب أو أكثر يومياً من الشاي الأخضر خفّض خطر تراكم دهون البطن بنسبة 44 في المائة.

وتشير أدلة أخرى إلى أن شرب ثلاثة أكواب من الشاي الأسود يومياً يزيد مستويات مضادات الأكسدة، ما قد يساهم في فوائد إدارة الوزن.