تكنولوجيا غير جراحية لتحسين تفاعل المصابين بالتوحد

العلاج الجديد يعتمد على تقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (جامعة طوكيو)
العلاج الجديد يعتمد على تقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (جامعة طوكيو)
TT

تكنولوجيا غير جراحية لتحسين تفاعل المصابين بالتوحد

العلاج الجديد يعتمد على تقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (جامعة طوكيو)
العلاج الجديد يعتمد على تقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (جامعة طوكيو)

كشفت دراسة يابانية عن إمكانية استخدام علاج غير جراحي لتحسين التفاعل الاجتماعي والمرونة الذهنية لدى المصابين بالتوحد، من خلال تحفيز الدماغ عند دخوله في حالة «جمود عصبي».

وأوضح باحثون من جامعة طوكيو، في الدراسة التي نُشرت نتائجها، الاثنين، بدورية (Nature Neuroscience) أن العلاج الجديد أظهر فاعلية في تحسين سمات عدة مرتبطة بالتوحد باستخدام تكنولوجيا غير جراحية وآمنة.

والتوحد هو حالة عصبية تظهر في مرحلة الطفولة المبكرة وتستمر مدى الحياة، وتؤثر على طريقة تفاعل الفرد مع الآخرين وتواصله معهم، وترتبط بأنماط سلوك متكررة واهتمامات محدودة. وتختلف حدة الأعراض من شخص لآخر؛ إذ يمكن لبعض المصابين أن يعيشوا باستقلالية نسبية، بينما يحتاج آخرون إلى دعم مستمر. وحتى الآن، لا يوجد علاج نهائي للتوحد، بل تركز الجهود العلاجية على التدخلات التعليمية والسلوكية والطبية لتحسين المهارات وتقليل التحديات اليومية.

ويعتمد العلاج الجديد على تقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS)، وهي تقنية تُستخدم بالفعل لعلاج الاكتئاب، لكن فريق البحث طورها لتعمل بطريقة أكثر دقة من خلال الاستجابة لحالة الدماغ اللحظية.

وشارك في الدراسة أكثر من 40 بالغاً يعانون من التوحد. وعلى مدى 12 أسبوعاً، تلقى المشاركون جلسات منتظمة من التحفيز العصبي تُطبق فقط عندما يرصد النظام أن أدمغتهم أصبحت «عالقة» في نمط معين من النشاط العصبي، وهي حالة تُعرف باسم «الجمود العصبي».

ويُعد «الجمود العصبي» إحدى السمات البيولوجية الشائعة لدى مرضى التوحد، ويرتبط بصعوبات في التفاعل الاجتماعي والمرونة الذهنية والسلوكية. واعتمدت التجربة على نظام يُسمى «التحفيز العصبي الموجَّه بحالة الدماغ»، يجمع بين أجهزة لقياس النشاط الكهربائي في الدماغ (EEG) وتقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، لتطبيق نبضات مغناطيسية قصيرة تُعيد تنشيط الدماغ وتحفّزه على الانتقال بين أنماط متعددة من النشاط العصبي.

وأظهرت النتائج أن هذا التدخل أدى إلى تحسُّن تدريجي في بعض السمات المرتبطة بالتوحد، حيث بدأت مظاهر الجمود العصبي بالتراجع خلال الأسبوع الأول، وظهرت تحسُّنات ملحوظة في مهارات التفاعل الاجتماعي بعد نحو 6 إلى 7 أسابيع. واستمرت هذه التحسينات لمدة تصل إلى شهرين بعد انتهاء آخر جلسة علاجية.

وأشار الفريق إلى أن النتائج تُقدم تفسيراً جديداً لكيفية تداخل الخصائص الاجتماعية والمعرفية والبصرية لدى المصابين بالتوحد، رغم تنوع الأعراض وشدّتها من حالة إلى أخرى. ورغم أن آثار العلاج بدأت تتلاشى بعد نحو شهرين، يرى الباحثون أن بالإمكان تطوير بروتوكول علاجي أطول لضمان نتائج أكثر استدامة. كما يأمل الفريق أن تشمل الدراسات المستقبلية فئات أوسع من حيث العمر ودرجات التوحد، بما يُمهِّد لتطبيق هذا النهج العلاجي على نطاق أوسع. ولمح الباحثون أيضاً إلى إمكانية توسيع استخدام هذه التقنية لعلاج اضطرابات أخرى مثل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والوسواس القهري.


مقالات ذات صلة

علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي

صحتك الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)

علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي

كشف باحثون من جامعة نابولي الإيطالية عن نتائج دراسة واعدة، أظهرت أن دواءً شائعاً لعلاج السكري من النوع الثاني قد يقلّل بشكل كبير من نوبات الصداع النصفي المزمن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تكنولوجيا مع انتشار السيارات ذاتية القيادة تبرز الحاجة إلى أنظمة قادرة على اتخاذ قرارات أخلاقية في مواقف مصيرية على الطريق (غيتي)

في القيادة الذاتية... من يتحمّل القرار الأخلاقي عند اللحظة الحاسمة؟

مع اقتراب انتشار السيارات الذاتية القيادة، تبرز تساؤلات أخلاقية حول قدرتها على اتخاذ قرارات مصيرية، ومن يتحمّل المسؤولية عند وقوع الحوادث.

نسيم رمضان (لندن)
يوميات الشرق باطن الكوكب يتحكّم في الأكسجين (ناسا)

باطن الأرض يتحكَّم في مستويات الأكسجين بالغلاف الجوّي

اكتشاف مثير يربط بين النشاط العميق في باطن الأرض والتغيّرات في تركيبة الغلاف الجوّي، وتحديداً مستويات الأكسجين، وذلك على مدى أكثر من 540 مليون سنة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا «غارتنر»: نجاح تطبيق الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرار يعتمد على وجود حوكمة قوية وبُنية بيانات متماسكة (غيتي)

«غارتنر»: الذكاء الاصطناعي سيتخذ نصف قرارات الأعمال بحلول 2027

بحلول 2027، سيتولى الذكاء الاصطناعي نصف قرارات الأعمال، ما يعني أن نجاح المؤسسات سيتوقف على الحوكمة وجودة البيانات ووعي القادة بقدرات التقنية وحدودها.

نسيم رمضان (لندن)
صحتك مرض السكري يتطلب مراقبة دقيقة لمستويات السكر في الدم (رويترز)

برنامج صحي مبتكر للوقاية من السكري

كشفت دراسة بريطانية أن البرنامج الوقائي الذي أطلقته هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا، نجح في تقليل معدلات الإصابة بالسكري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي

الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)
الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)
TT

علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي

الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)
الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)

كشف باحثون من جامعة نابولي الإيطالية عن نتائج دراسة واعدة، أظهرت أن دواءً شائعاً لعلاج السكري من النوع الثاني قد يقلّل بشكل كبير من نوبات الصداع النصفي المزمن.

وأوضح الباحثون أن فعالية الدواء ترجع إلى آلية غير تقليدية تتعلق بخفض ضغط سوائل الدماغ، وعُرضت النتائج، الجمعة، ضمن فعاليات مؤتمر الأكاديمية الأوروبية لعلم الأعصاب، الذي يُعقد بين 21 و24 يونيو (حزيران) 2025 في هلسنكي، بفنلندا.

ويُعد الصداع النصفي اضطراباً عصبياً شائعاً، يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس، وغالباً ما يتركز في جانب واحد. وتُصاحب النوبات أحياناً أعراض مثل الغثيان، والتقيؤ، والحساسية الشديدة للضوء أو الصوت، وقد تستمر من ساعات لأيام.

وتختلف شدة وتكرار النوبات من شخص لآخر، ويُعد الصداع النصفي من أبرز أسباب الإعاقة المؤقتة عالمياً، لا سيما بين النساء. وعلى الرغم من توفر عدة أدوية للتخفيف من حدة النوبات أو الوقاية منها، فإن بعض المرضى لا يستجيبون للعلاجات التقليدية، مما يدفع للبحث عن بدائل علاجية جديدة وفعالة.

وأُجريت الدراسة على 26 من البالغين المصابين بالسمنة والصداع النصفي المزمن، بهدف اختبار فعالية دواء «ليراجلوتيد» (liraglutide)، وهو من فئة أدوية (GLP-1) المعروفة بتأثيرها في خفض سكر الدم، وكبح الشهية، وتقليل الوزن، ويُستخدم على نطاق واسع لعلاج السكري.

وأظهرت النتائج انخفاضاً ملحوظاً في عدد أيام الصداع، بمعدل 11 يوماً أقل شهرياً، بعد استخدام الدواء لمدة 12 أسبوعاً. كما انخفضت درجات الإعاقة على مقياس تقييم إعاقة الصداع النصفي بمقدار 35 نقطة، وهو تحسن كبير ذو دلالة سريرية، يعكس استعادة المرضى لقدرتهم على العمل، والدراسة، والنشاط الاجتماعي.

وأشار الباحثون إلى أن معظم المرضى شعروا بتحسن ملحوظ خلال أول أسبوعين من بدء العلاج، واستمر هذا التحسن طوال فترة الدراسة التي امتدت لثلاثة أشهر.

آثار جانبية طفيفة

ورغم أن «ليراجلوتيد» معروف بفعاليته في تقليل الوزن، فإن التغير في مؤشر كتلة الجسم للمشاركين لم يكن ذا دلالة إحصائية، ما يُعزز فرضية أن التحسن في الصداع ناجم عن خفض ضغط السائل الدماغي الشوكي، وليس عن خسارة الوزن.

ويعتقد الفريق أن تقليل ضغط هذا السائل يخفف من الضغط على الجيوب الوريدية داخل الجمجمة، مما يؤدي لتقليل إفراز أحد المحفزات الرئيسية لنوبات الصداع النصفي.

وسُجّلت آثار جانبية طفيفة لدى 38 في المائة من المشاركين، تمثلت غالباً في الغثيان والإمساك، لكنها لم تؤدِ إلى توقف أي من المرضى عن الاستمرار في العلاج.

ويُخطط الفريق حالياً لإجراء تجربة سريرية جديدة لاختبار أدوية أخرى تنتمي للفئة نفسها، قد تحقق التأثير العلاجي ذاته مع آثار جانبية أقل. وإذا تم تأكيد هذه النتائج، فقد تُفتح آفاق جديدة لعلاج الصداع النصفي، خصوصاً أولئك الذين لم تنجح معهم العلاجات المتوفرة حالياً.