تمكّن فريق بحثي من جامعتي تونجي وشنغهاي جياو تونغ في الصين من تطوير نظام مبتكر يمكّن المركبات ذاتية القيادة من التنقل بأمان وسط الحشود الكثيفة من دون التعرض لأي حوادث.
وأوضح الباحثون أن النظام الجديد يمنع تصادمات السيارات الذاتية مع المشاة حتى في المواقف المزدحمة وغير المتوقعة، ونُشرت النتائج، الأربعاء، بدورية (Robot Learning).
وتواجه المركبات الذاتية القيادة تحديات كبيرة عند التحرك بين الحشود؛ إذ يتطلب الأمر توازناً دقيقاً بين السلامة والسرعة والتكيف مع التصرفات غير المتوقعة للمشاة.
ويرتبط تحدي التنقل داخل الحشود بقدرة المركبة على توقع سلوكيات المشاة غير المتوقعة، مثل التوقف المفاجئ، والانضمام أو الانفصال عن مجموعات، أو الانشغال بالجوالات في أثناء المشي.
ولتطوير النظام، استخدم الباحثون شبكة (GAN) الاجتماعية، وهي نموذج ذكاء اصطناعي يعتمد على التعلم العميق لتوليد توقعات متعددة لمسارات المشاة المستقبلية.
ويأخذ النموذج بيانات قصيرة من مسار كل شخص في الماضي القريب ويبتكر سيناريوهات محتملة لحركته، مثل المشي المستقيم، والتباطؤ، أو تغيير الاتجاه. وتساعد هذه التنبؤات المتعددة المركبة على فهم السلوك الاجتماعي للمشاة، مثل التحرك ضمن مجموعات أو إفساح المجال للآخرين، بدلاً من الاعتماد على مسار واحد متوسط قد يكون غير دقيق أو محفوفاً بالمخاطر.
كما استخدم الفريق مخطط التحكم التنبؤي النموذجي (MPC)، الذي يتحكم في حركة المركبة لحظياً عبر التخطيط لمسار آمن وقابل للتنفيذ خلال فترة قصيرة مقبلة. ويستفيد هذا المخطط من توقعات شبكة (GAN)، إذ يعامل كل مسار متوقع كعائق متحرك ضمن عملية التخطيط، ثم يحسب أوامر التوجيه والتسارع اللازمة للحفاظ على مسافة آمنة وضمان راحة الركاب. والنتيجة هي قدرة المركبة على التنقل بمرونة وأمان بين الحشود، مع اتخاذ قرارات استباقية دقيقة بدلاً من ردود الفعل الطارئة.
وفي تجارب المحاكاة، حقق النظام نتائج لافتة؛ إذ سجّل صفراً في مخالفات السلامة مع الحفاظ على مسافة آمنة تبلغ نحو 0.94 متر من أقرب مشاة، مع بقاء مستويات الراحة ضمن الحدود المقبولة للركاب. وعلى الرغم من اعتماد المركبة مسارات أكثر حذراً، فإن زيادة زمن الرحلة كانت طفيفة جداً ولم تتجاوز 0.8 ثانية، مع انخفاض بسيط في كفاءة المسار.
وقد أظهرت الدراسة أن النظام الجديد يتصرف بطريقة تشبه السائق البشري الحذر، متجنباً التوقفات المفاجئة والسلوكيات المتهورة.
وأظهر الفريق أيضاً أن الدورة الكاملة للنظام، من التنبؤ إلى التحكم، سريعة بما يكفي للتطبيق على مركبات حقيقية؛ إذ بلغ متوسط زمن الاستجابة نحو 209 ميلي ثانية فقط، وهو أقل بكثير من الحد الأقصى المسموح به البالغ 400 ميلي ثانية.
وبحسب الباحثين، يمثل هذا الابتكار خطوة مهمة نحو قيادة ذاتية خالية من الحوادث في المدن المزدحمة، ويقربنا من اعتماد مركبات أكثر أماناً وذكاءً تتفاعل بشكل طبيعي مع البشر في الشوارع.



