الجينات أم نمط الحياة... أيهما يحدد مسارك الصحي؟

كلاهما يرسم مصيرك

الجينات أم نمط الحياة... أيهما يحدد مسارك الصحي؟
TT

الجينات أم نمط الحياة... أيهما يحدد مسارك الصحي؟

الجينات أم نمط الحياة... أيهما يحدد مسارك الصحي؟

س: ما العامل الأهم في تحديد صحتي: جيناتي أم نمط حياتي؟

ج: كلاهما لا يخلو من أهمية. وفي حين أنك لا تستطيع فعل الكثير حيال الجينات، يمكنك فعل الكثير بشأن نمط حياتك.

تأثيرات نمط الحياة

إلى جانب نمط الحياة، تلعب ظروف الحياة، مثل مستوى الدخل، والحالة الاجتماعية، دوراً كبيراً كذلك.

وفيما يتعلق بالأشخاص النادرين الذين يعيشون حتى سن 100 أو أكثر (المعمَّرين)، يبدو أن الجينات تلعب الدور الأكبر في تحديد طول العمر. وعلى سبيل المثال، فإن بعض المعمَّرين كانوا مدخنين، ومع ذلك تمتعوا بجينات تساعدهم على تجاوز التأثيرات الضارة للتدخين. واليوم، يعكف العلماء على تحديد الجينات الواقية التي يمتلكها هؤلاء المعمَّرون.

اختيارات حياتية وجينات متوارثة

على الجانب المقابل، نعرف الكثير عن التأثيرات الضارة لبعض الاختيارات المرتبطة بنمط الحياة، مثل التدخين، وقلة النشاط البدني، وتناول الكثير من اللحوم الحمراء المصنعة، وكذلك عن بعض الجينات، مثل الجينات التي تسبب ارتفاعاً شديداً في نسبة الكولسترول في بعض العائلات. ومع ذلك، فإن سؤالك أوسع من ذلك: ما الأهمية النسبية لجميع اختيارات نمط الحياة مقارنة بجميع العوامل الوراثية التي نرثها؟

دراسة جديدة

تناولت دراسة نُشرت على الإنترنت في 19 فبراير (شباط) 2025 في دورية «نيتشر ميديسين» (Nature Medicine) هذا السؤال. وعكف علماء في جامعة هارفارد ومؤسسات أخرى حول العالم على جمع معلومات تفصيلية عن مئات الآلاف من الأشخاص. وتضمنت هذه البيانات معلومات عن جيناتهم، وسرعة تقدم خلاياهم في العمر، والأمراض التي أصيبوا بها، بالإضافة إلى اختياراتهم الحياتية، وظروفهم الاجتماعية.

تأثير أقوى للجينات

فيما يخص بعض الأمراض، بدت الجينات أكثر تأثيراً من نمط الحياة، وظروف المعيشة، مثل: الخرف dementia، والتنكس البقعي macular degeneration، وسرطانات الثدي، والبروستاتا، والقولون.

تأثير أقوى لنمط الحياة

في المقابل، بدا أن لظروف الحياة ونمط الحياة تأثيراً أقوى فيما يخص أمراضاً أخرى، مثل تصلب شرايين القلب والدماغ، والتهاب المفاصل الروماتويدي، وأمراض الرئة، والقلب، والكبد.

أهمية الجينات وسبل العيش

وعلى رأس العوامل السلبية المرتبطة بنمط الحياة، وظروفها التي تؤثر سلباً على الصحة: التدخين، وتدني الوضع الاجتماعي ـ الاقتصادي، وغياب النشاط البدني، والعيش وحيداً مقارنة بالعيش مع شريك، وعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، والتقلبات المزاجية.

كما تبين أن صحة الشخص تتأثر بما إذا كانت والدته مدخنة عندما كان صغيراً، وما إذا كان وزنه عند الولادة أعلى من المتوسط.

وسلطت هذه الدراسة البارزة الضوء على أهمية كل من الجينات ونمط الحياة/ ظروف المعيشة في التأثير على صحة الإنسان. ورغم وجود تقنيات متقدمة لتعديل الجينات، مثل «كريسبر»، التي سبق أن ناقشناها، فإن قدرتنا على تغيير مصيرنا الجيني ستظل محدودة على الأرجح لعقود مقبلة. لذا، سيظل الواقع أنه كما لا يمكنك اختيار والديك، لا يمكنك كذلك الهروب من تأثير الجينات التي ترثها منهما.

وتُؤكد الدراسة الأخيرة أن خيارات نمط حياتنا يمكن أن تؤثر بشكل عميق على صحتنا، سواء للأفضل، أو للأسوأ. أما التخفيف من حدة تأثير ظروف الحياة السلبية، مثل الفقر، والعيش وحيداً، فيتطلب استثماراً مجتمعياً في توفير خدمات دعم اجتماعي فاعلة.

* رسالة هارفارد للقلب خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

اختبارات جينية منزلية... للكشف عن أمراض القلب

صحتك اختبارات جينية منزلية... للكشف عن أمراض القلب

اختبارات جينية منزلية... للكشف عن أمراض القلب

جمعية القلب الأميركية تشكك فيها

جولي كورليس (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك هل قلبك على استعداد لممارسة الجنس؟

هل قلبك على استعداد لممارسة الجنس؟

الجنس لا يُشعِرك بالمتعة فحسب، بل يحمل معه كذلك فوائد لقلبك، فالحفاظ على حياة جنسية نشطة، يساعد على خفض ضغط الدم، وتحسين الدورة الدموية.

ماثيو سولان (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك ما هي الصلة بين السرطان وأمراض القلب؟

ما هي الصلة بين السرطان وأمراض القلب؟

بفضل التقدم في جهود الكشف عن السرطان وعلاجه، أصبح مرضى السرطان يعيشون اليوم فترات أطول بكثير مما كانوا عليه في الماضي

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب ينفي تقدمه وهو شاب للالتحاق بجامعة هارفارد (أ.ب)

«البنتاغون» يحذِّر من إلغاء تمويل بحوث «هارفارد» لأسباب تتعلق بالأمن القومي

بدأت الأزمة بين إدارة الرئيس ترمب وجامعة هارفارد تزداد اشتعالاً وتأخذ أبعاداً جديدة، بعد اتهامات وجهها الصحافي الشهير، مايكل وولف، للرئيس، بأنه يضطهد الجامعة.

هبة القدسي (واشنطن)
صحتك هل يُشفى التهاب الرتوج من تلقاء نفسه؟

هل يُشفى التهاب الرتوج من تلقاء نفسه؟

كان طبيبك اكتشف وجود الرتوج عند تنظير سابق للقولون، لكنك لم تتصور أبداً أن هذه الأكياس الصغيرة في أمعائك الغليظة (القولون) سوف تتحول إلى أورام خبيثة صغيرة.

هايدي غودمان (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)

الدماغ يحدد بدقة العمر البيولوجي للشخص وخطر وفاته

طبيب ينظر إلى فحوص التصوير المقطعي للدماغ في معهد بانر لألزهايمر بفينيكس (أ.ب)
طبيب ينظر إلى فحوص التصوير المقطعي للدماغ في معهد بانر لألزهايمر بفينيكس (أ.ب)
TT

الدماغ يحدد بدقة العمر البيولوجي للشخص وخطر وفاته

طبيب ينظر إلى فحوص التصوير المقطعي للدماغ في معهد بانر لألزهايمر بفينيكس (أ.ب)
طبيب ينظر إلى فحوص التصوير المقطعي للدماغ في معهد بانر لألزهايمر بفينيكس (أ.ب)

حين نقابل شخصاً ما للمرة الأولى، فإننا نميل إلى توقع عمره؛ وفقاً لمجموعة من العوامل الظاهرية مثل تجاعيد الوجه، ولون الشعر، وطريقته في المشي على سبيل المثال.

وفي كثير من الأحيان، تكون هذه التخمينات دقيقة، لكنها في أحيان أخرى تكون بعيدة كل البعد عن الحقيقة، ويرجع ذلك إلى الفجوة بين العمر الفعلي للشخص وعمره البيولوجي.

و«العمر البيولوجي» هو العمر الذي يعتمد على صحة الخلايا والأعضاء الداخلية.

ولطالما اهتم العلماء بدراسة الفجوة بين العمر الزمني والعمر البيولوجي، لأن هذا الاختلاف يعكس سرعة شيخوخة الشخص، وهي عملية تتأثر بعوامل مثل المرض، والتدخين، والنظام الغذائي، وعوامل أخرى متعلقة بنمط الحياة.

وفي الدراسة الجديدة طوّر علماء من جامعة «ستانفورد» الأميركية اختبار دم يُمكنه تحديد «العمر البيولوجي» للشخص، وفقاً لمجلة «التايم» الأميركية.

ويبحث الاختبار عن مجموعات من البروتينات الفريدة في 11 جهازاً عضوياً، وكل مجموعة من هذه المجموعات تُوفر نافذة على مدى صحة العضو. وعند النظر إليها مجتمعةً، يُمكنها المساعدة في التنبؤ بالأشخاص المُعرَّضين للإصابة بأمراض مُعيَّنة خلال العقد المُقبل تقريباً.

ووجد الباحثون أن الدماغ يُمثل مُؤشراً قوياً بشكل خاص في تحديد العمر البيولوجي للشخص.

وأشاروا إلى أن الأشخاص الذين لديهم أدمغة أكبر بيولوجياً من أعمارهم الزمنية يميلون إلى الموت أبكر من أولئك الذين لديهم أدمغة أصغر بيولوجياً من أعمارهم الحقيقية.

وأضافوا قائلين: «بالنسبة الأشخاص الذين يعد عمر أدمغتهم البيولوجي أصغر من عمرهم الزمني، فإن خطر الوفاة يكون أقل بنسبة 40 في المائة مقارنةً بالمسنين العاديين. ولم يكن الأشخاص ذوو الأدمغة الأكبر سناً أكثر عُرضة لحياة أقصر فحسب، بل كانوا أيضاً أكثر عُرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بثلاث مرات من كبار السن العاديين».

وقال المؤلف الرئيس للدراسة الدكتور توني ويس - كوراي، أستاذ علم الأعصاب بجامعة «ستانفورد»: «لقد قمنا بدراسة 3000 بروتين لدى 45 ألف شخص، تتراوح أعمارهم بين 40 و70 عاماً، قدموا عينات دم إلى البنك الحيوي البريطاني. وبعد ذلك، نجحنا في تحديد بروتينات فريدة في 11 عضواً مختلفاً هي الأنسجة الدهنية، والشرايين، والدماغ، والقلب، والأنسجة المناعية، والأمعاء، والكلى، والكبد، والرئة، والعضلات، والبنكرياس».

وأضاف: «نتيجة لذلك، توصلنا إلى مدى صحة كل عضو من الأعضاء، وبالتالي العمر البيولوجي للأشخاص. وتبيّن أن البروتينات المرتبطة بالدماغ هي مؤشر قوي بشكل خاص لتحديد العمر البيولوجي للشخص».

وأكد ويس - كوراي أنه على الرغم من أن النتائج تُثير القلق، فإنها تُبشر بالخير أيضاً. فعلى عكس الجينات، فإن البروتينات قابلة للتعديل، ويمكن تعزيزها بالأدوية أو تغيير نمط الحياة أو كليهما.