هل شرب الشاي مفيد للصحة حقاً؟

يحتوي على مركبات مضادة للأكسدة

هل شرب الشاي مفيد للصحة حقاً؟
TT
20

هل شرب الشاي مفيد للصحة حقاً؟

هل شرب الشاي مفيد للصحة حقاً؟

الشاي هو أحد أكثر المشروبات شعبية في العالم. وعندما يقدم دافئاً، فهو كوب مهدئ ومريح، وعندما يُسكب فوق الثلج، فهو منعش.

يتمتع هذا المشروب بأهمية ثقافية في الكثير من البلدان، فهو عنصر أساسي للاسترخاء والهدوء والضيافة والتواصل والتقاليد. كما يُقدَّر هذا الإكسير القديم لفوائده الصحية القوية. ولكن هل الشاي مفيد لنا حقاً؟

ما الشاي؟

تأتي كل أنواع الشاي من أوراق نفس النبات: نبات الكاميليا سينينسيس. وما يجعل الشاي مختلفاً هو كيفية معالجة أوراق الشاي -تجفيفها أو تبخيرها أو لفها أو تأكسدها (تعريضها للأكسجين في الهواء).

ويحدد المزيج الخاص من طرق المعالجة لون الشاي وطعمه ونوعه. على سبيل المثال، يخضع الشاي الأسود للفلفة الأوراق والأكسدة، مما يزيد من عمق لونه الكهرماني أو الأحمر أو البُني ويعزز النكهة. ويتم تبخير الشاي الأخضر لوقف الأكسدة، والحفاظ على لونه الأخضر الطازج وطعمه المعتدل.

ما الذي يحتويه الشاي؟

لن تجد الكثير من الفيتامينات أو العناصر الغذائية في الشاي، ولكنه غني بالمواد الكيميائية النباتية -المركبات التي تمنح النباتات خصائصها (مثل اللون والرائحة) ولها تأثيرات دوائية عندما نستهلكها. المواد الكيميائية النباتية الأساسية في الشاي هي الكافيين ومجموعات البوليفينول polyphenols.

تعتمد كمية ونوع المواد الكيميائية النباتية في الشاي على كيفية معالجة الأوراق. وعلى سبيل المثال، تحتوي أنواع الشاي غير المؤكسدة على مستويات عالية من البوليفينول تسمى الكاتيكين catechins؛ والشاي المؤكسد بالكامل غني بأنواع البوليفينول المسماة الثيافلافين heaflavins والثياروبيجين thearubigins.

ومثال آخر: «الشاي الأخضر يحتوي على مركبات البوليفينول أكثر من الشاي الأسود، ولكن الشاي الأسود يحتوي على كمية أكبر من الكافيين. والشاي الأخضر المجفف المطحون إلى جزيئات دقيقة. وهو أكثر تركيزاً -أعلى في الكافيين والبوليفينول من الشاي الأخضر العادي»، كما يقول الدكتور فرانك هو، رئيس قسم التغذية وأستاذ التغذية وعلم الأوبئة في كلية «هارفارد تي إتش تشان» للصحة العامة.

هل الشاي مفيد لك؟

نُشرت مئات الدراسات حول التأثيرات الصحية للشاي، لكنها لا تقدم أدلة قاطعة. وكثير من الدراسات صغيرة أو أُجريت لفترات قصيرة. ومعظم الدراسات حول الشاي -حتى الكبيرة منها- هي مراقبة، وتقييم الارتباط فقط بين استهلاك الشاي والصحة، وليس بالضرورة السبب والنتيجة.

أيضاً: أُجري بعض الدراسات في المختبرات أو على الحيوانات فقط. وأُجري كثير من الدراسات على مجموعات سكانية يصعب مقارنتها، مثل الأشخاص في آسيا الذين يشربون الشاي الأخضر في المقام الأول وهم أكثر عرضة لاتباع الأنظمة الغذائية الآسيوية التقليدية، أو الأشخاص في الدول الغربية حيث الشاي الأسود شائع والأنظمة الغذائية غالباً ما تكون فقيرة.

«لكن الاتجاه العام للبحث يشير إلى فائدة محتملة»، كما يقول الدكتور هو، «على سبيل المثال، تتمتع مواد الكاتيكين الموجودة في الشاي الأخضر بتأثيرات مضادة للأكسدة ومضادة للالتهابات في النماذج الحيوانية ودراسات أنابيب الاختبار. كما أن البوليفينول مثل الكيرسيتين في الشاي الأسود لها تأثيرات مضادة للالتهابات مماثلة».

كيف يمكن أن يساعد الشاي؟

تشير الأبحاث إلى أن خصائص الشاي المضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة (مضادات الأكسدة تحارب الجذور الحرة، التي تُلحق الضرر بالخلايا) قد تساعد في تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة. يقول الدكتور هو: «وجد كثير من التحليلات الحديثة أن زيادة استهلاك الشاي، خصوصاً الشاي الأسود والشاي الأخضر، مرتبطة بانخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية والسكري والوفاة المبكرة... ويشير بعض الدراسات إلى أن شرب الشاي قد يساعد على تقليل التوتر وتحسين الصحة العقلية».

وأشار تحليل عام 2023 للدراسات التي شملت أكثر من 410 آلاف شخص، ونشرته دار بيرجيه (PeerJ)، إلى أن شرب الشاي قد يقلل من خطر الإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 29 في المائة.

وقد يساعدك تناول الشاي حتى على العيش لفترة أطول. على سبيل المثال، وجدت دراسة مراقبة أُجريت عام 2020 على 5000 شخص في اليابان، ونشرتها مجلة «BMJ Open Diabetes Research & Care»، أن شرب أربعة أكواب من الشاي الأخضر يومياً كان مرتبطاً بانخفاض خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40 في المائة. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي الشاي على مادة الكافيين، التي توفر دفعة من الطاقة والوضوح العقلي.

كم من الشاي يجب أن تشرب؟

يقول الدكتور هو إن الفوائد الصحية للشاي تأتي من شرب كوبين إلى أربعة أكواب يومياً من الشاي الأخضر أو الأسود أو أولونغ (oolong tea). قد تكون أنواع أخرى من الشاي، مثل الشاي المخمَّر المعروف باسم بو إير (pu-erh)، مفيدة أيضاً للصحة، على الرغم من أن الأدلة الداعمة أكثر محدودية.

لا تكون تأثيرات الشاي كلها «وردية»، (بمعنى صحية). إذا أضفت الكثير من المُحليات والقشدة إلى الشاي، فإنك ستزيد من تناول السعرات الحرارية والدهون والسكر. وإذا كنت تعاني من الأرق أو عدم انتظام ضربات القلب، فقد يؤدي الكافيين (المنشط) الموجود في الشاي إلى ظهور الأعراض. وشرب الشاي الساخن جداً قد يؤدي إلى إتلاف المريء وزيادة خطر الإصابة بالسرطان.

ولكن بشكل عام، يعد الشاي جزءاً من نظام غذائي صحي. ويقول الدكتور هو: «إنه مريح. هناك شيء في الاستمتاع بالشاي يستحق النظر فيه».

* رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

صحة الفم... مفتاح لصناعة الرياضيين الأبطال

علوم صحة الفم... مفتاح لصناعة الرياضيين الأبطال

صحة الفم... مفتاح لصناعة الرياضيين الأبطال

آلام الفم عامل معيق وخطير في بيئة رياضية تعتمد على دقة الأداء وسرعة الاستجابة

د. عميد خالد عبد الحميد (الرياض)
صحتك يتكون «أوتزمبيك» من الشوفان وعصير الليمون والماء وأحياناً القرفة

مشروب «أوتزمبيك» يغزو مواقع التواصل... سر الرشاقة أم مجرد خرافة؟

مع تزايد شعبية أدوية أوزمبيك وغيرها من أدوية «جي إل بي – 1» لإنقاص الوزن، يغزو مشروب «أوتزمبيك» (أوزمبيك الشوفان) مواقع التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تصوير شبكية العين يُساعد في اكتشاف المشاكل الصحية المُحتملة مُبكراً مما يُتيح اتخاذ إجراءات وقائية (أرشيفية - رويترز)

دراسة: عوامل وراثية لمرض الفصام ترتبط بانخفاض سمك شبكية العين

توصل فريق بحثي في سويسرا إلى أن مخاطر الإصابة بمرض انفصام الشخصية (شيزوفرينيا) بسبب عوامل وراثية ترتبط بانخفاض سمك شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تناول المضادات الحيوية في الصغر يزيد من مخاطر الإصابة بالربو بنسبة 24 % (رويترز)

الإفراط في المضادات الحيوية يزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال

كشفت دراسة حديثة أن الإفراط في تناول المضادات الحيوية يزيد من مخاطر إصابة الأطفال بالحساسية والربو مع تقدمهم في العمر.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو )
صحتك يُصيب الخرف حالياً 57 مليون شخص عالمياً مع توقعات تضاعف الرقم 3 مرات خلال العقود المقبلة (أرشيفية - د.ب.أ)

ما الفارق بين الخرف والنسيان الطبيعي؟

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن معظم الأشخاص يشعرون بالقلق من نسيان الأسماء والعناوين، ما يثير قلقهم من إصابتهم بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ازدياد العيوب الخَلَقية للأجنة ومشاكل النمو لدى الأطفال في غزة

ازدياد العيوب الخَلَقية للأجنة ومشاكل النمو لدى الأطفال في غزة
TT
20

ازدياد العيوب الخَلَقية للأجنة ومشاكل النمو لدى الأطفال في غزة

ازدياد العيوب الخَلَقية للأجنة ومشاكل النمو لدى الأطفال في غزة

تُظهر دراسة نفسية حديثة نُشرت في النصف الثاني من شهر أبريل (نيسان) من العام الحالي، في مجلة «سلوك ونمو الأطفال» (the journal Infant Behavior and Development)، أن المستويات العالية من المعادن السامة في مناطق الحروب ترتبط، بشكل وثيق، بزيادة العيوب الخلقية، وحدوث مشاكل في النمو العضوي والنفسي والإدراكي للأجنة أثناء فترة الحمل، وبعد فترة الولادة عن طريق الرضاعة الطبيعية.

معادن سامة ومسرطنة تهدد صحة الأمهات

من المعروف أن الرضاعة الطبيعية تُمثل نوعاً مهماً من الحماية العضوية للطفل حديث الولادة، وتساعد في نموه العضوي والنفسي والإدراكي. وفي مناطق الحروب، تُشكل المعادن السامة الموجودة في الجو الناتجة عن استخدام الأسلحة الحديثة مخاطر كبيرة على صحة الأمهات والأطفال، لذلك من المهم رصد أثر هذه المواد على صحة الرضع.

وقد أوضح الباحثون من جامعة تامبيري (Tampere university) بفنلندا، أن التقدم التكنولوجي الكبير في الأسلحة العادية المستخدمة الآن بالحروب، يسبب ارتفاعاً في نسب المعادن السامة والمسرطنة في الجو، مما ينعكس بالسلب على نمو الأطفال.

دراسة على 500 امرأة فلسطينية وأطفالهن الرضع

الدراسة التي أجريت على ما يزيد على 500 من الأمهات والأطفال الفلسطينيين كانت على 3 مراحل الأولى في مستشفيات الولادة بشمال ووسط وجنوب مدينة غزة في الفترة بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) من عام 2014، والمرحلة الثانية كانت عندما بلغ الرضع 6 أشهر، والمرحلة الثالثة كانت بعد عام ونصف العام، حيث أجرى الباحثون مقابلات مع الأمهات في المنازل.

وقيّم الباحثون نمو الأطفال، وتم سؤال الأمهات عن تطور مهارات الرضع الحركية الدقيقة، وكذلك تطور اللغة والمهارات الاجتماعية والعاطفية، وكانت معايير الاشتراك أن تكون الأم في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل خلال حرب غزة 2014.

أخطار على الجهاز العصبي

ركزت الدراسة على أثر معادن معينة على نمو الرضع والأطفال، مثل المعادن التي يمكن أن تتسبب في حدوث السرطان، وتُلحق الضرر بالجهاز العصبي، وتُعيق نمو الأجنة مثل التنغستين (tungsten)، واليورانيوم والزئبق والكروم، وقاسوا تركيزات هذه المعادن في شعر الأمهات والمواليد الجدد.

عينات المعادن من شعر النساء والرضع

وفي الدراسات السابقة، كان الباحثون يدرسون معادن سامة محددة مثل الفوسفور الأبيض واليورانيوم المُخصب، لارتباط هذه المعادن بمضاعفات الحمل، أو صحة حديثي الولادة. ولكن في هذه الدراسة الجديدة، تم اختبار 18 معدناً ساماً أُخذت من عينات شعر الأمهات والرضع عند الولادة، حيث تُلقي الدراسة الضوء على أهمية الرضاعة الطبيعية في النمو بالعائلات التي تعاني من صدمات الحرب.

ووجدت الدراسة أن ارتفاع مستويات المعادن المُسرطنة والسامة للأعصاب neurotoxic (الزرنيخ والرصاص والزئبق والمنغنيز معادن ضارة بشكل خاص بالمخ والجهاز العصبي المركزي، ولذلك تصنف على أنها سامة للأعصاب) في حليب الأمهات، ارتبط بتراجع النمو بشكل عام، وانخفاض قدرة الرضع على الرضاعة، مما أدى إلى تقليل مدة الرضاعة وكميتها، مما أثر على الرضع بشكل مضاعف، بمعنى أنهم تعرضوا للحرمان من فوائد الرضاعة الطبيعية للنمو بشكل عام، بجانب أن قلة فترة الرضاعة تعزز من الآثار السلبية للمعادن السامة.

تدهور المهارات الحسية والإدراكية للأطفال

كان ارتفاع مستويات المعادن السامة في الأمهات وحديثي الولادة، مرتبطاً بشكل واضح بمشاكل في النمو في عمر 6 و18 شهراً، وكذلك مشاكل في المهارات الحسية الحركية والإدراكية، وخلل في التفاعل العاطفي، وكذلك تطور اللغة.

في النهاية، أكدت الدراسة أن المعادن السامة المستخدمة في الأسلحة والقنابل، قد تُعطل الرضاعة الطبيعية المثالية (إحدى وظائف الحماية الطبيعية في مرحلة الطفولة). ويوضح هذا التأثير أن العواقب البشعة للحرب لا تقتصر على الضحايا فقط، بل يمكن أن تنتقل إلى الأطفال من خلال حرمانهم من التغذية السليمة، وتلويث بيئتهم.