ما الفارق بين الخرف والنسيان الطبيعي؟

يُصيب الخرف حالياً 57 مليون شخص عالمياً مع توقعات تضاعف الرقم 3 مرات خلال العقود المقبلة (أرشيفية - د.ب.أ)
يُصيب الخرف حالياً 57 مليون شخص عالمياً مع توقعات تضاعف الرقم 3 مرات خلال العقود المقبلة (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

ما الفارق بين الخرف والنسيان الطبيعي؟

يُصيب الخرف حالياً 57 مليون شخص عالمياً مع توقعات تضاعف الرقم 3 مرات خلال العقود المقبلة (أرشيفية - د.ب.أ)
يُصيب الخرف حالياً 57 مليون شخص عالمياً مع توقعات تضاعف الرقم 3 مرات خلال العقود المقبلة (أرشيفية - د.ب.أ)

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن معظم الأشخاص يشعرون بالقلق من نسيان الأسماء والعناوين، ما يثير قلقهم من إصابتهم بالخرف.

وأشارت الصحيفة إلى أن بعض حالات فقدان الذاكرة لا تدعو للقلق، لكن الحصول على مساعدة في التعامل معها مبكراً يمكن أن يقلل من خطر تفاقمها.

وقدم أربعة خبراء في الخرف والشيخوخة نصائحهم حول ما هو طبيعي، وما هو مثير للقلق، ومتى يجب طلب المشورة الطبية.

متى يصبح النسيان جزءاً من الشيخوخة الطبيعية؟

تقول كارين أنستي، أستاذة العلوم النفسية ومديرة معهد مستقبل الشيخوخة بجامعة نيو ساوث ويلز في سيدني بأستراليا: «إننا جميعاً نصبح أبطأ قليلاً، ويصبح الكثير منا أكثر نسياناً مع تقدمنا ​​في السن ويحدث هذا أيضاً حتى عندما نكون صغاراً ومراهقين».

وأضافت أن إحدى الشكاوى الشائعة هي وجود شيء ما ولكنك لا تستطيع تذكره، مثل اسم شخص أو اسم فيلم، والأمر الآخر هو فقدان شيء ما مؤقتاً مثل الهاتف المحمول أو مفاتيح السيارة، وكذلك من الطبيعي أيضاً أن تجد صعوبة في القيام بالأشياء أو أنها تستغرق وقتاً أطول من المعتاد.

وتقول إيمي برودتمان، اختصاصية الأعصاب ورئيسة مبادرة الصحة الإدراكية في جامعة موناش في ملبورن، إن سرعة معالجتنا للمعلومات يمكن أن تتباطأ مع تقدمنا ​​في السن، وهو ما قد يكون محبطاً ومثيراً للقلق بشكل خاص بالنسبة للأشخاص الذين اعتادوا على العمل بمستوى عالٍ.

وأضافت: «أرى الكثير من الأشخاص في العيادة الذين يأتون ويقولون: (لا أستطيع أن أفعل ما اعتدت القيام به)»، وتابعت أن «هذا أمر طبيعي تماماً».

ويقول مايكل وودوورد، اختصاصي طب الشيخوخة ورئيس قسم أبحاث الخرف في مستشفى هايدلبرغ ريباتريشن في ملبورن: «إذا نسيت أحياناً مكان وضع مفاتيحك، أو استيقظت في الصباح لتجد أنك تركت المفاتيح في الباب الأمامي، فهذا ليس بالضرورة مصدر قلق». وأضاف: «إذا كان الأمر يحدث بشكل متكرر، أو كان هناك تصرفات مثل ترك الموقد يعمل طوال الليل، أو ترك صنبور المطبخ مفتوحاً، وأشياء من هذا القبيل، فقد تكون أكثر خطورة بعض الشيء».

وكذلك يقول الدكتور ديزموند غراهام، طبيب أمراض الشيخوخة والمدير الطبي في مركز رعاية المسنين في أستراليا بسيدني: «قد تكون مشاكل اللغة علامة تحذير مبكرة للخرف، خاصةً إذا بدأ كلامك يبدو أشبه بمزيج من الكلمات».

ويضيف غراهام: «إذا كنت تتعثر في نطق الكلمات أو تعاني من صعوبة في إيجاد الكلمات، فهذا ما يثير قلقي».

ويشرح وودوورد أن الخلط بين أسماء أطفالك وأحفادك أمر طبيعي، «ولكن إذا كنت تنسى باستمرار أسماء ثلاثة من أحفادك الأربعة، فهذا أمر مثير للقلق».

وتقول برودتمان: «من السمات المميزة لمرض ألزهايمر أن يبدأ المصابون به بالضياع فعلياً».

وذكرت أنه من الطبيعي أن يضيع المرء أثناء القيادة في مكان جديد، ولكن عندما يواجه صعوبة متكررة في الوصول إلى أماكن مألوفة، فقد يكون ذلك علامة تحذير. وأضافت: «نسمي ذلك فقداناً للتوجيه الجغرافي، وهو أمر جديد لأن هذه التصورات يجب أن تكون في ذهنك».

وكذلك تقول: «إذا كان لشيء ما قيمة فإن نسيانه قد يكون علامة تحذير من الخرف».

يسعى الكثيرون إلى الوقاية من الخرف (رويترز)

وأضافت: «إذا توفي صديق مقرب لشخص ما قبل يومين وكان على علم بذلك، وكنت تتحدث معه وسألت: لقد توفي هذا الشخص، متى الجنازة؟ ولم يتذكر حدوث ذلك بالفعل، فهذا أمر مقلق للغاية».

وينبّه وودوورد إلى أن تكرار القصة في محادثة واحدة يمكن أن يكون علامة تحذير مبكرة.

وتقول أنستي: «هذا يحدث للجميع، وقد يكون مجرد فقدان تركيز. يمرّ الأشخاص المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بهذه التجربة طوال حياتهم، ويحدث ذلك عندما لا تُركّز على ما تفعله وتبدأ بشيء ما، ثم ينتقل عقلك إلى الشيء التالي قبل أن تُنهيه».

ما الذي يُسبب النسيان؟

تذكر أنستي: «هناك العديد من الأسباب التي قد تجعل الأشخاص الأصحاء إدراكياً يُعانون من فقدان الذاكرة، فالأمهات اللواتي لديهن أطفال صغار ويسهرن طوال الليل ينسين مكان ركن سياراتهن أو لا يجدن مفاتيح سياراتهن؛ لذا تحدث هذه الهفوات المعرفية اليومية».

ويعاني بعض الأشخاص من «ضبابية في الدماغ» بعد الإصابة بفيروس كوفيد-19، وقد يكون النسيان أو مشاكل الذاكرة أيضاً أحد الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي أو الأدوية التي تساعد على النوم أو تسكين الألم، كما يمكن أن يكون للتوتر المزمن تأثير سلبي، لا سيما على الذاكرة قصيرة المدى.

كونك شخصاً نسياً أو شارد الذهن لا يزيد بالضرورة من خطر الإصابة بالخرف، ولكنه قد يُصعّب عليك التعافي في المراحل المبكرة.

ويقول غراهام: «يكمن التحدي في ضعف الإدراك الخفيف أيضاً في أن الناس عادةً ما يُرجعون ضعف الإدراك الخفيف إلى الشيخوخة الطبيعية».

وفي الوقت نفسه، قد يكون الأشخاص الذين يتمتعون بأداء عالٍ جداً، ولكنهم في المراحل المبكرة من تدهور معرفي أكثر خطورة، أكثر عرضة للإصابة بالخرف.

وتقول أنستي إن «تشخيص الخرف أكثر صعوبة، فهم يعلمون أنهم تراجعوا ويشعرون بوجود أمر ما، ولكن لأن أداءهم لا يزال جيداً نسبياً في الاختبارات الإدراكية، فقد لا يُظهرون أي ضعف موضوعي في وقت مبكر، مما يعني أنهم قد لا يستوفون المعايير الطبية، وقد لا يتم تشخيصهم مبكراً مثل غيرهم».

أين ألجأ إذا كنت قلقاً؟

يقول غراهام إن واحداً فقط من كل 10 أشخاص تظهر عليهم علامات ما يُسمى الضعف الإدراكي الخفيف الذي سيتطور إلى الخرف.

وهناك العديد من التدخلات التي يمكن أن تقلل خطر هذا التطور، مثل تحسين النظام الغذائي وممارسة الرياضة، خاصةً إذا تم اكتشافه مبكراً.

ولهذا السبب أوصى جميع الخبراء بزيارة طبيب عام، أو يُفضل طبيب أمراض الشيخوخة، عاجلاً وليس آجلاً، خاصةً إذا بدأ الأصدقاء أو العائلة أو الزملاء أيضاً ملاحظة التغييرات.

وتقول غراهام: «حتى لو لم يعتقد الناس أن الأمر خطير، أو اعتقدوا أنهم قلقون بشأن شيء طبيعي يتعلق بالشيخوخة، فإنني أشجعهم بشدة على زيارة طبيب عام. ومن الأفضل، إذا كان ذلك ممكناً، أن يتم تحويلهم إلى طبيب متخصص في أمراض الشيخوخة».


مقالات ذات صلة

نصائح للوقاية من إجهاد العين الرقمي

صحتك قضاء كثير من الوقت في تصفح الإنترنت من أهم العادات التي تؤثر سلباً على العيون (رويترز)

نصائح للوقاية من إجهاد العين الرقمي

قال موقع «هيلث سايت» إن إجهاد العين الرقمي يُعد مشكلة حقيقية تتطلب عناية فورية، خاصةً أن الكثير من الناس يمضون وقتهم أمام شاشات أجهزة الكمبيوتر

صحتك مرض ألزهايمر يتسبب في تدهور خلايا الدماغ (جامعة واشنطن)

دواء جديد يثبت فاعلية في إبطاء ألزهايمر

أظهرت دراسة أميركية أن عقار «ليكانيماب»، المصمَّم لإبطاء تقدم مرض ألزهايمر، يُظهر درجة عالية من الأمان والفاعلية والتحمل لدى المرضى عند استخدامه في العيادات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك من المهم صحياً معرفة كيفية تقليل مستويات التوتر بطرق عملية (رويترز)

أطعمة ومشروبات تخفف القلق والتوتر بشكل طبيعي

قال موقع «هيلث سايت» إن القلق يُعد من أكثر الاضطرابات النفسية انتشاراً حول العالم؛ فهو لا يؤثر على العقل فحسب، بل يُظهر آثاراً واضحة على الجسم أيضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك الباحثون طوروا نسخة افتراضية من رياضة البوتشيا التي تتطلب دقة وتركيزاً (جامعة أوساكا للعلوم الحضرية)

رياضة «البوتشيا» تُحسن المزاج وتجدّد طاقة كبار السن

وجدت دراسة يابانية أن رياضة «البوتشيا» تُظهر تأثيرات إيجابية على كبار السن حيث تساعد في تحسين المزاج وتعزيز الطاقة والحيوية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك سيدة تعاني من مرض الشلل الرعاش (رويترز)

العيش قرب ملاعب الغولف قد يزيد احتمالات إصابتك بالشلل الرعاش

توصلت دراسة جديدة إلى أن العيش قرب ملاعب الغولف قد يزيد احتمالات إصابتك بالشلل الرعاش.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

نصائح للوقاية من إجهاد العين الرقمي

قضاء كثير من الوقت في تصفح الإنترنت من أهم العادات التي تؤثر سلباً على العيون (رويترز)
قضاء كثير من الوقت في تصفح الإنترنت من أهم العادات التي تؤثر سلباً على العيون (رويترز)
TT

نصائح للوقاية من إجهاد العين الرقمي

قضاء كثير من الوقت في تصفح الإنترنت من أهم العادات التي تؤثر سلباً على العيون (رويترز)
قضاء كثير من الوقت في تصفح الإنترنت من أهم العادات التي تؤثر سلباً على العيون (رويترز)

قال موقع «هيلث سايت» إن إجهاد العين الرقمي يُعد مشكلة حقيقية تتطلب عناية فورية، خاصةً أن الكثير من الناس يقضون وقتهم أمام شاشات أجهزة الكمبيوتر والهواتف الجوالة، مما لا يمنح أعينهم سوى القليل من الوقت للاسترخاء.

وكما هو الحال مع أي عضو آخر، تحتاج العينان إلى الراحة أيضاً، وقضاء ساعات طويلة في تعريضهما للشاشات والأضواء الزرقاء يمكن أن يُسبب إجهاداً وألماً واحمراراً وجفافاً وتهيجاً وانزعاجاً عاماً، لهذا السبب يؤكد الأطباء على أهمية التخلص من السموم الرقمية.

وذكر أنه عندما لا تكون هناك حاجة للشاشات، يجب على المرء الابتعاد عنها تماماً، وقضاء وقته في أنشطة هادئة أخرى، مثل قراءة كتاب، وممارسة الرياضة، وقضاء الوقت في الطبيعة، والاستماع إلى الموسيقى بعينين مغلقتين، وما إلى ذلك.

وقال الدكتور روهان ديديا، استشاري طب العيون في مستشفى أوجاس ماكسيفيجن للعيون بالهند، إن قضاء ساعات طويلة يومياً في النظر إلى شاشات الكمبيوتر والهواتف والأجهزة اللوحية والتلفزيون يمكن أن يُسبب إرهاقاً وجفافاً في العينين، مع ضبابية في الرؤية وحتى الصداع، ولكن الخبر السار هو أنه يمكنك حماية عينيك باتباع بعض النصائح البسيطة.

الرَمش كثيرا

يقول الطبيب إنه من الجيد الرمش كثيراً أثناء استخدام الشاشة، فعادةً ما يكون تركيز الناس على الشاشة كبيراً لدرجة أنهم يرمشون أقل، ما قد يُسبب جفاف العينين وعدم الراحة، ولمنع ذلك يجب الرمش أكثر.

ويمكنك أيضاً أخذ فترات راحة قصيرة لإغلاق عينيك والاسترخاء أثناء العمل، وينصح الطبيب: «استخدام القطرة قد يُساعد أيضاً إذا شعرت بجفاف في عينيك».

ضبط إعدادات الشاشة

يوصي الطبيب بضبط إعدادات الشاشة بحيث لا تنظر إلى شاشة شديدة السطوع أو شديدة الظلام، ويُفضّل ضبط سطوع الشاشة بما يتناسب مع إضاءة الغرفة، كما يجب استخدام حجم نص أكبر إذا واجهت صعوبة في قراءة الخطوط الصغيرة.

وتحتوي العديد من الأجهزة على خيارات مثل «الوضع الليلي» أو «فلتر الضوء الأزرق»، والتي يُمكن استخدامها لمنع إجهاد العين.

شخص يتصفح هاتفه (رويترز)

وضع الشاشة بشكل صحيح

يقول طبيب العيون إنه يُمكن أيضاً منع إجهاد العين الرقمي بوضع الشاشة بشكل صحيح بحيث تكون على بُعد ذراع تقريباً، مع جعل الجزء العلوي منها في مستوى العين، أو أسفلها بقليل، ويضمن ذلك استرخاء الرقبة والكتفين، ما يُقلل الضغط والإجهاد على العينين.

استخدم إضاءة مناسبة

إلى جانب ضبط إعدادات الشاشة، من المهم أيضاً العمل في إضاءة مناسبة، لذلك يجب تجنب أي نوع من الوهج من النوافذ أو الأضواء العلوية.

وينصح الطبيب: «استخدم مصباحاً مكتبياً خافتاً إن أمكن، يمكن أن يؤدي الوهج على الشاشة إلى إجهاد عينيك، لذا نظف الشاشة باستمرار وفكّر في استخدام غطاء شاشة مضاد للوهج».

خذ فترات راحة من الشاشة

بدلاً من الجلوس في مكان واحد والعمل بلا توقف، فكّر في أخذ فترات راحة من حين لآخر، وقلّل من وقت الشاشة المتواصل بأخذ استراحة لمدة 5 إلى 10 دقائق كل ساعة، وكذلك قف، ومدّد جسمك، وامنح عينيك بعض الوقت للاسترخاء وإعادة ضبطهما والتركيز.

اتبع قاعدة 20-20-20

هذه طريقة فعّالة جداً للوقاية من إجهاد العين الرقمي.

ببساطة، انظر إلى شيء يبعد عنك 20 قدماً لمدة 20 ثانية على الأقل كل 20 دقيقة، فهذا التمرين يُريح عضلات عينيك، وبالتالي يمنع الإجهاد.