هل الانتحار معدٍ؟ خبراء يجيبون

معظم حالات الانتحار تنبع من اضطرابات الصحة العقلية (رويترز)
معظم حالات الانتحار تنبع من اضطرابات الصحة العقلية (رويترز)
TT

هل الانتحار معدٍ؟ خبراء يجيبون

معظم حالات الانتحار تنبع من اضطرابات الصحة العقلية (رويترز)
معظم حالات الانتحار تنبع من اضطرابات الصحة العقلية (رويترز)

يعد الانتحار من المشكلات الكبيرة التي تواجهها مختلف الدول حول العالم، إذ تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك أكثر من 700 ألف شخص ينهون حياتهم بطرق مختلفة كل عام.

وعلى الرغم من أن معظم حالات الانتحار تنبع من اضطرابات الصحة العقلية، فإن الإحصاءات تظهر أن السلوك يمكن أن يكون «مُعدياً» في بعض الأحيان، بحسب ما أكده خبراء لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية.

وقالت الدكتورة كارولين فينكل، اختصاصية اجتماعية مرخصة في ولاية بنسلفانيا: «الانتحار يمكن أن يكون له تأثير معدٍ، خصوصاً بين الشباب».

وأضافت: «عندما يسمع الأفراد عن حالة انتحار، وخصوصاً إذا كانت هذه الحالة تتعلق بشخص قريب من سنهم أو في مجتمعهم، يمكن أن يشعروا أنه خيار أكثر سهولة في لحظات الضيق».

وأكدت أنه «كلما زادت التفاصيل التي تتم مشاركتها عن حالة الانتحار، وكلما تم سردها بطرق مثيرة، زاد الخطر».

ومن جهتها، ترى لجنيفر كيلمان، اختصاصية اجتماعية مرخصة في فلوريدا: «يمكن أن يُعزى ما يصل إلى 5 في المائة من حالات الانتحار بين الشباب إلى (العدوى)، حيث يقلدون شخصاً آخر قام لتوه بالفعل ذاته».

وأضافت: «يزداد الأمر سوءاً لدى أولئك الذين يعانون من الاكتئاب والقلق ومشاعر سلبية أخرى».

أما الدكتورة ديبورا غيلمان، مالكة ورئيسة قسم علم النفس المرخص في مركز «فوكس تشابل» للخدمات النفسية في بنسلفانيا، فقالت: «عندما يسمع الناس عن تزايد حالات الانتحار، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تطبيع فكرة استخدامه وسيلة للتعامل مع المشكلات. بمعنى آخر، إذا رأى الشخص أن كثيراً من الأشخاص الآخرين يختارون الانتحار للتخلص من أحزانهم وضغوطاتهم، فقد يعتقدون أن هذا الشيء مقبول اجتماعياً أو أنه الشيء (الصحيح) الذي يجب القيام به».

بالإضافة إلى ذلك، تقول غيلمان إن بعض الأفراد قد يشعرون بالارتباط أو التعاطف مع الشخص المتوفى، وقد يقلدون أفعاله دون أي وعي.

وأشارت إلى أن هذا الخطر يتصاعد عندما يكون المنتحر أحد المشاهير أو الأشخاص المحبوبين على نطاق واسع.


مقالات ذات صلة

للتخلص من معاناة المرض... وفاة أول امرأة داخل «كبسولة انتحارية»

يوميات الشرق الكبسولة الانتحارية (أ.ف.ب)

للتخلص من معاناة المرض... وفاة أول امرأة داخل «كبسولة انتحارية»

قالت الشرطة في سويسرا إنها اعتقلت عدة أشخاص بسبب وفاة امرأة أميركية تبلغ من العمر 64 عاماً داخل «كبسولة انتحار».

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك المعاناة من كوابيس يومية ارتبطت بارتفاع خطر السلوكيات الانتحارية لدى الأطفال بمقدار 5 مرات (أ.ف.ب)

دراسة تربط مشاكل النوم في الطفولة بخطر الانتحار

الإصابة باضطرابات نوم شديدة في سن العاشرة كانت مرتبطة بارتفاع خطر الإصابة بالأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار بمقدار 2.7 مرة بعد عامين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا مكتب الإحصاء البريطاني يقول إن نحو ثلاثة أرباع حالات الوفاة الناتجة عن الانتحار كانت بين الذكور (رويترز)

معدلات الانتحار العام الماضي في إنجلترا وويلز هي الأعلى منذ 20 عاماً

أظهرت بيانات جديدة أن معدلات الانتحار التي سجلت خلال العام الماضي في إنجلترا وويلز، هي الأعلى منذ أكثر منذ 20 عاماً، بحسب ما أوردته «وكالة الأنباء البريطانية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الطبيبات أكثر عرضة للانتحار من غيرهن من السكان بشكل عام (رويترز)

الطبيبات أكثر عرضة للانتحار من غيرهن من الأشخاص بنسبة 76 % (دراسة)

توصلت دراسة جديدة حلّلت أدلة من 20 دولة إلى أن الطبيبات أكثر عرضة لخطر الانتحار من غيرهن من الأشخاص بشكل عام بنسبة 76 في المائة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك علبة من عقّار «أوزمبيك» (رويترز)

دراسة: عقّار «أوزمبيك» قد يدفعك للانتحار

كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص الذين يتناولون عقّار «أوزمبيك» الشهير لفقدان الوزن وعلاج مرض السكري هم أكثر عرضة للإبلاغ عن اختبارهم أفكاراً انتحارية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار

فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار
TT

فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار

فوائد ألعاب المحاكاة في تنمية مهارات الأطفال الصغار

مع بدء العام الدراسي، سلط العلماء في جامعة فلوريدا أتلانتيك Florida Atlantic University بالولايات المتحدة، الضوء على أهمية ألعاب المحاكاة pretend play في تنمية مهارات الطفل الإبداعية والفكرية في مرحلة ما قبل الدراسة.

وألعاب المحاكاة هي التي يتظاهر فيها الأطفال بمحاكاة البيئة المحيطة بهم سواء القيام بأعمال البالغين أو تقمص شخصيات خيالية أو حتى الحيوانات.

تطور معرفي واجتماعي

وأكد العلماء دورها الكبير في التطور المعرفي والاجتماعي والعاطفي للطفل، مما ينعكس بالإيجاب على نمو الطفل العضوي والنفسي ويجعله مستعداً للدراسة الأكاديمية المنتظمة في المدرسة لاحقاً.

وأوضحت التوصيات التي نُشرت في مجلة علم الأعصاب والسلوك الحيوي Neuroscience and Biobehavioral Reviews في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، أوضحت أن التعليم من خلال اللعب ربما يكون أكثر أهمية من التعليم الأكاديمي في هذه المرحلة العمرية، لأن مخ الطفل يكتسب المعرفة والإدراك من الثقافة المجتمعية والبيئة من خلال الملاحظة وتقليد العديد من سلوكيات البالغين وبالتالي يقوم بممارستها أثناء اللعب.

كما أوضح العلماء أن ممارسة هذه الألعاب تساعد في تطور اللغة بشكل أساسي لأنها تعتمد على التواصل مع الآخرين. وعلى سبيل المثال فإن القيام بالتظاهر بممارسة مهنة معينة مثل الصيد البحري يستلزم ضرورة الحديث مع الآخرين الذين يمثلون طاقم السفينة أو المشترين، حتى لو كان هذا الحديث يتم بشكل بدائي وغير مترابط. ولكن مع الوقت يحدث نمو في تطور اللغة بشكل كبير وتعلم مهارات لغوية مثل المجاز والاختصارات وغيرها، بجانب توفير الفرصة لممارسة وتعلم كلمات ومفاهيم جديدة. وعندما يمارس الأطفال المحاكاة فإنهم يتعلمون كيفية توصيل أفكارهم للآخرين.

تنمية شخصية الطفل

تساعد هذه الألعاب في تنمية شخصية الطفل وتحفيز الطاقة الإبداعية عنده لأنه يختلق أحداث كاملة من وحي الخيال يتخللها التعامل مع تحديات معينة والتغلب عليها، بجانب نمو الجانب الاجتماعي لأن هذه الألعاب في الأغلب تحتاج إلى عدة أفراد أو على الأقل فرد آخر، مما يجعلها بمثابة فصول تعليمية متكاملة تنمي الشخصية، وتجعل الطفل قادراً على التعامل مع معطيات معينة وإيجاد حلول لها بمساعدة الآخرين، ما ينعكس بالإيجاب على شخصيته ومستواه الدراسي أيضاً فيما بعد.

وقال العلماء إن انتشار التعليم النظامي في مرحلة ما قبل المدرسة في العقود الأخيرة في العديد من البلدان المتقدمة لم ينعكس بالإيجاب على التلاميذ (كما كان متوقعاً) لأن هذا التعليم النظامي يركز على المعلومات المباشرة direct instruction التي يتم نسيانها بعد فترة معينة مثل المواد الدراسية الأخرى. وهي طريقة مصممة للأطفال الأكبر عمراً، ولكن في هذه المرحلة المبكرة من الطفولة يتعلم الطفل بشكل غير مباشر من البيئة المحيطة به. وأهم عامل في هذه البيئة هو اللعبlearning through play، لذلك فإن هذه الألعاب على بساطتها تتفوق على الكتب والفيديوهات التعليمية.

تطور المخ

تساهم هذه الألعاب في تطور المخ عن طريق إدراك الفكر الرمزي، بمعنى القدرة على فهم أن شيئاً ما يمكن أن يرمز إلى شيء آخر. على سبيل المثال يمكن أن يتظاهر الطفل بأن العصا تمثل سيفاً ما يطور القدرة التخيلية للطفل ويجعله يدرك الفرق بين الحقيقي والمتخيل حيث لا توجد حدود أو قواعد ثابتة للعبة (بعكس الألعاب النظامية مثل الكرة).

وهذا ما يساعد الأطفال على استكشاف أفكار جديدة وتجربة أدوار مختلفة واستخدام إبداعهم في إيجاد حلول للمشاكل المختلفة بجانب أن هذا النوع من الألعاب يعلم الأطفال الاستقلالية وتولي أدوار القيادة ومواجهة تحديات جديدة في كل مرة مما يعزز الثقة بالنفس واحترام الذات وكل هذا ينعكس بالإيجاب على نفسية الطفل.

وجدت بعض الدراسات التي تم إجراؤها على التأثيرات طويلة المدى للتعليم المباشر على الأطفال في سن ما قبل المدرسة من خلفيات اجتماعية منخفضة الدخل، أن الأطفال استفادوا بالفعل من التعليم المباشر في البداية إلا أن هذه الفوائد تضاءلت بمرور الوقت وتفوق الأطفال في مجموعة المراقبة (الذين لم يتلقوا تعليماً نظامياً) على أولئك الذين خضعوا لبرنامج التعليم المباشر. ومع الوقت اتسعت هذه الفجوة تماماً لصالح الأطفال العاديين.

الألعاب على بساطتها تتفوق على الكتب والفيديوهات التعليمية

لعب الصغار أهم من الدراسة

ونتيجة لهذه الدراسات قام الباحثون بالتركيز على اللعب أكثر من الدراسة الأكاديمية في هذه الفئة العمرية، خاصة الأطفال الذين يعانون من مشكلات في التعلم مثل صعوبة القراءة وصعوبة التعامل مع الأرقام.

وحذر الباحثون من تقليص فترات اللعب الحر في المدارس سواء للأطفال في مرحلة الحضانة أو في السنوات الأولى من الدراسة في البلدان المتقدمة حتى لو كان البديل هو اللعب الموجه من قبل البالغين بدلاً منها. واللعب الموجه هو اللعب المصمم لتقوية مهارات معينة مثل ألعاب الذاكرة على الكومبيوتر. وذلك لأن لعب المحاكاة كلما كان عفوياً كانت فائدته أكبر بجانب أهمية الجانب الحركي في هذه الألعاب الذي يجعلها تتفوق على ألعاب الكومبيوتر.

ووجد الباحثون أن الأطفال الذين شاركوا في ألعاب المحاكاة كانت لديهم مهارات أفضل في الدراسة الأكاديمية لاحقاً سواء في القراءة والكتابة أو الرياضيات. وربما يكون ذلك راجعاً إلى تنمية الخيال لأن هذه الألعاب تُعد عملاً إبداعياً خالصاً يساعد الطفل بعد دخوله المدرسة على استيعاب المواد المختلفة والحسابات البسيطة.

لذلك نصحت الدراسة بتشجيع الأطفال على ألعاب المحاكاة والخيال؛ لأن فوائدها تتعدى مجرد التسلية. وأكدت أن اللعب يساعد الطفل في التعرف على نفسه والعالم. وتُعد تجارب اللعب التمثيلي من الطرق الأولى التي يتعلم بها الأطفال ما يحبونه وما يكرهونه واهتماماتهم وقدراتهم.

* استشاري طب الأطفال.