ممارسة الرياضة والتفوّق الأكاديمي

المشاركة في الطفولة المبكرة ترتبط بالنجاح في مختلف المراحل الدراسية

ممارسة الرياضة والتفوّق الأكاديمي
TT

ممارسة الرياضة والتفوّق الأكاديمي

ممارسة الرياضة والتفوّق الأكاديمي

على الرغم من اتفاق أولياء الأمور على الفوائد العظيمة لممارسة الرياضة على كل المستويات، سواء البدنية والنفسية أو حتى الاجتماعية، فإن معظمهم يرفض أن يلتزم أبناؤهم بممارسة أي لعبة بشكل ثابت يخضع لتدريبات منتظمة في أثناء فترات الدراسة، مخافة أن يتعارض ذلك مع الأداء الأكاديمي لهؤلاء الطلاب في المدرسة. ويشمل هذا خصوصاً الرياضات التي تحتاج إلى مجهود بدني مكثّف، وتستغرق وقتاً طويلاً في التمرينات.

والحقيقة أن هناك عديداً من الدراسات التي ربطت بين ممارسة الرياضة وتحسّن الأداء الدراسي والأكاديمي، نُشر أحدثها في مجلة الطب والعلوم في الرياضة والتمرينات «Medicine & Science in Sports & Exercise» في مطلع شهر أغسطس (آب) من العام الحالي.

مشاركة رياضية ونجاح دراسي

الدراسة، التي قام بها باحثون من جامعة «مونتريال» (Université de Montréal) في كندا، أوضحت أن ممارسة الأطفال للرياضة تجعلهم أكثر نجاحاً على المستوى الأكاديمي ليس فقط في المدرسة، ولكن بعد ذلك في الكلية وحتى بعد التخرج في الحياة العملية، وذلك اعتماداً على البيانات والملاحظات العملية التي ربطت بين المشاركة الرياضية في مرحلة الطفولة المبكرة، وبعد ذلك خلال سنوات الدراسة المختلفة والنجاح الدراسي في جميع المراحل، بداية من دخول المدرسة وحتى التخرج فيها في نهاية المرحلة الثانوية.

حلّل الباحثون بيانات من دراسة طولية تناولت نمو الطفل بوجه عام في مقاطعة كيبيك، وشملت نحو 746 فتاة و721 ذكراً، وُلدوا خلال عام 1997 أو 1998، لمعرفة إذا كانت هناك صلة تربط بين المشاركة في رياضة معينة في عمر مبكر (المدة من بداية دخول المدرسة ما بين سن 6 سنوات وحتى عمر 10)، والنجاح الأكاديمي في سنوات الدراسة الابتدائية والإعدادية والثانوية حتى عمر 17 عاماً، وهل استمرّ هذا التفوق بعد ذلك من عدمه.

وجد الباحثون أن الأطفال الذين يمارسون الرياضة بانتظام في جميع مراحل التعليم كانوا الأكثر حصولاً على درجات مرتفعة، وأقل عرضة للانقطاع عن الدراسة، خصوصاً في المراحل الأخيرة للمدرسة الثانوية، بالمقارنة بأقرانهم الذين يمارسون قدراً أقل من الرياضة، أو لا يمارسون أي نوع من النشاط البدني على الإطلاق.

بالإضافة إلى الانتظام تبيّن أن الرياضيين كانوا الأكثر اهتماماً بتحسين أدائهم الدراسي، ومعظمهم كانت لديهم تطلعات أكاديمية أعلى من مجرد الانتهاء من المدرسة، ويسعون لمواصلة دراستهم في الكلية والجامعة.

تبيّن أن الرياضيين كانوا الأكثر اهتماماً بتحسين أدائهم الدراسي وكان لدى معظمهم تطلّعات أكاديمية

تطوير المهارات وتنمية القدرات

• أوضح العلماء أن ممارسة الرياضة بانتظام تُكسب الأطفال صفات معينة تساعدهم في تطوير مهاراتهم وتنمية قدراتهم؛ لأن الطفل الرياضي يتعلّم مبكراً ضرورة الالتزام بقواعد معينة، سواء في اللعب أو حضور التمرينات، كما يتعلم السيطرة على الرغبات وعدم الاستسلام للكسل والتواكل والشعور الكاذب بالتعب، فضلاً عن معرفة التصرف الصحيح في الوقت الصحيح؛ لأن كل دقيقة تضيع من الصعب تعويضها في الملعب.

• كما أن الشعور بالإنجاز والتفوق في مجال معين (الرياضة) يشجّع الطفل على بذل الجهد في التحصيل الدراسي، حتى يشعر بشعور النشوة نفسه بعد الانتصار؛ لأن النجاح يحفّز خلايا المخ، ويزيد من التوصيلات العصبية، ويجعل الطالب مستعداً تماماً للمذاكرة ومتيقظ الذهن في الفصل الدراسي. كما أن التفوّق الرياضي يجعل الطالب محل إعجاب أقرانه، ما يساعد في تحسّن حالته النفسية وصورته الذاتية، وبالتالي ينعكس بالإيجاب على الأداء الدراسي.

• وفي بعض الأحيان التي يكون فيها الطفل متعثراً دراسياً نتيجة للتنمر (لسبب أو لآخر) يكون التفوّق في ممارسة رياضة معينة نوعاً من العلاج لهؤلاء الأطفال. ومن خلال المشاركة المنتظمة في الرياضة مع الأقران يتخلّص الطفل من المشاعر السلبية تجاه أصدقائه الناتجة عن التنمر الذي يتحوّل بالتدريج إلى التقدير، وأيضاً يتعلّم الطفل أن مشاركة الآخرين يمكن أن تؤدي إلى النجاح الجماعي؛ الأمر الذي يجعله يشارك أقرانه في المذاكرة والتحصيل حتى يتحسّن أداؤه.

• ممارسة النشاط الرياضي بانتظام تحافظ على صحة الطفل العضوية، ما يجعله أقل عرضة للإصابة بالأمراض المختلفة، وبالتالي لا يتغيّب عن المدرسة نتيجة للعدوى المتكررة، فضلاً عن ضرورة أن يتناول الطفل كميات كافية من السعرات الحرارية حتى يستطيع اللعب والتمرين لساعات طويلة، وفي الوقت نفسه يتخلّص من السعرات الزائدة، نتيجة لتناول الطعام غير الصحي، مما يمثّل نوعاً من الوقاية الطبيعية من السمنة التي تُعد من أكثر الأسباب المؤدية لمرض السكري من النوع الثاني الذي يصيب الأطفال والمراهقين، نتيجة للحياة الخاملة، وعدم ممارسة أي نشاط، وكل هذه العوامل تجعل الطالب قادراً على التركيز في الدراسة بشكل أفضل.

• الالتزام بمواعيد معينة للتمرينات والمباريات المختلفة يقتصّ من وقت الطالب، وهو الأمر الذي يجعله يحاول جاهداً الاستفادة من الوقت المتاح لمطالعة الدروس لأقصى درجة بعيداً عن التأجيل والتسويف. وقد وجد الباحثون في الدراسات السابقة أن أداء الطلاب الدراسي يتحسّن كلما كانت فترة المباريات مزدحمة بعكس الفترات التي تكون فيها راحة، وذلك لأن الطالب الذي يعلم سلفاً أن الوقت المتاح للانتهاء من الواجبات المدرسية محدود، وبالتالي يتجنّب الأمور التي يمكن أن تستهلك وقته مثل مشاهدة الفيديوهات أو متابعة وسائل التواصل المختلفة.

وفي النهاية أكدت الدراسة أن ممارسة الرياضة في أثناء المدرسة لا تؤثر في الأداء المدرسي، بل على النقيض تُعد ضرورة مهمة لضمان التفوّق الأكاديمي. ونصحت الآباء بتشجيع أبنائهم على عدم الانقطاع عن ممارستها في أثناء الدراسة خصوصاً إذا كان الطالب متفوقاً على المستويين الرياضي والدراسي.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

«تحالف جافي» يخصص 500 مليون دولار لتوفير لقاحات مضادة لجدري القردة

العالم لقطة ميكروسكوبية تظهر جسيمات جدري القردة (باللون الأخضر) داخل خلية مصابة (أ.ف.ب)

«تحالف جافي» يخصص 500 مليون دولار لتوفير لقاحات مضادة لجدري القردة

قالت سانيا نيشتار الرئيسة التنفيذية للتحالف العالمي للقاحات والتحصين (جافي) لرويترز إن التحالف لديه ما يصل إلى 500 مليون دولار لينفقها على توفير لقاحات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك وجدت دراسة أُجريت عام 2018 أن الضحك يعزز الرفاهية لدى كبار السن (رويترز)

لماذا يُعد الضحك «دواءً جيداً»؟

يُعدّ الضحك شعوراً جيداً، ومنذ السبعينات أدرك خبراء الطب أن الضحك يمكن أن يعزز القدرة على تحمل الألم ويحسّن الصحة العامة، وفقاً لما ذكره موقع «سيكولوجي توداي».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فحص للعين (رويترز)

فحوصات العين قد تكشف عن مشكلات صحية لم تكن تعلم بها مثل السرطان

لم تعد الفائدة من إجراء فحوصات العين بانتظام قاصرة على التأكد من سلامتها بل يمكنها أيضاً اكتشاف مشكلات صحية أخرى، لذلك يوصي الأطباء بعملها كل فترة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك يعدّ الجري من التمارين الرياضية الهوائية (أ.ف.ب)

11 فائدة صحية للجري... ولماذا يفضل ممارسته بانتظام؟

تؤكد الأبحاث العلمية أن الجري له فوائد صحية متعددة، منها حرق السعرات الحرارية، وتقوية العظام والقلب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك هناك أنواع من الأغذية غير الصحية تزيد من مخاطر الإصابة بالخرف (أ.ف.ب)

5 أطعمة ابتعد عنها حتى لا تصاب بـ«الخرف»

عندما نتسوق طعام الأسبوع، غالباً ما نركز على الطعام الذي نشتهيه هذه الفترة، والخضراوات والفواكه المتاحة، لكن الخبراء الآن يطلبون إضافة اعتبار جديد لأذهاننا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

5 أطعمة ابتعد عنها حتى لا تصاب بـ«الخرف»

هناك أنواع من الأغذية غير الصحية تزيد من مخاطر الإصابة بالخرف (أ.ف.ب)
هناك أنواع من الأغذية غير الصحية تزيد من مخاطر الإصابة بالخرف (أ.ف.ب)
TT

5 أطعمة ابتعد عنها حتى لا تصاب بـ«الخرف»

هناك أنواع من الأغذية غير الصحية تزيد من مخاطر الإصابة بالخرف (أ.ف.ب)
هناك أنواع من الأغذية غير الصحية تزيد من مخاطر الإصابة بالخرف (أ.ف.ب)

عندما نتسوق طعام الأسبوع، غالباً ما نركز على الطعام الذي نشتهيه هذه الفترة، والخضراوات والفواكه المتاحة، لكن الخبراء الآن يطلبون إضافة اعتبار جديد لأذهاننا، وهو الابتعاد عن الطعام الذي يساعد في الإصابة بالخرف.

وتستند نصيحة الخبراء إلى بحث أجرته «جامعة رش» الطبية في شيكاغو بالولايات المتحدة، حيث طوروا نظاماً غذائياً يعتمد عناصر من غذاء البحر المتوسط وحمية خاصة بمرضى ارتفاع ضغط الدم، تتضمن الورقيات والبقوليات والحبوب الكاملة والأسماك وزيت الزيتون.

يتضمن النظام الغذائي أيضاً تقليل استهلاك 5 أنواع من الأغذية غير الصحية. ويشير البحث إلى أن اتباع هذا النظام الغذائي يقلل من إمكانية الإصابة بمرض ألزهايمر إلى النصف، وفيما يلي الأطعمة التي يجب الابتعاد عنها:

الأطعمة السريعة والمقلية... مرة واحدة في الأسبوع

تحسب الأسماك المقلية والبطاطس المقلية والبرغر وحلقات البصل المقلي، ضمن الأطعمة المقلية والسريعة، والتي تحتوي على كمية من الملح.

وبينما من الأفضل أن تستهلك ملعقة طعام صغيرة من الملح في اليوم (نحو 6 غرامات)، فإن وجبة من الأسماك أو البطاطس المقلية تحتوي وحدها على نحو 5 غرامات من الملح.

ويقول أوليفر شانون، محاضر عن التغذية في جامعة نيوكاسل، إن زيادة الملح ترفع ضغط الدم، وهو ما يؤدي لتلف الأوعية الدموية ومن ضمنها التي تغذي المخ، ما قد يعرقل تدفق الدم ويؤدي في النهاية للإصابة بالخرف.

ويضيف أوليفر، وفقاً لموقع «تلغراف»، أن الأطعمة المقلية والسريعة بها سعرات حرارية كبيرة، ما يساهم في زيادة الوزن، مشيراً إلى أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن لديهم قابلية أكثر للإصابة بارتفاع ضغط الدم، ومن ثم الإصابة بالخرف.

الجبن... أقل من مرة أسبوعياً

تحتوي الأجبان على الدهون المشبعة. ووفقاً لموقع «تلغراف»، يجب أن نستهلك أكثر من 30 غراماً من الدهون المشبعة يومياً، في حين تحتوي القطعة الصغيرة من الجبن على نحو 7 غرامات من الدهون المشبعة.

ويرى شانون أن الأدلة على ارتباط تناول الأجبان بالصحة العقلية ليست قاطعة، ومع ذلك فإن تناول كمية كبيرة من الجبن الغني بالسعرات الحرارية، ستؤدي لزيادة الوزن، وبالتالي تؤثر على الصحة العقلية.

اللحوم الحمراء... 4 مرات أسبوعياً أو أقل

يقول شانون: «هناك أدلة قوية متزايدة على الرابط بين استهلاك اللحوم المصنعة مثل البسطرمة أو السجق وارتفاع خطر الإصابة بالخرف، وهذا يتضمن أيضاً اللحوم المعلبة واللانشون».

ويتابع: «كذلك هناك ارتباط قوي بين استهلاك اللحوم المصنعة وأمراض القلب والسكري والذبحة. وعلى الجانب الآخر لا توجد أدلة كثيرة على أن استهلاك اللحوم الطازجة يزيد من إمكانية الإصابة بالخرف».

وتنصح هيئة الخدمات الصحية البريطانية باقتصار استهلاك اللحوم الحمراء أو المصنعة على 70 غراماً في اليوم، وإذا كنت تتناول حالياً أكثر من 90 غراماً في اليوم، فحاول استبدال بها الأسماك أو اللحوم البيضاء.

المعجنات والحلويات

المعجنات والحلويات مثل الكرواسون والباتيه غنية بالسكريات، واستهلاك الكثير منها يؤدي لزيادة الوزن وارتفاع مستوى السكر في الدم، وهما عاملان يرفعان مخاطر الإصابة بالخرف.

ويرى شانون أنه لتقليل خطر الإصابة بالخرف يفضّل أن تتناول 5 قطع فقط في الأسبوع، مضيفاً: «العصائر المحلاة أيضاً تُحتسب، وهناك أدلة على أن استهلاك الحلويات والمشروبات المحلاة يزيد من خطر الإصابة بالخرف بنسبة 30 في المائة».

الزبدة... مقدار أقل من ملعقة صغيرة في اليوم

تحتوي الزبدة على مستويات مرتفعة من الدهون المشبعة، وكذلك السعرات الحرارية، واستهلاكها بكثرة في الطعام يؤدي لمشكلات في الأوعية الدموية مع مرور الزمن.