الفاصوليا الخضراء... بين «المسلوقة» و«المقلية»

الطهاة ومدونو الطعام يعيدونها إلى الواجهة

طاجن الفاصوليا تقدمه شيف هند شاهين (صفحة هند على إنستغرام)
طاجن الفاصوليا تقدمه شيف هند شاهين (صفحة هند على إنستغرام)
TT

الفاصوليا الخضراء... بين «المسلوقة» و«المقلية»

طاجن الفاصوليا تقدمه شيف هند شاهين (صفحة هند على إنستغرام)
طاجن الفاصوليا تقدمه شيف هند شاهين (صفحة هند على إنستغرام)

ينجذب إليها الكثيرون ويعدّونها لذيذة وصحية ومتعددة الاستخدامات، ربما لهذا السبب أصبحت الفاصوليا الخضراء موضوعاً ملهماً للوصفات الجديدة والمبتكرة التي يقدمها الطهاة في المطاعم والبلوغرز على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أن طريقة الطهي الكلاسيكية هي الأكثر انتشاراً في مصر، فإن الطرق المبتكرة التي يتم استلهام بعضها من مطابخ عالمية تلقى قبولاً ورواجاً.

سلطة الفاصوليا بخل التفاح وفلفل الألوان والدرسينج تقدمها شيف دينا حسام (صفحة دينا على إنستغرام)

طرق تحضير الفاصوليا الخضراء كثيرة ومتنوعة، لا يتوقف الأمر على إعدادها في شكل «يخنة الفاصوليا» بصلصة الطماطم واللحم البقري مع البصل والثوم والملح والفلفل، كما يفعل الكثيرون في مصر، كما يقول شيف أحمد نبيل، موضحاً لـ«الشرق الوسط» أن هناك طرقاً جديدة لطهي الفاصوليا وتقديمها بشكل لذيذ، ما بين الطرق المقلية والوجبات الخفيفة والدسمة إلى الحساء والسلطات، مشيراً إلى أن الفاصوليا الخضراء تكون لذيذة حين تكون مقرمشة ومكرملة وممتزجة ببعض التوابل أو مغطاة بالبصل المقلي المقرمش هو أيضاً، وتابع: «يمكن أيضاً تحويلها إلى طبق جانبي رائع مع شرائح اللحم، أو وصفة طاجن لذيذة، أو سلطة طازجة، أو حشوة فطيرة مع الطماطم والبصل والفلفل الألوان».

شيف آية تقدم ياخني الفاصوليا في الفرن (صفحة آية على إنستغرام)

ويؤكد نبيل أن «للفاصوليا فوائد كثيرة؛ فهي تعزز صحة القلب، وتقوي العظام، وتساهم في علاج الاكتئاب وغير ذلك، من هنا ينصح بالتنويع في طرق طهيها وتقديمها بمذاقات مختلفة؛ لإرضاء كل الأذواق.

«الدجاج والفاصوليا الخضراء» واحدة من الوصفات التي ينصح بها الشيف المصري، وعدّها «وصفة سهلة وصحية»، وهي «خيار العشاء السريع المثالي».

شيف هند شاهين تقدم سلطة الفاصوليا بالعسل والخل وشرائح الفلفل الأحمر والأصفر مع الفاصوليا البيضاء

ولتحضيرها بحسب قوله: «يتم تتبيل الدجاج بصلصة الصويا والثوم المفروم والتوابل الأخرى مثل زيت السمسم أو الزنجبيل الطازج أو خل الأرز، مع مرق الدجاج أو السكر أو صلصة الفلفل الحار، ويتم قلي الفاصوليا الخضراء في مقلاة، حتى تصبح طرية من الداخل، ومقرمشة من الخارج، وتُرفع الفاصوليا من المقلاة، ثم تُقلى قطع الدجاج صغيرة الحجم حتى يصبح لونها بنياً ذهبياً، وتُخلط الفاصوليا مع الدجاج، ثم تُضاف صلصة العسل والثوم إلى المقلاة، ويتم الطهي على نار خفيفة حتى يصبح القوام سميكاً».

طاجن الفاصوليا الخضراء والقرنبيط بالثوم ومرق الدجاج والمشروم والزعتر المجفف وجوزة الطيب المغطى بالصوص الأبيض، والفاصوليا الخضراء المحمصة بالجبن من الوصفات الأخرى التي يقترحها شيف نبيل، ويكون البدء «بتحميص الفاصوليا الخضراء في زيت الزيتون والثوم والبارميزان، وبعد ذلك خبزها مع الجبن حتى تذوب، وستحصل على نكهة جديدة وغير متوقعة للفاصوليا».

ويضيف: «الفاصوليا الخضراء بالفلفل الحار والكزبرة والبيض المخفوق بالزبدة طبق لذيذ وساخن، ضعه على قائمة طعامك العائلية في هذه الأمسيات الشتوية»، ويطرح وصفة أخرى تعتمد على «خلط الفاصوليا الخضراء المسلوقة مع زيت الزيتون والثوم وعصير الليمون ورش الليمون والملح والفلفل، وتناولها بوصفها مقبلات».

طاجن الفاصوليا تقدمه شيف هند شاهين (صفحة هند على إنستغرام)

«الفاصوليا الخضراء المقلية على طريقة سيتشوان مع الروبيان والزنجبيل والمخلل المفضل لك مع الثوم والبصل الأخضر المقطع إلى شرائح رفيعة، طبق مستلهم من المطبخ الآسيوي»، يرشحه لك شيف سيد إمام مدير مطعم «شانتونغ» في مصر، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «ربما من غير المعتاد بالنسبة للمصريين تناول الخضراوات لا سيما الفاصوليا مع الأسماك، إلا أن هناك وصفة رائعة تتكون من صينية سمك السلمون والفاصوليا الخضراء والليمون والبقدونس أو الكرفس، والزبدة والثوم والملح والفلفل».

وينصح إمام للحصول على أسرع طبق جانبي على الإطلاق «بقلي الفاصوليا المشذبة في القليل من الزيت، ثم رش الملح والفلفل عليها، ووضْعها في سلة المقلاة الهوائية في طبقة واحدة، واتركها لمدة نحو ثماني دقائق أو أكثر، اعتماداً على كيفية إشعالها، ثم أضف إليها جبنة البارميزان أو عصير الليمون، وقدمها مع السمك المشوي».

طريقة أخرى لزيادة القيمة الغذائية لطبق «السي فود» بإضافة الفاصوليا الخضراء بوصفها طبقاً جانبياً، وفي الوقت نفسه بطريقة سريعة كما يشرح إمام «بتشويح الفاصوليا المشذبة في القليل من الزيت، مع رش الملح والفلفل عليها، ثم وضعها في سلة المقلاة الهوائية لمدة نحو ثماني دقائق، مع إضافة القليل من جبن البارميزان أو عصير الليمون وقدمها مع السمك».

قائمة من الوصفات المبتكرة يقدمها بعض البلوغرز والطهاة على مواقع التواصل الاجتماعي للفاصوليا الخضراء، ومنهم شيف هند شاهين التي تقدم سلطة الفاصوليا بالعسل والخل وشرائح الفلفل الأحمر والأصفر مع الفاصوليا البيضاء أيضاً، وكذلك تقدم شيف دينا حسام وصفة أخرى لسلطة الفاصوليا بخل التفاح وفلفل الألوان والدرسينج، كما تقدم شيف آية وصفة الفاصوليا الياخني لكن بطريقة مطورة في الفرن، وتقدم شيف أحلام النهدي دجاج فيتا بالأعشاب مع الفاصوليا على مدونتها «cook.with.mam».

أما شيف علي عبد الحميد فيقدم طبق الفاصوليا المشوية مع مجموعة من الخضراوات الأخرى، لكن تكون الفاصوليا هي «ملكة الطبق»؛ لقيمتها الغذائية المرتفعة على حد قوله لـ«الشرق الأوسط»: «من المهم الاحتفاظ بالفاصوليا طازجة، وعادة ما تستمر الفاصوليا الخضراء لمدة تصل إلى أسبوع في الثلاجة إذا تم تخزينها بشكل صحيح، أي الاحتفاظ بها في حاوية طعام مغلقة أو كيس، وبعيداً عن الخضراوات الأخرى مثل البسلة والطماطم. إذا وجدت لديك كمية كبيرة منها تفوق احتياجك خلال الأسبوع فيمكنك تجميدها، وأفضل طريقة هي سلقها قبل تخزينها في الفريزر بطريقة (الصدمة) لضمان استمرار نضارتها، وذلك من خلال إضافة الفاصوليا إلى وعاء من الماء المغلي، ومن ثم تركها تنضج لدقائق قليلة، على أن يتم نقلها على الفور إلى وعاء من الماء المثلج، لنحو 15 ثانية لتبرد تماماً، ثم تُصفى وتوضع على المناشف الورقية حتى تجف، ويتم تخزينها في الفريزر، وهكذا ستحتفظ حتى بقرمشتها الممتعة عند طهيها».


مقالات ذات صلة

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

مذاقات البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات مبنى «آر إتش» من تصميم المهندس المعماري البريطاني السير جون سوان (الشرق الأوسط)

«آر إتش» عنوان يمزج بين الأكل والأثاث في حضن الريف الإنجليزي

سحر الريف الإنجليزي لا يقاوم، وذلك بشهادة كل من زار القرى الجميلة في إنجلترا. قد لا تكون بريطانيا شهيرة بمطبخها ولكنها غنية بالمطاعم العالمية فيها

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات طبق الكشري المصري (شاترستوك)

مبارزة «سوشيالية» على لقب أفضل طبق كشري في مصر

يبدو أن انتشار وشهرة محلات الكشري المصرية، وافتتاح فروع لها في دول عربية، زادا حدة التنافس بينها على لقب «أفضل طبق كشري».

محمد الكفراوي (القاهرة ) محمد الكفراوي (القاهرة)
مذاقات مطعم "مافرو" المطل على البحر والبقايا البركانية (الشرق الاوسط)

«مافرو»... رسالة حب إلى جمال المناظر الطبيعية البركانية في سانتوريني

توجد في جزيرة سانتوريني اليونانية عناوين لا تُحصى ولا تُعدّ من المطاعم اليونانية، ولكن هناك مطعم لا يشبه غيره

جوسلين إيليا (سانتوريني- اليونان)
مذاقات حليب جوز الهند بلآلئ التابيوكا من شيف ميدو برسوم (الشرق الأوسط)

نصائح الطهاة لاستخدام مشتقات جوز الهند في الطهي

حين تقرّر استخدام جوز الهند في الطهي، فإنك ستجده في أشكال مختلفة؛ إما طازجاً، مجفّفاً، أو حليباً، أو كريمة، وثمرة كاملة أو مبشورة.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
TT

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات، في حين عُرف بالاعتماد على مذاق المكونات الأساسية، مع لمسة محدودة لم تتخطَّ صنفين أو ثلاثة من التوابل.

غير أن الوضع تبدّل الآن، وباتت الأكلات المصرية غارقة في توليفات التوابل، فدخل السماق والزعتر البري والكاري والبابريكا على الوصفات التقليدية. وعلى مدار سنوات عدة قريبة تطوّر المطبخ المصري، وبات أكثر زخماً من حيث النكهات، ليطرح السؤال عن مدى تأثره أو تأثيره في الجاليات التي توجد بالبلاد.

ويرى خبراء الطهي، أن معادلة التوابل لدى المصريين اختلفت بفضل الاندماج الثقافي وتأثير الجاليات العربية التي دفعتهم ظروف الحروب لدخول مصر والاستقرار بها، أيضاً منصات التواصل الاجتماعي التي أزاحت الحدود، ودفعت بمفهوم «المطبخ العالمي»، فنتج خليط من النكهات والثقافات استقبلته المائدة المصرية بانفتاح.

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

ورأت الطاهية المصرية أسماء فوزي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن المطبخ المصري الآن «بات مزيجاً من ثقافات عربية»، وقالت: «عندما بدأت أتعلَّم الطهي من والدتي وجدتي، كانت توليفة التوابل الأشهر تشمل الملح والفلفل، وفي وصفات شديدة الخصوصية قد نستعين بالكمون والحبّهان على أقصى تقدير، أما الكزبرة المجففة فكانت حاضرة في طبق (الملوخية) فقط».

لكنها أشارت إلى أنه قبل سنوات معدودة لاحظت تغييراً واضحاً في تعاطي المطبخ المصري التوابل، و«بدأتُ للمرة الأولى أستعين بنكهات من شتى بقاع الأرض لتقديم مطبخ عصري منفتح على الآخر».

التوابل والأعشاب المصرية مرت برحلة مثيرة عبر قرون من التاريخ والثقافة، واشتهر المطبخ المصري قديماً بمجموعة من الكنوز العطرية، تشمل الكمون بنكهته العميقة التي ارتبطت بطبق «الكشري»، والكزبرة، تلك الأوراق الخضراء المجففة التي تضيف لطبق «الملوخية» نكهته الفريدة، كما عرف الشبت ذو النكهة العشبية المميزة الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بوصفات التمليح (التخليل) والسلطات.

يتفق محمود عادل، بائع بأحد محال التوابل الشهيرة في مصر، يسمى «حاج عرفة»، مع القول بأن المطبخ المصري تحوّل من محدودية النكهات إلى الزخم والانفتاح، ويقول: «المصريون باتوا يميلون إلى إضافة النكهات، وأصبح أنواع مثل السماق، والأوريجانو، والبابريكا، والكاري، والكركم، وورق الغار، وجوزة الطيب والزعتر البري، مطالب متكررة للزبائن». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة انفتاح على المطابخ العالمية بسبب منصات التواصل الاجتماعي انعكس على سوق التوابل، وهو ما يعتبره (اتجاهاً إيجابياً)».

ويرى عادل أن «متجر التوابل الآن أصبح أكثر تنوعاً، وطلبات الزبائن تخطت الحدود المعروفة، وظهرت وصفات تعكس الاندماج بين المطابخ، مثل الهندي الذي تسبب في رواج الكركم وأنواع المساحيق الحارة، فضلاً عن الزعفران»، منوهاً كذلك إلى المطبخ السوري، أو الشامي عموماً، الذي حضر على المائدة المصرية بوصفات اعتمدت نكهات الزعتر والسماق ودبس الرمان، ووضعت ورق الغار في أطباق غير معتادة.

وتعتقد الطاهية أسماء فوزي، أن سبب زخم التوابل وتنوعها الآن في مصر، يرجع إلى «الجاليات العربية التي دخلت البلاد عقب (ثورة) 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، أي قبل أكثر من عقد». وتقول: «بصمة المطبخ السوري بمصر كانت واضحة، فالجالية السورية اندمجت سريعاً، وقدمت مهارات الطهي من خلال المطاعم و(المدونين)، وانعكس ذلك على اختيارات التوابل، وبات ملاحظاً إضافة توليفات التوابل السوري، مثل السبع بهارات لوصفات مصرية تقليدية».

بهارات متنوعة (صفحة محال رجب العطار على «فيسبوك»)

كما أشارت إلى أن «المطبخ العراقي ظهر، ولكن على نحو محدود، وكذلك الليبي»، وتقول: «ما أتوقعه قريباً هو رواج التوابل السودانية، مع تزايد أعدادهم في مصر بعد الحرب، لا سيما أن المطبخ السوداني يشتهر بالتوابل والنكهات».

انفتاح أم أزمة هوية؟

كلما انعكست مظاهر الانفتاح الثقافي على المطبخ المصري، ازدادت معه مخاوف الهوية، وفي هذا الصدد تقول سميرة عبد القادر، باحثة في التراث المصري، ومؤسسة مبادرة «توثيق المطبخ المصري»: «إنه (المطبخ المصري) لم يعتمد في أصوله على النكهات المُعززة بالتوابل المختلطة»، وترى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تفرّد المطبخ المصري القديم يرجع إلى اعتداله في إضافة التوابل... «هذا لا يعني إهماله لسحر مذاق البهارات والتوابل، غير أنه كانت له معادلة شديدة الدقة، كما أن علاقة المصري بالتوابل ذهبت قديماً إلى ما هو أبعد من فنون الطهي».

وأرجعت الباحثة في التراث المصري زيادة الاهتمام بالتوابل إلى (المؤثرين) وطُهاة «السوشيال ميديا»، وتقول: «المطبخ المصري لا يعتمد على التوابل بهذا القدر، في حين هناك عوامل كانت وراء هذا الزخم، أهمها (المؤثرون) و(مدونو) الطعام؛ غير أن إضافة التوابل بهذا الشكل ربما تُفقد المطبخ المصري هويته».

ولفتت إلى أن «المطبخ المصري القديم اعتمد على الملح والفلفل والكمون فقط، أما بقية التوابل فكانت تستخدم لأغراض مثل العلاج والتحنيط؛ وفي العصور الوسطى شهد بعض الاندماج بعد فتح قنوات التواصل مع الدول المحيطة، ولكن على نحو محدود لا يُقارن بالزخم الحالي».