الوجبات الدسمة قد تسبب الاكتئاب

الوجبات الدسمة غنية بالسكر والدهون المشبعة (جامعة دركسل)
الوجبات الدسمة غنية بالسكر والدهون المشبعة (جامعة دركسل)
TT

الوجبات الدسمة قد تسبب الاكتئاب

الوجبات الدسمة غنية بالسكر والدهون المشبعة (جامعة دركسل)
الوجبات الدسمة غنية بالسكر والدهون المشبعة (جامعة دركسل)

أظهرت دراسة بريطانية أن تناول نظام غذائي «رديء الجودة» يعتمد على الوجبات الدسمة الغنية بالسكر والدهون المشبعة، قد يؤدي لتغيرات في الدماغ مرتبطة بالاكتئاب والقلق.

وأوضح الباحثون أن دراستهم هي الأولى من نوعها حول كيمياء الدماغ وبنيته وجودة النظام الغذائي، وقد نُشرت النتائج، الأربعاء، بدورية «Nutritional Neuroscience».

وتميل الوجبات الدسمة إلى أن تكون غنية بالسكر والدهون المشبعة، وقليلة الألياف والعناصر الغذائية الأخرى المهمة للصحة، وتتسبب في ارتفاع سريع بمستويات السكر في الدم، وتسهم في زيادة الوزن والسمنة والسكري وأمراض القلب.

وخلال الدراسة، رصد الفريق تأثير الوجبات الغنية بالسكر والدهون المشبعة على كيمياء الدماغ وبنيته، عبر مراقبة 30 متطوعاً.

وأظهرت فحوصات الدماغ، التي أُجريت للمشاركين، تغيرات في الناقلات العصبية وحجم المادة الرمادية لدى الأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً سيئاً، مقارنة بأولئك الذين يلتزمون بنظام غذائي صحي يعتمد على حمية البحر الأبيض المتوسط، الغنية بالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والمكسرات والبذور والأسماك، مع الحد من اللحوم الحمراء والسكر والدهون.

ووجد الباحثون أيضاً أن هذه التغييرات تؤثر على الصحة العقلية؛ مثل الاكتئاب والقلق. وعندما يتناول شخص نظاماً غذائياً «رديء الجودة»، ينخفض ​​حمض «غاما أمينوبوتيريك»؛ وهو ناقل عصبي مثبط يساعد على تهدئة الدماغ، وترتفع مستويات «الغلوتامات»؛ وهو ناقل عصبي مثير يساعد على تحفيز الدماغ، مما يزيد التهيج وصعوبة التركيز.

كما يؤدي هذا النظام لانخفاض حجم المادة الرمادية بالمنطقة الأمامية من الدماغ، التي تلعب دوراً مهماً في تنظيم المشاعر والسلوك. وعندما ينخفض ​​حجمها، يزداد خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق واضطرابات الصحة العقلية الأخرى.

وتؤدي الأنظمة الغذائية غير الصحية أيضاً لارتفاع نسبة الغلوكوز في الدم، ما يؤدي لزيادة مستويات «الغلوتامات» في الدماغ والبلازما، وتقليل إنتاج حمض «غاما أمينوبوتيريك»، وهذه التغييرات في كيمياء الدماغ قد تؤدي إلى تغيرات في حجم المادة الرمادية بالدماغ، كما لُوحظ في هذه الدراسة.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة بجامعة ريدينغ البريطانية، الدكتورة بيريل هيبسومالي، إن الدراسة تقدم نظرة ثاقبة حول كيفية تأثير جودة النظام الغذائي بشكل مباشر على كيمياء الدماغ وبنيته، وتقدم تفسيراً بيولوجياً محتملاً للعلاقة بين النظام الغذائي السيئ واضطرابات الصحة العقلية؛ مثل الاكتئاب والقلق.

وأضافت هيبسومالي أن النتائج تدعم تعزيز الأنماط الغذائية الصحية، مثل حمية البحر الأبيض المتوسط، والتي قد تساعد في تحسين الصحة العقلية، من خلال الحفاظ على مستويات متوازنة من الناقلات العصبية، والحفاظ على حجم المادة الرمادية، والحد من تناول الأطعمة الغنية بالسكر والدهون المشبعة؛ لتحسين الصحة العقلية بشكل عام. وأشارت إلى أن الأبحاث المستقبلية يجب أن تتضمن عيّنات أكبر وأكثر تنوعاً للتحقق من صحة هذه النتائج الأولية وتوسيع نطاقها.


مقالات ذات صلة

سماعة رأس قد تساعد على علاج الاكتئاب

صحتك صورة نشرها الباحثون للسماعة

سماعة رأس قد تساعد على علاج الاكتئاب

طوَّرت مجموعة من الباحثين سماعة رأس قد تكون بمثابة اختراق لعلاج الاكتئاب في المنزل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المراهقون يرون أن الضغط يأتي من الآباء والمعلمين وغيرهم من البالغين في حياتهم (رويترز)

وسط مشاعر القلق والإرهاق... كيف نساعد المراهقين؟

وجد مسح أن نحو 81 في المائة من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً يشعرون بضغط يجعلهم قلقين بشأن خططهم وإنجازاتهم ومظهرهم وحياتهم الاجتماعية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك المشاعر والأفكار السلبية غالباً ما تحاصر عقولنا في الليل (رويترز)

لماذا تظهر أعراض الاكتئاب في الليل؟

يلاحظ كثير من الأشخاص أن المشاعر السلبية غالباً ما تحاصر عقولهم في الليل، حيث قد تسيطر الأفكار السيئة والحزينة على تفكيرهم مما يجعل النوم صعباً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق طفلة نازحة إلى أحد شوارع بيروت بعد أولى ليالي القصف الإسرائيلي على الضاحية (د.ب.أ)

الصحة النفسية أولى ضحايا الحرب... ما وسائل إنقاذها؟

القلق، الأرق، الصدمة، الاكتئاب، الهلع، انقطاع الشهية... كلها شظايا نفسية تخترق أرواح البشر المتواجدين وسط النزاعات والحروب. فهل من طرق للتصدّي لها ومداواتها؟

كريستين حبيب (بيروت)
صحتك العلاج بالضوء الساطع يستخدم عبر التعرض لضوء صناعي يحاكي الضوء الطبيعي (الجامعة الصينية في هونغ كونغ)

الضوء الساطع يُساعد في علاج الاكتئاب

خلصت دراسة برازيلية إلى أن العلاج بالضوء الساطع يمكن أن يكون علاجاً مساعداً فعّالاً للاضطرابات الاكتئابية غير الموسمية.


علاج جيني لسمنة الأطفال يُخفف التهاب المفاصل

علاج جيني لسمنة الأطفال يُخفف التهاب المفاصل
TT

علاج جيني لسمنة الأطفال يُخفف التهاب المفاصل

علاج جيني لسمنة الأطفال يُخفف التهاب المفاصل

كشفت أحدث دراسة ناقشت التأثير الخطير للسمنة على صحة الأطفال عن الدور المهم للعلاج الجيني، في تقليل خطر الإصابة بمشكلات صحية أخرى مرتبطة بزيادة الوزن، خصوصاً التهاب المفاصل «arthritis»، وذلك من خلال استخدام طريقة جديدة لتحويل الأحماض الدهنية الضارة إلى أحماض دهنية مفيدة.

ونُشرت الدراسة في مجلة «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» (Proceedings of the National Academy of Sciences) في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الاول) من العام الحالي، لباحثين من مستشفى «شراينرز للأطفال» بسانت لويس (Shriners Children's St. Louis) بالولايات المتحدة.

مخاطر السمنة الصحية

أوضح الباحثون أن خط العلاج الأول في التهاب المفاصل هو الحماية من زيادة الوزن، لأن ثقل الجسم يضغط على المفاصل ويساعد في تفاقم الالتهاب. ولذلك قام الفريق البحثي على مدار 4 سنوات بمحاولة إيجاد طريقة لمنع آثار السمنة على الأطفال.

وتبعاً لـ«مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركية» (CDC) فإن ما يقرب من 20 في المائة من الأطفال يعانون من السمنة ومضاعفاتها الخطيرة، بما في ذلك التهاب المفاصل وأمراض القلب ومرض السكري من النوع الثاني، واضطرابات الطعام والسكتة الدماغية بجانب آثارها السلبية على الصحة النفسية.

وقال الباحثون إن نوعية الطعام وليست فقط كميته هي التي تؤثر بالسلب على صحة الجسم. كما أن طبيعة النظام الغذائي للطفل يمكن أن تمثل ضرراً بالغاً عليه، إذ تلعب نوعية الأحماض الدهنية التي يستهلكها الأطفال دوراً مهماً في زيادة الوزن بغض النظر عن كميات الطعام ما يفسر سر سمنة بعض الأطفال الذين لا يتناولون كميات كبيرة من الطعام، أو الذين يتناولون وجبة واحدة فقط.

وتعتمد التقنية الجديدة التي تم استخدامها في فئران التجارب، على العلاج الجيني عن طريق استخدام فيروس غير نشط (adeno-associated virus) يقوم بتوصيل الجين لإنزيم معين في خلايا الجسم، ويقوم بتحويل أحماض «أوميغا 6» الدهنية (التي تلعب دوراً مهماً في الالتهاب) إلى أحماض دهنية جيدة «أوميغا 3» بشكل تلقائي مما يساعد في حماية الجسم من الالتهابات ويقوي مناعته.

وأوضح العلماء أن تناول الأطعمة التي تحتوي على أحماض «الأوميغا 6» بشكل طبيعي لا يؤثر على الصحة، ولكن الإفراط في تناولها يمنع «الأوميغا 3» من العمل. وفي الأغلب توجد «الأوميغا 6» بنسب كبيرة جداً في الزيوت النباتية مثل زيت الذرة وزيت عباد الشمس. وتدخل هذه الزيوت في تصنيع معظم الأطعمة الجاهزة والأطعمة المقلية والحلويات المصنعة، وتؤدي إلى تفاقم الالتهاب بشكل عام والتهاب المفاصل بشكل خاص. ولذلك من الضروري حفظ التوازن بين أحماض «أوميغا 6» الدهنية وأحماض «أوميغا 3» الجيدة لصحة الجسم. ولكن نظراً لانتشار الثقافة الغذائية الخاطئة التي تعتمد على الوجبات السريعة والأغذية غير الصحية يحدث الخلل في التوازن مما يؤدي إلى التهاب المفاصل.

العلاج الجيني قلل الالتهابات

وقال الباحثون إن العلاج الجيني تمكن من خفض عدد الخلايا المسؤولة عن الالتهابات، وبشكل خاص خفض نوعاً معيناً من التهاب المفاصل يُطلق عليه (التهاب مفاصل ما بعد الصدمات - post-traumatic arthritis). وهذا النوع شائع جداً بين الأطفال نتيجة لكثرة التصادم بسبب اللعب والمشاجرات والتدافع.

ويحدث في الأغلب بمفصل الركبة ويسبب تمزقاً في نسيج الغضروف المفصلي، ويسبب ألماً شديداً للطفل وتورماً في المفصل وعدم القدرة على الحركة، وفي بعض الأحيان النادرة على المدى الطويل يمكن أن يحدث تيبس في المفصل.

ووجد الفريق البحثي أن حقنة واحدة من العلاج الجيني في فئران التجارب قللت بشكل كبير من آثار النظام الغذائي الغني بالدهون و«الأوميغا 6» على صحة الجسم بشكل عام والتهاب المفاصل في الركبة بشكل خاص. وكان من المثير للاهتمام اكتشاف أن السمنة الناتجة عن النظام الغذائي تؤدي إلى ما يمكن اعتباره شيخوخة مبكرة لمفصل الركبة ما يؤدي إلى خشونتها وفقدان مرونتها.

كما لاحظوا أيضاً أن المفاصل في الفئران تعافت بشكل سريع جداً. وتبعاً للدراسة تزيد السمنة من التغيرات التي تحدث في مفاصل الركبة، وتؤدي إلى عجزها المبكر كلما كان العمر صغيراً ما يوضح ضرورة علاج السمنة مبكراً حتى يمكن تجنب هذه المخاطر.

20 % من الأطفال يعانون من السمنة ومضاعفاتها الخطيرة

تحويل الدهون السيئة إلى مفيدة

أكد العلماء أن الميزة الأكبر في العلاج الجيني الذي تم تطويره هي أنه يعمل في الجسم بشكل تلقائي بدون أدوية مكملة، أو أي إجراءات أخرى على تحويل أحماض «أوميغا 6» إلى أحماض «أوميغا 3» ما يحوّل الدهون السيئة إلى دهون جيدة، ويعمل على إعادة التوازن بينهما، ما يجعله مثالياً في حالة استخدامه على الأطفال، خصوصاً صغار السن، لأنه لا يحتاج إلى احتياطات خاصة، أو طريقة معينة لتناوله بترتيب زمني معين بعكس معظم العلاجات التي تعتمد بشكل أساسي على النظم الغذائية والرياضة والأدوية.

نصح الباحثون بضرورة تناول كميات كافية من «الأوميغا 3» في الجسم، لأنه يزيد من مستويات الدهون عالية الكثافة (الجيدة) لإعادة التوازن بينه وبين «أوميغا 6» عن طريق الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة منه مثل زيت الزيتون والمكسرات والأسماك الدهنية مثل التونة والسلمون، نظراً لدوره الكبير في حماية الجسم من الالتهابات ورفع المناعة وزيادة حساسية الإنسولين، والحماية من الإصابة بأمراض القلب وتقوية الذاكرة.

وقال الباحثون إن نتائج هذه الدراسة مهمة جداً وتعطي أملاً كبيراً في حماية ملايين الأطفال من مضاعفات السمنة، وبشكل خاص التهاب المفاصل في المستقبل القريب مع بدء التجارب السريرية على الأطفال.

* استشاري طب الأطفال