دراسة: التلوث أكبر تهديداً للبشر من الحروب والإرهاب

صورة تظهر ارتفاع مستويات تلوث الهواء في تايلاند (أ.ف.ب)
صورة تظهر ارتفاع مستويات تلوث الهواء في تايلاند (أ.ف.ب)
TT

دراسة: التلوث أكبر تهديداً للبشر من الحروب والإرهاب

صورة تظهر ارتفاع مستويات تلوث الهواء في تايلاند (أ.ف.ب)
صورة تظهر ارتفاع مستويات تلوث الهواء في تايلاند (أ.ف.ب)

أكدت دراسة جديدة أن التلوث يشكّل تهديداً صحياً عالمياً أكبر من الحروب والإرهاب والملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية والسل وإدمان المخدرات والكحول.

ووفقاً لشبكة «سي بي إس نيوز»، فقد شارك في الدراسة باحثون من كلية إيكان للطب في ماونت سيناي، والمركز العلمي في موناكو، والمركز الطبي الجامعي في مدينة ماينز، ومعهد فيكتور تشانغ لأبحاث القلب في سيدني.

وجمع الباحثون أدلةً من دراسات بجميع أنحاء العالم على وجود روابط بين التلوث وأمراض القلب والأوعية الدموية بين السكان، وقارنوا النتائج بتأثير أزمات أخرى مثل الحروب والإرهاب والإدمان والأمراض المختلفة في الصحة.

وقد ركّزوا على ظاهرة الاحتباس الحراري، وتلوث الهواء، والتعرُّض لدخان حرائق الغابات، وكذلك الضوضاء والتلوث الضوئي والتعرُّض للمواد الكيميائية السامة.

وأظهرت النتائج أن التلوث يشكّل تهديداً صحياً عالمياً أكبر من الحروب والإرهاب والملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية والسل وإدمان المخدرات والكحول، وأنه كان مسؤولاً عن 8.8 مليون حالة وفاة مبكرة بين عامي 2015 و2022.

وأكد الباحثون أن التعرُّض للملوثات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأفراد.

مشهد يظهر حجم التلوث في العاصمة الهندية نيودلهي (أ.ب)

وقال البروفسور جيسون كوفاسيتش، المدير التنفيذي لمعهد فيكتور تشانغ لأبحاث القلب: «يجب أن يكون هناك اعتراف أكبر بمخاطر التلوث، والدور الذي يلعبه في التسبب في نحو 9 ملايين حالة وفاة كل عام على مستوى العالم».

وأضاف: «يموت كل عام نحو 20 مليون شخص في جميع أنحاء العالم؛ بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، حيث تلعب الملوثات دوراً متزايداً في هذا الشأن».

وتابع: «لقد وصلت الملوثات إلى كل ركن من أركان العالم، وهي تؤثر في كل واحد منا. إننا نشهد حرائق غابات غير مسبوقة، وارتفاعاً شديداً في درجات الحرارة، وضوضاء طرق غير مقبولة، وتلوثاً ضوئياً شديداً، والتعرُّض للمواد الكيميائية السامة حتى في منازلنا».

وأكمل كوفاسيتش: «تتعرَّض أجسادنا للقصف بالملوثات من كل زاوية، وهي تؤثر سلباً في صحة قلوبنا. وتشير الأدلة إلى أن عدد الأشخاص الذين يموتون قبل الأوان بسبب هذه الأشكال المختلفة من التلوث أعلى بكثير مما هو معترف به حالياً».

ومن المعروف أن الملوثات من العوامل المسببة لأمراض القلب والأوعية الدموية، ولكنها تؤثر في باقي الجسم بطرق مختلفة. فيمكن استنشاق الدخان والسموم الأخرى مباشرة إلى عمق الجهاز التنفسي السفلي لتصل إلى الدم، ومن ثم إلى أعضاء أخرى في جميع أنحاء أجسامنا. ويمكن أن تسبب هذه الملوثات الإجهاد التأكسدي الذي يمكن أن يلحق الضرر بالخلايا والأعضاء، بما في ذلك القلب.

الملوثات من العوامل المسببة لأمراض القلب والأوعية الدموية (رويترز)

أما الملوثات الأخرى مثل الضوضاء والتلوث الضوئي فيمكن أن تؤثر في أنماط النوم، وتؤدي إلى الالتهاب وتتسبب في زيادة ضغط الدم وزيادة الوزن. كما يمكن أن تؤدي الحرارة الشديدة إلى الجفاف، وزيادة إجهاد القلب والأوعية الدموية، والفشل الكلوي الحاد.

وقال فريق الدراسة: «هناك حاجة ملحة لتحسين مراقبة هذه الملوثات لتحديد المجتمعات الأكثر عرضة للخطر، وفهم أفضل لكيفية زيادة التعرُّض لملوثات معينة من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية على المستوى الفردي».

كما دعا الباحثون إلى اتخاذ بعض الإجراءات للتصدي لهذه الأزمة، مثل تقليل استخدام المركبات، وزيادة المساحات الخضراء، والاتجاه للاعتماد على الطاقة النظيفة، مشيرين إلى أن هذا الأمر من شأنه أن يبطئ ظاهرة الاحتباس الحراري، ويزيل بعض الملوثات الأكثر ضرراً من الهواء.


مقالات ذات صلة

المواد البلاستيكية الدقيقة منتشرة بقوة في التربة الزراعية الفرنسية

بيئة حقل قمح في أوساس سوهير بجنوب غربي فرنسا (أ.ف.ب)

المواد البلاستيكية الدقيقة منتشرة بقوة في التربة الزراعية الفرنسية

كشفت دراسة نشرت نتائجها «الوكالة الفرنسية للتحول البيئي» الخميس عن وجود شبه منهجي للمواد البلاستيكية الدقيقة في التربة الزراعية في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا متطوعون ينظفون التلوث الذي غطى الشواطئ الرملية في منتجع أنابا الصيفي بعد تسرب نفط من ناقلتين في البحر الأسود (رويترز)

منطقة روسية تعلن حالة الطوارئ بسبب تسرب نفطي في البحر الأسود

أعلنت السلطات في منطقة كراسنودار بجنوب روسيا، اليوم الأربعاء، حالة الطوارئ على مستوى المنطقة، قائلة إن النفط لا يزال يتدفق إلى الساحل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
صحتك تبين من الدراسة أن التعرض لجزيئات الغبار الدقيقة التي تنبعث عن محطات الطاقة أو حرائق الغابات يزيد مخاطر الإصابة بالجلطات بنسبة 39 % (رويترز)

تلوث الهواء يزيد مخاطر الإصابة بجلطات الدم

كشفت دراسة أميركية أن التعرض لتلوث الهواء لفترات طويلة يزيد مخاطر الإصابة بجلطات الدم في الأوردة.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد رئيس وزراء منغوليا يتحدث إلى الحضور خلال «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس وزراء منغوليا من الرياض: مشاريع سعودية تستهدف الانتقال للطاقة النظيفة

أوضح رئيس وزراء منغوليا أويون إردين لوفسانامسراي أن مؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16» المنعقد حالياً في الرياض يتمحور حول مستقبل الأرض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تقرير: تحذيرات في بريطانيا من المخاطر الصحية للفطر «السحري»

أحد أنواع الفطر السحري (رويترز)
أحد أنواع الفطر السحري (رويترز)
TT

تقرير: تحذيرات في بريطانيا من المخاطر الصحية للفطر «السحري»

أحد أنواع الفطر السحري (رويترز)
أحد أنواع الفطر السحري (رويترز)

ذكرت صحيفة «غارديان» البريطانية أن الخبراء حذروا من زيادة استخدام فطر السيلوسيبين الذي يعرف بالفطر «السحري»، الذي انتشر بعد تقارير عن أنه يمكن أن يساعد في علاج بعض الحالات الصحية العقلية.

وأضافت أن فطر السيلوسيبين شهد نمواً سريعاً في شعبيته، مما أثار «نهضة» في المخدرات حيث أصبح الناس أكثر اهتماماً بفوائده على الصحة العقلية، لكن الخبراء حذروا من أن استخدامه الترفيهي يخاطر بإحداث ضرر أكثر من نفعه.

وأدت التجارب التي تستكشف السيلوسيبين كعلاج إلى انتشار شركات له في البلدان التي يكون فيها استخدامه قانونياً.

وتظهر أحدث بيانات مكتب الإحصاء الوطني ببريطانيا أن السيلوسيبين كان المخدر غير القانوني الوحيد الذي زادت شعبيته في عام 2024، حيث زاد بنسبة 37.5 في المائة ليصل إلى 1.1 في المائة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 59 عاماً، وهو ما يمثل نحو 300000 شخص ويجعل المخدر شائعاً تقريباً مثل الإكستاسي.

وقال الخبراء إنه في حين أظهرت التجارب السريرية نتائج واعدة، فإن الأدلة تشير إلى أن الأشخاص الذين يتناولون السيلوسيبين خارج هذه الظروف يمكن أن يتعرضوا للأذى، بما في ذلك القلق والصدمات والأرق والتشوهات البصرية.

وأضاف الخبراء أن الأطباء العامين والأطباء النفسيين والمعالجين يفتقرون إلى المعرفة اللازمة لعلاج هذا الأمر وأحياناً يخطئون في تشخيص المرضى بالذهان أو الهوس.

وعلى الرغم من صعوبة تحديد انتشار الأشخاص الذين يواجهون أضرار ما بعد الإدمان على المواد المخدرة، فقد وجدت الأبحاث الحديثة أن 8.9 في المائة من المستجيبين الذين استخدموا المواد المخدرة بانتظام طوال حياتهم أفادوا بضعف يستمر لأكثر من يوم واحد.

وقال توميسلاف ماجيتش، وهو طبيب نفسي، إن الناس لديهم تجارب سيئة مع الأطباء الذين لم يكونوا على دراية بـ«التأثيرات والمخاطر والمضاعفات للمواد المخدرة».

وأضاف أن «معظم المرضى يستخدمونها علاجاً ذاتياً ويحتاجون إلى دعم نفسي، على الرغم من أن البعض يحتاجون إلى مساعدة نفسية».

شخص يدخن (أرشيفية - جامعة آرهوس)

وقال: «لقد حدثت زيادة في المشاكل المتعلقة بالسيلوسيبين والمواد المخدرة التقليدية الأخرى، ويرجع ذلك على الأرجح إلى الشعبية المتزايدة والتصوير المفرط لهذه المواد في وسائل الإعلام، وفي بعض الحالات، في الخطاب العلمي، وإحصائياً، كانت هناك زيادة في حالات المواد المخدرة في أقسام الطوارئ في بعض البلدان».

وذكر ريت زوي، الأستاذ المشارك في أبحاث المواد المخدرة في إمبريال كوليدج لندن، أن «نقطة الضعف في المواد المخدرة هي أن التجارب يمكن أن تكون أشبه بالأحلام وتشعر بأنها حقيقية للغاية، ويستنتجون خطأً أنهم يجب أن يستخدموها لفهم أنفسهم وعلاقاتهم وصعوباتهم».

وقال: «نحن بحاجة إلى المزيد من الاستراتيجيات لإعلام الناس بهذه الظواهر وتقديم الدعم عندما يحدث هذا»، مضيفاً أن حقيقة أن الاستخدام الترفيهي أصبح الآن «شائعاً للغاية» تشير إلى أن العاملين في مجال الرعاية الصحية يجب أن يتلقوا توجيهات لمعالجة هذه الظاهرة.