الألقاب وأثرها النفسي على الأطفال

صفات مبالغ فيها تعرضهم لمشاكل اجتماعية

الألقاب وأثرها النفسي على الأطفال
TT

الألقاب وأثرها النفسي على الأطفال

الألقاب وأثرها النفسي على الأطفال

من المعروف أن الكلمات لها تأثير مباشر في تكوين هوية الطفل identity، خصوصاً في الفترات المبكرة من حياته. ويمكن للآباء أن يتسببوا من دون قصد، في حدوث مشاكل نفسية لطفلهم حتى مع المعاملة الجيدة وإطلاق صفات معينة مثل «كسول» أو «غبي» تلتصق بالطفل مع الوقت. ويمكن أن يساهم ذلك في تدني صورة الذات لديه ويجعله يتعامل مع الأمر كما لو كان حقيقة مؤكدة، وبالتالي لا يسعى للتخلص من هذه العيوب مما يعرضه لمشاكل اجتماعية ونفسية.

إطلاق الصفات والألقاب

يوضح علماء النفس أن إطلاق الألقاب labeling يُعد نوعاً من التصنيف والوصف لسلوك معين مبالغ فيه عن الطبيعي. وعلى سبيل المثال، فإن إطلاق لفظ مثل «ذكي» على طفل يعني بالضرورة أن مستوى ذكائه أكثر من الشخص العادي، والأمر نفسه ينطبق على الصفات السلبية. لذلك حينما يقوم الآباء أو الأقران أو المدرسون باستخدام تسميات معينة يكون ذلك بمثابة رسالة ضمنية للجميع (بمن فيهم الطفل ذاته) بتميز هذا الطفل سلباً وإيجاباً.

وإطلاق الألقاب في الطفولة يكون له خطر مضاعف؛ نظراً لأنها المرحلة التي يحدث فيها تكوين وتطور الشخصية. وحينما نقول للطفل جملاً مثل: «أنت بطيء جداً» أو «أنت تخطئ دائماً»، سيكون من الصعب جداً عليه تغيير هذا التصور الذاتي في مراحل لاحقة من حياته.

ويحذر العلماء من خطورة التسميات بشكل عام حتى الإيجابية منها، ويقولون إنها يمكن أن تكون سيئة بالقدر نفسه عندما يتم تصنيف الأطفال حسب إنجازاتهم؛ إذ يعني ذلك ربط القيمة الجوهرية للطفل بأدائه. وعلى سبيل المثال، عندما نقول للطفل جملة: «لقد قمت بعمل جيد في هذا الاختبار لأنك ذكي» تجعله يعتقد أن تدني الأداء يعني بالضرورة انخفاضاً في معدل الذكاء، وبالتالي تدني قيمته الذاتية. ولذلك فمن الخطأ الاعتقاد بأن إعطاء الأطفال صفات إيجابية بشكل متكرر يساعد على تعزيز احترامهم لنفسهم. والطفل الذي يعتقد أنه يحصل على علامات جيدة في المدرسة لأنه ذكي قد ينتهي به الأمر إلى الخوف المرَضي من الفشل، ويكون أكثر عرضة للإحباط والقلق.

الجهد أهم من درجات الامتحان

ينصح العلماء في الحالات الإيجابية بربط التسميات بإنجاز شيء معين وليس بنتيجة، بمعنى أن يتم الثناء على الجهد المبذول بدلاً من التركيز على الدرجة وخاصة في الأداء المدرسي. وعلى سبيل المثال، في الامتحان يمكن للآباء أن يظهروا رضاهم عن المجهود في المذاكرة والتفكير في الإجابة على الأسئلة، وليس الثناء على الدرجة النهائية في الامتحان، أو ربطها بمعدلات الذكاء والتميز.

وقد أظهرت الدراسات أن تصورات الوالدين الشخصية تؤثر على التسميات التي يطلقونها على أطفالهم، ما ينعكس على تطور المهارات العاطفية عند الأطفال. وبطبيعة الحال، فإن هذه التصورات يمكن أن تكون خاطئة أو ظالمة وغير متفهمة لطبيعة الطفل. وعلى سبيل المثال، فإن الأب الذي يرى أن طفله الذكر السريع التأثر أو الحساس يعاني من ضعف في الشخصية (تبعاً لتصور الأب عن القوة) يمكن أن يطلق عليه لقب «ضعيف»، ما يؤدي إلى إمكانية أن يصبح الطفل شديد العنف وعدوانياً مع الآخرين حتى لا يشعر بالضعف.

ويقول الباحثون إن الهدف من العملية الدراسية هو التعلم وليس التصنيف. ورغم أن الدراسات المختلفة تظهر أن فصل الطلاب، حسب القدرة، يمكن أن يمنحهم تعليماً أكثر تخصصاً، وبالتالي أكثر فعالية، لكن بعض العلماء يرون أن هذا يؤدي إلى الوصم stigmatization ورفض الأقران والسخرية، وبالتالي العزلة والانسحاب المجتمعي حتى على مستوى البالغين. والأفراد بمجرد تصنيفهم سوف يتوقعون النتيجة نفسها من أنفسهم في مواقف مماثلة.

إطلاق الألقاب في الطفولة له خطر مضاعف في مرحلة تكوّن الشخصية

تجنب التصورات المسبقة

يوضح العلماء أن الثقافة العامة للمجتمع تلعب دوراً كبيراً في موضوع إطلاق الألقاب وإهدار طاقات الآخرين. وعلى سبيل المثال في مجتمعات معينة ينظر الناس بتقدير للطلاب الذين يدرسون مواد علمية أكبر من الطلاب الذين يدرسون مواد أدبية. ويتم إطلاق صفات مثل «عبقري» على شخص لمجرد أنه يدرس مادة علمية معينة يعزف معظم الطلاب عن دراستها نتيجة للتصور المسبق عنها بأنها تحتاج إلى ذكاء خارق لا يتوفر في معظمهم. والأمر نفسه ينطبق على بعض المهن في كل مجتمع.

وينصح الباحثون بضرورة مقاومة تصنيف الأطفال categorizing، حسب التصورات المسبقة عنهم، سواء النفسية أو حتى البدنية، ويجب الأخذ في الاعتبار التأثير الذي يمكن أن تحدثه كل كلمة. وعلى سبيل المثال، فإن الطفل الذي يعاني من البدانة لا يجب أن يتم وصفه بالكسل لمجرد أنه يعاني من وزن زائد، والأمر نفسه يمكن أن ينطبق على بقية الأمراض وبخاصة التي تحمل تصنيفاً اجتماعياً مثل مرض السكري، وعدم قيام المدربين بإشراك الطلاب المصابين في المباريات؛ ظناً منهم أن هؤلاء الأطفال لن يكونوا قادرين على اللعب.

يجب على الآباء أن يساعدوا أبناءهم من دون توجيه النقد لهم. وعلى سبيل المثال، الطفل الذي يترك غرفته غير مرتبة يمكن للأم أن تقول له: «سوف أساعدك في ترتيب الغرفة»، بدلاً من قول «أنت فوضوي». والطفل الذي يعاني من البدانة يمكن أيضاً أن يقول الآباء: «كلنا سوف نتبع نظاماً غذائياً حتى تكون صحتناً أفضل». ويجب التأكيد على الدعم النفسي بعيداً عن الإنجاز بعبارات مثل: «أنت طفل مميز جداً بالنسبة لي» أو «أنا فخور بك» من دون ذكر أسباب، ودائماً يتم الثناء على أي مجهود مبذول حتى لو كان بسيطاً حتى يدرك الطفل أنه محبوب لذاته.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)
طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)
طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة.

وعقدت لجنة تابعة لمنظمة الصحة العالمية اجتماعاً طارئاً في جنيف، اليوم الجمعة، لتقرير ما إذا كان فيروس جدري القردة «إمبوكس» لا يزال يمثل أزمة صحية عالمية.

وتجتمع اللجنة، التي تضم نحو 12 خبيراً مستقلاً، كل ثلاثة أشهر، بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية، في أغسطس (آب) الماضي، حالة طوارئ صحية بسبب انتشار فيروس جدري القردة في القارة الأفريقية.

وتبحث اللجنة حالياً في سبل مواجهة سلالة جديدة من الفيروس تسمى «كليد 1 بي»، انتشرت من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وقد تكون أكثر خطورة ومُعدية بشكل أكبر.

وقالت منظمة الصحة العالمية إنه جرى رصد أكثر من 50 ألف حالة مشتَبه بها من جدري القردة في البلدان الأفريقية، هذا العام، مع أكثر من 1800 حالة وفاة. ومن بين الإصابات جرى اكتشاف 12 ألف حالة في المختبرات.

وتعتزم منظمة الصحة العالمية تقديم تفاصيل حول نتائج مشاورات اللجنة، مساء اليوم الجمعة.