مستويات الغلوكوز تؤثر على الأداء المعرفي لمرضى السكري النوع الأول

مستويات الغلوكوز تؤثر على الأداء المعرفي لمرضى السكري النوع الأول
TT

مستويات الغلوكوز تؤثر على الأداء المعرفي لمرضى السكري النوع الأول

مستويات الغلوكوز تؤثر على الأداء المعرفي لمرضى السكري النوع الأول

أظهرت نتائج دراسة جديدة أجراها باحثون بمستشفى ماكلين وجامعة واشنطن ونشرت بمجلة «npj Digital Medicine»، أن مستويات الغلوكوز تؤثر على الأداء المعرفي لدى الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول بشكل مختلف. فقد اتضح ان الإدراك كان أبطأ في اللحظات التي كان فيها الغلوكوز غير عادي، أي أعلى أو أقل بكثير من مستوى الغلوكوز المعتاد لدى شخص ما.

ومع ذلك، كان بعض الأشخاص أكثر عرضة للتأثيرات المعرفية لتقلبات الغلوكوز الكبيرة من غيرهم. ومن أجل المزيد من التوضيح، قال الدكتور زوي هوكس المؤلف الرئيسي للدراسة «في محاولة فهم كيفية تأثير مرض السكري على الدماغ، يُظهر بحثنا أنه من المهم النظر ليس فقط في كيفية تشابه الناس، ولكن أيضًا في كيفية اختلافهم». وذلك وفق ما ذكر موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص.

وقد أظهرت الدراسات المخبرية السابقة أن مستويات الغلوكوز المنخفضة جدًا والمرتفعة جدًا تضعف الوظيفة الإدراكية. إلّا ان القيود التكنولوجية جعلت من الصعب دراسة تأثير تقلبات الغلوكوز التي تحدث بشكل طبيعي على الإدراك خارج المختبر، ما يمنع الباحثين للحصول على قياسات متكررة وعالية التردد داخل نفس الأفراد مع مرور الوقت.

وتعد القياسات عالية التردد ضرورية لفهم ما إذا كانت تقلبات الغلوكوز تؤثر على الإدراك بشكل مماثل لدى الجميع.

وفي الدراسة الجديدة، استخدم الباحثون أجهزة استشعار الغلوكوز الرقمية والاختبارات المعرفية القائمة على الهواتف الذكية لجمع بيانات الغلوكوز والمعرفية المتكررة وعالية التردد في 200 فرد يعانون من مرض السكري من النوع الأول.

كما تم جمع بيانات الغلوكوز كل خمس دقائق وجمع البيانات المعرفية ثلاث مرات يوميًا لمدة خمسة عشر يومًا. حيث جمع الغلوكوز والبيانات المعرفية بشكل غير ملحوظ، بينما كان المشاركون يمارسون حياتهم اليومية؛ وهذا سمح للباحثين بفحص التأثير المعرفي لتقلب الغلوكوز الذي يحدث بشكل طبيعي.

ومع العديد من نقاط البيانات من كل فرد، تمكن الباحثون من استخدام التعلم الآلي لاختبار ما إذا كان تأثير الغلوكوز على الإدراك يختلف من شخص لآخر.

كما أظهرت الدراسة أن الوظيفة الإدراكية تضعف عندما يكون مستوى الغلوكوز أعلى أو أقل بكثير من المعتاد، ولوحظ هذا التأثير في سرعة المعالجة؛ لكن لم تتم ملاحظة الاهتمام المستمر.

ومن الممكن أن تتأثر سرعة المعالجة بالتقلبات قصيرة المدى لحظة بلحظة في مستوى الغلوكوز، في حين يتأثر الاهتمام المستمر بارتفاع أو انخفاض مستوى الغلوكوز الذي يستمر على مدى فترات زمنية أطول.

وفي هذا الاطار، وجد الباحثون أيضًا أن الأشخاص يختلفون عن بعضهم البعض من حيث مدى تأثير تقلبات الغلوكوز على سرعتهم الإدراكية، وأن بعض الأشخاص (بمن في ذلك كبار السن والبالغون الذين يعانون من حالات صحية معينة) كانوا أكثر تأثراً بتقلبات الغلوكوز من غيرهم.

وتبين الدكتورة لورا جيرمين المؤلفة الرئيسية المشاركة في الدراسة مديرة مختبر ماكلين لتكنولوجيا الدماغ والصحة المعرفية «ان نتائجنا تظهر أن الناس يمكن أن يختلفوا كثيرًا عن بعضهم البعض في كيفية تأثر أدمغتهم بالغلوكوز». مضيفة «لقد وجدنا أن تقليل تقلبات الغلوكوز في الحياة اليومية أمر مهم لتحسين سرعة المعالجة، وهذا ينطبق بشكل خاص على الأشخاص الأكبر سنا أو الذين يعانون من حالات صحية أخرى مرتبطة بمرض السكري».

جدير بالذكر، كان أحد الاكتشافات المفاجئة هو أن ذروة الأداء الإدراكي للمشاركين تزامنت مع مستويات الغلوكوز التي كانت أعلى قليلاً من نطاقها الطبيعي، على الرغم من انخفاض الأداء مع ارتفاع مستويات الغلوكوز بشكل أكبر.

بدورها، أكدت نعومي تشايتور المؤلفة الرئيسية المشاركة «كان هذا اكتشافًا مهمًا لأن الأشخاص المصابين بالسكري غالبًا ما يشعرون بالتحسن عند مستوى الغلوكوز أعلى مما يعتبر صحيًا». وخلصت الى القول «من الممكن أن يعتاد دماغك على مستوى الغلوكوز الذي اعتاد عليه. لذا فإن الخطوة التالية في هذا البحث هي معرفة ما إذا كان مستوى الغلوكوز المرتبط بذروة الأداء يتحول إلى المعدل الطبيعي عندما يكون مقدار الوقت الذي يقضيه أعلى من النطاق يتم تقليله، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال استخدام أنظمة إدارة مرض السكري الآلية».


مقالات ذات صلة

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

صحتك تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

كشفت دراسة حديثة أن استهداف العصب الذي غالباً ما يكون مبهماً يؤدي إلى تحسين معدل نجاح العلاج بالتبريد والعلاج بالترددات الراديوية لالتهاب الأنف المزمن.

صحتك هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

من المعروف أن مرض السكري من النوع الأول يُعد أشهر مرض مزمن في فترة الطفولة. لكن يمكن حدوثه في أي فترة عمرية.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

إحدى الحقائق التي يجدر ألّا تغيب بأي حال من الأحوال عن مرضى ارتفاع ضغط الدم، هي أن المشكلة الرئيسية طويلة الأمد لارتفاع ضغط الدم

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك جهاز قياس مستوى السكر بالقرب من أنواع الغذاء الصحي (غيتي)

المخاطر الخفية لـ«ما قبل السكري»

يعاني نحو 98 مليون أميركي -أكثر من واحد من كل ثلاثة- من حالة «ما قبل السكري» (مقدمات السكري - prediabetes)

ماثيو سولان (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك الدكتور هاني جوخدار وكيل وزارة الصحة لـ«الصحة العامة» في السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية تدفع لتنفيذ منهجية موحدة لـ«مقاومة مضادات الميكروبات» في العالم

كشف المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات تحت شعار «من الإعلان إلى التنفيذ»، عن تأثير مقاومة «الوباء الصامت» على الاقتصاد.

إبراهيم القرشي (جدة)

السعودية تدفع لتنفيذ منهجية موحدة لـ«مقاومة مضادات الميكروبات» في العالم

الدكتور هاني جوخدار وكيل وزارة الصحة لـ«الصحة العامة» في السعودية (الشرق الأوسط)
الدكتور هاني جوخدار وكيل وزارة الصحة لـ«الصحة العامة» في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تدفع لتنفيذ منهجية موحدة لـ«مقاومة مضادات الميكروبات» في العالم

الدكتور هاني جوخدار وكيل وزارة الصحة لـ«الصحة العامة» في السعودية (الشرق الأوسط)
الدكتور هاني جوخدار وكيل وزارة الصحة لـ«الصحة العامة» في السعودية (الشرق الأوسط)

كشف المؤتمر الوزاري العالمي الرابع رفيع المستوى حول مقاومة مضادات الميكروبات تحت شعار «من الإعلان إلى التنفيذ»، عن تأثير مقاومة «الوباء الصامت» على الاقتصاد، متوقعاً أن يقلل من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تصل إلى 4 في المائة بحلول عام 2050، فيما يكلف الاقتصاد العالمي قرابة 100 تريليون دولار، ما يدفع إلى ضرورة تحرك المجتمع الدولي للالتزام بمنهجية موحدة.

وانطلقت أعمال المؤتمر الوزاري، الخميس، برعاية وزارة الصحة السعودية، بالشراكة مع هيئة الصحة العامة (وقاية)، في محافظة جدة، الخميس، ويمتد لـ3 أيام، ويجمع 48 وزيراً ونائب وزير من قطاعات الصحة والبيئة والزراعة من مختلف دول العالم، يمثلون 57 دولة عضواً، إضافة إلى 450 مشاركاً من منظمات الأمم المتحدة.

يشكل المؤتمر خطوةً لتعزيز الجهود الدولية لمواجهة التحديات المرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات (واس)

دعوة للالتزام بخريطة طريق موحدة

وأشار فهد الجلاجل، وزير الصحة السعودي، إلى أن المؤتمر الوزاري فرصة للمجتمع الدولي للالتزام بخريطة طريق موحدة ومجموعة من النتائج الواضحة التي ستساعد على التصدي لتزايد مقاومة الأدوية في البشر والحيوانات، وأن مقاومة مضادات الميكروبات تشكل تهديداً لجميع الفئات العمرية، لتأثيرها على صحة الإنسان والحيوان والنبات، وكذلك البيئة والأمن الغذائي.

وشدّد الجلاجل على ضرورة تبني نهج شامل يعالج التحديات التي تعيق التقدم بشكل منهجي، يتضمن ذلك تبادل أفضل الممارسات، والمبادرات التمويلية المبتكرة، وتطوير أدوات جديدة لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، مشيراً إلى أن الاجتماع يُعد فرصة حيوية لتعزيز استجابتنا العالمية الجماعية لمخاطر هذا «الوباء الصامت» المتزايد.

من جهته، أكد الدكتور عبد العزيز الرميح، نائب وزير الصحة السعودي، على أهمية المؤتمر الوزاري، معتبراً «أن تنظيمه يدخل ضمن جهود السعودية في المجال الصحي على الصُّعد المحلية والإقليمية والدولية، وما تبذله من جهود لمواجهة التحديات العالمية الكبرى الحالية والمستقبلية، في ضوء (رؤية السعودية 2030)».

وشكرت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، في كلمة لها، السعودية على تنظيم هذا المؤتمر الوزاري للمرة الرابعة، مشددةً على أهمية التعاون بين مختلف الدول والمنظمات الدولية للحدِّ من مقاومة مضادات الميكروبات.

جانب من جلسات النقاش التي عُقدت تزامناً مع انطلاقة المؤتمر العالمي في جدة الخميس (الشرق الأوسط)

نحو منهجية موحدة

من جانبه، قال الدكتور هاني جوخدار، وكيل وزارة الصحة لـ«الصحة العامة» في السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «السعودية استشعرت هذا الموضوع مبكراً منذ عام 2015، وشكّلت لجاناً في القطاع الصحي تعنى بمكافحة هذه الجراثيم والعمل على تقليل أثرها في المنشآت الصحية»، لافتاً أن الموضوع دخل بشكل رسمي على طاولة مجموعة العشرين في 2017، وخلال رئاسة السعودية في 2020 استمرت في الحفاظ على هذا الملف المهم، رغم وجود جائحة «كورونا»، وخلال السنوات الـ7 الماضية، تم بناء منظومة وقّعت عليها الدول لوضع منهجية موحدة.

وأكد أن السعودية تتبنى اليوم تنفيذ هذه المنهجية، التي تعمل على الدفع بها لمرحلة أخرى، تتمثل في تنفيذها، وأن يكون ذلك على مستوى العالم، للخروج بحلول جذرية لمقاومة هذه الجراثيم.

وأضاف جوخدار: «السعودية لديها خبره كبيرة جداً، وهي إحدى الدول الرائدة في التحديات الصحية، بما فيها التحدي الصحي الأهم خلال الأعوام الماضية، وهي الفيروسات والجراثيم... والبكتيريا المقاومة للمضادات هو مصطلح قديم، كان يقتصر سابقاً على القطاع الصحي في المستشفيات والممارسين، وخلال الأعوام الـ10 الماضية دخل في مرحلة أخرى، إذ وضع على الطاولة الدبلوماسية، وأصبحت الدول تنظر له كموضوع اقتصادي كبير قد يؤثر على صحة الإنسان، ويؤدي إلى الوفيات المبكرة بسبب الجراثيم المقاومة للمضادات».

وأشار إلى أن «السعودية تستقبل على مدار العام القادمين من جميع دول العالم من مختلف الفئات والجنسيات، وكما هو معروف علمياً فإن الحركة البشرية من جميع أقطار العالم تحرك الجراثيم وتنقلها بين الدول، وقد نجحت السعودية منذ عقود طويلة في ألا تكون في يوم من الأيام مصدراً لهذه الجراثيم».

وعن مخرجات المؤتمر المنتظرة، قال الدكتور جوخدار لـ«الشرق الأوسط»: «السنوات الـ7 الماضية استغرقت وضع المنهجية، واختتم وضع المنهجية في عُمان 2022، واليوم سنفعّل هذه المنهجية».

المؤتمر يجمع 48 وزيراً ونائب وزير من قطاعات الصحة والبيئة والزراعة من مختلف دول العالم (واس)

تعزيز الجهود

ويشكل المؤتمر خطوةً لتعزيز الجهود الدولية لمواجهة التحديات المتفاقمة المرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات، التي باتت تهدد الصحة العالمية، كونها واحدة من أكبر التهديدات للصحة العامة والتنمية على مستوى العالم، إذ تتسبب في وفاة أكثر من مليون حالة سنوياً، أكثر من الإيدز والملاريا مجتمعين، كما تسهم في وفاة 5 ملايين شخص إضافي سنوياً، إلى جانب التأثيرات الصحية المختلفة، التي تجب مواجهتها بشكل جماعي من مختلف دول العالم.

ويعوّل المؤتمر المقام تحت شعار «من الإعلان إلى التنفيذ... تسريع الإجراءات من خلال الشراكات متعددة القطاعات للحدّ من مقاومة مضادات الميكروبات» على تسريع العمل من خلال الشراكات متعددة القطاعات لاحتواء مقاومة مضادات الميكروبات، من خلال الاجتماعات التي ستتناول الأولويات، ومنها المراقبة والإشراف، وبناء القدرات، وتوفير التمويل، والحوكمة، والابتكار، والبحث والتطوير، ما يعكس التزام السعودية بتعزيز التعاون الدولي، ومواجهة التحديات الصحية العالمية، وتأكيد دورها القيادي في دعم الأمن الصحي العالمي.

اجتماع جدة

إلى ذلك، قال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إن مقاومة مضادات الميكروبات ليست خطراً مستقبلياً، بل هي موجودة الآن، ما يجعل كثيراً من المضادات الحيوية والأدوية الأخرى التي نعتمد عليها أقل فاعلية، ويجعل العدوى الروتينية أكثر صعوبة في العلاج، وقد تكون مميتة، مشيداً بقيادة السعودية لاستضافة هذا المؤتمر الوزاري المهم حول مقاومة مضادات الميكروبات، مشيراً إلى أن اجتماع جدة سيساعد على تنسيق الجهود العالمية عبر أنظمة بيئية متنوعة، بما في ذلك الصحة البشرية والحيوانية والزراعية، إضافة إلى حماية البيئة.

بدورها، بيّنت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، أن البيئة تقوم بدور رئيسي في ظهور وانتقال وانتشار مقاومة مضادات الميكروبات، للحدّ من عبء مقاومة مضادات الميكروبات ومخاطرها، داعية إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية البيئة، مشيرة إلى أهمية تكاتف جميع الجهات المعنية، وتوسيع نطاق الإجراءات الوقائية لتقليل النفايات والمخلفات الناتجة عن إنتاج الأدوية والصناعات الغذائية والرعاية الصحية والنظم البلدية.

وشهد اليوم الأول عدة جلسات، إذ ناقشت الجلسة الأولى التقدُّم الذي جرى إحرازه في مكافحة الأدوية المضادة للميكروبات في عام 2024، والتحديات مثل التمويل ووضع الخطط للبناء عليها لدعم الدول لتنفيذ صحة واحدة، مجمعين على ضرورة التعاون بين جميع الدول ومنظمة الصحة العالمية وكل المنظمات، مع زيادة الوعي بين الجمهور، فيما تناولت الجلسة التالية قوة التعاون المتعدد القطاعات في احتواء مقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2030 و2050 وما بعدهما.