«السكري... ألم وأمل»

مؤتمر طبي إعلامي بمناسبة «اليوم العالمي للسكري»

«السكري... ألم وأمل»
TT

«السكري... ألم وأمل»

«السكري... ألم وأمل»

يُعَد داء السكري تحدياً معقداً يواجه المجتمعات، والاقتصاديات، والنُظُم الصحية في دول العالم، أكثر من أنه مجرد اضطراب في مستوى السكر بالدم. كما يُعَدُّ سبباً رئيسياً للعديد من المضاعفات الخطيرة التي قد تصل إلى درجة الإعاقة أو حتى الوفاة، مثل أمراض القلب والكلى، وفقدان البصر، وأمراض الأعصاب. ومن هنا تأتي أهمية الحديث عن هذا المرض والتوعية بمخاطره.

في المملكة العربية السعودية، نواجه تحدياً خاصاً، حيث تُظهر الإحصاءات ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الإصابة بداء السكري، ما يستوجب من الجميع - مختصين وأفراد المجتمع - تكاتف الجهود للوقاية منه والسيطرة عليه.

شعار المؤتمر

مؤتمر طبي إعلامي

عقدت «الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع» مؤتمراً صحافياً بعنوان «مرض السكري... ألم وأمل» بالتعاون مع شركة «فايزر السعودية»، بالتزامن مع المناسبة السنوية «اليوم العالمي للسكري».

بدايةً أشاد الدكتور هاني الهاشمي، المدير التنفيذي للإدارة الطبية لشركة «فايزر السعودية»، بدور «الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع» في نشر الحملات التوعوية للتوعية بمختلف الأمراض والتعريف بأحدث طرق الوقاية والعلاج منها، منها التوعية بمخاطر مرض السكري، وعرض آخر التحديثات الخاصة بمراقبة السكر في الدم من ناحية، وأحدث الحلول العلاجية من ناحية أخرى.

واشتمل المؤتمر على محاضرات توعوية بحضور عدد من الإعلاميين والصحافيين ممثلين عن عدد من الصحف والمجلات السعودية، وكان من ضمنهم ممثل ملحق «صحتك» بالشرق الأوسط.

السكري.. ألم وأمل

تحدث في المؤتمر الأستاذ الدكتور سعود السفري، استشاري الغدد الصماء والسكري في مستشفيات القوات المسلحة بالهدا والطائف نائب رئيس الجمعية العلمية السعودية لداء السكري، وأشار في محاضرته «السكري... ألم وأمل» إلى أن الخطورة الكبرى للسكري تكمن في أن مضاعفاته لا تقتصر فقط على مستوى الضرر الذي يمكن أن يُحدثه على المدى القصير، لكنها تتعدى ذلك إلى مخاطر طويلة الأمد قد تؤثر على جودة حياة المريض وصحته بشكل عام. وتتطلب هذه المضاعفات رعايةً طبيةً مستمرةً، وقد تحتاج إلى تدخلات علاجية متخصصة.

أهم مضاعفات السكري

* مضاعفات القلب والأوعية الدموية: داء السكري يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب الإكليلية؛ الذبحة الصدرية، النوبة القلبية، السكتة الدماغية، وارتفاع ضغط الدم.

* الاعتلال الكلوي السكري: يُمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى السكر في الدم على المدى الطويل إلى تلف الكلى، ما قد يؤدي في النهاية إلى الفشل الكلوي الذي يتطلب الغسيل الكلوي أو زرع الكلى.

* الاعتلال العصبي السكري: السكري يمكن أن يتلف الأعصاب في الجسم، مما يسبب الخدر، الألم، الوخز، وضعفاً في الأطراف، ويمكن أن يؤدي إلى مشكلات في الهضم، والأعضاء الجنسية وغيرها.

* مشكلات في العيون والبصر: بما في ذلك الإصابة بالمياه البيضاء، اعتلال الشبكية السكري، وحتى فقدان البصر.

* مشكلات الجلد: السكري يمكن أن يؤدي إلى مشكلات جلدية، بما في ذلك العدوى البكتيرية والفطرية.

* صحة الفم: مثل أمراض اللثة، جفاف الفم والتهاب اللثة.

* مشكلات القدم: تلف الأعصاب في القدمين أو تدفق الدم الضعيف يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة في القدم، من العدوى وحتى الحاجة إلى البتر.

* التأثيرات النفسية: بما في ذلك القلق، الاكتئاب، واضطرابات الأكل.

* مضاعفات الحمل: السكري يمكن أن يزيد من مخاطر مضاعفات الحمل، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم، والولادة المبكرة، وسكري الحمل.

أهم المستجدات

أوضح الدكتور السفري أن نمط الحياة لمرضى السكري يتأثر بعدة عوامل تشمل السيطرة على مستويات السكر في الدم، الأعراض الجانبية للأدوية، والمضاعفات المحتملة للمرض. ولذلك فإن المستجدات والتطورات الحديثة تهدف إلى تحسين هذه العوامل والتقليل من التدخلات اليومية والشعور بالقلق المرتبط بالمراقبة المستمرة والتقليل من الأخطاء البشرية بشكل كبير مما ينعكس بشكل إيجابي على حياة مريض السكري.

ومن أهم المستجدات:

أولاً- تحديثات في مراقبة مستوى السكر

في السنوات الأخيرة، شهدت أساليب مراقبة مستوى السكر في الدم طفرات تكنولوجية كبيرة، التي ساهمت في تسهيل إدارة داء السكري بشكل فعال أكثر من أي وقت مضى. من أبرز هذه التطورات:

* أنظمة مراقبة الغلوكوز المستمرة (CGM): هذه الأجهزة تقيس مستويات الغلوكوز في السوائل تحت الجلد بشكل مستمر، ما يوفر للمرضى معلومات فورية عن مستوى السكر في الدم. كما تساعد في التنبؤ بالاتجاهات والنماذج، مما يساعد في تجنب مستويات السكر المرتفعة أو المنخفضة قبل أن تحدث.

* مضخات الإنسولين المتطورة: مضخات الإنسولين الحديثة تأتي متكاملة مع أنظمة «CGM»، مما يسمح بتعديلات تلقائية لجرعات الإنسولين بناءً على مستوى الغلوكوز في الدم.

* تقنيات الإرسال اللاسلكية: تمكّن المرضى من متابعة مستويات الجلوكوز عبر أجهزتهم الذكية أو الساعات الذكية ومشاركتها مع مقدمي الرعاية الصحية بشكل مباشر، مما يسهم في تحسين السيطرة على السكري.

* الإبر الذكية وأقلام الإنسولين: تتمتع بميزات كالجرعات الدقيقة وتسجيل وقت وحجم الجرعات التي تم أخذها، وبعضها يمكنه التواصل مع تطبيقات الهواتف الذكية لتسجيل وتتبع جرعات الإنسولين.

* أجهزة قياس السكر بدون وخز: على الرغم من أن هذه التقنية لا تزال في مراحلها الأولى من التطوير، إلا أن هناك أجهزة قيد البحث والتطوير تهدف إلى قياس مستويات الغلوكوز بدون الحاجة لأخذ عينات الدم بالطرق التقليدية.

* تطبيقات الهاتف الجوال والبرمجيات: تطبيقات متعددة تساعد المرضى في تتبع مستويات السكر في الدم، النظام الغذائي، النشاط البدني وحتى التحكم في مستويات التوتر، كل هذا يساهم في إدارة أفضل لداء السكري.

ثانياً تحديثات الإنسولين الأسبوعي:

* التحسين في الالتزام بالعلاج: الإنسولين الأسبوعي يقلل من عدد الحقن اللازمة، ما يساعد المرضى على الالتزام بخطة العلاج بشكل أفضل.

* تنظيم أفضل لمستوى السكر: بفضل استمرار مفعوله لفترة طويلة، يُسهم في تقليل التقلبات في مستويات السكر بالدم، مما يعزز من السيطرة على السكري.

* تأمين راحة المرضى: يُقلل الحاجة لتذكر الحقن اليومية أو الحاجة لحمل مستلزمات الإنسولين، مما يوفر راحة أكبر للمرضى، خصوصاً للذين يعانون من صعوبات في التعامل مع الحقن اليومية.

* تأثيرات جانبية أقل: بعض الدراسات تشير إلى أن الإنسولين الأسبوعي يمكن أن يكون له تأثيرات جانبية أقل مقارنةً بالإنسولين اليومي، خصوصاً فيما يتعلق بانخفاض مستوى السكر في الدم.

ثالثاً- تحديثات أشباه الغلوكاجون

أشباه الببتيد المشابه للجغوكاجون النوع 1 (GLP-1 RAs) هي فئة من الأدوية التي تحاكي عمل الهرمونات الطبيعية في الجسم التي تُفرز استجابةً لتناول الطعام. وتُستخدم هذه الأدوية لعلاج داء السكري من النوع الثاني، وقد شهدت تطورات مهمة في السنوات الأخيرة، نذكر منها:

* تحسين في التركيبة والتوصيل: تم تطوير تركيبات جديدة لـ«GLP-1 RAs» تتيح إعطاء الدواء بشكل أقل تواتراً، مثل التركيبات الأسبوعية التي تحسن الالتزام بالعلاج.

* فاعلية محسنة: الأجيال الجديدة من «GLP-1 RAs» تمتاز بفاعلية أكبر في خفض مستويات السكر في الدم ودعم فقدان الوزن، مما يسهم في التحكم الأفضل للمرض.

* تأثيرات إيجابية متعددة: تُظهر الدراسات أن «GLP-1 RAs» لها تأثيرات إيجابية على عوامل الخطر القلبية الوعائية، وقد تُستخدم لتحسين نتائج القلب والأوعية الدموية لدى مرضى السكري.

أهم الركائز لرعاية مرضى السكري

تحدث في المؤتمر الدكتور فهد السبعان، استشاري ومدير مركز السكري والغدد الصماء بمستشفى قوى الأمن بالرياض، وتطرق في محاضرته «أهم الركائز لرعاية مرضى السكري» إلى المبادئ الأساسية لعلاج مرض السكري، وأنه مع تقدم العلم والتكنولوجيا، تطورت أساليب إدارة داء السكري بشكل ملحوظ، مما وفر خيارات أكثر للمرضى والمختصين للتحكم في المرض بفاعلية أكبر.

* توظيف التقنيات الرقمية: ويعد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحليل البيانات الصحية وتوفير رؤى تنبؤية يمكن أن تساعد في التحكم الشخصي والمبكر للمرض، كما شدد على أهمية استخدام المنصات الرقمية لتقديم التعليم المستمر والدعم للمرضى، بما في ذلك تطبيقات المحمول، الألعاب الصحية، ومجتمعات الدعم عبر الإنترنت.

* تطوير الأدوية: ومع التطورات الحديثة في علاج داء السكري، ظهرت مفاهيم جديدة لتسهيل إدارة الإنسولين. من أبرز هذه الابتكارات تطوير الإنسولين طويل المفعول الذي يُعطى مرة واحدة أسبوعياً. وكذلك استخدام الأدوية الحديثة مثل أشباه «الببتيد» المشابهة لـ«الغلوكاجون النوع 1»، التي تحاكي عمل الهرمونات الطبيعية في الجسم التي تُفرز استجابةً لتناول الطعام، والتي تُستخدم لعلاج داء السكري من النوع الثاني.

* النظام الغذائي: وشدد الدكتور السبعان على أهمية التركيز على النظام الغذائي الشخصي، خصوصاً النظم الغذائية المنخفضة الكربوهيدرات، والنشاط البدني المنتظم، لدورهما الكبير في التحكم بالسكري، واستخدام التطبيقات التي تساعد المرضى في تتبع مستويات السكر في الدم؛ النظام الغذائي، النشاط البدني وحتى التحكم في مستويات التوتر، كل هذا يساهم في إدارة أفضل لداء السكري.

* تجنب العدوى: كما أكد على ضرورة توعية مرضى السكري بأنهم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى البكتيرية أو الفيروسية، بما في ذلك التهابات الجهاز التنفسي مثل المكورات الرئوية، «كوفيد-19»، الفيروس المخلوي التنفسي. ولحسن الحظ، فمن الممكن لهم حماية أنفسهم بأخذ التطعيمات المقررة حسب إرشادات وزارة الصحة، ويمكن لمرضى السكري التوجه لأي عيادة رعاية أولية للحصول على التطعيمات.

كما وأن مرضى السكري يعدّون من الأشخاص المعرضين للإصابة بمضاعفات خطيرة إذا أصيبوا بعدوى «كوفيد-19»، فمن المهم اتباع الخطوات التالية لحماية أنفسهم: اعرف، خطط، ابدأ. اعرف إذا كنت أنت أو أي شخص في مجتمعك يعاني من مرض مزمن مثل السكري. خطط بسرعة لأخذ الإجراءات اللازمة إذا كنت تعاني من أحد أعراض «كوفيد-19»، ويفضل أخذ الفحص الذاتي للمعرفة، إذا تمت الإصابة بـ«كوفيد-19»، ابدأ بنشر التوعية واستشارة الطبيب، كما يجب أن تبدأ بعلاج «كوفيد-19» باتباع إرشادات وزارة الصحة.

10 طرق لتجنب مضاعفات السكري

- الالتزام بمعالجة داء السكري.

- الامتناع عن التدخين، لتقليل المضاعفات ومنها أمراض القلب، السكتة الدماغية، أمراض العيون، تلف الأعصاب، مرض الكلى، تدفق الدم في الساقين والقدمين، والموت المبكر.

- التحكم في ضغط الدم ومستويات الكوليسترول.

- جدولة الفحوص الطبية وكشوف البصر بشكل منتظم.

- تحديث التطعيمات لمواكبة آخر المعطيات، فتلقي اللقاحات بانتظام يساعد على الوقاية من أنواع كثيرة من العدوى، بما في ذلك التهابات الجهاز التنفسي مثل المكورات الرئوية، «كوفيد-19»، والفيروس المخلوي التنفسي. ويقي لقاح الإنفلونزا كل عام من المضاعفات الحادة للإنفلونزا. وأخذ لقاح التهاب الرئة كل خمس سنوات، ولقاح التهاب الكبد بي، ولقاح حقنة الكزاز، كل 10 سنوات، وكذلك تطعيمات «الكوفيد».

- الحرص على العناية بالأسنان.

- العناية بالقدمين.

- تناول الأسبرين في حالة الإصابة بمرض السكري، ووجود مخاطر أخرى للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، حسب استشارة الطبيب.

- الابتعاد عن شرب الكحوليات.

- إدارة الإجهاد البدني والضغط النفسي والحصول على وقت كافٍ من النوم.


مقالات ذات صلة

عادات نومك قد تصيبك بمرض السكري

صحتك أنماط النوم غير المنتظمة قد تصيبك بالسكري (رويترز)

عادات نومك قد تصيبك بمرض السكري

ربطت دراسة جديدة بين أنماط النوم غير المنتظمة وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري بنسبة 34 في المائة مقارنة بأنماط النوم الثابتة المستقرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ممارسة التمارين الخفيفة في المساء قد تحسن جودة نومك (رويترز)

تمارين مسائية تُحسن جودة نومك وتحميك من السكري وأمراض القلب

كشفت دراسة جديدة أن ممارسة التمارين الخفيفة في المساء يمكن أن تؤدي إلى نوم أفضل ليلاً وربما تخفف من خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب لدى كبار السن

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شارك في الدراسة العديد من المراكز البحثية الأميركية (مونت سيناي)

علاج واعد يجدد خلايا الأنسولين بالجسم

أعلن فريق من الباحثين عن نجاح مزيج مركب يعمل على تجديد خلايا بيتا البشرية المنتجة للأنسولين، مما يوفر علاجاً جديداً محتملاً لمرض السكري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك 9 حقائق عن تناول السكر الطبيعي والمُحلّيات الصناعية

9 حقائق عن تناول السكر الطبيعي والمُحلّيات الصناعية

أحد جوانب التغذية ذات الصلة المباشرة بالوقاية من الإصابة بمرض السكري، هو التعامل مع الأطعمة والمشروبات ذات «الطعم السكري الحلو».

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اللاصقة يمكنها مراقبة مستويات السكر في الدم عبر العرق (جامعة نانيانغ التكنولوجية)

لاصقة ذكية تراقب سكر الدم عبر العرق

ابتكر باحثون بجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة جهازاً جديداً يقيس المؤشرات الحيوية في الجسم من خلال العرق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

دواء جديد يقضي على الإيدز في خلايا الدماغ

الدكتور وونغ - كي كيم الباحث الرئيسي في الدراسة (جامعة تولين)
الدكتور وونغ - كي كيم الباحث الرئيسي في الدراسة (جامعة تولين)
TT

دواء جديد يقضي على الإيدز في خلايا الدماغ

الدكتور وونغ - كي كيم الباحث الرئيسي في الدراسة (جامعة تولين)
الدكتور وونغ - كي كيم الباحث الرئيسي في الدراسة (جامعة تولين)

توصلت دراسة أميركية إلى أن دواء تجريبياً قد يساعد في التخلص من فيروس نقص المناعة البشرية «الإيدز» (HIV) من الخلايا المصابة في الدماغ.

وأوضح الباحثون في جامعة تولين أن النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «Brain»، تمثل خطوة مهمة نحو القضاء على الفيروس في الخلايا الدبقية بالدماغ التي تعمل كمستودع فيروسي مستقر، وتشكل تحدياً رئيسياً في علاج المرض.

والإيدز هو المرحلة المتقدمة من عدوى فيروس نقص المناعة البشرية، التي تؤثر على جهاز المناعة وتجعل المصابين عرضة للأمراض الأخرى.

وتعدّ العلاجات المضادة للفيروسات القهقرية جزءاً أساسياً من العلاج، لأنها تحافظ على الفيروس عند مستويات غير قابلة للكشف في الدم، وتحول الفيروس من مرض مميت إلى حالة يمكن التحكم فيها. رغم ذلك، لا تقضي تلك العلاجات تماماً على الفيروس، ما يتطلب علاجاً مدى الحياة.

ويظل الفيروس كامناً في «الخزانات الفيروسية» في الدماغ والكبد والعقد اللمفاوية، حيث يبقى بعيداً عن تأثير العلاجات المضادة للفيروسات القهقرية.

ويشكل الدماغ تحدياً خاصاً بسبب حاجز «الدم - الدماغ»، وهو غشاء وقائي يحميه من المواد الضارة، ولكنه يمنع أيضاً العلاجات من الوصول لتلك المنطقة، ما يسمح للفيروس بالاستمرار.

وتساهم إصابة خلايا الدماغ بالفيروس في الخلل العصبي المعرفي الذي يعاني منه نحو نصف المصابين، لذا فإن القضاء على الفيروس في الدماغ ضروري لتحسين نوعية الحياة.

وركّز الباحثون في دراستهم على نوع من خلايا الدم البيضاء، التي تأوي فيروس نقص المناعة البشرية في الدماغ، وتعرف باسم «Macrophages»، وهي خلايا مناعية تعيش لفترات طويلة جداً، ما يجعل من الصعب القضاء عليها بمجرد إصابتها.

استخدم الفريق دواء «BLZ945» التجريبي، الذي تمت دراسته سابقاً لعلاج التصلب الجانبي الضموري وسرطان الدماغ، لأول مرة في سياق استهداف فيروس نقص المناعة البشرية في الدماغ.

وشملت الدراسة 3 مجموعات من القرود المصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، المجموعة الأولى تلقت جرعة منخفضة من الدواء، فيما تلقت المجموعة الثانية جرعة عالية لمدة 30 يوماً، ولم تُعالج المجموعة الثالثة بالدواء التجريبي.

وأظهرت النتائج أن الجرعة العالية من الدواء أدت إلى انخفاض بنسبة 95 إلى 99 في المائة في مستويات الفيروس داخل الخلايا المناعية التي تأويه في الدماغ.

وقال الدكتور وونغ - كي كيم، الباحث الرئيسي في الدراسة: «إن البحث يمثل تقدماً مهماً في معالجة مشكلات الدماغ الناتجة عن فيروس نقص المناعة البشرية، التي تستمر حتى مع تناول العلاجات المضادة للفيروسات القهقرية».

وأضاف، عبر موقع الجامعة، أن «الخطوة التالية هي اختبار هذا العلاج مع العلاجات المضادة للفيروسات القهقرية لتقييم فاعليته، وهذا قد يفتح المجال لاستراتيجيات أكثر شمولاً للقضاء على الفيروس من الجسم بشكل كامل».