توصيات أوروبية طبية جديدة للتعامل مع ارتفاع ضغط الدم

يصيب 1.28 مليار شخص بالغ حول العالم

توصيات أوروبية طبية جديدة للتعامل مع ارتفاع ضغط الدم
TT

توصيات أوروبية طبية جديدة للتعامل مع ارتفاع ضغط الدم

توصيات أوروبية طبية جديدة للتعامل مع ارتفاع ضغط الدم

ستعرض «الجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم» «ESH» تفاصيل أحدث إرشاداتها الطبية لإدارة التعامل العلاجي مع حالات ارتفاع ضغط الدم Hypertension Guidelines، وذلك ضمن عدد ديسمبر (كانون الأول) المقبل من «مجلة ارتفاع ضغط الدم Journal of Hypertension». وهي الإرشادات المُصادق عليها أيضاً من قبل الجمعية الدولية لارتفاع ضغط الدم «ISH» والجمعية الأوروبية لأمراض الكلى «ERA»، وتحظى باهتمام واسع من قبل الأوساط الطبية العالمية.

وفي مقدمة عرضها لإرشاداتها الجديدة، أفادت «الجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم» بقولها: «يصادف عام 2023 الذكرى السنوية العشرين لصدور أول المبادئ التوجيهية لإرشادات ارتفاع ضغط الدم، عن «الجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم» (ESH)، التي نُشرت لأول مرة في عام 2003، بناءً على اقتراح من البروفسور ألبرتو زانشيتي».

نظرة تاريخية

وفي الخلفية التاريخية، كان البروفسور زانشيتي يعتقد آنذاك أن الوقت قد حان لأوروبا للتعبير عن وجهة نظرها بشأن الجوانب التشخيصية والعلاجية لهذه الحالة الطبية البالغة الأهمية، بدلاً من الرجوع، كما كان الحال في الماضي، إلى المبادئ التوجيهية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، أو الجمعيات العلمية الطبية في الولايات المتحدة الأميركية. وحينها لعب البروفسور ألبرتو زانشيتي دوراً أساسياً في تكوين وصياغة المبادئ التوجيهية الأولى، بوصفه منسقاً للجنة الكتابة المعينة من قبل «الجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم». وهو ما علقت عليه بقولها: «وقد تمت مكافأة ذلك الجهد بنجاح كبير غير متوقع، مما جعل هذه المبادئ التوجيهية خامس أكثر الأبحاث اقتباساً على نطاق واسع في العالم في جميع مجالات البحث، والأكثر اقتباساً في المجال الطبي»، على حد قولها.

وكانت مجلة «لانسيت» الطبية البريطانية The Lancet قد عرفت بالبروفسور ألبرتو زانشيتي عند نعيه عام 2018 قائلة: «الرائد العالمي في أبحاث ارتفاع ضغط الدم. ولد في بارما بإيطاليا في 27 يوليو (تموز) 1926، وتوفي إثر إصابته بنزيف في المخ في ميلانو بإيطاليا في 24 مارس (آذار) 2018 عن عمر يناهز 91 عاماً. كان ألبرتو زانشيتي مرجعاً محترماً ومعترفاً به عالمياً في الفيزيولوجيا المرضية، وعلم الصيدلة السريرية، وعلاج ارتفاع ضغط الدم الشرياني».

مرض ارتفاع ضغط الدم

وتحت عنوان «مدى انتشار مرض ارتفاع ضغط الدم»، أفادت «الجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم» قائلة: «ارتفاع ضغط الدم هو اضطراب القلب والأوعية الدموية الأكثر انتشاراً في العالم. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنه يؤثر على 1.28 مليار شخص بالغ، ممن تتراوح أعمارهم بين 30 و79 عاماً في جميع أنحاء العالم، ويعيش ثلثاهم في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

في عام 2019، تم الإبلاغ عن أن متوسط انتشار ارتفاع ضغط الدم الموحد حسب العمر لدى البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و79 عاماً يبلغ 34% لدى الرجال و32% لدى النساء. وفي الأعمار الأصغر (أقل من 50 عاماً)، يكون ارتفاع ضغط الدم أكثر انتشاراً لدى الرجال، في حين أن الزيادة الحادة في ضغط الدم لدى النساء، خاصة بعد انقطاع الطمث، تجعل انتشار ارتفاع ضغط الدم أكبر لدى النساء في الفئات العمرية الأكبر سناً (الأكبر من عمر 65 سنة).

وذكرت «الجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم» أن المبادئ التوجيهية لإرشادات عام 2023 احتوت على العديد من عناصر المفاهيم الحديثة التي تكونت لدى أوساط التعامل مع ارتفاع ضغط الدم، نتيجة الأبحاث التي أجريت حديثاً. كما تم فيها التعامل بشكل أكثر تعمقاً مع الموضوعات التي كان يتم النظر فيها بشكل سطحي في الماضي، وشملت العديد من الحالات التي لم تعالجها الإرشادات السابقة من قبل. ومثالاً على ذلك، فإن الإرشادات الجديدة وإن كانت معنية بشكل رئيسي بالتعامل العلاجي مع ارتفاع ضغط الدم لدى البالغين، فإنها تتضمن لأول مرة توصيات أساسية بشأن ارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين.

* التوصيات تتضمن عناصر المفاهيم الحديثة من نتائج الأبحاث الجديدة*

منطلقات حديثة

وضمن 24 عنصراً، لخصت «الجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم» ما هو الجديد، وما الذي تغير في المبادئ التوجيهية للجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم الشرياني لعام 2023. وهو ما يعدُّ نقلة نوعية في التعامل الطبي الأوسع لحالات ارتفاع ضغط الدم.

ومن ذلك عرض الخلفية الفيزيولوجية المرضية لارتفاع ضغط الدم الأساسي، بما يساعد في تصميم عملي للتعامل العلاجي والوقائي مع تلك الحالات. وتطرقت إلى الممارسات الإكلينيكية اليومية في طرق قياسات ضغط الدم في مختلف بيئات المتابعة الطبية (العيادات، المنزل، الإسعاف، أقسام العناية المركزة). كما رفعت الإرشادات الجديدة من القيمة الإكلينيكية والعلاجية لمستوى قياسات ضغط الدم خارج العيادة أو المستشفى، أي المنزل Home BP Measurements، في إدارة طريقة معالجة ارتفاع ضغط الدم، وإشراك المريض في قراراتها. وتضمنت كذلك تحديث التوصيات الطبية بشأن تدخلات نمط الحياة Lifestyle Interventions ضمن خطوات كل من الوقاية والمعالجة لحالات ارتفاع ضغط الدم.

وتم أيضاً تحديث عتبة البدء، والأهداف، للعلاج بالأدوية الخافضة للضغط. وتأكيد ضرورة استخدام مجموعات معينة من الأدوية التي ثبتت جدواها على المدى القصير والمتوسط والبعيد في معالجة حالات ارتفاع ضغط الدم Antihypertensive Treatment ومنع حصول مضاعفاته، وتقليل تداعيته من قبل الأعضاء الأخرى في الجسم، التي هي مستهدفة بالضرر بالدرجة الأولى من ارتفاع ضغط الدم، مثل القلب والشرايين والكلى والدماغ والعينين وغيرها. ومن ذلك تأثير ارتفاع ضغط الدم وعلاجه على الخلل المعرفي Cognitive Dysfunction والخرف Dementia.

كما تم التركيز والتحديث على تشخيص وإدارة ارتفاع ضغط الدم المقاوم الحقيقي True Resistant Hypertension، بخلاف حالات عدم انخفاض ضغط الدم نتيجة قصور في تلقي الأدوية الملائمة أو إهمال المريض تناول العلاج.

التشخيص والعلاج والمتابعة

كما كان أحد الجوانب المهمة، والتي تناولتها الإرشادات الجديدة، التفصيل في كيفية تشخيص وعلاج ومتابعة ارتفاع ضغط الدم في حالات:

- التعامل العلاجي مع ارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال/المراهقين والانتقال إلى مرحلة البلوغ.

- الاختلافات المتعلقة بالجنس في معالجة ارتفاع ضغط الدم.

- وارتفاع ضغط الدم المرتبط بالحمل والنفاس.

- ومعالجة ارتفاع ضغط الدم في حالات محددة، كمرض الشرايين الطرفية في الجسم، وأمراض صمامات القلب، وتمدد الشريان الأبهر.

- وحالات الطوارئ لارتفاع ضغط الدم الشديد.

- وارتفاع ضغط الدم المرتبط بفترة الخضوع لأي نوع من العمليات الجراحية، أو بحالات الإصابة بالأورام، أو بالإصابة بـ«كوفيد - 19».

الخطوة الأولى: دقة القياس وتشخيص الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم

نظراً لارتفاع معدل انتشار ارتفاع ضغط الدم بين عامة الناس في العالم، ودوره المحوري بوصفه سبباً رئيسياً لارتفاع الوفيات والمراضة، فإن اكتشافه يعد أمراً بالغ الأهمية للصحة العامة.

وأظهرت الدراسات التي أجريت في بلدان مختلفة عالمياً، أن جزءاً كبيراً من الأفراد المصابين بارتفاع ضغط الدم لا يدركون أن لديهم مرض ارتفاع ضغط الدم؛ لأنه غالباً مرض «صامت». وهو ما له تلقائياً انعكاس سلبي على عدد المرضى الذين يخضعون للعلاج ويحققون السيطرة على ضغط الدم.

وهناك أدلة علمية على أن نهج الفحص الواسع لقياس ضغط الدم، في كل مناسبة تتيح ذلك (وخاصة عند زيارة العيادة أو المستشفى لأي سبب صحي)، يمكن أن يزيد بشكل كبير عدد الأفراد الذين يتم اكتشاف ارتفاع ضغط الدم لديهم، وبالتالي اغتنام الفرصة لمعالجتهم وإزالة هذا الخطر الصحي عنهم.

وهو ما عبرت عنه «الجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم» في إرشاداتها الحديثة بالقول: «بناءً على الأدلة المتاحة، نوصي بإجراء فحص انتهازي لارتفاع ضغط الدم لدى جميع البالغين (أي 18 عاماً وما فوق)».

وفي الولايات المتحدة الأميركية، يقترح فريق عمل الخدمات الوقائية الأميركي US Preventive Services Task Forceإجراء فحص قياس ضغط الدم لدى البالغين الذين تتراوح أعمارهم 18 عاماً أو أكبر. ويعد الفحص بشكل أقل تكراراً (أي كل 3 إلى 5 سنوات) مناسباً للبالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 39 عاماً، والذين لا يتعرضون لخطر متزايد لارتفاع ضغط الدم، والذين لديهم قراءة طبيعية سابقة لضغط الدم.

كما يقترحون إجراء فحص سنوي لقياس ضغط الدم لدى البالغين الذين تبلغ أعمارهم 40 عاماً أو أكبر، وكذلك للبالغين المعرضين لخطر متزايد لارتفاع ضغط الدم (مثل الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة).

وأوضحت «الجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم» في إرشاداتها الحديثة أهمية تأكيد تشخيص ارتفاع ضغط الدم. وقالت: «بسبب تباين نتائج قياسات ضغط الدم، يجب تأكيد ارتفاع ضغط الدم الذي يتم قياسه في العيادة (ضغط الدم الانقباضي 140 ملم زئبق وما فوق، أو ضغط الدم الانبساطي 90 ملم زئبق وما فوق) من خلال زيارتين إلى ثلاث زيارات على الأقل، ما لم تكن قيم ضغط الدم المسجلة خلال الزيارة الأولى مرتفعة بشكل ملحوظ. كما يمكن أن تكون نتائج فحص قياس ضغط الدم لفترة 24 ساعة ABPM و/أو قياسات ضغط الدم المنزلية HBPM، ذات أهمية خاصة عندما توفر بيانات قياسات ضغط الدم في العيادة عبر زيارات مختلفة زمنياً، نتائج متغيرة».

القياسات المنزلية لضغط الدم: نتائج تفرض نفسها ضمن المعالجة

يوفر القياس المنزلي لضغط الدم HBPM قراءات متعددة لضغط الدم بعيداً عن العيادة أو المستشفى، وبعيداً عن احتمالات الارتفاع الموقت لضغط الدم، نتيجة رؤية المعطف الأبيض للطبيب WCH، وذلك تحديداً في البيئة المعتادة والطبيعية والمُريحة نفسياً وبدنياً لكل فرد. وترى الأوساط الطبية أن ذلك من المقبول استخدامه على المدى الطويل من قبل المرضى، وله تكلفة منخفضة نسبياً، وأكثر قابلية للتكرار.

وتضيف «الجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم» قائلة: «هناك ميزة أخرى محتملة للقياس المنزلي لضغط الدم، وهي أنه قد يحسن الالتزام بالعلاج، وبالتالي تحقيق سيطرة أفضل على ارتفاع ضغط الدم. كما قد يوفر الجمع بين تطبيقات المراقبة عن بعد Telemonitoring والهواتف الذكية، مزايا إضافية، بما في ذلك القدرة على تخزين ونقل بيانات قياسات ضغط الدم المنزلية بتنسيق رقمي Digital Format، وتسهيل تقييمها من قبل متخصصي الرعاية الصحية».

وقالت «الجمعية الأوروبية لارتفاع ضغط الدم»: «يجب جمع قيم قياسات ضغط الدم في المنزل قبل الزيارات المخططة للعيادة أو عند الاشتباه في حدوث تغيير مهم إكلينيكياً في ضغط الدم. ومن الناحية المثالية، يجب مراقبة ضغط الدم في المنزل لمدة 7 أيام، وليس أقل من 3 أيام، مع قياسات مكررة (يفصل بينها على الأقل دقيقة واحدة) في الصباح (أي قبل تناول دواء علاج ارتفاع ضغط الدم) وفي المساء.

ويساعد القياس المنزلي لضغط الدم على تحسين استمرارية التحكم في ضغط الدم أثناء العلاج طويل الأمد. وأضافت: «يجب إجراء قياسات ضغط الدم المنزلية باستخدام أجهزة قياس ضغط الدم الآلية Automated Electronic Device التي تتطلب ربط السوار على منطقة العضد، والتي تم التحقق من صحة ودقة عملها. ويجب أن تكون ظروف القياس والوضعية مشابهة لتلك الموصوفة في النصائح الطبية»؛ أي:

- استخدم جهاز قياس ضغط الدم تم التأكد من عمله بشكل صحيح ودقيق.

- لا تدخن أو تتناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين أو تمارس الرياضة في غضون 30 دقيقة قبل قياس ضغط الدم.

- يجب إجراء القياس قبل الإفطار وبعد ساعتين من تناول العشاء، وقبل تناول الدواء.

- احرص على إفراغ المثانة قبل قياس ضغط الدم.

- يتم إجراء القياس بالجلوس على الكرسي، وليس على سرير الفحص، ولا الجلوس على أريكة وثيرة (كنبة) يكون فيها الحوض منخفضاً عن مستوى الركبتين.

- يجب أن يرتاح الشخص على الكرسي ما لا يقل عن خمس دقائق، وربما أكثر إذا ما دعت الحاجة.

- على الشخص جعل ظهره مستقيماً ومُسنداً للخلف عند الجلوس.

- وضع مفصل المرفق وكامل الذراع على سطح جانبي مستوٍ بشكل مريح، مثل طاولة جانبية، بحيث يكون العضد (حيث سيتم حوله لف السوار القماشي لجهاز الضغط) عند مستوى القلب.

- أثناء الجلوس، يجب وضع باطن القدمين بشكل مستو على سطح الأرض (أي ليس فقط رؤوس أصابع قدميه). ويجب ألا تتقاطع الساقان بوضع إحداهما فوق الأخرى.

حقائق

34% و32%

نسبتا متوسط انتشار ضغط الدم العالي لدى الرجال والنساء على التوالي من أعمار تتراوح بين 30 و79 عاماً المسجلة عام 2019


مقالات ذات صلة

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

صحتك تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

كشفت دراسة حديثة أن استهداف العصب الذي غالباً ما يكون مبهماً يؤدي إلى تحسين معدل نجاح العلاج بالتبريد والعلاج بالترددات الراديوية لالتهاب الأنف المزمن.

صحتك هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

من المعروف أن مرض السكري من النوع الأول يُعد أشهر مرض مزمن في فترة الطفولة. لكن يمكن حدوثه في أي فترة عمرية.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

إحدى الحقائق التي يجدر ألّا تغيب بأي حال من الأحوال عن مرضى ارتفاع ضغط الدم، هي أن المشكلة الرئيسية طويلة الأمد لارتفاع ضغط الدم

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك جهاز قياس مستوى السكر بالقرب من أنواع الغذاء الصحي (غيتي)

المخاطر الخفية لـ«ما قبل السكري»

يعاني نحو 98 مليون أميركي -أكثر من واحد من كل ثلاثة- من حالة «ما قبل السكري» (مقدمات السكري - prediabetes)

ماثيو سولان (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك الدكتور هاني جوخدار وكيل وزارة الصحة لـ«الصحة العامة» في السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية تدفع لتنفيذ منهجية موحدة لـ«مقاومة مضادات الميكروبات» في العالم

كشف المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات تحت شعار «من الإعلان إلى التنفيذ»، عن تأثير مقاومة «الوباء الصامت» على الاقتصاد.

إبراهيم القرشي (جدة)

5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم
TT

5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

إحدى الحقائق التي يجدر ألّا تغيب بأي حال من الأحوال عن مرضى ارتفاع ضغط الدم، هي أن المشكلة الرئيسية طويلة الأمد لارتفاع ضغط الدم تتمثل بشكل رئيسي في الآثار السلبية المُتلفة لعدد من أعضاء الجسم.

تغيرات بنيوية في الأعضاء

والواقع أن ارتفاع ضغط الدم يؤدي إلى حدوث تغيرات بنيوية في عدد من الأعضاء، ما يؤدي إلى خلل في وظائفها المهمة. ويفيد باحثون من كلية طب جامعة بوسطن بالقول: «قد أظهرت العديد من الدراسات حتى الآن العلاقة بين ارتفاع ضغط الدم وأنواع مختلفة من تلف الأعضاء الناجم عن ارتفاع ضغط الدم Hypertension-Mediated Organ Damage. وما لم يتم علاجه، يتطور المرض والتدهور في تلك الأعضاء المستهدفة تدريجياً من عدم ظهور الأعراض إلى ظهور الأعراض. وهذا ما يؤدي في النهاية إلى حدوث أمراض القلب والأوعية الدموية بشكل واضح.

وتوصي إرشادات ارتفاع ضغط الدم الحالية بتقييم تلف الأعضاء الناجم عن ارتفاع ضغط الدم ضمن خطوات التقييم والمتابعة الإكلينيكية الروتينية لجميع المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم. كما يؤثر تلف الأعضاء الناجم عن ارتفاع ضغط الدم على استراتيجيات الإدارة العلاجية لهؤلاء الأفراد.

مبادئ توجيهية

ومن ناحية أخرى، قد يكشف ذلك التلف في تلك الأعضاء عن وجود حالة مرض ارتفاع ضغط الدم، قبل أو من دون ظهور أي أعراض تدل على ارتفاع ضغط الدم؛ أي وجود مرض ارتفاع ضغط الدم غير المشخص.

وأضافوا: «تؤكد المبادئ التوجيهية الوطنية والدولية لارتفاع ضغط الدم على أهمية فحص الأفراد الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم بحثاً عن وجود تلف في الأعضاء الطرفية المُستهدفة بالضرر. وخاصة القلب والدماغ وشبكية العين والكلى والأوعية الدموية».

كما توضح مجموعة كبيرة من المصادر الطبية أن وجود تلف بنيوي أو تدهور وظيفي في أحد تلك الأعضاء المستهدفة بالضرر، أمرٌ يلعب دوراً محورياً في إدارة معالجة ومتابعة الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم في وقت تشخيصهم وأثناء المتابعة. وذلك لأن وجوده (أي تضرر تلك الأعضاء) قد يرفع من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية CVD لدى الفرد.

وعلى سبيل المثال، قد يرفع من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية من درجة خطر منخفض إلى درجة خطر متوسط. كما أن وجود هذا الأمر (أي التدهور في الأعضاء المستهدفة بالضرر) يشير إلى الحاجة لبدء علاج خفض ارتفاع ضغط الدم لدى الأفراد الأصغر سناً الذين قد يكونون لا يعانون إلّا من ارتفاع ضغط الدم بشكل خفيف. وهم الذين عادة قد لا يتم علاجهم بالأدوية. وعلاوة على ذلك، فإن وجود الضرر في العديد من تلك الأعضاء في الشخص نفسه، يمكن أن يثير الشك في وجود سبب متقدم لارتفاع ضغط الدم، ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

أمراض القلب

وإليك الحقائق التالية عن تلك الأعضاء المستهدفة بالضرر نتيجة ارتفاع ضغط الدم، وهي:

1. تضرر القلب. يمكن لارتفاع ضغط الدم أن يسبب كثيراً من أوجه الضرر على أجزاء القلب المختلفة. ومنها ما يلي:

- مرض الشريان التاجي. حيث يمكن لارتفاع ضغط الدم أن يسبب زيادة تراكم الدهون والكولسترول في جدران الشرايين التي تمد عضلة القلب بالدم، وبالتالي نشوء تضيُّق وتضرر في عملها على توصيل الكميات اللازمة من الدم إلى عضلة القلب.

ويُعرَف هذا الضرر بمرض الشريان التاجي. وقد يسبب انخفاض تدفق الدم إلى القلب آلاماً في الصدر، ويُطلَق عليها ذبحة صدرية. كما قد يكون سبباً محورياً في حصول انسداد تام في جريان الدم من خلالها، ما يؤدي بشكل مفاجئ إلى نوبة الجلطة القلبية. ويمكن أن تؤدي أيضاً تلك التضيقات والتضرر الذي أصاب عضلة القلب جرّاءها، إلى عدم انتظام ضربات القلب، ويُطلَق عليه اضطراب النظم القلبي.

- فشل وعجز القلب. يتسبب ارتفاع ضغط الدم المستمر والعالي ولفترات طويلة، في إجهاد وإنهاك عضلة القلب؛ لأن وجود ارتفاع ضغط الدم بتلك الصفات يفرض على عضلة القلب أن تنقبض بقوة مُنهكة طوال الوقت. ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ضعف عضلة القلب أو تيبسها وعدم تأديتها وظيفتها كما ينبغي. ويبدأ القلب المُجهَد في الفشل بالتدريج.

- تضخم القلب الأيسر. يدفع ارتفاع ضغط الدم القلب إلى العمل بقوة أكبر من اللازم من أجل ضخ الدم لبقية الجسم. وهذا يسبب زيادة سُمك حجرة القلب السفلية اليسرى، التي يُطلَق عليها البطين الأيسر، وتضخمها. أي أن ما يؤدي إلى تضخم عضلة القلب هو مشابه لتضخم عضلات العضد عند بدء إجراء القوة لتكبير حجم عضلات الجسم. وبالتالي يزيد سُمك جدار البطين الأيسر وتضخمه، ما يرفع من احتمال الإصابة بنوبة قلبية والفشل القلبي؛ لأن العضلة المتضخمة في حجمها تتطلب تزويدها بكميات أكبر من الدم عبر الشرايين التاجية، مقارنة بعضلة القلب ذات الكتلة الطبيعية وغير المتضخمة. ويزيد أيضاً من احتمال التعرض للوفاة عندما يتوقف القلب فجأة عن النبض، وهو ما يُطلَق عليه موت القلب المفاجئ.

الدماغ

2. تضرر الدماغ. ما يجدر استحضاره في الذهن أن الدماغ يعتمد على تدفق الدم المغذي له لكي يؤدي وظائفه بشكل صحيح، ولكي يكون المرء في مزاج نفسي جيد ومريح. وحينما لا يتم تزويد الدماغ بالدم الكافي، أو يتم تزويده بالدم باندفاع عالٍ (عند ارتفاع ضغط الدم)، فإن الاختلالات في عمل الدماغ تظهر؛ ولذا يفيد أطباء «مايو كلينك» بالقول: «من الممكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى إصابة الدماغ بما يلي:

- النوبة الإقفارية العابرة (TIA). ويُطلق عليها أحياناً السكتة الدماغية العابرة. وتحدث النوبة الإقفارية العابرة عندما يتوقف تدفق الدم إلى جزء من الدماغ لفترة وجيزة، ويمكن أن تسببها الإصابة بتصلّب الشرايين أو جلطات الدم الناتجة عن ارتفاع ضغط الدم. وفي أغلب الحالات، تكون النوبة الإقفارية العابرة علامة تحذيرية على الإصابة بسكتة دماغية كاملة.

- السكتة الدماغية (Stroke). تحدث السكتة الدماغية عند عدم حصول جزء من الدماغ على ما يكفي من الأكسجين والعناصر المغذية، أو قد تحدث عند وجود نزيف في الدماغ أو حوله. وتؤدي هذه المشكلات إلى موت خلايا الدماغ. وقد تتعرّض الأوعية الدموية التي تضررت من ارتفاع ضغط الدم للتضيّق أو التمزّق أو تسرّب الدم منها. ومن الممكن أن يُسبب ارتفاع ضغط الدم أيضاً تكوُّن جلطات الدم في الشرايين المؤدية إلى الدماغ. وقد تمنع هذه الجلطات تدفق الدم إليه، ما يزيد من احتمالات الإصابة بسكتة دماغية.

- الخَرَف. يمكن أن يُقلِّل تضيّق الشرايين أو انسدادها من تدفق الدم إلى الدماغ. ويمكن أن يسبب هذا نوعاً معيناً من الخَرَف، يسمى الخَرَف الوعائي. كذلك يمكن أن يحدث الخَرَف الوعائي نتيجة التعرّض لسكتة دماغية واحدة أو عدة سكتات دماغية صغيرة تمنع تدفق الدم إلى الدماغ.

- القصور الإدراكي البسيط. تحدث في هذه الحالة مشكلات بسيطة بعض الشيء في الذاكرة أو اللغة أو التفكير لدى المريض مقارنةً بالبالغين الآخرين في العُمر نفسه. ولكن هذه التغيرات لا تكون كبيرة لدرجة تأثيرها على حياته اليومية، مثلما يحدث في حال الخَرَف. وقد يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى الإصابة بالقصور الإدراكي البسيط».

الكلى

3. تضرر الكلى. المهمة الرئيسية للكلى العمل على تنقية السوائل الزائدة والفضلات من الدم، إضافة إلى إنتاج عدد من المركبات الكيميائية المهمة للجسم. وهي عمليات تتطلب وجود أوعية دموية صحية وتعمل بكفاءة، كي يتم توصيل الدم إلى الكليتين لتنقيته بشكل متواصل، وكي تحافظ أنسجة الكليتين على حيويتها لتقوم بإنتاج تلك المركبات الكيميائية. ويمكن لارتفاع ضغط الدم أن يتلف كلاً من الأوعية الدموية الموجودة في داخل الكليتين والأوعية التي توصل الدم إليها. وعندما توجد أمراض أخرى مصاحبة لارتفاع ضغط الدم (مرض السكري، وارتفاع الكولسترول)، فإن الضرر سيتفاقم على الكليتين.

وبالتالي فإن وجود الأوعية الدموية التالفة يمنع ويعيق قدرات الكلى على تنقية الدم من الفضلات بفاعلية. ومن ثم يؤدي ذلك إلى تراكم مستويات خطرة من السوائل وفضلات السموم في الجسم. وعندما لا تؤدي الكلى وظيفتها بشكل كافٍ من تلقاء نفسها، تُعرَف هذه الحالة الخطيرة بالفشل الكلوي. وقد يشمل العلاج غسيل الكلى أو زرع الكلى. ويُعد ارتفاع ضغط الدم أحد أكثر الأسباب شيوعاً لحدوث الفشل الكلوي على مستوى العالم.

تلف الأعضاء يشمل الكلى والعين إضافة إلى الأوعية الدموية والقلب والدماغ

الشرايين والعينان

4. تلف الشرايين. يوضح أطباء «مايو كلينك» هذا الجانب بقولهم: «يمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم، أو فرط ضغط الدم، إلى تضرر الجسم ببطء على مدار عدة سنوات قبل ظهور الأعراض. وتتميز الشرايين السليمة بالمرونة والقوة والليونة. وتكون بطانتها الداخلية ملساء، ومن ثمّ يتدفق الدم بسهولة مزوداً الأعضاء الحيوية والأنسجة بالعناصر المغذية والأكسجين. ومع مرور الوقت، يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى زيادة ضغط الدم المتدفق في الشرايين، على جدرانها. وقد يُسبب ذلك ما يلي:

- تضرر الشرايين وتضيّقها. قد يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى تضرر خلايا البطانة الداخلية للشرايين. وعندما تدخل دهون الطعام إلى مجرى الدم، فإنها قد تتراكم في الشرايين المتضررة. وبمرور الوقت، تصبح جدران الشريان أقل مرونة، ما يحد من تدفق الدم في الجسم.

- تمدد الأوعية الدموية. مع مرور الوقت، قد يُسبب الضغط المستمر للدم المتدفق عبر شريان ضعيف انتفاخ جزء من جدار الشريان، وتُعرف هذه الحالة بتمدد الأوعية الدموية. قد ينفجر الوعاء الدموي المتمدد مسبباً نزيفاً داخل الجسم قد يُهدد الحياة. وقد يُصيب تمدد الأوعية الدموية أي شريان، لكنه أكثر شيوعاً في الشريان الأورطي، وهو أكبر شريان في الجسم.

5. تضرر العينين. تلخص المصادر الطبية ضرر العينين جراء الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم بالقول: «قد يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى إتلاف الأوعية الدموية الدقيقة والحساسة التي تزود العينين بالدم، ما يسبب:

- تلف الأوعية الدموية في الشبكية، ويُطلَق عليه أيضاً اعتلال الشبكية. والشبكية هي طبقة من الخلايا التي تعمل على استشعار الضوء في الجدار الخلفي للعين. ويمكن للتلف الذي يلحق بالأوعية الدموية في الشبكية أن يؤدي إلى نزيف في العين، وتَغَيُّم الرؤية وفقدان البصر بالكامل. وتزيد الإصابة بالسكري مع ارتفاع ضغط الدم من احتمال اعتلال الشبكية.

- تراكم السوائل تحت الشبكية، ويُطلَق عليه أيضاً اعتلال المشيمية. يمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى تشوش الرؤية أو تندُّب في بعض الأحيان يضعف الرؤية.

- تلف الأعصاب، ويُطلَق عليه أيضاً الاعتلال العصبي البصري. يمكن أن تؤدي إعاقة تدفق الدم إلى تلف العصب الذي يرسل إشارات ضوئية إلى الدماغ، والذي يُعرف باسم العصب البصري. وقد يؤدي هذا التلف إلى حدوث نزيف في العين أو فقدان البصر.

* استشارية في «الباطنية»