جدل علمي حول استخدام الأعشاب لأمراض الأطفال

علاج طبيعي بفاعلية محدودة

جدل علمي حول استخدام الأعشاب لأمراض الأطفال
TT

جدل علمي حول استخدام الأعشاب لأمراض الأطفال

جدل علمي حول استخدام الأعشاب لأمراض الأطفال

تُعد الأعشاب الطبيعية بمثابة العلاج الأولي والأكثر استخداماً للأطفال والمراهقين، نظراً للاعتياد على استخدامها بشكل تاريخي. ولكن في العصر الحديث ومع شيوع ما يعرف بالعلاج النباتي (herbal medicine)، أصبح هناك كثير من الجدل حول مدى أفضلية هذا النوع من العلاج، والمخاطر المتعلقة باستخدامه. ويكفي أن نعرف أنه في كل عام يتم إنفاق أكثر من 4 مليارات دولار على مثل هذه المنتجات بالولايات المتحدة فقط.

الأعشاب لعلاج أمراض الأطفال

أظهرت الدراسات أن معدلات الاستخدام أعلى بين الأطفال الذين يعانون من حالات مزمنة ومتكررة؛ مثل الربو (asthma)، والتهاب المفاصل وبعض أنواع السرطانات والألم المزمن والتهاب الأمعاء، على اعتبار أنها نوع من المكملات الغذائية التي تسهم في رفع مناعة الجسم بشكل عام، وهو الأمر الذي يفسر استخدامها حتى في الأطفال الأصحاء.

وعلى سبيل المثال، أوضح 41 في المائة من المراهقين أنهم تناولوا أعشاباً طبيعية مثل الجينسنغ والزنجبيل والشاي الأخضر، وكذلك أدوية تحتوي على الأوميغا 3، أو مكملات الصويا والزنك.

الأعشاب رخيصة مقارنة بالعلاج الدوائي إلى جانب العامل النفسي المشجع لتناولها

فريق مؤيد وآخر رافض للأعشاب

يرى الفريق المؤيد لاستخدام الأعشاب أنها آمنة، لأنها طبيعية ومن شأنها أن تخفف آلام الطفل من دون الآثار الجانبية للأدوية الكيميائية، كما أنها متوفرة في معظم الأماكن ويسهل الحصول عليها من دون وصفة طبية.

وتُعد الأعشاب رخيصة الثمن مقارنة بالعلاج الدوائي التقليدي بجانب العامل النفسي، لأن الأطفال الأكبر عمراً والمراهقين يفضلون تناولها عن الأدوية، لأنها تعطي إحساساً أكبر بعدم الاعتلال، لأنها تأتي في مشروب يمكن أن يتناوله الأصحاء أيضاً، خصوصاً أن الأمهات في الأغلب يضفن السكر أو العسل لمثل هذه المشروبات لجعل مذاقها محبباً وغير منفر.

في المقابل، يرى الفريق الرافض لاستخدام الأعشاب أنها ذات فاعلية علاجية محدودة ومعظم تأثيرها نفسي، وذلك بسبب ندرة المنشورات عنها في المجلات العلمية. وعلى الرغم من أنها يمكن أن تكون آمنة بشكل عام، فإنها يمكن أن تتسبب في حدوث تسمم (toxicity)، ومضاعفات تهدد الحياة، خصوصاً أن الجرعة الشافية غير محددة، وبالتالي يمكن لبعض أنواع الأعشاب أن تسبب فشلاً حاداً في الكبد يؤدي إلى الوفاة، حتى مع تناول كميات صغيرة مثل فطر الأمانيتا (Amanita mushroom)، الذي يستخدم مهدئاً ومضاداً للاكتئاب، ولا يجب استخدامه في الأطفال.

جرعات زائدة تهدد الصحة

بسبب عدم وجود جرعة معينة وإحساس الأمان الناتج عن تناول النبات، يمكن أن تسبب الجرعات الزائدة من الأعشاب الأخرى مضاعفات تهدد الحياة أيضاً، مثل:

* أعشاب الكافا (kava) المهدئة للأعصاب التي يمكن الحصول عليها بسهولة في بعض الدول. وهذه الأعشاب يمكن أن تسبب تلف الكبد.

* عشب الإيفيدرا (Ephedra) الذي يستخدم في تحسين الأداء الرياضي ويساعد في فقدان الوزن ويعالج حساسية الصدر، ولكن يمكن أن يسبب مشاكل خطيرة في القلب والإفراط.

وحتى في تناول أعشاب السعال وعرق السوس يمكن على المدى الطويل أن يؤدي إلى الفشل الكلوي والكبدي.

نصائح وتحذيرات طبية لتناول الأعشاب

وقد نصحت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP) بتوخي الحرص في استخدام الأعشاب كعلاج أساسي للأطفال دون العرض على طبيب مختص يصف علاجاً دوائياً له تركيبة كيميائية معروفة وجرعات محددة سلفاً. وحتى الأعراض الجانبية للعلاج تكون متوقعة ويمكن التعامل معها.

* معالجة الأعراض البسيطة. قالت الأكاديمية إن استخدامها يجب أن يكون قاصراً على الأعراض البسيطة؛ مثل الشعور بالمغص الذي يمكن علاجه بأعشاب النعناع وأيضاً أعشاب الشمر.

* أعشاب مجهولة المصدر. حذر الأطباء من الأعشاب مجهولة المصدر التي يتم تداولها عبر الإنترنت وما يسمى الطب البديل أو الطب الصيني (chinese medicine) في الأطفال، مهما كانت الدعاية لها أنها آمنة ولا تحتوي على مواد كيميائية.

وحتى في حالة نجاح هذه الأعشاب بعلاج حالات سابقة، فإن ذلك لا يبرر تكرار استخدامها، لأن علاج كل حالة يختلف عن الأخرى وطبيعة جسم كل طفل تختلف حتى بين الإخوة. ولا يجب تداول أي أعشاب إلا إذا تضمنت نشرة علمية موثقة.

* منتجات بمواد سامة. كما أن بعض المنتجات من الدول النامية تحتوي على مستويات سامة من بعض المعادن مثل الزئبق أو الزرنيخ أو الرصاص، إما من التلوث غير المقصود أثناء التصنيع أو من الإضافات المتعمدة من قبل المنتجين الذين يعتقدون أن هذه المعادن لها قيمة علاجية.

تركيز المنتجات العشبية والحساسية منها

أوضح الباحثون أنه بسبب التقلبات الجوية واختلاف التربة الزراعية من مكان لآخر، يمكن أن تحتوي المنتجات العشبية على تركيزات متفاوتة من المكونات الأساسية لها تتراوح من 10 إلى 1000 ضعف في كثير من الأعشاب الشائعة، حتى التي تنتجها الشركة المصنعة نفسها، فضلاً عن احتمالية أن تكون منتجات الأعشاب ملوثة من دون قصد بالمبيدات الحشرية أو النفايات الحيوانية.

وحذرت الدراسات من إمكانية حدوث حساسية من الأعشاب مثل الأدوية تماماً. لذلك من المهم معرفة إذا كان الطفل لديه تاريخ عائلي لحساسية أي نبات من عدمه، حيث يمكن أن تحدث تفاعلات مناعية مع مكونات الأعشاب أيضاً. ويفضل دائماً البدء بجرعات صغيرة، ويتم وقفها فوراً في حالة حدوث أي عرض غير معتاد؛ مثل ظهور طفح جلدي أو صعوبة في التنفس.

حقائق

أكثر من 4 مليارات دولار

تنفق على المنتجات العشبية سنوياً في الولايات المتحدة فقط


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)
أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)
TT

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)
أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضةً للوفاة المبكرة.

وكتب باحثون في «المجلة الطبية البريطانية» أن الحالتين الشائعتين بين النساء مرتبطتان بمخاطر أكبر مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان، لكن تأثيرهما على احتمال الوفاة قبل سن السبعين لا يزال غير واضح، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وتتبعت الدراسة نحو 110 آلاف امرأة كانت أعمارهن تتراوح بين 25 و42 عاماً في عام 1989، ولم يكن لديهن تاريخ في استئصال الرحم أو أمراض القلب والأوعية الدموية أو السرطان. وعانت حوالي 12 ألف امرأة من بطانة الرحم المهاجرة، وهي حالة مزمنة تسبب ألماً نتيجة نمو نسيج مشابه لبطانة الرحم خارج الرحم، بينما عانت 21 ألفاً و600 حالة من أورام ليفية، وهي أورام غير سرطانية تتكون في جدار الرحم.

وتوفيت 4356 امرأة قبل بلوغ سن السبعين على مدى الثلاثين عاماً التالية.

وكانت المعدلات السنوية للوفاة المبكرة بأي سبب، حالتي وفاة من بين كل ألف امرأة مصابة ببطانة الرحم المهاجرة و1.4 من كل ألف امرأة لم تكن مصابة بهذه الحالة.

وبعد احتساب عوامل الخطر مثل العمر ومؤشر كتلة الجسم والنظام الغذائي والنشاط البدني والتدخين، ارتبطت بطانة الرحم المهاجرة بارتفاع خطر الوفاة المبكرة بنسبة 31 بالمائة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى السرطانات النسائية.

وارتبطت الأورام الليفية الرحمية بازدياد خطر الوفاة المبكرة من السرطانات النسائية، لكن ليس بمعدل أعلى من الوفاة لأي سبب.

وخلص الباحثون إلى أن «هذه النتائج تسلط الضوء على أهمية أن يأخذ مقدمو الرعاية الأولية هذه الاضطرابات النسائية في الاعتبار عند تقييمهم صحة المرأة».