تصاعد «حديث الحرب» بين مصر وإسرائيل على خلفية أزمة «تهجير الفلسطينيين»

مصر أكدت أنها "لن تكون أبداً شريكاً في تصفية القضية الفلسطينية" (تصوير عبد الفتاح فرج)
مصر أكدت أنها "لن تكون أبداً شريكاً في تصفية القضية الفلسطينية" (تصوير عبد الفتاح فرج)
TT

تصاعد «حديث الحرب» بين مصر وإسرائيل على خلفية أزمة «تهجير الفلسطينيين»

مصر أكدت أنها "لن تكون أبداً شريكاً في تصفية القضية الفلسطينية" (تصوير عبد الفتاح فرج)
مصر أكدت أنها "لن تكون أبداً شريكاً في تصفية القضية الفلسطينية" (تصوير عبد الفتاح فرج)

تصاعد «حديث الحرب» بين مصر وإسرائيل، على خلفية أزمة «تهجير الفلسطينيين» من قطاع غزة، في ظل «توتر غير مسبوق» للعلاقات بين البلدين، لا يرقى، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، إلى حد التصعيد العسكري، لا سيما مع «حرص البلدين على السلام، وإن أظهرت التصريحات الإعلامية غير ذلك».

وشهدت الآونة الأخيرة تصاعداً في حدة «التوتر» بين مصر وإسرائيل، عكسته تصريحات إعلامية من الجانبين، وانتقل إلى فضاء مواقع التواصل الاجتماعي لتتصدر هاشتاغات، مثل: «#الجيش_المصري_قادر_وجاهز»، و«#عاش_الجيش_المصري_عاش»، مدفوعةً بدعوات إعلامية؛ حيث طالب الإعلامي المصري، أحمد موسى، رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بنشر هاشتاغ الجيش المصري حتى «يزلزل منصة (إكس)».

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة من بيان للمتحدث العسكري المصري عن تفقّد رئيس أركان حرب القوات المسلحة للمنظومة التعليمية في المعاهد العسكرية، ظهر في خلفيتها لوحة كُتِب عليها «المبادئ العامة للعمليات الهجومية الإسرائيلية».

وقال المدوِّن المصري، لؤي الخطيب، عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «هذه الصورة تقول إن الضباط يتعلمون كيف يتعاملون مع العدو الإسرائيلي عسكرياً، وهو شيء يستعد له الجيش طوال الوقت، لكنه زاد أخيراً، نتيجةَ وصول التوتر لمستويات غير مسبوقة».

في المقابل، نشرت وسائل إعلام عبرية تحذيرات من «تعزيز مصر لوجودها العسكري في سيناء». وقال الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي، أرييل كاهانا، لصحيفة «يسرائيل هيوم» إن «مصر تنتهك اتفاق السلام، بزيادة الحشود العسكرية في سيناء». بينما نشر موقع «JDN» الإسرائيلي تقريراً تضمن تساؤلات بشأن «مدى استعداد إسرائيل لمواجهة عملية عسكرية مصرية».

هذا الحديث المتواتر عن الحرب جاء مدفوعاً بسجال سياسي بين مصر وإسرائيل، على خلفية أزمة «التهجير»، تصاعد أخيراً عقب تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، قال فيها: «هناك خطط مختلفة لكيفية إعادة إعمار غزة، لكن نصف السكان يريدون الخروج. هذا ليس طرداً جماعياً، وأستطيع أن أفتح لهم معبر رفح، لكن سيتم إغلاقه فوراً من مصر».

وعقب حديثه، قال رئيس «هيئة الاستعلامات» الرسمية بمصر، ضياء رشوان، في مقابلة متلفزة، إن نتنياهو يريد فتح معبر رفح من أجل «المنافي للفلسطينيين والشتات مرة أخرى».

كما أعربت مصر، في بيان لوزارة الخارجية، الجمعة، عن «بالغ استهجانها» للتصريحات، مؤكدة أنها «لن تكون أبداً شريكاً في هذا الظلم، من خلال تصفية القضية الفلسطينية، أو أن تصبح بوابة التهجير، وأن هذا الأمر يظل خطاً أحمر غير قابل للتغيير».

ولم ينتهِ السجال؛ حيث قال نتنياهو، في بيان صادر عن مكتبه، مساء الجمعة، إن «وزارة الخارجية المصرية تفضل سَجن سكان غزة الذين يريدون مغادرة منطقة الحرب ضد إرادتهم».

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقاء نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 (رويترز)

بدوره، قال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت، إن وصف تهجير الفلسطينيين بالطوعي «هراء». وأضاف، خلال مؤتمر صحافي مع المفوض العام لوكالة «الأونروا»، فيليب لازاريني، أن «مسألة التهجير خط أحمر للأردن ومصر والدول العربية، ولن يتم السماح به تحت أي ظرف من الظروف... إذا كانت هناك مجاعة مِن صنع البشر، فهذا لدفع السكان للخروج من أرضهم. هذا هراء؛ أن نقول إن هناك تهجيراً طوعياً».

وتداولت وسائل إعلام محلية وعربية السجال الدائر، وعدَّ الإعلامي المصري، عمرو أديب، في برنامج «الحكاية»، على فضائية «إم بي سي مصر»، مساء الجمعة، ما يحدث «ذروة التوتر في العلاقات بين مصر وإسرائيل... لم يرَ مثله بينهما منذ فترة طويلة».

ووصف الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، ما يحدث بأنه «حرب كلامية نفسية للضغط على مصر وحركة (حماس)، ودفعهم للقبول بتنازلات في مفاوضات وقف إطلاق النار وملف التهجير»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الحرب الكلامية لن تصل إلى حد المواجهة العسكرية».

وقال إن «إسرائيل تعرف حجم وقوة الجيش المصري، والتدريب العسكري الأخير بين مصر والولايات المتحدة أرسل رسالة واضحة بشأن مدى قوة واستعداد الجيش المصري لأي مواجهة».

وانطلقت، نهاية أغسطس (آب) الماضي، فعاليات التدريب المصري - الأميركي المشترك، «النجم الساطع (2025)»، الذي تستضيفه مصر بمشاركة 43 دولة.

وبينما أكد عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية في البرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، وجود «توتر» في العلاقات بين مصر وإسرائيل، قال إنه «لا يرقى للقول إن البلدين على شفا حرب». وأوضح سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحدث هو مواجهة سياسية - دبلوماسية، في ظل محاولات نتنياهو الدفع نحو تنفيذ مخطط التهجير الذي رفضته القاهرة مراراً».

وأشار إلى أن «الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يدفعان نحو الحرب، في مباراة إعلامية دبلوماسية لم تتحول إلى مواجهة حقيقية».

فلسطينيون يحملون جثث أطفالٍ مُكفنين قُتلوا في غارات إسرائيلية على مدينة غزة (أ ف ب)

واتفق معه مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو الشوبكي، مشيراً إلى أن «التصعيد الإعلامي والسياسي بين مصر وإسرائيل حدث من قبل، وكان أشد في حوادث سابقة، مثل انتفاضة عام 2000». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «بالمقارنة بالأوضاع في آخر عشر سنوات، ما يحدث الآن هو أقسى تصعيد بين البلدين، لكنه لا يزال في طور التصعيد الإعلامي والسياسي، في ظل تمسك البلدين بمعاهدة السلام».

وهو ما أكده خبير الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التلاسن بين مصر وإسرائيل لا يعكس الموقف الرسمي للبلدين الحريص على السلام»، مشيراً إلى أن «مصر تتعامل مع استفزازات إسرائيل بعقلانية، ولا تسير وراء تصعيد منصات التواصل».

وعزا مساعد وزير الخارجية الأسبق، عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير رخا أحمد حسن، «التوتر الحالي»، إلى «استفزازات إسرائيل التي لا تتفق مع السلام»، لكنه أكد لـ«الشرق الأوسط» أن التصعيد بين البلدين «يظل في إطار القوى الناعمة والدبلوماسية. وقد يتطور لمناحٍ اقتصادية».

والأسبوع الماضي، تصاعد السجال بين مصر وإسرائيل، على خلفية تسريبات تحدثت عن اعتزام نتنياهو «عدم تمديد اتفاق الغاز مع مصر»، وهو ما دفع رئيس «هيئة الاستعلامات» في مصر إلى الرد، محذراً من «عواقب إلغاء الاتفاق». ووصف ضياء رشوان، في لقاء تلفزيوني، حرب عام 1973 بين مصر وإسرائيل بأنها كانت «نزهة». وقال: «الآن الأسلحة تطوّرت، والمسافات قصرت، والقدرة على استخدام الأوراق العسكرية مختلفة؛ إذ حشدت تل أبيب 5 فرق لمحاولة السيطرة على قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 356 كيلومتراً، فماذا ستفعل في مواجهة جيوش نظامية حقيقية في المنطقة؟!».

فلسطينيون يتفقدون أضرار غارة إسرائيلية على مدينة غزة (أ ف ب)

والشهر الماضي، حذرت مصر من الاقتراب من حدودها. وقال محافظ شمال سيناء، اللواء خالد مجاور، في تصريحات متلفزة، إن أي محاولة للاقتراب من الحدود ستواجَه بـ«رد مفاجئ».

وفي رأي الشوبكي، فإن «التصعيد الحقيقي سيحدث إذا ما أقدم نتنياهو على دفع الفلسطينيين إلى الحدود نحو سيناء»، لكنه أشار إلى أن «إسرائيل تبحث عن بدائل كثيرة، وتتحرك بالمغريات المالية والهجرة الطوعية لتلافي هذا السيناريو».

ودعا مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إلى «استغلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة للضغط على إسرائيل من أجل إيقاف الحرب».

بينما عوّل عضو مجلس الشيوخ المصري على «تضافر جهود الدول التي لديها علاقات سياسية أو تجارية مع إسرائيل، واستغلال هذه الورقة في الضغط على نتنياهو لوقف الحرب»، فيما وصفه بـ«تكتل دول السلام من أجل إقامة السلام».

وتشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل «توتراً»، منذ بدء الحرب في غزة، بدأت ملامحه في البداية باتهامات متبادلة بالمسؤولية عن إغلاق معبر رفح، وتصاعد تباعاً، لا سيما مع حديث عن انتهاك إسرائيل لمعاهدة السلام بالوجود في «محور فيلادلفيا»، واتهامات إسرائيلية للقاهرة بخرق المعاهدة عبر «تحديث البنية العسكرية في سيناء». لكنه «توتر» لم يؤثر حتى الآن على معاهدة السلام بين البلدين، ولم يمنع استمرار التواصل عبر لجان أمنية من الجانبين، إضافة إلى جهود وساطة مستمرة من جانب القاهرة بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة.


مقالات ذات صلة

ترمب يهدد بضرب إيران مجدداً إذا أعادت بناء قدراتها النووية والصاروخية

شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا (رويترز)

ترمب يهدد بضرب إيران مجدداً إذا أعادت بناء قدراتها النووية والصاروخية

في لقاء غير رسمي أمام الصحافيين أثناء استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا، أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بتصريحات.

هبة القدسي (واشنطن)
تحليل إخباري يقف فلسطينيون نازحون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري لقاء ترمب - نتنياهو... ما المكاسب والخسائر المنتظرة لـ«اتفاق غزة»؟

اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي دخل حيز التنفيذ قبل شهرين، لن يكون بعد لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كما قبله.

محمد محمود (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع ثنائي في مقر إقامة ترمب مارالاغو في بالم بيتش بفلوريدا 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

ترمب: سأدعم هجوماً سريعاً على إيران إذا عاودت بناء برنامجها النووي

أكد الرئيس الأميركي ترمب خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، الاثنين، أنه سيدعم هجوماً سريعاً على إيران إذا عاودت بناء برنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عَلَم الأردن في العاصمة عمّان (أ.ف.ب)

الأردن يندد بإقرار الكنيست الإسرائيلي قانوناً يستهدف خدمات «الأونروا» في غزة

ندد الأردن بإقرار الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يستهدف عمل ووجود وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ويقوض قدرتها.

«الشرق الأوسط» (عمان)
خاص المقدم أحمد زمزم اغتيل برصاصات عدة أطلقها مسلحون على سيارته (المركز الفلسطيني للإعلام)

خاص «حماس» تعدم شخصاً أدانته بقتل أحد ضباطها

أعدمت حركة «حماس»، الأحد، فلسطينياً اعتقلته وأدنته بالمشاركة في قتل أحمد زمزم، الضابط في جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة الحركة، في هجوم وقع وسط غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
TT

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)

دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، اليوم، جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكدًا أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.

وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، قد صرح السبت الماضي، أنه استجابة للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة (حضرموت) نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرارًا للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد وخروج قوات الانتقالي وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها فإن قوات التحالف تؤكد أن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وانجاح الجهود السعودية الإماراتية.

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، كما أنها تهيب بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية وضبط النفس والاستجابة لجهود الحلول السلمية لحفظ الأمن والاستقرار.


«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.


الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء بعد اعتراف إسرائيل ﺑ«أرض الصومال»

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
TT

الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء بعد اعتراف إسرائيل ﺑ«أرض الصومال»

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)

قال برهان الدين دوران، مدير الاتصالات في مكتب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الاثنين)، إن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود سيزور تركيا غداً (الثلاثاء) تلبيةً لدعوة إردوغان، وذلك بعد أربعة أيام من اعتراف إسرائيل باستقلال إقليم "أرض الصومال" الانفصالي.

وأوضح دوران، على منصة «إكس»، أنه سيتم خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين تركيا والصومال وتقييم الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز التعاون.

وتابع قائلاً: «سيناقش الزعيمان جهود الصومال في مكافحة الإرهاب، وخطواته لضمان الوحدة الوطنية، والتطورات الإقليمية».

كانت تركيا قد أدانت، يوم الجمعة، اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، ووصفته بأنه عمل غير قانوني يستهدف زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي.

وأكدت «الخارجية التركية»، في بيان، أن الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية للصومال، مؤكدة استمرار تركيا في دعمها لوحدة أراضي الصومال.