كيف استقبل الليبيون قرار القضاء اللبناني بالإفراج عن هنيبال القذافي؟

البعض عدّه «صفقة»... وآخرون رأوه «انتصاراً للعدالة»

هانيبال القذافي نجل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي في طرابلس يوم 30 يونيو 2010  (رويترز)
هانيبال القذافي نجل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي في طرابلس يوم 30 يونيو 2010 (رويترز)
TT

كيف استقبل الليبيون قرار القضاء اللبناني بالإفراج عن هنيبال القذافي؟

هانيبال القذافي نجل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي في طرابلس يوم 30 يونيو 2010  (رويترز)
هانيبال القذافي نجل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي في طرابلس يوم 30 يونيو 2010 (رويترز)

أثار قرار القضاء اللبناني الإفراج عن هنيبال القذافي، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، مقابل كفالة مالية بلغت 11 مليون دولار، الجمعة، تبايناً بين سياسيين وحقوقيين في ليبيا، تراوح بين مَن اعتبره «ابتزازاً سياسياً» و«صفقة مالية» بالنظر إلى ضخامة مبلغ الكفالة، مقابل بعضهم رأوا فيه «خطوة نحو العدالة»، بعد احتجاز استمر 10 سنوات من دون محاكمة.

وسارع الساعدي القذافي، شقيق هنيبال، إلى التعليق على القرار بتغريدة مقتضبة عبر منصة «إكس»، أشار فيها إلى تفاصيل الحكم دون إبداء رأي.

وقد ظل نجل الرئيس الليبي الراحل محتجزاً في لبنان منذ ديسمبر (كانون الأول) 2015، بعد أن أوقفته السلطات بتهمة «كتم معلومات» تتعلق بقضية اختفاء الإمام موسى الصدر عام 1978، وهي القضية التي لا يزال الغموض يحيط بها حتى اليوم. ويؤكد أنصاره أن هنيبال، الذي كان حينها طفلاً لا يتجاوز الثالثة من عمره، «لا علاقة له بالقضية»، وأن احتجازه «يفتقر إلى أي أساس قانوني».

وينتمي هنيبال إلى قبيلة القذاذفة، إحدى أبرز القبائل الليبية، وقد أدان شباب القبيلة ما وصفوه بـ«الابتزاز اللبناني» في بيان متداول على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرين أن طلب الكفالة المالية «صفقة تُتاجر بمعاناة إنسان محتجز ظلماً»، ومؤكدين أن «ملف هنيبال تحوّل إلى ورقة مساومة سياسية ومالية».

وقال المحلل السياسي المقرب من النظام السابق عثمان بركة لـ«الشرق الأوسط» إن «الإجراءات برمتها غير قانونية، فهي نتيجة عملية خطف وابتزاز لا تمتّ للأعراف القضائية بصلة».

وفي السياق ذاته، وصف رئيس «المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان» عبد الحكيم حمزة قرار الكفالة بأنه «قرصنة مالية»، بينما تأسف الخبير النفطي عثمان الحضيري على «الزج باسم قضية الإمام المغيّب للحصول على المال»، مضيفاً: «ليبيا قدّمت الكثير للمقاومة اللبنانية في الماضي، وكان الأجدر تكريم نجل القذافي لا احتجازه».

ويستند الرأي الأخير إلى ما قدّمته ليبيا، في عهد معمر القذافي، من دعم مادي وعسكري للفصائل الفلسطينية واللبنانية خلال سبعينات وثمانينات القرن العشرين، شمل تجهيزات وأسلحة وإمدادات، وفقاً لوثائق صادرة عن وزارة الخارجية الأميركية.

أما رئيس «تجمع الأحزاب الليبية» فتحي الشبلي فقد أدرج هذا التطور في قضية هنيبال ضمن ما عدّه «واقعاً عربياً تُغيَّب فيه العدالة وتُستبدل بها القوة والنفوذ»، قائلاً: «القوانين في المنطقة كثيرة، لكن الإنصاف نادر، بعدما صار الحق رهينة المصالح والميليشيات».

وبالنظر إلى ضخامة مبلغ الكفالة، دعا البعض إلى فتح حساب رسمي تحت إشراف محافظ مصرف ليبيا المركزي لجمع تبرعات تغطي المبلغ المطلوب، معتبرين أن «كل ليبي يمكنه المساهمة بمبلغ بسيط، في إطار من الشفافية، لإطلاق سراح ابن بلدهم».

ويُنظر إلى القضية على نطاق واسع في ليبيا باعتبارها من أعقد ملفات العلاقات الليبية – اللبنانية، غير أن هناك مَن يرى أن الإفراج المشروط يفتح الباب أمام تسوية قانونية أو سياسية قد تُنهي احتجاز نجل القذافي بعد عقد من الجدل والاتهامات المتبادلة.

وفي هذا السياق، رحّب رئيس «الائتلاف الليبي الأميركي» فيصل الفيتوري بالقرار، واصفاً إياه بـ«انتصار للعدالة ولليبيا»، قائلاً إن «إخلاء سبيل هنيبال القذافي بعد عقد من الاحتجاز غير القانوني يمثل بداية لإنهاء ملف سياسي طال أمده، ورسالة بأن زمن الابتزاز السياسي قد انتهى».

أمّا الأمين العام لحزب «البلاد» الليبي، أنور الشاوش، فشدّد على احترام قرارات القضاء «في الداخل والخارج»، لكنه دعا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «توضيح أي تجاوزات قانونية أو إنسانية وفق الأطر الدولية»، محذّراً من تسييس الملفات القضائية.

 


مقالات ذات صلة

«العمولة على الراتب»... استنزاف جديد يرهق الليبيين

تحليل إخباري  ليبي ينهي معاملة في أحد المصارف الليبية (أرشيفية - رويترز)

«العمولة على الراتب»... استنزاف جديد يرهق الليبيين

بحسب تعليمات رسمية صادرة عن مصرف ليبيا المركزي، تحددت العمولة على السحب النقدي عبر أجهزة الصراف الآلي في المصارف بـ0.5 دينار عن كل 100 دينار مسحوب.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا لقاء المبعوثة الأممية هانا تيتيه ونائبتها مع قيادات النظام الليبي السابق (البعثة الأممية)

تصاعد الجدل في ليبيا بشأن قصف «الوحدة» ميناء زوارة

جددت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، هانا تيتيه، التزامها بالتواصل مع جميع الليبيين في مختلف أنحاء البلاد ضمن عملية تنفيذ «خريطة الطريق» السياسية.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جلسة سابقة لاجتماع مجلس النواب الليبي برئاسة النويري ودومة في غياب صالح (مجلس النواب)

خلاف علني عنيف بين رئيس «مجلس النواب» الليبي ونائبيه

يعزز التلاسن العلني بين صالح ونائبيه الذي تحول بحسب مراقبين إلى «حرب بيانات» المخاوف من تفاقم الشقاق داخل مجلس النواب الليبي.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا مئات من المهاجرين المحتجزين بمركز «بئر الغنم» في غرب ليبيا سبتمبر الماضي (جهاز مكافحة الهجرة)

مصير غامض يواجه مئات المهاجرين المحتجزين غرب ليبيا

تتحدث منظمات دولية ومحلية عن أن معظم مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا «تخضع لسيطرة جماعات مسلحة منتهكة وغير خاضعة للمساءلة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور في اجتماع سابق مع مساعديه (مكتب النائب العام)

النيابة العامة الليبية تتعقب المزيد من «قضايا الفساد»

قال مصدر بمكتب النائب العام الليبي الصديق الصور إن النيابة لديها «كثير من الملفات قيد البحث والتحري قبل استدعاء المتورطين فيها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

البرهان: السودانيون المهجّرون قسراً اختاروا السير آلاف الكيلومترات إلى مناطق الدولة

رئيس مجلس «السيادة الانتقالي» القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (رويترز)
رئيس مجلس «السيادة الانتقالي» القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (رويترز)
TT

البرهان: السودانيون المهجّرون قسراً اختاروا السير آلاف الكيلومترات إلى مناطق الدولة

رئيس مجلس «السيادة الانتقالي» القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (رويترز)
رئيس مجلس «السيادة الانتقالي» القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (رويترز)

قال رئيس مجلس «السيادة الانتقالي» القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اليوم الخميس، إن الأشخاص الذين تم تهجيرهم قسراً من الفاشر وبارا والنهود اختاروا السير آلاف الكيلومترات إلى مناطق تحت سيطرة الدولة.

وكتب على منصة «إكس»: «المواطنون الذين تم تهجيرهم قسراً من الفاشر وبارا والنهود لم يذهبوا إلى نيالا أو الفولة أو إلى أي منطقة تحت سيطرة الميليشيا في مدن دارفور أو غرب كردفان بل اختاروا السير آلاف الكيلومترات إلى مناطق تحت سيطرة الدولة والقوات الحكومية حيث يجدون الأمن ومقومات الحياة».

وعقد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، يوم الثلاثاء، في بورتسودان محادثات «بنّاءة» مع البرهان، تناول خلالها جهود وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية، فيما تتسع رقعة المعارك بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في غرب البلاد.

وأشاد فليتشر بمحادثات وصفها بأنها «بنّاءة» مع البرهان، لضمان إيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد الغارقة في الحرب منذ أكثر من عامين.

وقال فليتشر في مقطع فيديو وزّعه مجلس السيادة الانتقالي عقب اللقاء: «نرحب بالمحادثات البنّاءة مع الرئيس البرهان عصر اليوم، والهادفة إلى ضمان قدرتنا على مواصلة العمل في كل مكان في السودان لإيصال (المساعدات) بطريقة حيادية، ومستقلة وغير منحازة، لكل من هم في أمسّ الحاجة إلى الدعم الدولي».

من جهته، أكد البرهان «حرص السودان على التعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة، لا سيما في المجال الإنساني»، حسب بيان المكتب الإعلامي لمجلس السيادة.

كما عقد فليتشر اجتماعاً مع وزيري الخارجية السوداني محيي الدين سالم، والمصري بدر عبد العاطي، لمناقشة مقترحات وقف إطلاق النار.

وتشهد مناطق واسعة من السودان تصاعداً في المعارك بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، إذ امتد القتال من إقليم دارفور الذي أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها عليه الشهر الماضي، إلى مناطق كردفان المجاورة.

وأعلنت «قوات الدعم السريع»، الاثنين، وصول «حشود ضخمة» من مقاتليها إلى مدينة بابنوسة في غرب كردفان، في محاولة للسيطرة على مقر الجيش هناك.

وتقع المدينة على الطريق الرابطة بين الخرطوم وإقليم دارفور، كما تقع في منتصف الطريق بين نيالا في جنوب دارفور الخاضعة لسيطرة «الدعم السريع»، والأُبيّض عاصمة شمال كردفان، التي تشهد معارك متصاعدة بين الطرفين.


الحكومة السودانية: لا نتعامل مع «الرباعية»


اجتماع ثلاثي بين وزيرَي خارجية مصر والسودان ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (الخارجية المصرية)
اجتماع ثلاثي بين وزيرَي خارجية مصر والسودان ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (الخارجية المصرية)
TT

الحكومة السودانية: لا نتعامل مع «الرباعية»


اجتماع ثلاثي بين وزيرَي خارجية مصر والسودان ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (الخارجية المصرية)
اجتماع ثلاثي بين وزيرَي خارجية مصر والسودان ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (الخارجية المصرية)

أعلنت الحكومة السودانية، أمس، أنها لا تتعامل مع «المجموعة الرباعية الدولية» بصفة رسمية، «لأنها لم تُشكل بقرار من مجلس الأمن الدولي أو أي منظمة دولية»، مؤكدة أنها «جسم إعلامي ولا صلة مباشرة للحكومة معها».

وقال وزير الخارجية السوداني محيي الدين سالم، عقب اجتماع ثلاثي مع نظيره المصري بدر عبد العاطي ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، في بورتسودان: «هذه الرباعية صنعها مَن صنعها... ولم نتعامل معها بصفة رسمية... لكننا نتعامل مع أشقائنا في السعودية ومصر وأصدقائنا في الولايات المتحدة بصفات ثنائية... وننسق معهم ونجد منهم كل التفاهم».

وتضم المجموعة الرباعية كلاً من السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة، واقترحت في اجتماع سابق بواشنطن، إبرام هدنة إنسانية، لكن الحكومة السودانية تحفظت وقدمت ملاحظات بشأنها، وفق مصادر إعلامية سودانية، بينها سحب «قوات الدعم السريع» من المناطق التي سيطرت عليها مؤخراً، ونشر قوات من الشرطة السودانية في المواقع التي تنسحب منها وإنشاء آلية دولية لمراقبة الهدنة، ومنع تدفق الأسلحة من الخارج لـ«قوات الدعم السريع».


مجموعة السبع تدين «تصعيد العنف» في السودان

TT

مجموعة السبع تدين «تصعيد العنف» في السودان

سودانيون لجأوا إلى مخيم في تشاد بسبب الحرب (أ.ف.ب)
سودانيون لجأوا إلى مخيم في تشاد بسبب الحرب (أ.ف.ب)

أدانت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، الأربعاء، تصاعد العنف في السودان، حيث تسبب النزاع بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في «أكبر أزمة إنسانية في العالم»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال وزراء خارجية دول مجموعة السبع، في بيان مشترك في ختام اجتماعهم في كندا: «ندين بشدة التصعيد الأخير للعنف»، وأعربوا عن مخاوفهم خصوصاً بشأن أعمال العنف الجنسي في السودان الذي مزقته الحرب.