ما خيارات الدبيبة في التعامل مع الميليشيات بالعاصمة الليبية؟

البعض يرى أن «ميزان القوى أصبح يميل لصالحه»

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)
TT

ما خيارات الدبيبة في التعامل مع الميليشيات بالعاصمة الليبية؟

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)

انتهت بشكل مؤقت الاشتباكات المسلحة في العاصمة الليبية إلى إفراز وضع جديد، على ما يبدو، بين رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، وعدد من التشكيلات المسلحة في طرابلس، يعتقد فيه البعض أن ميزان القوى «بات يميل» أكثر إلى الدبيبة.

ووسط الأجواء التي تشهدها العاصمة حالياً، باتت تطرح أسئلة تتعلق بخيارات الدبيبة، وخططه في التعامل مع الميليشيات، لا سيما أن هناك قرارات لم تنفذ، كانت تقضي بإخراجها من طرابلس، أو دمجها في الأجهزة الأمنية والمدنية.

«صفقة للتهدئة»

توقع مدير «مركز صادق للدراسات»، أنس القماطي، وجود «صفقة للتهدئة، وتجميد مرحلي للصراع راهناً»، وأبرز أن الدبيبة يواجه احتجاجات ومحاولات من خصومه لإزاحته؛ لذا «فإنه قد يفضل اللجوء لخيارات، أبرزها دمج أي تشكيل مسلح تحت سلطته، بعيداً عن المواجهة التي كلفته ثمناً باهظاً من شعبيته».

الدبيبة في لقاء سابق مع وفد أعيان ووجهاء مدينة صبراتة (الوحدة)

وتبنى القماطي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ما يطرحه البعض من أن «تصفية المجموعات المسلحة غير المنضوية في المؤسستين الأمنية والعسكرية بالمنطقة الغربية، هي في الغالب خطة مدعومة من أطراف دولية، تستهدف تمهيد الطريق أمام أي سلطة جديدة يتم الاتفاق عليها». مشيراً إلى أن خريطة سيطرة ونفوذ المجموعات المسلحة في طرابلس «شهدت تغييرات بعد مقتل عبد الغني الككلي، (رئيس جهاز دعم الاستقرار)، وتخوف قيادات مسلحة متمركزة بالعاصمة وخارجها من إنهاء وجودها، كما حدث لجهاز دعم الاستقرار، مما دفع إلى التصدي للقوات التابعة لحكومة الوحدة».

ومن أبرز قوات الدبيبة «اللواء 444 قتال»، الذي يقوده اللواء محمود حمزة، و«اللواء111» بقيادة العقيد عبد السلام الزوبي، وكيل وزارة الدفاع بغرب ليبيا، وهما من القوات التي تواجه «قوة الردع الخاصة»، التي يرأسها عبد الرؤوف كارة، وبعض المجموعات المتمركزة بمدن قريبة من العاصمة.

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: «الوحدة» التي تتخذ من طرابلس غرب البلاد مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، وتحظى أيضاً بدعم المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني» وتدير المنطقة الشرقية، وبعض مدن الجنوب برئاسة أسامة حماد.

ترجيح كفة الدبيبة

بخصوص قوات «الردع الخاصة»، وإن لم تهزم، فإن مدير «مركز صادق للدراسات» يرى أن القيادات «ربما تفضل حدوث تطور سياسي يمهد لرحيل حكومة الدبيبة، خاصة أنها تدرك أن أي حديث عابر عن تحرك قوات (الجيش الوطني) نحو العاصمة، مجدداً، قد يؤدي ذلك لاصطفاف التشكيلات في المنطقة الغربية مع الدبيبة».

جانب من المظاهرات المطالبة برحيل حكومة الدبيبة في العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)

بدوره، يرى الناشط السياسي، حسام القماطي، أن ميزان القوى المسلحة بالعاصمة «بات يصب في صالح الدبيبة، ومن يتبعه من قوات، وذلك بعد الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها طرابلس». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «عدد منتسبي (قوة الردع) والشرطة القضائية تحت قيادة المطلوب دوليا أسامة نجيم، ومجموعات تتبع قادة أمنين بالزاوية، مثل آمر فرقة الإسناد محمد بحرون، لا يقارن بعدد عناصر وتسليح وتدريب قوات وزارتي الدفاع والداخلية بحكومة الدبيبة». مضيفاً أنه «إلى جانب حمزة والزوبي اللذين يتمتعان بدعم وعلاقات قوية مع واشنطن وأنقرة، يوجد عماد الطرابلسي، وزير داخلية الدبيبة المنتمي لمدينة الزنتان، وشقيقه عبد الله رئيس (جهاز الأمن العام)، بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية والتشكيلات الموجودة بمصراتة، التي قد تصطف معه، وأبرزها (العمليات المشتركة) بقيادة عمر بوغدادة».

المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» (أرشيفية - رويترز)

وأوضح القماطي أن «قطع الدعم المالي الذي كان يوجه من خزينة الدولة للمجموعات، التي ناصبت الدبيبة العداء مؤخراً، يعدّ ورقة ضغط جديدة في يد الأخير تعزز موقفه»، وقال بهذا الخصوص: «لن يكون أمام هؤلاء سوى الاعتماد على ما يوجد لديهم من احتياطات، أو عوائدهم من أنشطة التهريب خصوصاً البشر، وبالطبع فإن الدبيبة لن يتوانى عن محاصرتهم بذريعة مكافحة الهجرة غير المشروعة».

أما أستاذ القانون العام الليبي، خيري الشيباني، ورغم تبنيه سياسة ضرورة تصفية تلك الأجهزة والتشكيلات، التي يعوق استمرارها استقرار الدولة ويهدد كيانها، فقد تحدث لـ«الشرق الأوسط» عما وصفه بـ«بعض الأخطاء» في نهج خطوات حكومة الدبيبة في التعاطي معها. وقال إن «دعم الاستقرار» ورغم أنه سلب صلاحيات عدة من وزارتي الداخلية والعدل، من ضبط الأفراد والتحقيق معهم وإقامة سجون، فإنه يتبع سلطة المجلس الرئاسي مثل (قوة الردع). مشيراً إلى أن المجلس الرئاسي تأخر في التعليق على حل هذين الجهازين، مما أحدث ارتباكاً في المشهد، فضلاً عن توظيف مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» للتوترات التي شهدتها طرابلس.


مقالات ذات صلة

ليبيا: ترحيب من «الوحدة» و«الاستقرار» بإجراء الانتخابات البلدية المؤجلة

شمال افريقيا صناديق الاقتراع داخل مراكز الانتخابات البلدية المؤجلة (مفوضية الانتخابات)

ليبيا: ترحيب من «الوحدة» و«الاستقرار» بإجراء الانتخابات البلدية المؤجلة

رحبت الحكومتان في شرق ليبيا وغربها بإجراء الانتخابات الخاصة بتسعة مجالس بلدية مؤجلة تقع بنطاق سيطرة «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا المبعوثة الأممية هانا تيتيه تلقي كلمتها في الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار المهيكل» بطرابلس الأحد (البعثة الأممية)

الأمم المتحدة تجدد دعوتها لتشكيل حكومة ليبية «موحدة»

جدّدت الأمم المتحدة دعوتها إلى تشكيل «حكومة ليبية موحدة» وذلك على لسان مبعوثتها إلى ليبيا هانا تيتيه خلال انطلاق أولى جلسات «الحوار المهيكل» في العاصمة طرابلس.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من «جهاز مكافحة التهديدات الأمنية» (أرشيفية)

استنفار أمني في صبراتة الليبية بعد مقتل «العمو»

هيمنت أجواء الاستنفار الأمني على مدينة صبراتة، الواقعة على بعد 70 كيلومتراً غرب طرابلس، بعد مقتل الميليشياوي أحمد الدباشي المعروف بـ«العمو»، المطلوب دولياً.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا مبعوثة الأمم المتحدة في ليبيا هانا تيتيه (البعثة الأممية)

انطلاق «الحوار المهيكل» برعاية أممية يفجّر جدلاً حاداً في ليبيا

يترقب الليبيون، الأحد، في طرابلس، انطلاق أولى جلسات «الحوار المهيكل»، أحد أبرز مسارات خريطة الحل السياسي التي طرحتها المبعوثة الأممية، هانا تيتيه قبل 4 أشهر.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا  ليبية تدلي بصوتها في صندوق اقتراع بالانتخابات البلدية بشرق البلاد (المفوضية)

شرق ليبيا يصوّت في انتخابات 9 مجالس بلدية مؤجَّلة

أدلى ناخبون في شرق ليبيا بأصواتهم في صناديق الاقتراع، السبت، لاختيار ممثليهم في 9 مجالس بلدية مؤجلة تقع في نطاق سيطرة «الجيش الوطني الليبي»

علاء حموده (القاهرة)

ارتفاع حصيلة الفيضانات في آسفي المغربية إلى 37 قتيلاً

TT

ارتفاع حصيلة الفيضانات في آسفي المغربية إلى 37 قتيلاً

رجال الإنقاذ والسكان المحليون في أحد شوارع مدينة آسفي الغارقة بالمغرب (أ.ف.ب)
رجال الإنقاذ والسكان المحليون في أحد شوارع مدينة آسفي الغارقة بالمغرب (أ.ف.ب)

توفي 37 شخصاً، الأحد، في مدينة آسفي على ساحل المغرب الأطلسي جراء فيضانات مفاجئة أعقبت هطول أمطار غزيرة أغرقت المنازل والمتاجر، وفق ما أعلنت السلطات المحلية، الاثنين، في حصيلة جديدة.

وذكرت السلطات في بيان أن 14 شخصاً يخضعون «للعلاجات الطبية بمستشفى محمد الخامس بآسفي، من ضمنهم شخصان بقسم العناية المركزة»، لافتة إلى استمرار «عمليات التمشيط الميداني والبحث والإسعاف وتقديم الدعم والمساعدة» للمتضررين.

هذه الحصيلة الأعلى للضحايا جراء أوضاع مناخية من هذا النوع في المغرب منذ أكثر من عقد.

رجال الطوارئ يسيرون في أحد شوارع مدينة آسفي بعد فيضان مفاجئ (أ.ف.ب)

يوم حزين

وأفادت السلطات بأن ما لا يقل عن 70 منزلاً ومتجراً في المدينة القديمة بآسفي غمرتها المياه، مع جرف عشر سيارات وتضرر جزء من الطريق؛ ما أدى إلى اختناقات مرورية في شوارع عدة بالمدينة.

وقال حمزة الشدواني، أحد سكان آسفي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنه يوم حزين».

متاجر وشوارع متضررة في مدينة آسفي المغربية (أ.ف.ب)

«وضع استثنائي»

بحلول المساء، انحسر منسوب المياه تاركاً وراءه مشهداً من الوحل والسيارات المقلوبة. شاهد المارة تدخل قوات الإغاثة ووحدات الوقاية المدنية التي عملت آلياتها على إزالة الأنقاض في النقاط التي لا تزال مغمورة بالمياه، وفق صور التقطها مصورو «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتتواصل الجهود للبحث عن ضحايا محتملين، وتسعى السلطات إلى «تأمين المناطق المتضررة» و«تقديم الدعم والمساعدة اللازمين للسكان المتضررين من هذا الوضع الاستثنائي»، على ما أفاد مسؤولون في مدينة آسفي.

سيارة محطمة في شوارع مدينة آسفي المغربية (أ.ف.ب)

وأعلنت المديرية العامة للأرصاد الجوية، السبت، عن تساقط للثلوج على ارتفاع 1700 متر وما فوق، بالإضافة إلى أمطار غزيرة مصحوبة أحياناً بعواصف رعدية، في أقاليم عدة بالمملكة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وتوقعت المديرية مساء الأحد هطول أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية محلية الثلاثاء في جميع أنحاء البلاد.

ولا تُعدّ الأحوال الجوية القاسية والفيضانات أمراً غير مألوف في المغرب الذي يعاني مع ذلك جفافاً حاداً للعام السابع على التوالي.

غمرت المياه 70 منزلاً ومؤسسة تجارية بالمدينة القديمة في آسفي. وجرفت المياه 10 مركبات وتضرر جزء من الطريق ما تسبب في اضطراب حركة المرور (أ.ب.ف)

وفي سبتمبر (أيلول) 2014، تسببت الأحوال الجوية القاسية في فيضانات في جنوب البلاد وجنوب شرقها؛ ما أسفر عن وفاة 18 شخصاً.

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، لقي أكثر من 30 شخصاً حتفهم في جنوب البلاد إثر أمطار غزيرة تسببت في فيضان الكثير من الأنهار عند سفوح جبال الأطلس.

وفي عام 1995، لقي مئات الأشخاص حتفهم في فيضانات مدمرة ضربت وادي أوريكا، على بُعد 30 كيلومتراً جنوب مراكش في وسط المغرب.


«الدعم السريع» تصعِّد في جنوب كردفان وتقصف الدلنج


مروحية للأمم المتحدة نقلت جثامين الجنود القتلى إلى أبيي (متداولة)
مروحية للأمم المتحدة نقلت جثامين الجنود القتلى إلى أبيي (متداولة)
TT

«الدعم السريع» تصعِّد في جنوب كردفان وتقصف الدلنج


مروحية للأمم المتحدة نقلت جثامين الجنود القتلى إلى أبيي (متداولة)
مروحية للأمم المتحدة نقلت جثامين الجنود القتلى إلى أبيي (متداولة)

صعّدت «قوات الدعم السريع» من عملياتها في ولاية جنوب كردفان. فبعد أنباء متضاربة عن استهدافها، السبت، مقراً للأمم المتحدة، في مدينة كادوقلي، عاصمة الولاية، ومقتل 6 من جنود حفظ السلام البنغلاديشيين، عادت، أمس، وقصفت مستشفى عسكرياً بمدينة الدلنج المحاصرة، ثاني أكبر مدن الولاية، ما أدّى إلى مقتل 7 وجرح 12.

وقال عامل صحي في المستشفى، طلب عدم كشف هويته، إن الضحايا هم من المرضى ومرافقيهم، مضيفاً أن المستشفى العسكري «يخدم سكان المدينة ومحيطها، إضافة إلى العسكريين».

في السياق ذاته، نفّذت فرق من الأمم المتحدة بالتنسيق مع الحكومة السودانية، أمس (الأحد)، عمليات إجلاء لقتلى وجرحى قوات حفظ السلام (يونيسفا) من مدينة كادوقلي، الذين قتلوا بمسيّرة استهدفت مقراً للمنظمة، السبت. وتفيد أنباء متواترة بأن بعثة «يونيسفا» تدرس إخلاء جميع القوات والعاملين من كادوقلي؛ بسبب تصاعد القتال بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في المدينة.


صدامات في القيروان بعد مظاهرات تونس

من مظاهرة في العاصمة التونسية السبت (رويترز)
من مظاهرة في العاصمة التونسية السبت (رويترز)
TT

صدامات في القيروان بعد مظاهرات تونس

من مظاهرة في العاصمة التونسية السبت (رويترز)
من مظاهرة في العاصمة التونسية السبت (رويترز)

اندلعت مواجهات لليلة الثانية على التوالي، مساء السبت، بين الشرطة التونسية وشباب في مدينة القيروان وسط البلاد.

وجاءت الصدامات بعد وفاة رجل عقب مطاردة نفّذتها الشرطة، تلاها عنف ضده، وفقاً لما ذكرته عائلته. ويقول أقارب هذا الرجل إنه كان يقود دراجة نارية من دون رخصة «وطاردته عربة الشرطة، ثم تعرّض للضرب ونُقل إلى المستشفى لكنه هرب منه لاحقاً، ثم توفي السبت إثر نزيف في الرأس».

وكان المئات من التونسيين قد تظاهروا في العاصمة، يوم السبت أيضاً، استجابةً لدعوة جمعيات وأحزاب معارضة، للأسبوع الرابع على التوالي، «دفاعاً عن الحريات واحتجاجاً على سياسات» الرئيس قيس سعيد.