اندلعت اشتباكات لليلة الثانية على التوالي، مساء السبت، بين الشرطة التونسية وشباب في مدينة القيروان وسط البلاد، بعد وفاة رجل عقب مطاردة نفّذتها الشرطة، تلاها عنف ضده، وفقاً لما ذكرته عائلته.
ويقول أقارب هذا الرجل إنه كان يقود دراجة نارية دون رخصة «وطاردته عربة الشرطة، ثم تعرّض للضرب ونُقل إلى المستشفى الذي هرب منه لاحقاً، ثم توفي السبت إثر نزيف في الرأس».
وفي محاولة على ما يبدو لتهدئة الأوضاع، قالت مصادر محلية وإعلامية، إن والي القيروان زار منزل عائلة المتوفي السبت، وتعهَّد بفتح تحقيق لتحديد ملابسات الوفاة وتحميل المسؤوليات، حسبما أفادت وكالة «رويترز».

وكان المئات من التونسيين قد تظاهروا في العاصمة وغيرها، يوم السبت أيضاً، استجابة لدعوة جمعيات وأحزاب معارضة، للأسبوع الرابع على التوالي، «دفاعاً عن الحريات واحتجاجاً على سياسات» الرئيس قيس سعيد.
وهتف ما بين 300 و400 متظاهر: «الحرية للسجناء»، و«حريات، حريات، دولة البوليس انتهت»، متوجهين إلى الرئيس سعيد الذي تتهمه المعارضة «بالتسلط» منذ تفرّده بالسلطة منتصف عام 2021، وفق ما أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية».
ومنذ ذلك الحين، تُندّد منظمات غير حكومية محلية ودولية بتراجع الحقوق والحريات في تونس.
وقال رئيس «حزب العمال» حمّة الهمامي، إن «الحريات الفردية والعامة الأساسية تُداس بالكامل». وأضاف: «مرة أخرى، فُتحت أبواب السجون أمام معارضي هذا النظام».
ورفع عدد من المتظاهرين لافتات تحمل صورة المحامي العياشي الهمامي، والشاعرة شيماء عيسى، والسياسي البارز أحمد نجيب الشابي الذين أوقفوا في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) وبداية ديسمبر (كانون الأول) بعد إدانتهم استئنافياً في القضية التي تُعرف باسم «التآمر على أمن الدولة»، وشملت ما مجموعه نحو 40 شخصاً.
وحمل آخرون صوراً لزعيمة الحزب «الدستوري الحر» عبير موسى التي حُكم عليها الجمعة بالسجن 12 عاماً بتهمة «تدبير اعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة».

كما يقبع عشرات من المعارضين ونشطاء المجتمع المدني في السجن أو يخضعون للمحاكمة بموجب «المرسوم 54» الرئاسي لمكافحة «المعلومات الكاذبة» الذي انتقدت منظمات حقوق الإنسان، عباراته وتوسع القضاء في استعماله.
ودعت إلى المظاهرة عدة منظمات، أبرزها «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، و«جمعية النساء الديمقراطيات»، و«نقابة المحامين»، وعدد من الأحزاب، تحت شعار «لا بد للقيد أن ينكسر» المستوحى من النشيد الوطني وقصيدة للشاعر الراحل أبو القاسم الشابي.
وقال وسام الصغير، المتحدث باسم «الحزب الجمهوري» الذي يقبع أمينه العام عصام الشابي في السجن في قضية «التآمر»، إن الرئيس قيس سعيد «نجح في أمر واحد» عبر توقيف أشخاص من «جميع الأطياف السياسية والثقافية»، وهو دفع المعارضين والمجتمع المدني نحو «الوحدة في نضالاتهم، وإزالة الحواجز بين هذه القوى».

وعقب صدور الأحكام، أوقفت قوات الأمن 3 من المدانين كانوا يُحاكمون في حالة سراح، من بينهم الشابي البالغ 81 عاماً. وقد ندّدت ابنته هيفاء بالحكم عبر موقع «فيسبوك»، عادّة أن العقوبة (12 عاماً في الاستئناف مقابل 18 عاماً في الطور الابتدائي) «ترقى إلى مستوى حكم بالإعدام». أما المدانان الآخران، المحامي العياشي الهمامي، والشاعرة شيماء عيسى، فقد أعلنا دخولهما في إضراب عن الطعام.
وفيما تتهمه المعارضة بـ«العمل على قمعها»، أكد سعيد مراراً أنه لا يتدخل في شؤون القضاء، لكنه سبق أن وصف المعارضين المسجونين ونشطاء موقوفين، بأنهم «إرهابيون» و«خونة».




