خرج نشطاء من المجتمع المدني ومعارضون من تيارات سياسية مختلفة في تونس إلى الشوارع من جديد، اليوم السبت، مظهرين لحظة وحدة نادرة ضد الرئيس قيس سعيّد، ومطالبين بإنهاء الحكم الفردي وعودة الديمقراطية للبلاد.
وهتف ما بين 300 و400 متظاهر «الحرية للسجناء»، و«حريات، حريات، دولة البوليس انتهت»، متوجهين إلى الرئيس سعيّد الذي تتهمه المعارضة بالتسلط منذ تفرّده بالسلطة منتصف عام 2021، وفق ما أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية».

ورفع العديد من المتظاهرين لافتات تحمل صورة المحامي العياشي الهمامي، والشاعرة شيماء عيسى، والسياسي البارز أحمد نجيب الشابي، الذين أوقفوا في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وبداية ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بعد إدانتهم استئنافياً في القضية، التي تعرف باسم «التآمر على أمن الدولة»، وشملت ما مجموعه نحو 40 شخصاً. وحمل آخرون صوراً لزعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، التي حُكم عليها، الجمعة، بالسجن 12 عاماً بتهمة «تدبير اعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة». كما يقبع عشرات من المعارضين ونشطاء المجتمع المدني في السجن، أو يخضعون للمحاكمة بموجب «المرسوم 54» الرئاسي لمكافحة «المعلومات الكاذبة»، الذي انتقدت منظمات حقوق الإنسان عباراته الفضفاضة وتوسع القضاء في استعماله.
ودعت إلى المظاهرة منظمات، أبرزها: «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، و«جمعية النساء الديمقراطيات»، ونقابة المحامين، والعديد من الأحزاب، تحت شعار «لا بد للقيد أن ينكسر»، المستوحى من النشيد الوطني وقصيدة للشاعر الراحل أبو القاسم الشابي. وتلقي مظاهرة اليوم، التي تأتي بعد ثلاثة أسابيع متتالية من الاحتجاجات، الضوء على الزخم المتزايد للمعارضة، ومنظمات المجتمع المدني في الشارع ضد ما يصفونه بحملة قمع غير مسبوقة، يقودها نظام الرئيس سعيد ضد منتقديه. وسار مئات المتظاهرين في شوارع العاصمة، رافعين صور سياسيين وصحافيين ونشطاء معتقلين.
وتقول جماعات حقوقية إن الرئيس سعيّد قوض الحريات، وحوّل تونس إلى «سجن مفتوح» منذ توليه سلطات استثنائية عام 2021، وبدأ الحكم بمراسيم. فيما يرفض الرئيس سعيد هذه الاتهامات، قائلاً إنه يطهر البلاد من الخونة ونخبة فاسدة.

وشهدت احتجاجات السبت مشاركة واسعة، شملت نشطاء من المجتمع المدني ومعارضين من تيارات سياسية مختلفة، في تحول لافت مقارنة بالسنوات الماضية حين حدّ الانقسام السياسي من قدرة المعارضة على الحشد في الشارع. وقالت نورة عميرة، زوجة السياسي لطفي المرايحي المسجون، لوكالة «رويترز» للأنباء: «اليوم كل المعارضة في السجن، وآلة الديكتاتورية لا تستثني أحداً... لذلك أصبحت الوحدة في الشارع ضرورة ولم تعد خياراً». وتتهم جماعات حقوقية الرئيس سعيّد باستخدام القضاء وقوات الأمن لإخماد الأصوات المنتقدة، وهي اتهامات ينفيها، مؤكداً أنه لن يصبح ديكتاتوراً، ولا يستخدم القضاء ضد معارضيه.
وأصدرت محكمة استئناف الشهر الماضي أحكاماً بالسجن تصل إلى 45 عاماً، بحق عشرات من قادة المعارضة ورجال أعمال ومحامين، بتهم التآمر على الإطاحة بالرئيس. واعتقلت الشرطة الأسبوع الماضي شخصيات معارضة بارزة، هم شيماء عيسى والعياشي الهمامي، ونجيب الشابي، في القضية نفسها، وهي خطوة أثارت موجة انتقادات من جماعات حقوقية محلية ودولية. وفي الشهر الماضي، أعلنت ثلاث منظمات حقوقية أن السلطات علقت أنشطتها بدعوى تلقي تمويل أجنبي.




