«صندوق النقد» يوصي بزيادة الضرائب الأميركية لمعالجة عبء الدين المتزايد

توقع عودة التضخم إلى 2 % بحلول منتصف عام 2025

الجزء الخارجي من مبنى الكابيتول عند غروب الشمس في واشنطن (رويترز)
الجزء الخارجي من مبنى الكابيتول عند غروب الشمس في واشنطن (رويترز)
TT

«صندوق النقد» يوصي بزيادة الضرائب الأميركية لمعالجة عبء الدين المتزايد

الجزء الخارجي من مبنى الكابيتول عند غروب الشمس في واشنطن (رويترز)
الجزء الخارجي من مبنى الكابيتول عند غروب الشمس في واشنطن (رويترز)

حثّ صندوق النقد الدولي الولايات المتحدة على رفع الضرائب للحد من ارتفاع مستويات الديون، مع الإشادة بالنمو «القوي والديناميكي» لأكبر اقتصاد في العالم، والتقدم المحرز نحو السيطرة على التضخم.

وقال صندوق النقد - في بيان ختامي لمراجعة سياسات الاقتصاد الأميركية بموجب «المادة الرابعة» - إن العجز والديون المرتفعين «يخلقان مخاطر متزايدة على الاقتصادين الأميركي والعالمي، ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التمويل المالي، وزيادة خطر عدم تجديد الالتزامات المستحقة بسلاسة»، وفق «رويترز».

وعدّل بيان الصندوق بشكل طفيف توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي لعام 2024 إلى 2.6 في المائة، من توقعات 2.7 في المائة في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الصادر عن صندوق النقد الدولي في أبريل (نيسان).

ويتوقع أن ينخفض النمو الأميركي في عام 2025 إلى 1.9 في المائة - دون تغيير عن توقعات أبريل - وسيظل أعلى من 2 في المائة حتى نهاية العقد.

وقال صندوق النقد الدولي: «ثبت أن الاقتصاد الأميركي قوي وديناميكي وقابل للتكيف مع الظروف العالمية المتغيرة. استمر النشاط والتوظيف في تلبية التوقعات... وكانت عملية خفض التضخم أقل تكلفة بكثير مما كان يخشى الكثيرون».

وتوقع أن يعود التضخم الأميركي، الذي يقاس بمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصية، إلى هدف مجلس الاحتياطي الفيدرالي، البالغ 2 في المائة بحلول منتصف عام 2025، وهو أسرع بكثير من توقعات «الاحتياطي الفيدرالي» نفسه بالعودة إلى الهدف في عام 2026.

وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، للصحافيين: «إن توقعات الصندوق أكثر تفاؤلاً؛ لأن المسار الحالي للتضخم يشير إلى عودة أسرع إلى الهدف، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الإنفاق القوي للمستهلكين الأميركيين مدفوع بالثروة التي تراكمت خلال جائحة «كوفيد -19»، آخذاً في الانخفاض، وسوق العمل تشهد تباطؤاً».

*الديون وإرشادات التجارة

لكن صندوق النقد وبّخ واشنطن على العجز المتزايد الذي سيؤدي، إذا استمر، إلى ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي الأميركية إلى مستوى مقلق يبلغ 140 في المائة بحلول نهاية العقد. ويشمل إجراء الصندوق التزامات المعاش التقاعدي والتأمين الصحي.

وللعام الثاني على التوالي، أوصى الصندوق بأن تزيد الولايات المتحدة معدلات ضريبة الدخل بشكل تصاعدي، ليس فقط على الأثرياء الأميركيين، ولكن أيضاً على الأسر التي تكسب أقل من 400 ألف دولار في السنة، وهي العتبة التي تعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن بعدم تجاوزها في تعهدات حملة إعادة انتخابه.

وقال الصندوق: «إن على الولايات المتحدة أيضاً إصلاح برامج الاستحقاق - وهي تخفيضات تعهّد كل من بايدن ومنافسه الجمهوري دونالد ترمب بعدم السعي إليها - ورفع عتبة استحقاق ائتمان الدخل المكتسب للعاملين الذين ليس لديهم أطفال».

وقالت غورغييفا: «إن الصندوق يحاول تقديم مسار سياسة للولايات المتحدة (من شأنه، في رأينا، أن يخدم الاقتصاد وشعبه جيداً)، كما هي الحال بالنسبة لأي دولة عضو في الصندوق».

وأضافت: «أنه مع قوة الاقتصاد الأميركي، فهذه (فرصة جيدة) للولايات المتحدة لتعزيز وضعها المالي»، مشيرة إلى أنه «في الأوقات الجيدة يمكنك أن تفعل مزيداً لتستعد للمخاطر في المستقبل».

كما قال صندوق النقد الدولي: «إن تكثيف الرسوم الجمركية الأميركية وغيرها من الحواجز التجارية إلى جانب الاستخدام المتزايد للسياسة الصناعية لصالح الشركات المحلية يُمثل خطراً سلبياً على الاقتصادات الأميركية والعالمية، مع احتمال تشويه تدفقات الاستثمار وتقويض النظام التجاري العالمي».

وبدلاً من ذلك، دعا الصندوق واشنطن إلى حل الخلافات مع الشركاء التجاريين، من خلال المفاوضات وتعزيز منظمة التجارة العالمية.

وتجنبت وزارة الخزانة الأميركية النصيحة بشأن العجز والتجارة في بيان صدر بعد تقييم صندوق النقد الدولي.

وقالت: «إن وزيرة الخزانة جانيت يلين أكدت خلال مناقشتها مع غورغييفا أهمية (التقييمات الصريحة والشاملة) للاقتصادات الأعضاء في الصندوق، وناقشت (الأداء الرائع للاقتصاد الأميركي خلال السنوات القليلة الماضية)».


مقالات ذات صلة

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

الاقتصاد  مئذنة مسجد قيد الإنشاء في القاهرة (رويترز)

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى مصر وأحرزت تقدماً كبيراً في المناقشات المتعلقة بالسياسات نحو استكمال المراجعة الرابعة لبرنامج القرض، وفق الصندوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس سريلانكا أنورا كومارا ديساناياكي مغادراً بعد حفل افتتاح البرلمان العاشر للبلاد في البرلمان الوطني بكولومبو (أ.ف.ب)

سريلانكا تتوقّع اتفاقاً على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي الجمعة

قال الرئيس السريلانكي أنورا كومارا ديساناياكي، أمام البرلمان الجديد، إن بلاده تتوقّع أن يعلن صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، اتفاقاً بشأن برنامج إنقاذ البلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد علم أوكراني يرفرف بالقرب من المباني التي دمرتها الضربة العسكرية الروسية بكييف في 15 فبراير 2023 (رويترز)

في اليوم الألف للحرب... أوكرانيا تحصل على دعم جديد من صندوق النقد

أعلن صندوق النقد الدولي، يوم الثلاثاء، أن موظفيه والسلطات الأوكرانية توصلوا إلى اتفاق يتيح لأوكرانيا الوصول إلى نحو 1.1 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لمدينة الكويت (رويترز)

ارتفاع التضخم السنوي في الكويت 2.44 % خلال أكتوبر

سجل معدل الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين، وهو ما يعرف بالتضخم، ارتفاعاً بنسبة 2.44 في المائة خلال شهر أكتوبر الماضي، على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد سفينة وحاويات شحن في ميناء ليانيونغو بمقاطعة جيانغسو (رويترز)

صندوق النقد الدولي يحذر من تأثير التعريفات الجمركية الانتقامية على آفاق نمو آسيا

حذر صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء من أن التعريفات الجمركية الانتقامية «المتبادلة» قد تقوض الآفاق الاقتصادية لآسيا، وترفع التكاليف، وتعطل سلاسل التوريد.

«الشرق الأوسط» (سيبو )

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
TT

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري بولا تينوبو، الدعم المالي للوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

ومنذ تخلت نيجيريا عن دعم الوقود في العام الماضي، أدى ذلك إلى أسوأ أزمة في تكلفة المعيشة في البلاد منذ نحو جيل كامل. وهذا يعني انخفاضاً هائلاً في عدد الركاب، وتأثر العاملون في مجال استدعاء سيارات الأجرة في العاصمة أبوجا.

وكانت الحكومة تزعم أن التخلي عن دعم الوقود سيخفض تكاليف النقل في النهاية بنحو 50 في المائة.

وقدمت السلطات النيجيرية في أغسطس (آب) مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) للاستفادة من احتياطاتها الضخمة من الغاز - الأكبر في أفريقيا - وإطلاق حافلات تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط مع تحويل المركبات التي تعمل بالبنزين أيضاً.

وجرى تعديل أكثر من 100 ألف مركبة للعمل بالغاز الطبيعي المضغوط أو بالموتور الهجين من الغاز الطبيعي والبنزين، واستثمرت الحكومة ما لا يقل عن 200 مليون دولار في إطار هذه المبادرة، وفقاً لمدير المبادرة مايكل أولوواغبيمي.

وتهدف الحكومة إلى تحويل مليون مركبة من أكثر من 11 مليون مركبة في نيجيريا في السنوات الثلاث المقبلة، لكن المحللين يقولون إن العملية تسير بشكل بطيء، مشيرين إلى ضعف التنفيذ والبنية الأساسية المحدودة.

وعلى الرغم من أن نيجيريا واحدة من أكبر منتجي النفط في أفريقيا، فإنها تعتمد على المنتجات البترولية المكررة المستوردة؛ لأن مصافيها تكافح مع انخفاض الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ عقود بسبب عمليات سرقة النفط الضخمة.

إلى جانب الإصلاحات الأخرى التي قدمها تينوبو بعد توليه السلطة في مايو (أيار) من العام الماضي، كان من المفترض أن يؤدي إلغاء الدعم إلى توفير أموال الحكومة ودعم الاستثمارات الأجنبية المتضائلة. ومع ذلك، فقد أثر ذلك في سعر كل شيء تقريباً، وأجبرت تكاليف النقل المرتفعة الناس على التخلي عن مركباتهم، والسير إلى العمل.

التحول إلى الغاز صعب

وبالإضافة إلى الافتقار إلى شبكة كافية من محطات تحويل الغاز الطبيعي المضغوط وتعبئته، المتاحة في 13 ولاية فقط من ولايات نيجيريا الـ 36، كان نجاح مبادرة الحكومة محدوداً أيضاً بسبب انخفاض الوعي العام بين جموع الشعب، وقد ترك هذا مجالاً للتضليل من جهة والتردد بين السائقين للتحول للغاز من جهة أخرى.

وقد أعرب بعض السائقين عن مخاوفهم من أن تنفجر سياراتهم مع تحويلها إلى الغاز الطبيعي المضغوط - وهي ادعاءات قالت الهيئات التنظيمية إنها غير صحيحة ما لم يتم تركيب المعدات بشكل غير مناسب.

وفي ولاية إيدو الجنوبية، وجدت السلطات أن السيارة التي تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط والتي انفجرت تم تصنيعها من قبل بائع غير معتمد.

حتى في أبوجا العاصمة والمركز الاقتصادي في لاغوس، محطات الوقود نادرة وورش التحويل القليلة المتاحة غالباً ما تكون مصطفة بمركبات تجارية تنتظر أياماً للتحول إلى الغاز الطبيعي المضغوط بأسعار مدعومة. وفي الوقت نفسه، تبلغ تكلفة المركبات الخاصة للتحول 20 ضعف الحد الأدنى للأجور الشهرية في نيجيريا البالغ 42 دولاراً.

وهناك تحدٍّ آخر، وهو أن التحدي الذي يواجه مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط هو محدودية خط أنابيب الغاز في نيجيريا.

وتدرك الحكومة أنه لا يزال هناك «كثير من عدم اليقين» حول مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط، وتعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتوفير البنية الأساسية اللازمة، كما قال توسين كوكر، رئيس الشؤون التجارية في المبادرة، وفق وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

وقال كوكر: «الغاز الطبيعي المضغوط هو وقود أنظف، وهو وقود أرخص وأكثر أماناً مقارنةً بالبنزين الذي اعتدناه؛ لذا سيكون لديك مزيد من المال في جيبك وهو أنظف للبيئة».