اليورو في يوبيله الفضي يمنح أوروبا سيادة أوسع في عالم مضطرب

زعماء الاتحاد يدعون إلى توسيع السياسة الاقتصادية المشتركة

أكّد زعماء الاتحاد الأوروبي أن اليورو هو مصدر سيادة واستقرار لأوروبا وساعد في جعلها قوة اقتصادية عالمية (رويترز)
أكّد زعماء الاتحاد الأوروبي أن اليورو هو مصدر سيادة واستقرار لأوروبا وساعد في جعلها قوة اقتصادية عالمية (رويترز)
TT

اليورو في يوبيله الفضي يمنح أوروبا سيادة أوسع في عالم مضطرب

أكّد زعماء الاتحاد الأوروبي أن اليورو هو مصدر سيادة واستقرار لأوروبا وساعد في جعلها قوة اقتصادية عالمية (رويترز)
أكّد زعماء الاتحاد الأوروبي أن اليورو هو مصدر سيادة واستقرار لأوروبا وساعد في جعلها قوة اقتصادية عالمية (رويترز)

دعا زعماء الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز اليورو، وتوسيع تدابير السياسة الاقتصادية المشتركة في مواجهة التوترات الجيوسياسية الكبيرة والأزمات الاقتصادية وتغير المناخ، وذلك في مقال رأي بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لإصداره.

وكتبت لاغارد في مقال مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ورئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، ورئيس مجموعة اليورو باسكال دونوهو: «إن إصدار ثاني أهم عملة في العالم منحنا قدراً أكبر من السيادة في عالم مضطرب». وأشاروا إلى أن العملة الأوروبية الموحدة تساعد أوروبا على البقاء ذات سيادة على مستوى العالم.

المقال الذي نُشر على موقع المركزي الأوروبي، قال فيه المسؤولون الأوربيون: «إننا نواجه توترات جيوسياسية متنامية، خصوصاً الحرب الروسية غير الشرعية ضد أوكرانيا، والتي تستدعي اتخاذ قرارات جماعية صارمة. إننا نواجه أزمة مناخية متسارعة لا يمكننا حلها إلا معاً؛ فالانبعاثات الكربونية لا تتوقف عند الحدود. نحن نواجه تحديات غير مسبوقة لقدرتنا التنافسية، من السياسات في مجال الطاقة والصناعة في أجزاء أخرى من العالم».

«وهذا يعني أن قضايا مثل الدفاع، فضلاً عن التحولات الخضراء والرقمية، أصبحت مسائل ملحة ذات اهتمام مشترك. وينطبق الشيء نفسه على الطريقة التي نتعامل بها مع تمويل الاستثمارات الضخمة اللازمة لإزالة الكربون من اقتصاداتنا، وجعل سلاسل التوريد لدينا أكثر أمانًا، وتحديث تقنياتنا. وفي الاتحاد الأوروبي، سوف يتطلب التحول الأخضر وحده استثمارات بقيمة 620 مليار يورو (685.4 مليار دولار) سنوياً حتى عام 2030».

قصة نجاح أوروبية

وظل اليورو الذي أصدرته 11 دولة في مطلع عام 1999، عملة إلكترونية في سنواته الثلاث الأولى. وتضم منطقة اليورو حالياً 20 دولة؛ ما يجعله وسيلة الدفع لنحو 350 مليون شخص.

وكان الدافع لصالح أوروبا يعتمد دوماً على حل المشكلات التي لا تستطيع البلدان معالجتها بمفردها. وبعد الحرب العالمية الثانية، أدرك الزعماء أصحاب الرؤية أن السبيل الوحيدة لتأمين السلام في القارة هي توحيد اقتصاداتها. وسوف تحتاج أوروبا الموحدة بمرور الوقت إلى عملة موحدة لتحقيق أقصى استفادة من الفوائد الاقتصادية الناجمة عن مكاسب السلام هذه.

وفي أواخر الثمانينات، ومع اتخاذ أوروبا مزيداً من الخطوات لتعميق سوقها الموحدة، تحول حلم العملة الموحدة إلى مشروع. ومنذ 25 عاماً، في الأول من يناير (كانون الثاني) 1999، تحول حلم العملة الموحدة إلى مشروع. واليوم، أصبح اليورو جزءاً لا يتجزأ من حياة الأوروبيين اليومية، فهو يمنحنهم البساطة والاستقرار والسيادة.

وقال الزعماء: «إن إدخال اليورو جعل الحياة أسهل بالنسبة للمواطنين الأوروبيين الذين يمكنهم بسهولة مقارنة الأسعار والتجارة والسفر. لقد منحنا الاستقرار، وحماية النمو والوظائف وسط سلسلة من الأزمات».

وأضافوا: «لقد كانت هناك تحديات هائلة على مر السنين، بما في ذلك التساؤلات حول مستقبل اليورو نفسه. ولكن في كل مرة وجدنا الإجابات الصحيحة. ففي الاستجابة للأزمة المالية العالمية وأزمة الديون السيادية، على سبيل المثال، قمنا بوضع ضمانات مثل النظام المتجانس للإشراف والقرار المصرفي أو آلية الاستقرار الأوروبي. اليوم يقترب دعم العملة الموحدة بين مواطني منطقة اليورو من مستويات قياسية. ولكن عملنا لم ينته بعد. لأننا اليوم نواجه تحديات جديدة لا تستطيع البلدان أن تتصدى لها بمفردها ــ والناس يتطلعون إلى أوروبا بحثاً عن الإجابات».

إن وصول اليورو إلى علامة ربع قرن في الأول من يناير يظهر مدى مرونة الترتيب النقدي الذي كان تفككه متوقعاً في كثير من الأحيان.

حلول مستقبلية واسعة النطاق

ووفقاً للمسؤولين الأوروبيين، فإن الحلول لا بد أن تشمل النطاق الذي أصبح ممكناً من خلال العمل معاً في أوروبا. ويتضمن ذلك بناء اتحاد حقيقي لأسواق رأس المال يمتد عبر القارة لتعبئة التمويل الخاص واستخدام الأدوات والسياسات الأوروبية لتعزيز القدرة التنافسية والأمن، على سبيل المثال من خلال تعزيز الهياكل القائمة من خلال القواعد المالية المجددة واتحاد مصرفي أقوى، فضلاً عن إدخال العملة الموحدة نفسها إلى العصر الرقمي، من خلال إعداد الأسس لليورو الرقمي المحتمل الذي يمكن أن يكمل النقد.

وتابعوا: «في الوقت نفسه، مع انضمام كثير من الدول الآن إلى الاتحاد الأوروبي، يجب علينا أن نحافظ على قدرتنا على التصرف بشكل حاسم؛ فالتوسيع والتعميق لا يتعارضان. لكن التوسعة قد تتطلب تغييرات في كيفية تنظيم الاتحاد الأوروبي. وشعوب أوروبا تعرف أن العالم يتغير ويدركون أن في الوحدة قوة. ونحو ثلثي الأوروبيين مقتنعون بأن الاتحاد الأوروبي هو معقل للاستقرار؛ لذا دعونا نظهر لهم أن أوروبا قادرة على تشكيل هذا التغيير وتلبية توقعاتهم».

«وسوف يتطلب هذا الطموح والمثابرة ــ وهما الصفتان اللتان جَسَّدَهما مؤسسو التكامل الأوروبي. وسيتطلب الأمر الاعتراف بأنه لا يمكن تحقيق جميع الأهداف على الفور. والدرس المستفاد من التكامل الأوروبي هو أنه يتعين علينا أن نتخذ الخطوات التي أمامنا عندما تحين اللحظة. وستتبع الخطوات الأخرى عندما يحين الوقت».

اختتم الزعماء مقالهم بالقول: «وكما قال الكاتب الفرنسي أناتول فرنس ذات يوم: (لكي نحقق أشياء عظيمة، لا ينبغي لنا أن نعمل فحسب، بل علينا أن نحلم أيضاً؛ لا تخطط فقط، كن آمناً أيضاً). لقد أظهرت السنوات الخمس والعشرون الأولى من عمر اليورو مدى نجاح الحلم. ولكن مع تغير العالم من حولنا، فإن أفعالنا تثبت أن أوروبا الموحدة توفر الإجابات التي يحتاج إليها الأوروبيون والعالم».


مقالات ذات صلة

الدولار يتجه نحو مكاسب أسبوعية رابعة

الاقتصاد موظف يعدّ أوراق الدولار الأميركي ببنك في هانوي بفيتنام (رويترز)

الدولار يتجه نحو مكاسب أسبوعية رابعة

اتجه الدولار نحو تحقيق رابع مكسب أسبوعي، يوم الجمعة، بينما تراجع الين إلى أدنى مستوياته في 3 أشهر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا أوراق نقدية من فئة 10 يوروات في أثناء تقديمها في البنك الوطني النمساوي بفيينا في 13 يناير 2014 (رويترز)

القبض على مشتبه به في طباعة 11 مليون يورو مزورة في إيطاليا

قالت وكالة الشرطة الأوروبية، الاثنين، إنها ألقت القبض قبل أيام في مدينة نابولي الإيطالية على مزور يُشتبه في أنه طبع أوراقاً نقدية مزورة بقيمة 11 مليون يورو.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد الأعلام الأوروبية ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)

انخفاض التضخم في منطقة اليورو إلى 2.5 %

انخفض معدل التضخم في منطقة اليورو التي تضم 20 دولة إلى 2.5 في المائة في يونيو (حزيران)، لكنه لا يزال أعلى من المستوى الذي يفضله المصرف المركزي الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد أوراق من عملة اليورو بـ«المصرف الوطني الكرواتي» في زغرب (رويترز)

اليورو تحت الاختبار: ماذا تعني نتائج الانتخابات الفرنسية للعملة الأوروبية؟

يعيش «اليورو»؛ العملة الموحدة لمنطقة اليورو، حالياً مرحلة اختبار مهمة في تاريخه؛ فمنذ إطلاق هذه العملة عام 1999، شهدت تقلبات اقتصادية وتحديات عدة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد ربطت بلغاريا عملتها باليورو لسنوات وسمحت لأكبر بنوكها بالخضوع لإشراف البنك المركزي الأوروبي (رويترز)

بلغاريا ورومانيا تفشلان في الاختبارات الاقتصادية للانضمام إلى اليورو

تعرض توسع العملة الأوروبية الموحدة شرقاً لانتكاسة بعد فشل بلغاريا ورومانيا في تلبية المعايير الاقتصادية اللازمة لتبني اليورو.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

TT

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)
ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)

قال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدّيْن متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدّيْن وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ونوه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

وأوضح أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل "رؤية 2030"؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام القادم عند 4.6 في المائة، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية والتي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال العام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الجاري، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها -بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين- في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله -عز وجل- ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

كان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد قد أقرَّ ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجزاً بقيمة 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) الذي يمثل انخفاضاً نسبته 14.4 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وتتوافق الأرقام مع البيان التمهيدي لميزانية العام المقبل الذي كان وزارة المالية قد أصدرته في سبتمبر (أيلول) الماضي.