مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

لقافة + صفاقة

قال لي أحدهم: بعد أن انتقلت إلى جامعة أخرى تقع في الشمال الغربي من أميركا، وذلك لتحضير رسالة الدكتوراه، وبعد أسبوع من إقامتي في المدينة، هبت عاصفة ثلجية عاتية، فتركت الجامعة وقدت السيارة وسط ثلج يعمي البصر إلى أن بلغت البيت الذي كنت استأجرته. وفي أول الطريق المؤدي إليه رأيت كتلة ثلج ضخمة فاجتزتها مسرعًا قبل أن أتوقف نهائيًا. وبعد أن هنأت نفسي على وصولي بالسلامة، أخرجت رفشًا من صندوق السيارة وجرفت الثلج عن باقي الطريق المؤدي إلى المرأب، ثم بدأت بإزالته من الممشى المؤدي إلى البيت. وعندما بلغت العتبة بعد أكثر من ساعة، فتح رجل كهل الباب وقال:
شكرًا يا بني لكنك تقيم في المنزل المجاور، عندها كاد يغمى عليّ من شدة التعب والفشيلة.
قلت له: هون عليك، فقد حصلت لامرأة هبلة، حادثة تشبه حادثتك ولكن مع الفارق، والقاسم المشترك بينهما هو الغباء، فتلك المرأة ممحونة (الشوكولاته) – وفي نجد قديمًا كانوا ينطقونها هكذا: (الشقلاطه) - والمهم أن تلك المرأة البدينة وصلتها علبة كبيرة كهدية وملفوفة بورق محل شهير لبيع ذلك المنتج، وخوفًا على رشاقتها قالت لزوجها: أرجوك احميني من ضعفي ولا تسمح لي بفتحها، وضعها بعيدًا عني في الثلاجة. وبعد ستة أشهر من أحلامها بتلك العلبة، أحست برغبة جارفة في أكل الشوكولاته، فقالت لزوجها: أرجوك أن تعطيني العلبة من الثلاجة كي آخذ منها قليلاً، وسلمها زوجها العلبة الأنيقة، وما كادت تفتحها وهي تتلمض بسعابيلها حتى وجدت داخلها كتابًا.
***
في المرحلة المتوسطة من دراستي، كان مدرس الرياضيات عندنا قصيرًا جدًا، إلى درجة أننا نسميه بيننا تندرًا (القزم)، وكان يصعب عليه أحيانًا عد التلاميذ، فأخذ يومًا يرفع قدميه على أطراف أصابعه، ويمط عنقه ليشاهد الجميع.
وفلسفة مني ولكي أتفلحن أمامه بذكائي قلت له بكل لقافة وصفاقة: لماذا يا أستاذ لا تعد أرجلنا ثم تقسم المجموع على اثنين وترتاح.
فنهرني قائلاً: اخرس يا حيوان، ولو أنك تكلمت مرة أخرى لكنت أنا الذي سوف أقسمك على اثنين.
***
قال (إدموند بورك): إذا سيطرنا على ثروتنا، فإننا نكون أغنياء وأحرارًا، أما إذا سيطرت ثروتنا علينا، فنحن عندئذ نكون فقراء حقًا – انتهى. صح لسانك يا بورك.
***
ذهبت يومًا إلى أحدهم في مكتبه الأنيق لكي (أطق معه حنك) لا أكثر ولا أقل، وما أن شاهدت حوله ثلاث سكرتيرات حسناوات، حتى صعب عليّ حاله، فقلت له: كيف تنجز وحولك كل هؤلاء؟!
قال: المسألة سهلة، فإذا أردت أن أروق وأنجز أعطي اثنتين منهن إجازة يومًا واحدًا.