مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

كيف تسامح الخميني مع النصارى؟

من المعتاد أن تقرأ في رسائل «الواتساب» وصفحات «تويتر»، وتشاهد بعض برامج الحكي الفضائي الممتد لساعات، عن فتوى قديمة، لشيخ سني «سلفي» تحثّ على تبديع أو تكفير شخص أو جماعة، أو تحرّم شيئًا صار اليوم من أسهل الأمور.
إلى هنا والأمر طبيعي، فكل «التراثات» القديمة حافلة بما عفا عليه الزمن، وكانت في الماضي مسائل تراق فيها الدماء.
التراث الفقهي العقدي بمدونات التراث الإسلامية - نحكي عن السنة بوصفها الأغلبية الكبرى من المسلمين - مشحونة بهذه النبذ المتداولة حاليًا، مصورة من بطون الكتب القديمة، كأنها للتو تكتشف، وتبثّ في «السوشيال ميديا» والفضائيات.
لكن غير المقبول، هو «حصر» المسألة بالإسلام أو بالسنة أو بالسلفية، فالواقع أن لكل تراث أزمته المتجليّة بالعصر الحاضر، بشكل ما.
نحدّد أكثر، دومًا يضرب المثل بالإسلام الأشعري الصوفي، على أنه هو الإسلام المعتدل، ضد الإسلام السلفي الوهابي، ومع أن هذا الكلام «خفيف» علميًا، لكن دعونا نطالع أمثلة حديثة تفحص الدعوى.
في الأزهر المصري، رمز الإسلام الأشعري، كما يقال، لا تخطئ العين رصد كثير من الجدل في المشهد المصري حول التشدد في «مناهج» الأزهر التعليمية، لدرجة دعت د. عبد الحي عزب، رئيس جامعة الأزهر، أن يقول لـ«الوطن» المصرية سابقًا، إنه يسعى لتنقية مناهج التدريس الأزهرية من التشدد.
في المغرب ثار أخيرًا جدل بسبب مقرر الفلسفة بالمرحلة الثانوية الذي أورد نصًّا تراثيًا لعالم «أشعري»، هو ابن الصلاح، يقول إن الفلسفة مثار للزندقة. الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة، غضبت وهاجمت، لكن وزارة التعليم المغربية رفضت الهجوم، لأن في ذلك «محاكمة للنيات».
عند الفقه الشيعي «الحديث» - أبواق الخمينية يقدمون أنفسهم للغرب على أنهم أهل التحضر والصداقة مع الوجدان المسيحي، حتى لمسيحيي الشرق يقال هذا الغزل - نجد الخميني نفسه، بكتابه «تحرير الوسيلة» يتحدث عن أهل الذمة، يعني النصارى واليهود، حسب رصد الباحث العراقي د. رشيد الخيّون، بمقالته في جريدة الاتحاد.
يقول الخميني عن التعامل مع النصارى واليهود:
لا يحدثون كنيسة. لا يضربون ناقوسًا. يُكره السلام على الذمي، وقيل يحرم، ولو بدأ الذمي بالسلام يقتصر الرد عليه بـ«عليك»، ويكره إتمامه «عليكم السلام»، أما غير الذمي فترك السلام عليه. ينبغي أن يُقال عند ملاقاتهم: السلام على من اتبع الهدى. أن يُضطروا إلى أضيق الطُّرق. لا يجوز أن يعلو بناؤهم على بناء المسلمين... إلخ (تحرير الوسيلة، المعاملات).
القصد، أن النظرة الشاملة، فوق أنها واجب علمي، هي قيمة أخلاقية، حمى الله ضمائر الجميع.