مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

صورتان متناقضتان

حكى أحد رجال (الهيئة) عن قصة غريبة تعرض لها، وهو لن ينساها أبدًا، ويقول: قبضنا على شاب برفقة فتاة، فأرسلنا الشاب لهيئة التحقيق، وأخذنا الفتاة إلى مركز الهيئة لنصحها والاتصال بولي أمرها لكي يتسلمها ويستر عليها.
جلست الفتاة (متنقبة) ولم تتكلم بكلمة واحدة، ولم تتجاوب مع أي سؤال وجهناه لها، وتعبنا معها من دون فائدة.
ويمضي قائلاً: بعد مدة أشارت إليّ بيدها لأقترب منها، وأخذت تهمس لي بصوت منخفض قائلة: أبيك لوحدك.
فطلبت من الأخ الذي يعمل معي أن يخرج إلى أن أستدعيه، فربما خافت من وجودنا نحن الاثنين. سألتها: ماذا تريدين أن تقولي لي؟! هيا تكلمي.
فقالت بصوت باكٍ ومرتجف: زميلك الذي أبعدته الآن تراه أخوي.
عندها كدت أفقد صوابي، فأي موقف وضعت فيه؟! إن ذلك الزميل أخ وصديق ومعروف بين كل رجال الهيئة بالالتزام والشرف والأخلاق، فأي فضيحة سوف تحل بالمسكين لو عرف الجميع؟! فتمالكت نفسي، وقلت لها:
أنا سوف أتصرف فقط من أجل زميلي أخيكِ، وليس من أجلكِ، لأن ما يهمني الآن هو الرجل والكارثة التي فعلتِها، هيا انهضي بهدوء واهربي دون أن يراكِ أحد، فانطلقت هاربة وستر الله وافتعلت غضبي من هروبها، والحمد لله عدى الموقف، وكلي حرص على ألاّ يعلم أخوها بشيء.
وبعد عدّة أسابيع أردت أن أعرف هل تزوجت، هل تغير حالها؟! فسألت أخاها بعض الأسئلة حتى وصلت إلى هذا السؤال: هل تزوجت كل أخواتك أم لا؟!وصعقت عندما أجابني: أنا ما عندي أخوات، كلنا شباب. سألته بالله فأقسم متعجبًا، وعندما حدثته بما حصل، كاد يسقط على الأرض من شدّة الضحك، وأنا أكاد أجن من شدة الغضب، وكيف استطاعت تلك العفريتة أن تستغفلني؟! هل كيد (الفتيات) عظيم؟!
***
أحزنتني صورتان لطلبة جامعة القاهرة (بنين وبنات) في مدخل الجامعة.
الأولى كانت في أوائل الخمسينات الميلادية، إذ إن نسبة التحجب كانت (صفر في المائة)، وكذلك تقريبًا نسبة (التحرش).
والصورة الثانية كانت عام (2016)، ونسبة التحجب كانت (99 في المائة)، وثبت الآن عمليًا مع الأسف أن مصر تحتل المرتبة العالمية الأولى في نسبة التحرش.
مع أن النسبة من المفترض أن تكون (معكوسة)، خصوصًا أن الحجاب المرتبط بالتدين هو الطاغي، فكيف لنا أن نفهم ذلك؟! حلوها الله يرضى عليكم، لأن عقلي (تتربس) فعلاً.
***
أتمنى أن يأخذ جائزة (نوبل) في التضحية الإنسانية، ذلك الأب الصيني الذي تبرع بجميع أعضاء طفله المتوفى وعمره (شهران)، لأربعة أطفال، وقد هز هذا الموقف الصين من أقصاها إلى أقصاها.