محمد النغيمش
كاتب كويتي
TT

نظرية التعزيز في فن التحفيز

تعجبني المقولة الإنجليزية الشهيرة: «حاول أن تصطاد مرؤوسيك وهم يفعلون شيئًا جيدًا». وهي ترجمة حرفية لمقولة مبنية على فكرة الحث على أن تتعمد إشعار العاملين لديك، أحيانًا، برؤيتك تفانيهم في العمل بدلاً من تصيد الأخطاء والتباهي بذلك.
كل مسؤول لديه خيار تتبع الزلات والقصور، أو التغافل عنها، أملاً في أن يرى ما يستحق الثناء، فيسهم في تكريس السلوك المطلوب. وهذه هي فكرة إحدى أشهر نظريات التحفيز في الإدارة القائمة على مبدأ ترسيخ السلوك المرغوب فيه ومحاولة تقليل السلوكيات غير المحبذة.
فـ«نظرية التعزيز» Reinforcement تعزز من سلوك جيد بالمكافأة المادية أو المعنوية، لكنها كلما كانت عفوية، أصبحت أكثر وقعًا على الناس، وهذا ما يسمى «التعزيز الإيجابي». أما «السلبي»، فهو محاولة تشجيع السلوك المرغوب من خلال مكافأة الفرد إن امتنع عن أمر سيئ، في محاولة لوقف سلوك غير موفق. بمعنى آخر، التعزيز السلبي والإيجابي كلاهما يستخدم لتكريس السلوكيات المنشودة.
غير أن بعض المسؤولين قد يلجأون لتنفيذ عقوبة بحق فرد ما، كفصله أو الخصم من راتبه، ليظهروا للجميع تداعيات ممارسة سلوك سلبي، كاستغلال المنصب لمآرب خاصة، أو ظلم الموظفين.. وغيرهما. هي محاولة من أصحاب القرار بـ«التكشير عن أنيابهم» لردع الناس.
وفي بعض الأحيان لا يتطلب الأمر عقوبات، بل استخدام «القوى الناعمة»، كالتوقف عن إطراء اعتاد عليه الشخص عند إنجاز معين، أو الامتناع عن دعوته لاجتماعات دورية مهمة، أو حرمانه من دورات تدريبية خارجية مهمة، فيشعر بأنه قد هُمِّش. وكم من نظرة تجاهل حطمت معنويات من نحاول الانتقام منه بأدب. غير أن عيب القوى الناعمة احتمالية تسببها، من دون قصد، في تقليص سلوك إيجابي آخر، كأن يمتعض الموظف فيكف عن بذل جهد كان يحظى بتقدير.
إن «نظرية التعزيز» يمارسها بعضنا من دون أن يشعر، لأنها تستقيم مع الفطرة البشرية التي تتطلب تعاملاً يتماشى مع طبيعة الموقف، لا أن «نحمل السلم بالعرض»، كما يقال، فنضرب الجميع.