مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

هل يعود لبنان للدولة؟

إيقاف السعودية معونتها المالية، 4 مليارات دولار، للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي فيه، يأتي ضمن سياق ممتد من العلاقة العليلة مع الدولة اللبنانية منذ هيمن حزب الله، التابع لإيران، وتابعه تيار عون المسيحي على الدولة اللبنانية.
ليس صحيحًا أن السعودية ضاق صدرها من صخب الإعلام اللبناني، والنقد الموجّه للسعودية، فهذا كان يحصل باستمرار منذ تحول لبنان إلى منصة من لا منصة له، وحتى بعد هبوط لغة بعض الساسة التابعين للمحور السوري - الإيراني، مثل وئام وهاب الذي أساء للراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز ببذاءة.
كل هذا لم يجعل السعودية تتوقف عن دعم لبنان «الدولة»، لأن السعودية تعلم أن لبنان بلد متنوع طائفيًا وسياسيًا، مهما شطح بعض أتباع الأسد أو الخامنئي بسقط القول.
لكن الأمور أخذت منحى خطيرًا حين «شذ» لبنان «الدولة» عن السياق العربي والإسلامي بعدما رفض وزير خارجيته العوني جبران باسيل الانضواء في القرار العربي في القاهرة، بعد إحراق السفارة السعودية بطهران والقنصلية بمشهد.
جبران علل الأمر حينها بأن ذلك يأتي حرصًا على الوحدة الوطنية اللبنانية (أينها!) وحرصًا على الاستمرار بسياسة النأي بالنفس (أيضًا أينها!) بعد جرائم حزب الله في الربوع السورية؟
لذلك كان موقف وزير العدل اللبناني أشرف ريفي بعد القرار السعودي معبرًا عن الشلل الذي تعانيه الدولة اللبنانية بسبب أن حزب الله «يربض» على الدولة اللبنانية، ووصل الأمر مداه بعدما نجح الحزب وأتباعه من العونيين في إطلاق سراح «المجرم» ميشال سماحة، الذي كان مكلفًا إدارة عمليات إرهابية لتفجير الوضع الطائفي اللبناني، بالصوت والصورة.
ريفي ذكر أنه استقال بسبب «نفوذ حزب الله في الحكومة»، وتجميد حزب الله للسياسة بلبنان. هذا الجمود الذي منع لبنان من انتخاب رئيسه منذ 21 شهرًا، بسبب بركة الحزب الأصفر، الذي لا يعد استكمال مقومات الدولة اللبنانية أولوية له أصلاً، فهو مشغول بمعارك إقليمية وليس كخصومه «الفاضين»، كما قال حسن نصر الله في خطابه الأخير.
حزب الله اللبناني التابع لإيران أصدر بيانًا يرد فيه على الموقف السعودي، محاولاً التملص من مسؤولية تدهور العلاقات مع السعودية، وهو على كل حال يتمنى هذا الأمر، لكن دون أن يغضب اللبنانيون من انقطاع المال السعودي! وكرر في بيانه الشتائم المعتادة للسعودية، وفي نفس الوقت يقول إنه غير مسؤول عن غضب السعودية!
هذا هو الحزب الذي يسيّر الخارجية اللبنانية، من خلال الكادر العوني جبران باسيل.
لبنان حتى هذه اللحظة لا دولة.
[email protected]