إيلي ليك وجوش روغين
TT

حرب «داعش» النفسية ضد القوات الأميركية

بدأ البنتاغون في الأيام القليلة الماضية في الاتصال بعدد من الجنرالات المتقاعدين لإخطارهم بأن عناوين منازلهم وعناوين البريد الإلكتروني الخاصة بهم ومعلومات شخصية أخرى تخصهم، ظهرت في وثيقة جرى نشرها عالميا من قبل مجموعة تزعم تأييدها لتنظيم «داعش».
وبدأت موجة الاتصالات الهاتفية في أعقاب تعرض حسابات القيادة المركزية الأميركية عبر موقعي «تويتر» و«يوتيوب» للقرصنة لفترة قصيرة من قبل أفراد زعموا انتماءهم لـ«داعش».
من ناحيته، قلل البنتاغون من أهمية حادث القرصنة، واصفا إياه بأنه عمل «تخريبي عبر الفضاء الإلكتروني»، وشدد على أن المخربين لم يخترقوا أيّا من شبكات المعلومات السرية الخاصة بالمؤسسة العسكرية.
ورغم أن هذا العدوان الوجيز على حسابات البنتاغون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا يمثل في واقع الأمر نصرا عظيما على صعيد الحرب في الفضاء الإلكتروني، فإن القرصنة في حد ذاتها تبقى نمطا مختلفا من الهجمات الإرهابية، وهو نشر المعلومات الشخصية لآخرين عبر الإنترنت.
وعادة ما يجري استخدام هذا الأسلوب المرتبط بنشر معلومات شخصية لآخرين، للتغطية على الهوية الحقيقية لقراصنة عبر منتديات إلكترونية، أو مضايقة آخرين، وهو سبيل لحرمان شخصية عامة من خصوصيتها. وفي هذه الحالة، يعد نشر بيانات شخصية لمسؤولين عسكريين متقاعدين نمطا مختلفا من الاستراتيجيات يرمي لبث الفزع بين رجال ونساء المؤسسة العسكرية.
ونشر القراصنة عبر حسابات البنتاغون رسائل غاية في الوضوح، حيث ذكرت إحداها ببساطة: «أيها الجنود الأميركيون، نحن قادمون. احموا ظهوركم. (داعش)».
من بين الوثائق التي نشرت في حساب القيادة المركزية على «تويتر» ملف من 52 صفحة بعنوان «قائمة جنرالات الجيش المتقاعدين». وتتضمن القائمة عناوين منازل وبريد إلكتروني وتواريخ التقاعد الخاصة بكثير من الجنرالات السابقين. وعليه، جاءت الاتصالات الهاتفية التي تلقاها كثيرون من جانب البنتاغون.
من جهته، أعرب النائب مايكل تيرنر، عن الحزب الجمهوري بولاية أوهايو والذي يترأس اللجنة الفرعية المعنية بالقوات التكتيكية الجوية والبرية التابعة للجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب، عن اعتقاده بأن القراصنة ربما نشروا هذه العناوين الشخصية بوصفها وسيلة لوضع قائمة للأهداف المطلوب مهاجمتها.
وليس علينا سوى تذكر أن ستيفان شاربونيير، محرر مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة وواحد من بين 12 قتلوا مؤخرا خلال مذبحة جرت وقائعها داخل مكاتب المجلة بباريس، سبق وضعه على قوائم «مطلوب حيا أو ميتا» التي نشرتها «إنسباير»، وهي مجلة إلكترونية تصدر بالإنجليزية عن تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية».
ورغم أن قائمة الجنرالات المتقاعدين تشكل قائمة أهداف واسعة للغاية، فإنها تتوافق مع نمط سلوك «داعش» وأنصاره خلال الأشهر الأخيرة. مثلا، في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اتخذ مكتب التحقيقات الفيدرالي خطوة غير اعتيادية بتحذيره مسؤولين عسكريين حاليين بضرورة عدم السفر خلال العطلات بزيهم الرسمي بسبب وجود أخطار مؤكدة لكن ذات طبيعة مبهمة تتعلق بسعي «داعش» لمهاجمة جنود أميركيين داخل الولايات المتحدة. في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقع هجومان ضد عسكريين كنديين من جانب متطرفين.
وأخبرنا جنرال متقاعد ظهر اسمه وعنوانه بالقائمة أنه تم إبلاغه بأن بعض بياناته الشخصية تعرضت للاختراق. وقد طلب عدم ذكر اسمه حرصا منه على عدم اجتذاب مزيد من الانتباه.
وأضاف الجنرال المتقاعد: «أعتقد أن هذا الأمر شائك، وسوف يزداد سوءا. الخطوة التالية هي قرصنة صفحات (فيسبوك) الخاصة بأفراد الأسرة والحصول على معلومات عن أسر وأبناء العسكريين. نحن في عصر من السهل للغاية القيام بهذا الأمر. هناك قدر هائل من الخطر المحتمل».
من جهته، أشار بروس هوفمان، مدير شؤون الدراسات الأمنية بكلية الخدمة الخارجية في جامعة جورج تاون، إلى أن عملية القرصنة الأخيرة ذكرته بقيادي في تنظيم القاعدة، قتل عام 2004، كان أصدر قائمة أهداف واسعة تضمنت نشطاء على الصعيد المجتمعي وخبراء بمجال مكافحة الإرهاب. ونوه هوفمان بأن المقاتلين الشيشان نشروا معلومات شخصية عن عسكريين روس.
وأضاف: «كسلاح في إطار الحرب النفسية، يضفي هذا الأمر عنصرا جديدا لم يألفه المحاربون قط فيما مضى. إن هناك طبقة كاملة من العسكريين سيتعين عليهم العيش مثل نجوم هوليوود، والتعايش مع انتشار معلوماتهم الشخصية عبر الإنترنت. والإرهابيون من جانبهم أذكياء بما يكفي لأن يدركوا أن مثل هذا المجهود المتواضع بمجال القرصنة يخلق هذه القضايا المرتبطة بالشعور بالخضوع للمراقبة، وأخرى مرتبطة بالروح المعنوية».
* بالتعاون مع «بلومبيرغ»