تعديل الجينات: علاج فوري لارتفاع الكوليسترول الخطير

بهدف وقف إنتاج البروتين المسبِّب لحالات «فرط كوليسترول الدم العائلي»

تعديل الجينات: علاج فوري لارتفاع الكوليسترول الخطير
TT

تعديل الجينات: علاج فوري لارتفاع الكوليسترول الخطير

تعديل الجينات: علاج فوري لارتفاع الكوليسترول الخطير

من بين أكثر من 20 ألف جين مختلف، يوفر واحد منها تعليمات لبروتين يسمى «بي سي إس كيه 9 (PCSK9)»، الذي يساعد على تنظيم مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة LDL «الضار» في مجرى الدم.

فرط الكوليسترول العائلي

ويوجد لدى نحو شخص من كل 250 شخصاً، متغيرٌ في هذا الجين يتسبب في ارتفاع مستوى الكوليسترول منخفض الكثافة إلى عنان السماء، وأحيانا إلى أكثر من ثلاثة أضعاف الحد الأعلى الأمثل الذي يساوي 100 ملغم-ديسيلتر. وتسمى هذه الحالة الوراثية «فرط كوليسترول الدم العائلي familial hypercholesterolemia»، وتعد السبب الرئيسي للنوبات القلبية المبكرة في الولايات المتحدة.

لكن لدى أشخاص آخرين متغيرات جينية مختلفة عن بروتين (PCSK9)، ولها تأثير معاكس للغاية. أما مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة فإنها منخفضة بصورة غير عادية -وخطر إصابتهم بنوبة قلبية هو أيضاً أقل بكثير من المتوسط.

وقد دفع هذا الاكتشاف، الذي حققه باحثو «دراسة دالاس لأمراض القلب» عام 2005، علماء الصناعات الدوائية إلى تطوير أدوية تسمى مثبطات بروتين PCSK9 inhibitors.

يقول الدكتور براديب ناتاراجان، مدير طب القلب الوقائي في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد: «من منظور تطوير الأدوية، كان الأمر مثيراً للغاية، لأنه بعد 10 سنوات فقط، كان هناك نوعان من الأدوية المعتمدة من إدارة الأغذية والأدوية الأميركية التي يمكن أن تخفض بشكل كبير من الكوليسترول منخفض الكثافة».

ويمكن أن تخفض الأدوية: «أليروكوماب» alirocumab (برالوينت Praluent)، و«إفولوكوماب» evolocumab (ريباثا Repatha)، مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة بنسبة 50 في المائة. ويمكن أن يؤدي تناول أحد هذه الأدوية مع أدوية الستاتين المُخفضة للكوليسترول إلى إزالة خطر إصابة الشخص بنوبة قلبية والمشكلات ذات الصلة بنسبة 15 في المائة تقريباً مقارنةً بتناول الستاتينات منفردة.

من التثبيط إلى الإخماد

في حين أن تناول العقاقير المخفضة للكوليسترول يعني ابتلاع حبة كل يوم، تُعطى مثبطات بروتين (PCSK9) عن طريق الحقن الذاتي مرة أو مرتين في الشهر. لكنّ دواء «إنكليسيران» inclisiran (ليكفيو Leqvio)، وهو دواء فعال بنفس القدر اعتُمد العام الماضي، يتطلب حقناً مرة واحدة كل 6 أشهر فقط. فبدلاً من منع بروتين (PCSK9) بعد تكوّنه، يمنع دواء «إنكليسيران» من إنتاج البروتين في المقام الأول، باستخدام تقنية تسمى تداخل الحمض النووي الريبوزي RNA interference.

الآن، يجري اختبار أحدث علاج يستعين بتعديل الجينات لإيقاف إنتاج بروتين (PCSK9) بصفة دائمة لدى الأشخاص المصابين بفرط كوليسترول الدم العائلي من الذين سبقت إصابتهم بنوبة قلبية. ويحتل الدكتور سيك كاثيريسان منصب الرئيس التنفيذي لشركة «فيرفي ثيرابيوتكس» Verve Therapeutics، الشركة التي تباشر إجراء التجربة، وهو بروفسور أسبق في كلية الطب بجامعة هارفارد.

لتخليق العلاج، اعتمد العلماء على تحويرٍ لأداة تعديل (وقصّ) الجينات القوية التي تسمى «كريسبر»، التي وصفها الدكتور كاثيريسان بأنها «قلم رصاص وممحاة جزيئية»، لكي تغير حرفاً واحداً في تعليمات تكوين بروتين (PCSK9). ويحتوي الإشراب (الحقن) لمرة واحدة على جزيئات دهنية صغيرة تحتوي على أدوات التعديل، والتي تنتقل عبر الدم إلى الكبد. بمجرد الوصول إلى هناك، تطلق الجسيمات محتوياتها، وتبدأ أداة التعديل العمل في خلايا الكبد.

تُفيد الدراسات المُجراة على القرود بأن الإشراب المنفرد أحرز انخفاضاً لمستويات بروتين (PCSK9) في الدم بنسبة 89 في المائة، مع انخفاض مُناظر في الكوليسترول منخفض الكثافة بنسبة 61 في المائة. ومن المنتظر أن تعلن البيانات المبكرة من أول تجربة بشرية في وقت لاحق من العام الجاري.

الاحتمالات المستقبلية

إذا ثبتت فاعلية وأمان العلاج، فقد يعالَج أيضاً الأشخاص الذين لا يعانون من فرط كوليسترول الدم العائلي ولكن لديهم ارتفاع معتاد في الكوليسترول، حسب الدكتور نتاراجان. الذي يقول: «الأشخاص الذين يعانون من عدم تنشيط متغيرات بروتين PCSK9 في كلتا النسختين الجينيتين، الذي يؤدي إلى انخفاض كبير في قيم الكوليسترول منخفض الكثافة إلى 15 ملغم-ديسيلتر، يعيشون ويتمتعون بصحة جيدة، مما يشير إلى أن هذه المستويات آمنة». وحتى الآن، تشير الأدلة إلى أن تعديل الجين PCSK9 مُحدد (مخصوص مكانياً) للغاية وليست له تأثيرات «خارج النطاق المستهدف» في أماكن أخرى على الخريطة الجينية.

رغم الكثير من العلاجات المتاحة للحد من الكوليسترول منخفض الكثافة، لا يتناول كثير من الأشخاص هذه الأدوية باستمرار على المدى الطويل لأسباب متنوعة، مثل مشكلات شرائها والوصول إليها. وهذا يجعل من خيار «مرة واحدة ونهائية» لتعديل الجينات جذاباً بصفة خاصة، لا سيما أن ارتفاع الكوليسترول منخفض الكثافة شائع جدا، ومُساهم مهم في أمراض القلب والأوعية الدموية، وهو السبب الرئيسي للوفاة في هذا البلد، كما يقول دكتور ناتاراجان.

مع تقدم تجربة شركة «فيرفي»، يحاول الباحثون في «هارفارد» وأماكن أخرى تطوير علاجات تعديل الجينات لحالات القلب الوراثية الأخرى، بما في ذلك الداء النشواني القلبي cardiac amyloidosis، واعتلال عضلة القلب التضخمي hypertrophic cardiomyopathy، والتي لا تتوفر لديها سوى خيارات علاج محدودة حالياً.

* رسالة هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا».

كيف يؤثر بروتين «بي سي إس كيه9»على مستوى الكوليسترول لديك؟

يعمل بروتين (PCSK9) مثل علامة إشعار لمستقبلات الكوليسترول منخفض الكثافة بأن تتحلل في خلايا الكبد، مما يعني أن تصبح هناك مستقبلات أقل لإزالة الكوليسترول منخفض الكثافة من مجرى الدم. ونتيجة لذلك، ترتفع مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة. يؤدي ارتفاع الكوليسترول منخفض الكثافة إلى تسريع تراكم اللويحات (الترسبات) الدهنية في شرايين القلب، مما يزيد مخاطر الإصابة بنوبة قلبية.

لكنّ العلاجات التي تَحول أو تمنع تكوين بروتين (PCSK9) تخلّف تأثيراً معاكساً. إذ يظل المزيد من مستقبلات الكوليسترول منخفض الكثافة نشطاً في الكبد، لإزالة هذا الكوليسترول منخفض الكثافة. ثم تنخفض مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة في الدم، مما يُقلل خطر الإصابة بنوبة قلبية.



من الطقس البارد إلى المباريات الرياضية... 14 سبباً غير متوقع للنوبات القلبية

الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)
الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)
TT

من الطقس البارد إلى المباريات الرياضية... 14 سبباً غير متوقع للنوبات القلبية

الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)
الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم (رويترز)

يعاني العديد من الأشخاص حول العالم يومياً من النوبات القلبية، وقد تكون أسباب ذلك متوقعة، مثل ارتفاع ضغط الدم المتكرر وأمراض القلب والكولسترول، وحتى نمط الحياة المليء بالتوتر والقلق وعادات مثل التدخين والأنماط الغذائية السيئة.

ولكن تبرز أيضاً أسباب غير متوقعة للنوبات القلبية، أبرزها، حسب موقع «ويب ميد»:

1- قلة النوم

ستشعر بالضيق والتعب إذا لم تحصل على قسط كافٍ من النوم بانتظام، ولكن ذلك قد يزيد أيضاً من خطر إصابتك بنوبة قلبية. في إحدى الدراسات، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين ينامون عادةً أقل من 6 ساعات في الليلة كانوا أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية بمقدار الضعف مقارنةً بمن ينامون من 6 إلى 8 ساعات. لا يعرف الأطباء السبب الدقيق لذلك، لكنهم يعلمون أن قلة النوم قد ترفع ضغط الدم وتؤدي إلى التهابات، وكلاهما ضار بصحة القلب.

2- الصداع النصفي

الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية في مراحل لاحقة من حياتهم مقارنةً بمن لا يعانون منه. ويبدو أن الصداع النصفي المصحوب بهالة - أي رؤى أو أصوات أو أحاسيس غريبة تبدأ قبل بدء الصداع - يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمشاكل القلب.

3- الطقس البارد

يُشكّل البرد صدمةً للجسم. فالتواجد في الخارج خلال أشهر الشتاء قد يُؤدي إلى تضييق الشرايين، مما يُصعّب وصول الدم إلى القلب. إضافةً إلى ذلك، يضطر القلب إلى بذل جهد أكبر للحفاظ على دفء الجسم. إذا كنت قلقاً بشأن ذلك، فتوخَّ الحذر في درجات الحرارة المنخفضة، وقلّل من النشاط البدني الشاق، مثل جرف الثلج.

4- تلوث الهواء

تزداد احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية مع ارتفاع مستويات تلوث الهواء. فالأشخاص الذين يتنفسون هواءً ملوثاً بانتظام أكثر عرضة للإصابة بتصلب الشرايين وأمراض القلب. وقد يكون الجلوس في زحام المرور خطيراً بشكل خاص؛ لأنه قد يجمع بين عوادم السيارات والغضب أو الإحباط.

5- وجبة دسمة وكبيرة

فكّر ملياً قبل تناول المزيد، فقد لا يقتصر ضررها على زيادة محيط خصرك فقط. فتناول كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة يرفع مستويات هرمون النورأدرينالين، وهو هرمون التوتر، في الجسم. وهذا بدوره قد يرفع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، وقد يُسبب نوبات قلبية لدى البعض. كما أن الوجبات الدسمة جداً قد تُسبب ارتفاعاً مفاجئاً في نسبة نوع معين من الدهون في الدم، مما قد يُلحق ضرراً مؤقتاً ببعض الأوعية الدموية.

6- المشاعر القوية: سلبية كانت أم إيجابية

يُعرف الغضب والحزن والتوتر بأنها عوامل مُحفزة لمشاكل القلب، ولكن قد تؤدي الأحداث السعيدة أحياناً إلى نوبة قلبية أيضاً. ويمكن أن تُحفزها المشاعر المصاحبة لحفلة عيد ميلاد مفاجئة، أو حفل زفاف، أو ولادة حفيد.

7- الإجهاد المفاجئ أو الشديد

يُساعد الحفاظ على لياقتك البدنية على حماية قلبك على المدى الطويل، ولكن الإفراط في ذلك قد يكون خطيراً. نحو 6 في المائة من النوبات القلبية تحدث نتيجة الإجهاد البدني الشديد. ورغم أنك ربما سمعت أن الرياضة وسيلة جيدة لتخفيف التوتر، فمن المهم جداً عدم الإفراط فيها عند الشعور بالغضب أو الانزعاج.

8- الزكام أو الإنفلونزا

عندما يقاوم جهازك المناعي جرثومة، قد يُسبب ذلك التهاباً يُلحق الضرر بالقلب والشرايين. في إحدى الدراسات، كان الأشخاص المصابون بعدوى الجهاز التنفسي أكثر عرضةً للإصابة بنوبة قلبية بمقدار الضعف. لكن مستوى الخطر لديهم عاد إلى طبيعته بعد شفائهم من العدوى ببضعة أسابيع. كما ترتفع معدلات الإصابة بالنوبات القلبية خلال فترات تفشي الإنفلونزا، وهذا سبب وجيه آخر لتلقي لقاح الإنفلونزا.

9- الربو

تزداد احتمالية إصابتك بنوبة قلبية بنسبة 70 في المائة تقريباً إذا كنت تعاني من هذا المرض الرئوي. حتى مع استخدامك لجهاز الاستنشاق للسيطرة عليه، يبقى خطر إصابتك أعلى من المعتاد. بسبب الربو، قد تميل أيضاً إلى تجاهل ضيق الصدر، الذي قد يكون علامة مبكرة على نوبة قلبية. لا يعرف الأطباء ما إذا كانت مشاكل التنفس تُسبب النوبات القلبية أم أنها ببساطة ناتجة عن سبب مشترك: الالتهاب.

10- النهوض من السرير صباحاً

تزداد احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية في الصباح؛ إذ يُفرز الدماغ كمية كبيرة من الهرمونات في الجسم لتنشيطه، مما يُشكل ضغطاً إضافياً على القلب. كما قد يُعاني الشخص من الجفاف بعد نوم طويل، مما يزيد من جهد القلب.

11- الكوارث

أظهرت الدراسات أن معدلات الإصابة بالنوبات القلبية ترتفع بعد الكوارث الكبرى كالزلازل والهجمات الإرهابية، ليس فقط مباشرةً بعدها، بل حتى بعد مرور بضع سنوات. قد لا يكون بالإمكان تجنب هذه المواقف، ولكن يمكن اتخاذ خطوات لإدارة التوتر بعد وقوعها، كالحرص على الحصول على قسط كافٍ من الراحة وممارسة الرياضة.

12- الرياضات الجماهيرية

قد تؤدي ممارسة الرياضة، وكذلك مشاهدتها، إلى الإصابة بنوبة قلبية. ففي عام 2006، ارتفعت حالات النوبات القلبية في ألمانيا بشكل ملحوظ خلال مباريات المنتخب الوطني في كأس العالم لكرة القدم. وبعد مباراة السوبر بول عام 1980، زادت حالات النوبات القلبية المميتة في لوس أنجلوس عقب خسارة فريق رامز.

13- الكحول

الإفراط في شرب الكحول قد يؤدي إلى رفع ضغط الدم، ويزيد من أنواع معينة من الكولسترول الضار، ويؤدي إلى زيادة الوزن، وكلها عوامل تضر بالقلب. كما أن هناك عواقب قصيرة المدى؛ فقد أظهرت إحدى الدراسات أن ليلة واحدة من الإفراط في الشرب قد تزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية خلال الأسبوع التالي.

14- القهوة

للقهوة فوائدها ومضارها. يرفع الكافيين ضغط الدم لفترة وجيزة، مما قد يُسبب نوبة صرع، خاصةً إذا لم تكن تشربها بانتظام أو كنت مُعرضاً لخطر الإصابة بها لأسباب أخرى. عموماً، لا يبدو أن شرب كوب أو كوبين يومياً ضار.


هل تُحسّن حمامات «الساونا» الصحة فعلاً؟

الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)
الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)
TT

هل تُحسّن حمامات «الساونا» الصحة فعلاً؟

الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)
الساونا تُعدّ مكافأة بعد التمرين لبعض الناس بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي لآخرين (بيكسلز)

عند تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، قد يتبادر إلى ذهنك أن حمامات الساونا والغطس في الماء البارد أشبه بعلاج سحري، يُعزز المناعة، ويحرق الدهون، ويُعالج كل شيء من آلام المفاصل إلى تقلبات المزاج.

لكن الحقيقة، كما يقول الخبراء، أكثر تعقيداً.

أفادت الدكتورة هيذر ماسي، الأستاذة المشاركة في علم البيئة القاسية وعلم وظائف الأعضاء بجامعة بورتسموث البريطانية: «هناك الكثير ممن يُؤمنون بفاعلية التعرض للحرارة والبرودة، لكننا لا نملك حتى الآن أدلة كافية تُؤكد فوائدها بشكل قاطع».

وتُوضح أن أجسامنا «مذهلة» في الحفاظ على استقرار درجة حرارتها الداخلية، التي تتراوح عادةً بين 36.5 و37 درجة مئوية.

وفي حياتنا اليومية، نادراً ما نُعرّض هذا النظام للخطر؛ إذ نقضي فترات طويلة في أماكن مُدفأة أو مُكيّفة.

وتُضيف أن تسخين الجسم أو تبريده يُسبب ضغطاً طفيفاً، قد يُحفز استجابات تكيفية أو وقائية، حسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

العلم وراء الساونا

تكمن جاذبية الساونا في هذه الفكرة، حيث نادراً ما تخلو منها الصالات الرياضية والمنتجعات الصحية هذه الأيام.

بالنسبة للبعض، تُعدّ الساونا مكافأة بعد التمرين، بينما تُشكّل عامل الجذب الرئيسي للبعض الآخر، ويُقسم الكثيرون بفوائدها، مُقتنعين بأنّ 15 دقيقة من الحرارة الشديدة تُحدث فرقاً كبيراً في صحة الجسم والعقل.

ولا شكّ في أنّها تُشعِر بالراحة.

قالت الدكتورة ماسي: «عندما تجلس في الساونا وتتعرّق، قد تشعر بمزيد من الاسترخاء والحرية، وتزداد مرونتك، وقد تخفّ آلامك قليلاً... إذن، هناك بالتأكيد بعض الفوائد لاستخدام الساونا، لكن السؤال هو: هل هذه فائدة صحية طويلة الأمد أم أنها فائدة نفسية في المقام الأول؟».

أوضحت ماسي أن دراسة حديثة أجريت على أشخاص خضعوا لجلسات متكررة في أحواض المياه الساخنة، وأظهرت النتائج تغيرات في مستويات الأنسولين وضغط الدم.

وأضافت: «بدأنا بدراسة ما إذا كان تسخين الجسم قد يُفيد الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة».

مع ذلك، تحثّ على توخي الحذر عند إطلاق ادعاءات صحية جريئة؛ إذ لا تزال الأدلة العلمية الموثوقة محدودة.

شرحت: «لم نُجرِ تجربة سريرية حقيقية للساونا. أعتقد أننا سنكتشف فوائد في المستقبل، لكننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد».

وأكدت أنه من المعقول حالياً الاستمتاع بهذه العادة لما تُضفيه من شعور، دون افتراض أنها طريق مختصر ومضمون لتحسين الصحة.

وإذا قررت تجربة الساونا أو أحواض المياه الساخنة، تنصح الدكتورة ماسي بالحذر، والبدء تدريجياً، واستشارة طبيبك أولاً إذا كنت تعاني من أي أمراض مزمنة أو كنتِ حاملاً.

ماذا عن السباحة في الماء البارد؟

يُفضّل البعض تجربة عكس ذلك تماماً.

تزداد شعبية مجموعات السباحة في الماء البارد، حيث باتت السباحة في الصباح الباكر مشهداً مألوفاً على الشواطئ والبحيرات والأنهار.

تمارس الدكتورة ماسي، التي سبحت في القناة الإنجليزية وشاركت في بطولة العالم للسباحة في الجليد، السباحة في الماء البارد مرة واحدة أسبوعياً، لكنها لا تمكث فيه سوى بضع دقائق.

تجد الأمر «مؤلماً» في البداية، لكن تلك الصدمة الأولية هي ما يسعى إليه الناس.

تشرح قائلة: «عند الغطس لأول مرة، ينتابك شعورٌ بالاختناق اللاإرادي وتسارع في التنفس». يرتفع معدل ضربات القلب وضغط الدم، وتزداد هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين.

وتضيف: «تصل هذه الاستجابة إلى ذروتها بعد نحو 30 ثانية، ثم تتلاشى بسرعة كبيرة».

يُقلل التعرض المتكرر من استجابة الصدمة، وبعد عدة مرات، يمكن تقليلها بنسبة 50 في المائة تقريباً.


الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
TT

الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)

يعاني كثير من الأشخاص من قلق شديد، مصحوب بأعراض تتراوح بين تسارع الأفكار والأرق، وصولاً إلى نوبات الهلع. وبينما تُعتبر العلاجات النفسية وتغييرات نمط الحياة، وأحياناً الأدوية، عناصر أساسية في إدارة القلق، فإن صحة الأمعاء تُعدُّ جانباً غالباً ما يُغفل عنه.

وتزداد الأدلة التي تُشير إلى أن توازن البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة الأخرى في الأمعاء -المعروفة باسم الميكروبيوم المعوي- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالصحة النفسية، ولا سيما حالات القلق والاكتئاب، وفقاً لموقع «هيلث لاين».

وعلى سبيل المثال، أظهرت البحوث أن الأفراد الذين يعانون من القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات، واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء.

وعندما يختل توازن الأمعاء، قد يُساهم ذلك في حدوث التهاب، ويُعطِّل إنتاج النواقل العصبية المنظمة للمزاج، مثل السيروتونين. لذا، فإن دعم صحة الأمعاء قد يُساعد في تخفيف أعراض القلق وتحسين الصحة النفسية العامة.

وفيما يلي بعض الطرق المُستندة إلى الأدلة لتحسين صحة الأمعاء، والتي قد تُساعد أيضاً في دعم التوازن العاطفي:

اختر الأطعمة الكاملة المفيدة للأمعاء

يلعب النظام الغذائي دوراً رئيسياً في صحة ميكروبيوم الأمعاء. فالأطعمة المُصنَّعة بكثرة، والسكريات المُضافة، والدهون المُشبعة، تُغذي البكتيريا الضارة، وتُعزز الالتهابات، وهما عاملان قد يُؤثران سلباً على الصحة النفسية.

فحاول استبدال الأطعمة الكاملة بالأطعمة فائقة المعالجة، والغنية بالسكريات والدهون.

وتشمل هذه الأطعمة:

الأطعمة الغنية بالألياف: البروكلي، والكرنب، والشوفان، والبازلاء، والأفوكادو، والكمثرى، والموز، والتوت، فهي غنية بالألياف التي تُساعد على الهضم الصحي.

الأطعمة الغنية بأحماض «أوميغا 3» الدهنية: سمك السلمون، والماكريل، والجوز، وبذور الشيا، وبذور الكتان، فهي غنية بأحماض «أوميغا 3» التي قد تُساعد على تقليل الالتهابات وتحسين الهضم.

تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك والبريبيوتيك

يعتمد توازن ميكروبيوم الأمعاء على كلٍّ من البروبيوتيك (البكتيريا النافعة) والبريبيوتيك (الألياف التي تغذيها). ويمكن أن يساعد تناول مزيج من كليهما في دعم التنوع الميكروبي، المرتبط بصحة عقلية وهضمية أفضل.

من طرق إدخال البروبيوتيك والبريبيوتيك في نظامك الغذائي ما يلي:

أطعمة غنية بالبروبيوتيك: مخلل الملفوف، والكفير، والكيمتشي، والكومبوتشا، وخل التفاح، والكفاس، والزبادي عالي الجودة.

أطعمة غنية بالبريبيوتيك: الجيكاما، والهليون، وجذر الهندباء البرية، وأوراق الهندباء، والبصل، والثوم، والكراث.

مارِس عادات هضم صحية

لا يقتصر دعم الهضم على ما تأكله فحسب؛ بل تلعب العادات اليومية دوراً أساسياً في صحة الأمعاء والصحة النفسية.

حافظ على رطوبة جسمك: يساعد الماء على تحريك الطعام عبر الجهاز الهضمي، ويدعم امتصاص العناصر الغذائية.

تناول الطعام بوعي: تناول الطعام ببطء وفي جو هادئ يُحسِّن الهضم ويُخفف التوتر.

مارس الرياضة بانتظام: النشاط البدني يدعم انتظام حركة الأمعاء ووظائفها.

احصل على قسط كافٍ من النوم: قلة النوم تُخلُّ بتوازن البكتيريا النافعة في الأمعاء، وتزيد من القلق. احرص على النوم من 7 إلى 9 ساعات كل ليلة.